العدد 3875 - الثلثاء 16 أبريل 2013م الموافق 05 جمادى الآخرة 1434هـ

حقائق ما بين الرسوم والضرائب

رسائل مواطن إلى المواطنين (11)

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

يتوجب علينا أولاً أن نمايز، ما بين الرسوم والضرائب، فالرسوم هي مصدر لتغطية كلف العمليات وتطويرها بالنسبة للجهات التي تفرضها، فيما يتعلق بخدمات تقدمها للناس، المتوجب عدالتها من حيث لا ترتبط بمدخول الفرد أو المؤسسة، بقدر ما ترتبط بكلفة الخدمات وسعر بيعها.

وهنا لقياس عدالتها، نقارنها بتساوي الخدمات، وتساوي رسومها، والرسوم تنقسم إلى قسمين، قسم يختص بفرضها عادة المجالس المحلية للمحافظات أو المدن، وليس للدولة شأن بها، ولا تُوَرّد في ميزانية الدولة. وللتوضيح هي بمثابة بيع خدمة تسهيلات، فسعر الخدمات مُوحّد لكل من يستفيد منها، فمتى ما عرفنا هذه الخدمات، مثل جمع القمامة، وتوفير أكياسها، فيكون لكل وِحدة من وحدات هذه الخدمات سعر، يُحتسب على المستفيد منها، بغض النظر عن مدخوله، وعن طبيعة ما يستخدمه من عقار، سواء للسكن أو التجارة، وسواء كان المستفيد مالكاً أو مستأجراً، تقاس رسوم هذه الخدمات لكل مستفيد بقدر استفادته، فمنزل يسكنه عشرة، يرمي بفضلات عشرة كيلوغرامات يومياً، لا يجوز مساواة رسومه بمنزل أو متجر يرمي بكيلو واحد يومياً أو بعض الأيام. وقس على ذلك باقي الرسوم التي تحتسب بمعدل شهري لخدمات تمنح بشكل يومي، تسهيلاً آخر للمستفيد والجهة الموفّرة لها.

وهناك رسوم تفرضها بعض وزارات الدولة، مثل رسوم السجلات التجارية، المتوجب تحديد قيمتها بناء على قيمة وحداتها، فلا يجوز احتساب مبلغ سنوي ثابت على جميع أنواع وأنشطة السجلات التجارية، لتتساوى لصاحب سجل وحيد النشاط وصغيره، مع ذاك متعدد الأنشطة وكبيرها، وهذه الرسوم لا تخضع لأي اعتبار سياسي ولكنها قد تخضع للاعتبارات الاقتصادية، فقد كانت رسوم السجل التجاري، في سنوات مضت، متفاوتة حسب النشاط التجاري، وكانت نوعاً ما ظالمة، من حيث غلائها، قياساً بأسعار السوق، ما جعل كثرةً من أصحاب السجلات، يعانون من تبعاتها الاقتصادية والمالية، وجعل مستأجري السجلات من الوافدين الأجانب، التحايل على تبعاتها المالية، وعلى قصور الرقابة لدى إدارة السجل التجاري التابع لوزارة التجارة، باستصدار سجل لبيع المواد الغذائية مثلاً ورسومه 30 ديناراً سنوياً، لتجد محله عامراً بالمنظفات والقرطاسية وألعاب الأطفال والسجائر وكل ما يطرأ على البال.

وفي لحظة سياسية مستجدة، لجأت الحكومة إلى توحيد رسوم السجلات، بغض النظر عن أفرع أنشطتها، وجعلتها 20 ديناراً سنوياً ثم 30 والحديث يدور الآن عن 50، للسجل العامل في نشاط، أو مئة منها، السجل الصغير والكبير سيان، في محاولةٍ لبهرجة القرار الاقتصادي بتخفيض رسوم السجلات، ولإخفاء القصد السياسي من ورائه، وهو طمس حقيقة نسبة البطالة في المجتمع، باحتساب أصحاب السجلات خارج نطاق البطالة، ورفدت ذاك القرار، باستثناء أصحاب السجلات من المعونات الاجتماعية، ومعونات البطالة، المرفودة أيضاً بتقارير نسب البطالة المنخفضة، للتمويه على الوضع الاقتصادي والسياسي المُلَمّع.

في حين أنه كان الأجدر، الإبقاء على تصنيفات الأنشطة التجارية وتطويرها، مع تخفيض رسوم كلٍّ منها، وتطوير الدور الرقابي والمحاسبة لإدارة السجل التجاري، لضمان عدم الخروج على مبدأ الرسوم، وهو ممارسة فقط النشاط المدفوعة رسومه، واحتساب أصحاب السجلات الصغيرة من المواطنين، من ضمن الفئات المستحقة للمعونات الاجتماعية.

وهناك الكثير من الرسوم الحكومية التي لا نرى عليها ما يثير الشبهة في موضوعها ولكن في احتسابها، ترتفع علامات استفهام كبيرة، مثالها احتساب مبلغ 400 فلس على كل من تطأ إطارات سيارته مواقف المطار المكشوفة، سواءً للاستقبال أو قضاء حاجة لدى مؤسسات الخدمات في المطار من شركات اتصالات وتأجير سيارات إلخ،

أما موضوع الضرائب، التي ينفي المسئولون الحكوميون تطبيقها في البحرين، فهي مدلل عليها في بيان الإيرادات والمصروفات الموحد للدولة كما جاء في الحساب الختامي لسنة 2011، ببند الضرائب والرسوم، والمحصلة 179 مليوناً في 2010 و169 مليوناً في 2011، ولا ندري كم منها رسوم وكم منها ضرائب، ولا على مَن هي محتسبة؟ على المواطن أو غيره.

أما موضوعها، أي الضرائب، فهي عادةً ما تحتسب بنسبة مئوية من الدخل للأفراد والمؤسسات، لتكون مصدراً من مصادر إيرادات ميزانية الدولة، ومساهمة من المواطن في هذه الميزانية، ومقابلها يتحصل المواطن على صوت في انتخاب الحكومة، لتخويلها إدارة أموال الشعب، وفي محاسبتها ووزاراتها وهيئاتها،عن كيفية التصرف بالميزانية وتنميتها، وحسن استخدامها فيما يخدم المواطن، على قدر المساواة، فالمواطنة هي الوحدة الوصفية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، التي لا تقبل التجزيء، ولا يحسبن أحد، الاقتطاع من الراتب بنسبة مئوية للتأمينات الاجتماعية، على أنها ضريبة، فهي ليست كذلك، وإنما هي نمط من أنماط التكافل الاجتماعي، الذي يلبي الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمواطن في حال عجزه وشيخوخته، تساهم في ذلك الدولة والمواطن.

وحيث أن أرقام الميزانية وبياناتها، لا توضح لنا المبالغ المتحصلة كضرائب، نضطر أن نعتبرها كل ما تسميه الحكومة رسوماً وهي في حقيقة احتسابها ضرائب، ولكن من دون الحق السياسي المقابل للمواطن، مثل رسوم وزارة البلديات على المؤسسات التجارية، والمواطنين الأفراد، وغيرهم، باحتساب 10% من عقود الإيجار الشهرية للعقار، والتي في الغالبية العظمى منها، تتجاوز هذه النسبة، لتصل إلى مرار أضعافها، باحتساب مبلغ مقطوعٍ شهري يضاهي 4-5 مرات نسبة 10% من الإيجار، فهي تحتسبها بنسبة مئوية كما الضرائب، ولكن بتمويه لتبدو أنها رسوم، فهي ليست محسوبة على الإيراد، بل على أكبر باب من المصروفات التي تؤثر تأثيراً جسيماً على الإيرادات للمؤسسات والأفراد، إضافة إلى إعفاء شريحة من المجتمع المحسوبة على الجهات المتنفذة، في إخلال بميزان المواطنة. هذه أمثلة فقط، وهناك الكثير من المخفي والمعلوم.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3875 - الثلثاء 16 أبريل 2013م الموافق 05 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 4:36 ص

      مقال جريئ

      والله في الصميم يا المحرقي الشريف والناصف والمحب لهذا الوطن والذي لاتفرق بين احد,وين عنك المتزمتين بدين والدين عنهم براء لاننا لم نسمع من هم يوم كلمة توحد المجتمع ولكن العكس ولايخافون لومة لائم.

    • زائر 5 | 2:46 ص

      الرسوم والضرائب

      وجه لعملة واحدة اخلاء يب المواطن من المال فسواءً سميتموها مخالفة او رسوم اواتعاب معملة حكومية او ضرائب الى اخرة من الاسماء التى تخلي جيب المواطن الكادح الفقير وبعض الناس المتنفدين او رئساء وزارة او وزراء يغتنون على كواحلنا فياللئسف هذه الناس همها تكديس الاموال ولكن في النهاية تذهب هباءاً منثورا

    • زائر 4 | 12:42 ص

      مشاركة

      10 بالمئة رسوم بلدية مبلغ كبير .. يعني ليش الحكومة تصير شريكة للمالك ؟ 5 بالمئة معقول أو مبلغ متفق عليه اما الشراكة و نسبة 10 بالمئة فهي مشاركة

    • زائر 3 | 12:28 ص

      تسجيل العقار !!

      عندما تتقدم لتسجيل عقار تجد ان هناك رسوم و الرسوم ثابتة التسعير ام النسبة فهي ضريبة ....... ولكن المفارقة عند الدفع يكتب في الرصيد رسوم ... يا اخي دافع ما بين 1.7 الي 3% من قيمة العقار و تقول رسوم ... مع العلم تم تغير النسبة دون الاعلان عنها !!

    • زائر 2 | 10:57 م

      مقارنة

      الرسوم المفروضة فى البحرين فى مجملها أكثر مما يفرض فى بقيةالدول كضرائب. اذا فرضت الضرائب فى البحرين، هل و هل كبير ستفرض على الجميع أم ستكون على ناس و ناس؟

اقرأ ايضاً