العدد 3876 - الأربعاء 17 أبريل 2013م الموافق 06 جمادى الآخرة 1434هـ

تفجيرات بوسطن... أول الغيث

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

الإرهاب الذي كانت خلاياه نائمة بعد أن كان عابراً للقارات والحدود منذ 11 سبتمبر/أيلول 2001، وظل متمركزاً في بلدان ثلاثة: العراق، أفغانستان، وباكستان، من دون أن ننسى استراحات لالتقاط الأنفاس في كل من المغرب ولبنان وسورية مؤخراً، يستأنف نشاطه هذه المرة لاعتبارات عدّة أوجزها في ما يأتي.

الأول له علاقة بتحفّز ومضاعفة الأجهزة الأمنية العربية تضييقها على الحركات الاحتجاجية السلمية التي لم تعرف المهادنة وإعادة النظر أو التريّث إلى أن يأخذ الله أمانته ويريح البلاد والعباد من أنظمة متسلّطة على قضائه وقدره طوال عقود.

ذلك التضييق ترك هامش تحرّك عريضاً لمعتنقي الإسلام الراديكالي التكفيري، والذي لا علاقة له بالإسلام الذي نعرف من حيث سماحته وانفتاحه على الآخر وسحر وروعة منهجه الذي حوّله أولئك إلى مسخ وغول - بممارساتهم البغيضة والقميئة - وهو بالمناسبة تجاوز ذلك إلى أكبر من الهامش؛ بل مساحة تحرّك شبه مفتوحة؛ إن على مستوى التراخيص لقنوات تكفيرية تحريضية على المكوّن إن في الداخل أو في الخارج مع المختلف في العقيدة، وعلى مدار الساعة تحشّد وتعبّئ وتحقن في أوردة مناصريها والمتحلّقين حولها كل مغلوط ومفبرك بأسانيد من عنديات فهمهم القاصر والأحول؛ بل الأعمى. ولنا شواهد في إعلام لا تكف مكنته عن ضخ الكراهية والمغالطات والتحريض.

أمرٌ ثان يتعلّق بالأنظمة نفسها التي لم تجد غير ورقة المكوّنات طوقَ نجاةٍ لتخفيف وقع الزلازل الذي تمخّض عن الربيع العربي والذي تعلم أنه سيطولها طال الزمن أو قصر، مهما حاولت القيام بترميم هنا وترقيع هناك وسدّ ثغرات بكُلَف بخسة هنالك.

ورقة الطوائف والمكونات لم تكتف بالاتكاء عليها؛ بل عمدت إلى القانون الذي وضعته هي ليكون مظلةً لحمايتها وإطلاق يدها في اللعب بتلك الورقة وبالوكالة ومن الباطن هذه المرة، بحكم الضرورات التي هي دائماً حاضرةً بالنسبة إليها، كي تبيح لها المحظورات. وإلا ما الذي يفسّر ذلك التغاضي عن جمع تبرّعات، وبقدرة قادر يأخذ قانون جمعها إجازة مفتوحة، ولا يهم إن كانت إجازةً سياحيةً أو مرَضيةً، لتعبر تلك التبرعات الحدود محمولةً من قبل «ممثلين لبعض الشعب» وأضعها بين قوسين لكي أكون دقيقاً ومحدّداً؟

ليست وحدها الأنظمة القمعية العربية التي لا تتعلّم الدرس، وحين يبدأ الزلزال تبدأ التواضع بإعلان فهمهما الدرس (زين العابدين بن علي نموذجاً) حين يبدأ الطوفان يجرف أمامه كل الوهم والغرور والصلف طوال عقود من استنزاف ثروات وأعصاب الأمة؛ حتى الغرب نفسه لم يتعلّم الدرس، والولايات المتحدة خصوصاً، تلك التي منذ تحطّمت أسطورتها في أدغال ومرتفعات فيتنام وصولاً إلى العراق وليس انتهاء بأفغانستان وتعويلها على فلسفة الانتظار: انتظار المنتصر للاصطفاف معه (حدث ذلك في تونس ومصر وليبيا واليمن، وعدم وضوح الرؤية والتردّد في سورية حالياً وخصوصاً مع ميلان الكفة على الأرض لطرف هنا وطرف هنالك).

هناك تجاذب إن كان فيما يتعلق بتسليح القوى على الأرض الخارجة على النظام السوري بين الكونغرس والرئاسة، والاتحاد الأوروبي هو الآخر منقسم في مسألة تسليح معارضةٍ الغالبية منها لا تخفي ارتباطها بمنظمة إرهابية أولى مطلوب رؤوس قادتها إلى معظم دول العالم.

في 12 أبريل/نيسان الجاري (2013) كتبت على صفحتي في «تويتر» الآتي بعد إعلان جبهة النصرة في سورية انضمامها إلى جناح منظمة القاعدة الإرهابية (فرع العراق): «قائد في الجيش الحر السوري (الخرّ - ذلك ما وصفته به) يرفض إدانة جبهة النصرة الإرهابية التابعة إلى منظمة القاعدة. أيها العالم الحرّ: نبشّرك (بسياسة الانتظار) بأكثر من 11 سبتمبر».

التفجير حدث بعد يومين تماماً. بعض الأنظمة الخليجية تعيد أيضاً سيناريوهات العام 1979 إبّان الغزو السوفياتي لأفغانستان بتلك الحاضنة التي توافرت لما يسمّى بالمجاهدين الذين فاجئوا العالم بالنعوش الطائرة العام 2001!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 3876 - الأربعاء 17 أبريل 2013م الموافق 06 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 6:45 ص

      مفهوم الفوضى الخلاقة سيدمر صانعها

      الالتفاف على مطالب الشعوب قي الحرية والديموقراطية لن تجدي نفعا. سلب ارادات الشعوب من ثورات الربيع العربي وخلق الفوضى والإحباط سيرتد إلى نحر صانعيها. اعتبروا من التاريخ لأنه لا يصح إلا الصحيح. تحقيق ارادات الشعوب في الحرية والديموقراطية أساس تطور المجتمعات ونمائها لتثبيت الأنظمة بدلا من فنائها....اعتبروا وإلا كنسكم التاريخ في مزبلته.

    • زائر 5 | 4:10 ص

      امريكا الشيطان الاكبر

      ان امريكا اذا ارادت افتعال حروب ستقوم باءعمال ارهابية في امريكا نفسها بالدليل القاعدة عندما طربة المركز المالي من هم القاعدة القاعدة هي عمل ارهابي صناعة امريكية تنفيذ السلفية المبغضة ابناء المكفرين وهذه التفجيرات ماهي الا بداية حرب ولا يعلم اهي ضد ايران ام كوريا او الصين فالمركز المالي ضرب وقامة حرب العراقية الامريكية اي غزوا العراق

    • زائر 4 | 2:52 ص

      سنابسيون

      وليش تقول جدي الحين بقولون انك تعرف اللي فجروا ويمكن نسمع انك في غوانتانامو

    • زائر 6 زائر 4 | 6:17 ص

      ايادى ايرانية

      يمكن يكون ايادى حرس الثورى ايرانية (خلايا النائمة)على قول هم لى لفت انظار العالم ماذا يحدث فى سوريا وانشغال باشياء اخرى لان ايران مو بعيدة عنها فهى تفعل اى شيى لانقاذ نظام بشار آيل لسقوط كل الشيى جائز

    • زائر 2 | 11:32 م

      كلام سليم

      من يزرع الشر يلقى شر.هذا ما تعلمناه من الدنيا...وسيرى اللذين ظلموا اي منقلب ينقلبون.....والعاقبة للمتقين..

اقرأ ايضاً