العدد 3870 - الخميس 11 أبريل 2013م الموافق 30 جمادى الأولى 1434هـ

تاتشر بطلة أم مجرمة حرب؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كان مفهوماً أن يعتبر البريطانيون رئيسة وزرائهم الراحلة مارجريت تاتشر بطلةً قوميةً، لأنها حقّقت لهم نصراً في مطلع الثمانينيات ضد الأرجنتين، رغم أنه نصر خالٍ من المجد، لأن الطرف الآخر دولة من العالم الثالث، كان يحكمها العسكر آنذاك.

ومن حقّ البريطانيين أن يعتبروها من عظماء تاريخهم، ويقيموا لها جنازةً عسكريةً، لما تركته من تأثير داخل بلادهم وخارجها، لكن من حقّ الشعوب الأخرى التي أصيبت بأضرار بالغة جراء سياساتها الخارجية، أن لا تشارك في مراسم العزاء وذرف الدموع!

على المستوى الدولي، عرفت تاتشر بموقفها المعادي لحركة التحرّر في جنوب أفريقيا، وكانت بريطانيا من أواخر الدول التي أبقت على دعمٍ كاملٍ لنظام الفصل العنصري، متوافقةً في ذلك مع حليفها الرئيس الأميركي رونالد ريغان. وكانت تصف المناضل نلسون مانديلا بالإرهابي. كان حينها قد أمضى أكثر من نصف عقوبته بالسجن المؤبد.

تاتشر التي اعتبرها سلفها ديفيد كاميرون شخصية سياسية عظيمة، كانت مصدر جدل دائم حتى داخل بريطانيا، فقد دخلت في حربٍ شعواء مع النقابات العمالية وساهمت في تدميرها، وعُرفت بسياسات الخصخصة التي بدأ يجني العالم ثمارها المدمّرة على سياسات الدول وشعوبها في العقد الأخير. وهو ما يفسر اختلاف البريطانيين في تقييمها، فهم غير مجمعين على عظمتها، وكثيرون منهم ينظرون إليها نظرة سلبية، خصوصاً بعدما عادت سياستها في الخصخصة عن تضرر قطاع واسع من العمال وطبقة الفقراء، بعد بيع شركات الطيران والاتصالات وصناعة السفن والنفط والغاز للقطاع الخاص، فازدادت الشركات أرباحاً، وازداد الفقراء تعاسة. وهو ما يفسّر أيضاً هذا الانتشار الواسع لأغنية «ماتت الساحرة» القديمة في أعقاب وفاتها، لتحتل المرتبة الأولى في قائمة الأغاني الأكثر طلباً في بريطانيا، والأكثر تحميلاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

يذكر الكثيرون أيضاً كيف ذهبت في مواجهة الجيش الايرلندي، إلى آخر الشوط، بترك مجموعةٍ من السجناء السياسيين المضربين عن الطعام يمضون إلى الموت دون أن تستجيب لمطالبهم، وكان أشهرهم بوبي ساندز الذي كان العالم يتابع أخبار تدهور صحته يومياً، إلى أن بدأ يفقد النطق والسمع حتى توفي بعد مرور شهر تقريباً. وهي أحد أسباب وصفي لها بأنها أبشع امرأة في التاريخ، حين سألني أحد الأصدقاء عن رأيي فيها.

من حقّ البريطانيين أن يعتبروها بطلةً قوميةً، ولكن من حقنا في الشرق الأوسط أن نضعها في قفص الاتهام، كمتّهمةٍ بتأجيج الحروب، ودعم الأنظمة الدكتاتورية، وتوقيع اتفاقات التسليح الضخمة التي كشفت الصحافة البريطانية تورط ابنها مارك فيها. ويبدو انه كان مغامراً، حيث اعتقل لاحقاً في جنوب أفريقيا بتهمة التخطيط لانقلاب في دولة أفريقية صغيرة.

المرأة التي كانت تشعر بالزهو حين وصفها الروس بـ «المرأة الحديدية»، وحينما تنعتها الصحف بالعناد، بان ضعفها حين بكت مرتين. المرة الأولى يوم ضاع ابنها في سباق رالي سيارات بإحدى دول غرب أفريقيا، والثانية يوم خرجت من رئاسة الوزراء بعدما أجبرت على الاستقالة العام 1990، بعد خلاف شديد داخل الحزب.

المرأة الحديدية التي خاضت حرباً مباشرة وأجّجت حروباً أخرى من وراء ستار، ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من العرب والمسلمين في منطقتنا، أسست «مركز مارغريت تاتشر للحرية»، وأصيبت في السنوات الأخيرة من حياتها بالخرف المزمن.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3870 - الخميس 11 أبريل 2013م الموافق 30 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 5:15 ص

      bahraini

      السلام عليكم ،،صباح الخير سيدنا ،،خوش موضوع ،،مسامحه لو خرجت بره الموضوع شويه ،، سبحان الله هذه الملكه كلما رأيتها تذكرني بالعجوز الساحره التي تطير على العصا (المخمه) وسميت بالمرأه الحديديه باعتقادي ،،لأنها ضد الصدأ وضد الرطوبه ،،شكرا ثانيه سيد قاسم على مقالاتك الشيقه ،،جمعه مباركه جميعا

    • زائر 19 | 4:49 ص

      وفدت على من يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور

      وفدت على من يعلم السر واخفى وكم من الدماء البريئة معلقة برقبتها هذا اليوم الذي يعد الانسان نفسه لملاقاته

    • زائر 18 | 3:45 ص

      آآآآآآآآآآآآآآآآه يا قلبييييييييييييي .

      مجرمة حرب و المنافس الوحيد لها جورج بوش الأب .

    • زائر 17 | 2:39 ص

      المرء مرهون بعمله لا بكلمة الاعلام والصحافة

      كل امرء يقيم ويذكر بما قدم من خير بالطبع لا كما ترسم صورته الصحافة
      والاعلام الرخيص المدفوع الاجر والذي سرعان ما ينقلب على معطيه
      ومشتريه

    • زائر 16 | 1:35 ص

      الانسان.ضعيف جدا

      فمن يصدق كل هذا الدهاء ينتهي الى الخرف

    • زائر 15 | 1:30 ص

      صبحك الله بالخير سيدنا العزيز

      اسمع ع الصبح الاغنية دي ---
      طا طي طا طي طاطي راسك طا طاطي
      انت فى وطن ديمقراطي
      واحيلكم لمقابلة الوزير مع الدستور الاردنية والمنشورة فى صفحة محليات لجريدتكم الغراء لسماع الاغنية كويس ياسيد

    • زائر 14 | 1:23 ص

      هذا حال الطبقة المترفة

      ترقي على جماجم الشعوب فلم يدعم احد نظال الشعوب بل استعمرت هذه الدول و سرقة ثرواتها و تدعم حتى الان الدكتاتورية حتى تنعم هي بثروات المستعمرات السابقة

    • زائر 11 | 1:02 ص

      كفاية من يمجدها

      إلا رأيت ان الدكتاتوريين العرب يمجدونها؟ فهي كانت سبب بقائها. هل ننسى دورها في قتل نصف مليون مسلم بين العراقيين والإيرانيين؟ لن نقول رحمك الله لان نهايتك كانت حرق جثتك

    • زائر 10 | 12:42 ص

      ..

      راحت غير مأسوف عليها

    • زائر 9 | 12:40 ص

      لها وعليها

    • زائر 8 | 12:11 ص

      الجواب ......

      مجرمة طبعا حاليا تحاكم في المحكمة الالهية

    • زائر 5 | 11:00 م

      نهاية لكل ظالم

      بل مجرمة حرب مع صديقها الحميم الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان ،،، هما الآن بين يدي العدل الأوحد وسيذيقان ما قدمت أيديهما من جراائم

    • زائر 4 | 10:59 م

      نعم ذكرتنا بتاريخ هذه المرأة الذي ربما نسيناه بفعل مشاكل الزمان

      .. وهكذا نحن ننسى بسرعه رغم الجرائم الكثيرة التي حيكت لنا ! اتذكر إنه عندما مات احد الظالمين تأثر الكثير من الناس وبدا الاعلام يوئر فيهم ويقولون مسكين لقد مضى .. ولم يتكلم احد بماضيه السئ .. الى أن ذكرهم احد الجالسين بماضيه الاجرامي السئ وقتله العديد من الناس .. بالفعل تذكرت بمقالك هذا محنة السجناء الايرلنديين وعلى راسهم بوبي سانز والتسعه الذي راحوا بعده . حتى إن احد الدول اطلقت اسم بوبي سانز على الشارع المؤدي للسفارة البريطانية احتجاجا على الظلم الذي وقع على السجناء .

    • زائر 3 | 10:51 م

      قبل أيام فقط .. يتكلم عنها أحد الصحفيين العرب المشهورين في البي بي سي .. في لندن عندما راها وهي على الكرسي المتحرك خارجة من أحد المستشفيات وبحالة لا تسر حتى العدو

      يقول: هذه المرأة الحديدية التي كانت في يوم من الأيام أمريكا بعظمتها وكل العالم في يدها ويأتمرون بأمرها .. هذا هو نهاية الإنسان.
      وصدق سيدي امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) حين قال: مِسْكِينٌ ابْنُ آدَمَ مَكْتُومُ الأجَلِ مَكْنُونُ الْعِلَلِ مَحْفُوظُ الْعَمَلِ تُؤْلِمُهُ الْبَقَّةُ وتَقْتُلُهُ الشَّرْقَةُ وتُنْتِنُهُ الْعَرْقَةُ.
      ويقول (ع) أيضاً : مَا لاِبْنِ آدَمَ وَالْفَخْرِ: أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ، وَآخِرُهُ جِيفَةٌ، وَلاَ يَرْزُقُ نَفْسَهُ، وَلاَ يَدفَعُ حَتْفَهُ.

    • زائر 2 | 10:16 م

      محرقي

      الى جهنم وبئس المصير

اقرأ ايضاً