العدد 3875 - الثلثاء 16 أبريل 2013م الموافق 05 جمادى الآخرة 1434هـ

الدكتورة سمية الجودر: تجربتي في«النعيم» لا تــوصـــف

هي شخصيةٌ يصعب عليك تصنيفها وحصر اهتماماتها في كلمات، بل الأصعب هو حماسها الذي لا ينقطع في غور أعماق الجديد من العلم وتعلمه، كما الفراشة تغدو من شرنقتها كل فصل جديد في الحياة بتخصص تنشد المنفعة به للناس والغذاء لروحها التواقة للعلم والمعرفة.

هي سمية عبدالرحمن الجودر الأم لثلاثة أبناء على الصعيد الأسري والكثير من الأبناء المرضى على الصعيد الوظيفي في مسيرة استمرت 17 عاماً على رأس مجلس إدارة مركز النعيم الصحي، بالإضافة إلى اهتمامها اللافت بالبحرينيين المصابين بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)؛ إذ استمرت في تمثيل مملكة البحرين في منظمة الصحة العالمية لبرنامج الأمراض التناسلية والإيدز لما يقارب 11 عاماً، وما هذا إلا نزراً يسيراً في بحر اهتماماتها بالشباب والطفولة والمرأة.

زاولت الدكتورة سمية الجودر العمل في مركز النعيم الصحي لما يفوق 25 عاماً دون أن تبارح مكان عملها، غير أنه يسهل علينا تقبل الفكرة بعد معرفة السر الصغير وراء كل هذا الولاء للمكان الأول الذي جمعها بالمرضى.

السر يكمن في روابط محبة جمعتها بأهالي منطقة النعيم حتى باتت الابنة البارّة لهم وباتوا العائلة الكبيرة التي ترحب بها في كل وقت، وهذا ما أكدته الجودر خلال حديثها لـ «الوسط الطبي» عن قصص لا تنتهي من أفراح وأتراح شاركتها مع أهالي المنطقة الذين تبدلوا بعد مرور الوقت من مجرد مرضى إلى أصدقاء وأهل استطاعت معه أن تطبق مفهوم طب العائلة على أكمل وجه، لترافق الأهالي منذُ فحص المدرسة الأول وهم أطفال حتى فحص الزواج؛ ما يجعلها الدكتورة الأقرب إليهم والأعرف بحالتهم.

وتستطرد الجودر في حديثها إلى تذكر كيف كانت فكرة مغادرتها لمركز النعيم الصحي حتى تقاعدها يوماً ما من العمل الصحي فهي أكثر فكرة تؤرقها وتزعجها، فكان حبها لعملها دافعاً لأن تجعل من الأهالي حلقة مهمة في المنظومة الصحية؛ ما دفعها إلى تكوين مجلس من أهالي النعيم بكل أطيافهم واختلافاتهم ليكون باباً لمعرفة ما يحتاج إليه الناس والسبل الأفضل لتقديم المساعدة لهم.

«النفسي»... صورة مغايرة

وتضيف الدكتورة الجودر: «بعد إكمالي دراستي الأولى في جامعة عين شمس بمصر لاحظتُ شغفي بمواد الطب النفسي من خلال الدراسة؛ هذا ما جعلني أقرر إكمال دراسة الطب النفسي بعد ذلك والعودة للبحرين لأخوض التدريب العملي في هذا المجال»، مستدركةً: «ولكنني لاحظت أن مجال العمل في الطب النفسي لم يكن كما تصورته حين الدراسة؛ حيث وجدت أن برنامج طب العائلة هو ما يلبي اهتماماتي جميعها فتوجهت حينها للدخول في برنامج طب العائلة العام 1984 والذي تخرجت منه بعد 3 أعوام وباشرت العمل بعدها».

وكانت بداية المشوار من النهاية حين كان حفل التخرج من برنامج طب العائلة، وخلال كلمة التخرج تردد على مسامع الجودر من أحد الأطباء في التكريم: «إن كنتم تظنون أن هذه النهاية فأنتم مخطئون، إنها فقط البداية ليس إلاّ» ليكون ذلك مصدر الإلهام والدافع الرئيس للجودر حتى تستمر في طلب الجديد في الطب من يومها حتى الآن.

وتزيد الجودر: «وجدت كل تصوري لتقديم المساعدة للمرضى والمجتمع في مجال طب العائلة من خلال مزاولتي إياه في مركز النعيم الصحي لعقود خلت».

الإيدز... فكرة مبتكرة

وتسترسل الدكتورة سمية الجودر: «خلال دراستي في نهاية العام 1981 كان العالم للتو يتعرف إلى مرض نقص المناعة (الإيدز) الذي لم يتم تصنيفه أو تسميته بعد. بعدها تلقينا طلبة الطب دورات تعريفية بالمرض الجديد، فاكتنفني الفضول نحو معرفة المزيد عنه».

ومن هنا كانت بداية اهتمام الجودر بمرض الإيدز والمصابين به في البحرين، حيث «تطوعت بادئ الأمر لمساندة مرضى الإيدز وبعدها أصبحت عضواً في أول لجنة تشكلت وكانت مسئوليتها تتمحور حول متابعة وإرشاد المرضى. بعدها تلقيت المزيد من الدورات التدريبية وحضرت ورش عمل لمنظمة الصحة العالمية المهتمة بهذا المرض حينذاك».

وتواصل: «فكرت حينها في القيام بأمر كان جديداً من نوعه في المنطقة والعالم وهو العلاج الجماعي لمرضى الإيدز عن طريق دمجهم في جماعات لتقديم الدعم والمساندة من داخل المجموعة والقيام بتشارك الخبرات والأفكار، وتم تقديم مشروعي خلال دورة لمنظمة الصحة العالمية مثالاً تجريبياً لفكرة العلاج الجماعي لمرضى الإيدز الذي بات يطبق اليوم في العالم من وراء توصيات المنظمة».

وتضيف: «ساهمتُ في إدماج مرضى الإيدز البحرينيين في ورش عمل تجعل منهم قادرين على توعية أفراد المجتمع بالمرض وتغيير نظرة المجتمع البحريني لهذا المرض، كما ساندت إتمام أول زيجة بين فردين مصابين بالإيدز وكان الإنجاز هو مقدرتهما على إنجاب طفل معافى من المرض».

لا لقانون العزل

وعن قانون عزل مرضى الإيدز الذي تم اعتماده في دورة نيابية سابقة لمجلسي النواب والشورى بمملكة البحرين، توضح الجودر: «كان هذا القانون يقضي بإرجاع فكرة عزل مرضى الإيدز عن المجتمع وعدم إدماجهم؛ ما دفعني للترشح للبرلمان لأستطيع الحيلولة دون اعتماد القانون النهائي الذي تقدم به آخرون».

وتضيف الجودر: «بعد حصولي على مقعد في البرلمان بات كل ما يشغلني اليوم هو وضع صوغ جديد للقانون يحمي جهود السنين التي مضت ونكفل به حقوق المصابين بمرض الإيدز في البحرين، وهذا ما تنص عليه مواد حقوق الإنسان التي وقعت عليها مملكة البحرين والتي تلزم إدماج مرضى الإيدز في المجتمع وكفل جميع حقوقهم بفصل كامل يتحدث عن المتعايشين؛ هذا ما يجعل عزل المرضى منافياً لحقوق الإنسان؛ لذا طرحت مسوّدة القانون الجديد والذي قمت فيها بتغيير بند العزل من القانون المطروح آنفاً مع إضافة ما أراه كافلاً لحقوق المجتمع البحريني والمرضى والآن تتدراسه هيئة الإفتاء والتشريع اليوم».

الحجامة... علاجٌ ناجع

تقول الجودر: «سألني أحد المتصلين في برنامج تلفزيوني عن إن كانت الحجامة تنقل العدوى، وكانت معلوماتي فقيرة حينها عن الأمر لكنني أجبت المتصل على مضض وكنت أفكر حينها أن عليّ الاستزادة في هذا الموضوع الجديد حتماً، وهذا ما حدث فعلاً بعد فترة من الزمن حينما تفرغت تماماً للقراءة عن الحجامة وجمعت ما استطعت من الكتب والمراجع وكانت النتيجة اقتناعي بهذا الأسلوب العلاجي».

وتزيد: «كانت البداية حينما مارست الحجامة على أهلي وصديقاتي وبدأ الجميع بنصحي أن أقدم هذه الخدمة لمن يحتاج إليها من عموم المرضى؛ لذلك بدأت بممارسة الحجامة بعد ذلك بشكل رسمي في عيادتي»، وتضيف: «أستقبل مرضى من مختلف الأمراض من النفسية والاكتئاب حتى أمراض المفاصل والأمراض العضوية».

وتسترسل الجودر: «ما جعل اليقين بالحجامة وتأثيرها يزيد عندي تجربة شخصية مررت بها، حيث تعرضت لوعكة صحية (إنزلاق الغضروف بالفقرة 5 و القطنية الأولى) وكان تقدير الأطباء أني في حاجة ماسة لعملية جراحية ولكني فضلت أن أقوم بتجربة الحجامة بعد أن رأيت مفعولها على كثير من مرضاي، وكانت النتيجة مذهلة بعد أسبوعين وهي أني لم أعد في حاجة إلى الجراحة والتي لم أقم بها حتى اليوم؛ هذا ما يجعل من الصعب عليّ أن أترك عملي في الحجامة».

بالحب تلتئم الجراح

تختم الجودر حديثها بالقول: «أتمنى أن نعيش اللحظة ونستمتع بها، فقط هذه اللحظة ولا نستذكر الماضي فنعيش في الحزن والندم، ولا نقلق على المستقبل فنقضي اليوم في التوتر والقلق، ونستطيع الوصول إلى القناعة بما نملك والتي أعتبرها سر النجاح والسعادة وبالحب نعيش وبالحب تلتئم جراحنا وحتماً الحب هو علاج كل سقم وأمنياتي للجميع بالصحة والعافية».


بروفايل

- سمية عبدالرحمن الجودر.

- نالت شهادة البكالوريوس في الطب والجراحة من جامعة عين شمس 1982م وأكملت الماجستير في طب العائلة في الجامعة الأمريكية ببيروت،ثم التحقت بالكلية الملكية الاردنية لتنال درجة الدبلوم العالي في الطب النفسي والادارة الطبية.

- مدرب معتمد للاكاديمية البريطانية لتطوير الموارد البشرية.

- رئست مركز النعيم الصحي من 1990 حتى 2007م.

- عضو في مجلس النواب البحريني ورئيسة اللجنة الدائمة النوعية للمرأة والطفل فيه.

- عضو استشاري باللجنة الاستشارية لخبراء الايدز بالاتحاد البرلماني الدولي(IPU).

- رئيس سابق للجنة الوطنية لمكافحة متلازمة نقص المناعة المكتسب (الايدز).

- استشارية طب العائلة.

- معالجة نفسية.

- معالجة بالحجامة.

العدد 3875 - الثلثاء 16 أبريل 2013م الموافق 05 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً