تحت رعاية وزارة الثقافة افتتح مدير إدارة الثقافة عبدالقادر عقيل عرض مسرحية «دوائر» التي أنتجها وقدّمها مسرح الريف بمناسبة يوم المسرح العالمي على خشبة الصالة الثقافية. المسرحية من تأليف الفنانين مهدي سلمان وحسن منصور وإخراج عبدالحسين مرهون الذي صمم رقصاتها أيضاً. ساعده في الإخراج جاسم طلاق فيما أدار الإنتاج بدر نصيف. وتعد المسرحية التجربة الأولى للفنان حسن منصور مع مسرح الريف، الذي استطاع من خلالها أن يترجم معاناة الإنسان التائه وسط رغباته وتطلعات مستقبله الموبوء باللاءات وبالخطوط الحمراء. المسرحية وإن جاءت مشاهدها من خلال الحوارات في قالب ذهني، إلا أنها مليئة بالتأويلات والمؤثرات التي تفضح بدلالاتها وبحركة المجموعة عن أوضاع الإنسان العربي. النسق الجميل للمسرحية بالإضافة إلى تماسك شخوصها بشكل جماعي مستفز، عملا على بلورة تلك الدلالات وترجمة ظواهر واضحة المعالم لتأويلات تنصب الواقع الإنساني المحبط. وقد استغل المخرج قدرة الشباب الجسمية والنفسية في التأثير على المشاهد فخلق من خلال المجاميع التبعية العمياء، كما أظهرهم طرفاً في الطموح إلى التغيير. كذلك استطاع أن يوظّف قطع الإكسسوارت وقطعة الديكور التي ترتكز في وسط المسرح مدخلاً حصر فيها الممثلين كصورة وبرواز، وصندوق مظلم يحن كل من بداخله إلى السلام والحب.

يبقى هذا العرض ناضجاً في طرحه غير المباشر، ليستقرئ من المشاهد صوراً يتعايشها من واقعه الخاص جداً. ورغم أن العرض الأول اتسم بجمالياته وتفرده في الطرح الواعي ليكون أكثر بلاغة كبديل عن المباشرة إلا أن الإجهاد لدى بعض الممثلين من خلال التدريبات المكثفة أوقعهم في عدم سيطرتهم على مستوى الإيقاع في المشاهد الأولى. لكن المخرج تغلب على هذا الإخفاق في العرض فجاءت إيقاعاتهم الأدائية مسايرة لأنماط الشخصية بكل مكوناتها فنجد حالة الممثل المقعد على الكرسي المتحرك وإن خفت صوته قليلاً يتماشى مع نمط الشخصية وله حضوره الخاص الانفعالي أو الإجهاد النفسي المسيطر عليه. هذه الصورة التي اختتم بها المسرحية تظهر إسقاطاً على أن شخوص المسرحية سيذوقون نفس مصيره بعد استفحال اليأس، وقد انتهت المسرحية بهذه الصورة التشاؤمية.