العدد 3899 - الجمعة 10 مايو 2013م الموافق 29 جمادى الآخرة 1434هـ

الوزير منزعج مما «تحت الطاولة»

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«تحت الطاولة» مصطلح سياسي، وعادةً ما تتردد هذه العبارات «المخادعة» في لغة الساسة والسياسيين، التي تعتمد المفردات المجازية، والتي يكون ظاهرها مختلفاً اختلافاً كلياً عن باطنها، والعكس صحيح.

الاستعارة السياسية للمفردات الأدبية تأتي ضمن إطار الفهم السياسي الذي يقوم على أساس أن السياسة «فن الممكن»، ولذلك فإن المحنكين من السياسيين الحقيقيين وصناعها يلجأون إلى الأدب في لغتهم السياسية والدبلوماسية الحذرة والدقيقة والمتأنية في اختيار عباراتهم وكلماتهم التي تحميهم من «هفوات اللسان وزلاته»، وتقيهم من «الخطأ السياسي والدبلوماسي»، وهم الذين يعون بصدق معنى «تحت الطاولة» في عالم السياسة.

يبدو واضحاً للمتتبع لحديث وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة ممثل الحكومة على طاولة الحوار انزعاجه الشديد من طرحنا السابق من أن الحل للأزمة السياسية والأمنية الخانقة التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عامين سيأتي من «تحت الطاولة». فقد أكّد في مقابلة مع قناة «سي إن إن» على أن «أهم إنجاز للحوار لحد الآن هو جلوس جميع الأطراف على طاولة واحدة»، وهو الأمر الذي انتقدناه بشدة، خصوصاً أننا أكملنا 90 يوماً من انطلاق جلسات الحوار، دون أية نتيجة سوى الجلوس فوق الطاولة، حتى ذهب الوزير يوم الأربعاء الماضي لـ «يزيد الطين بلة» ويصف ما يجري «فوق الطاولة بـ«المهزلة»، متهماً أطرافاً بـ «تعطيل» جلسات الحوار. فكيف سيأتي الحل، معالي الوزير، من فوق طاولةٍ تصف ما يجري عليها بـ «المهزلة»؟

منذ فترة ووزير العدل يهاجم وينتقد طرح «الحل من تحت الطاولة»، ويؤكد أن من يتحدث في ذلك ما له إلا ما هو موجود تحت تلك الطاولة (الأحذية والنعل)، وكما قالها مسبقاً عبر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، وكرّرها أيضاً.

لا أعلم هل من الواضح معنى مصطلح «تحت الطاولة» سياسياً أما لا، ولا أعلم هل ما تحت الطاولة فقط «أحذية ونعل» كما قال، أم ربما هناك عقول سياسية محنكة تعمل من «تحت الطاولة» وتدير اللعبة من «خلف الكواليس»، وهو ما نفتقده في طاولة الحوار الحالية.

المصيبة هي عندما يقف الفهم السياسي لمصطلح «تحت الطاولة» عند حدّ «الأحذية والنعل»، بينما يفترض أن تكون طاولة الحوار السياسية الطريق لإنقاذ البلاد والعباد مما هم فيه.

المصيبة الأخرى أن لا يفقه متحاورون ومسئولون مفردات «الطاولة السياسية» التي يجلسون عليها، ولا يفرقون سياسياً، بين ما هو تحتها وفوقها، أو حتى على صعيد شكلها ومضمونها، فقد يتخيّل لبعضهم أن مصطلح «الطاولة المستديرة» مثلاً هو الجلوس على طاولة دائرية! فقط، دون النظر إلى أن القصد منها سياسياً هو للتعبير عن التساوي بين المجتمعين، مع ملاحظة أن طاولة الحوار في منتجع العرين لم تأخذ شكلاً دائرياً وإنما أخذت شكلاً متعدداً للزوايا، وبمفهوم الوزير وأحكامه الظاهرية، فإن هذا الشكل لا يمكن أن يقال عنه «طاولة مستديرة»، ومن ثم فإن الأطراف في الحوار ومن خلال شكل الطاولة هم غير متساوين، أما في مركز عيسى الثقافي فحدّث ولا حرج، فقد تحوّلت الطاولة متعددة الزوايا لـ 30 طاولة!

في عالم السياسة مفهوم «الطاولة المستديرة» أو «المائدة المستديرة» ترمزان عادةً إلى الندية والمساواة، وهو نوع من أنواع الاستعارة السياسية التي يصعب على البعض فهمها، وفهم مقاصدها. والاستعارة السياسية لا تقف عند حدّ الطاولات والأحذية والنعل، فهناك مفاهيم سياسية كثيرة منها على سبيل المثال سياسة «العصا والجزرة»، وهذه السياسة لا تقوم على توزيع العصي والجزر على السياسيين أبداً، بل على فهم سياسة «الثواب والعقاب»، وهو مصطلح مهين لمن يستخدم معه سياسياً.

في عالم السياسة وفن الممكن، معالي الوزير، سنجد الكثير من المفردات والمصطلحات الأدبية والنثرية التي يكثر الساسة من استخدامها لدهائهم، ومعرفتهم بقيمة الكلمة، وتأثيرها، وما قد تترتب عليها من نتائج لا يمكن إغفالها.

لغة السياسي عادةً ما تكون أكثر أناقة ولباقة من لغة المثقف، فالمثقف يرى تحت الطاولة أرضيةً ناعمةً بسيطةً تستحق التأمل فيها، والسياسي يجد تحتها حلولاً، ومخارج لأزمات عاصفة، وآخرون لا يرون إلا نعلاً وأحذية.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 3899 - الجمعة 10 مايو 2013م الموافق 29 جمادى الآخرة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 33 | 12:11 م

      من شعر مولانا وسيدنا وإمامنا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام

      إنما المكارم أخلاقٌ مطهـرةٌ ....... الـدين أولها والعقل ثانيها
      والعلم ثالثها والحلم رابعهــــا...... والجود خامسها والفضل سادسها
      والبر سابعها والشكر ثامنها........ والصبر تاسعها واللين باقيها
      والسلام عليكم ورحمة الله

    • زائر 32 | 8:58 ص

      لن ينجح الحوار. مادام هناك شرذمة تؤمن بالعبودية

      صدقني ياعزيزي المحترم لوكان الحوار فقط بين المعارضة والسلطلة لكانه حوارا ناجحا لكن مع الاسف الشديد هناك شرذمة ة طبع الله على. قلوبهم فلا يرون الا المال وحب العبودية فهولاء لا يريدون لشعب البحرين الخير. ندعوا الله. ان ينصر المظلوم على الظالم ويرجع الحق لاهله  

    • زائر 31 | 8:49 ص

      ان يفكر متحاوروها بهذا المستوى
      اذا لن نتراجع عن حقنا

    • زائر 30 | 8:43 ص

      اقتراح برغبة .. لإنجاح الحوار

      أنا اقترح ان تُصنع كبسولة مثل التي يتمرن عليها رواد الفضاء، وتُعقد جلسات الحوار بداخلها ، حيثُ المتحاورون لا يثبتون وتراهم يتناقشون وهم طائرون، وبذلك نتخلص من الطاولة وتحتها وفوقها وجنبها، ويكون الحوار على المكشوف، أو ينطلقون بمنطاد إلى الفضاء ويعقدون الحوار هناك بدون طاوله ولا كراسي.

    • زائر 29 | 8:14 ص

      عاصفة الصحراء

      قد لا تكون عاصفة الصحراء من العواصف، لكنها كانت من التكتيكات التي جنت الولايات المتحدة وعلى مجلس الشيوخ أرباح الحرب. ليس تجارة السلاح أو تجارة المخدرات لكن صقور البيت الأبيض انقضوا على فريسة بمساعدة دولة أو دولتان متعاونة في الخليج. يحتار الإنسان هنا .. فالبحرين ليست من الغنائم وليس سكانها في حالة حرب فلما محتجزون رهائن أو أسرى؟

    • زائر 27 | 6:24 ص

      تذهلني

      لا أعرف كيف يكتب هذا الرجل.. تذهلني يا هاني

    • زائر 26 | 5:09 ص

      كل واحد يشوف قدره

      كل واحد يشوف ما هو عليه من مستوى!!

    • زائر 25 | 3:37 ص

      امممممم11

      كل من يريد الناس بعين نحلة اقصد طبعه

    • زائر 24 | 3:08 ص

      الحديدث عن الذي تحت هذه الطاولة التي استمر أكثر من 90 يوم دون فائدة

      واضح أن الذي تحت هذه الطاولة هو أفضل من كثير مما هو فوقها.

    • زائر 22 | 2:57 ص

      المثل يقول باب النجار مخلوع

      والطاولة ذا كانت مهزوزة وأرجلها مفككة فلن يثبت شيء فوقها

    • زائر 19 | 2:20 ص

      خشب ام حديد

      يجب معرفة ما اذا كانت الطاولة من خشب او حديد وهل هي صناعة صينية (جاكويتوه) او صناعة معتبره

    • زائر 18 | 1:33 ص

      شخبار خوك

      لا تلمون الوزير قربت الاجازة

    • زائر 17 | 1:31 ص

      مناقشة الجهلة مضيعه للوقت

      يقول أمير الكلام علي بن أبي طالب عليه السلام ما مفاده " ما جادلني عالم الا وغلبته ، وما جادلني جاهل الا وغلبني " ساعد الله قلبك يابن الفردان وشكرا لامانة قلمك الشريف وحماك الله وحفظك من بأس المعتدين والحاقدين آمين

    • زائر 16 | 1:22 ص

      اخ هاني شكرا

      انت تجرح كبريائه المصطنع بهذه المقالات الحقه فلذالك ينزعج لأنك تشخص المرض والدكتور المزيف بصورة علمية لكن إخي هاني الله يحفظك من كل سؤء الله يحفظك

    • زائر 15 | 1:20 ص

      الحمد لله والشكر

      العتب على من قعده وهو بهذي العقلية ما يدري بالدنيا والله يعين المعارضة على ناس بهذا المستوى اذا هذا رئيسهم اش حال الباقين...على الدنيا السلام

    • زائر 14 | 1:16 ص

      اللسان

      قال الامام علي ( ع ) ( الانسان مخبوؤ تحت لسانه لا لطي لسانه ) وهنا يعرف الانسان المثقف الواعي المطلع النابغة المتكلم من الانسان اللي لا يعرف يركب كلمة على كلمة . المثل يقول الرجل المناسب في المكان المناسب

    • زائر 13 | 1:11 ص

      شيئ طبيعي

      من الطبيعي أن لا يعلم الوزير شكل ولون الطاولة أو ماذا يوجد فوقها أو تحتها. فمسمى الوزير اليوم يختلف عن مسمى الوزير في غابر العصور. بالأمس الوزير كان موظف عند الشعب لخدمتهم والسهر على راحتهم وكان يحاسب ويقال إذا ثبت تقصيره في حق الشعب، واليوم منصب الوزير يطلق على أصحاب البشوت والمتعالين في بروجهم المشيدة على الناس. وزيرنا دازينه في الحوار لهدف معين، ولهذا فهو يأبى إلا أن يشارك كوزير مستفرد بالقرار ولا يقبل أن يخالفه احد الرأي.

    • زائر 12 | 1:03 ص

      لن يحصل حل قبل ان تكون مكانة الشعب متكافأة مع النظام حتى على الطاولة

      الطاولة مهزلة. نعم الوزير جعلها مهزلة ومن اراد الحوار بهذه الطريقة جعلها مهزلة
      4 ضد 22 او 27 كيف يمكن لعاقل قبول ان مثل هذا الحوار ان يأتي بشيء؟
      يا جماعة هم يريدون حتى في التمثيل ان لا يعطوننا قيمتنا ووزننا فكيف تأملون
      من وزير ينحى هذا النحي ان يدير حوارا ايجابيا.
      من قبل الجلوس بهذه الطريقة ورغم احترامي لهم خانهم التوفيق

    • زائر 11 | 12:58 ص

      من البر

      انه من المؤسف حق ان يطيل الحوار ويفقد معناه ويصبح حدث روتيني لا صدي له في حياه الناس برغم من اهميته العظمي اليوم ومستقبلا.... ياترى من سيدفع قيمه ضياع الحوار وعدم الوصول لحل؟

    • زائر 10 | 12:41 ص

      نعم

      وانقول مافي تقدم في الحوار تره من النعل والجواتي اكيد ماينجح لان يطلع منهم ريحه تأثر علي المتحاورين خصوصا اللي ما عندهم مناعه وحتي مايشتمون الريحه لابد ان يكون الحوار في احد القري المعرضه للغاز اي غاز مثلا المعامير اوستره اوالعكر حتي نويدرات الا اذا الريحه قويه مالهم الا المسيل

    • زائر 9 | 12:39 ص

      كلام بليغ بعيد المعنى لمن هو بمستوى الكلام ولكن:

      من هو دون المستوى لا يمكن ان نعوّل على فهمه ولكن من يفقه في علم السياسة يعرف المقصود. ومن الطبيعي ان يتحدث الوزير بما في داخله فهو ليس بوزير حلول وانما هو جزء من التأزيم لذلك لا تتوقع منه سوى التأزيم وحتى مستوى المصطلحات هو لا يريد ابداء اي فسحة للامل لهذا الشعب ولكن نقول له ان موقفه المتشدد اليوم سوف نشهد مواقف مواقف يناشد المعارضة
      مناشدة فقط للاستجابة للجلوس.
      الايام قادمة والشعب قال كلمته متوكلا على الله ولن تثنيه القبضة الامنية مهما اشتدت فدع الوزير يقول ما يشاء

    • زائر 8 | 12:29 ص

      هذا قدره !

      لأنه مايشوف أبعد من أنفه و هذا مستوى التمثيل الحكومي

    • زائر 20 زائر 8 | 2:45 ص

      لشيوخ يشفون شي انتم ما تشوفونه!

      والله يرحم احد وجهاء البحرين في رده العفوي واسترجاعا للذاكرة البحرينية الوطنية يومها لم يكن النفاق سيد الموقف

    • زائر 7 | 12:10 ص

      هذا يحصل عندما لا تطبق معايير تكافؤ الفرص

      فيتم الاختيار ... والنتيجة اشخاص لا يفقهون المهنة الموكلة اليهم.
      بعد خروج المستعمر ...... أبتلي القطاع الخاص أيضاً.

    • زائر 6 | 11:37 م

      مقال في الصميم

      استاذ هاني مقالاتك اقرأها أكثر من مرة لأنها تستحق التمعن.. بورك لك في قلمك الحصيف

    • زائر 21 زائر 6 | 2:46 ص

      صدقت

      أي والله صدقت وأنا كذلك أقراها مرارا وتكرارا... الأستاذ هاني كاتب مميز

    • زائر 5 | 11:08 م

      الزبدة

      ان البعض لا يرى تحت الطاولة الا الاحذية والنعل.... وما دام البعض هذا هو مستوى تفكيرهم نعل وجواتي حسين عبدالرضا فكيف تطالبهم بالحلول ؟

    • زائر 4 | 10:57 م

      كلمن يرى الناس بعين طبعه

      سير يا هاني ودعهم. فحكمة رب العباد في خلقه ستجتلى قريبا

    • زائر 3 | 10:50 م

      قراءة

      قرأت فى مقال حول المشاهدة و النظر من وجهة علم النفس. يقول المقال بأن العين تتدرب لترى ما ترغب به و ليس ما هو أمامها. هناك من يرى أشياء لا يراها الآخرين لأن عينه تدربت على مشاهدة تلك الأشياء. فلا عجب أن يختلف إثنان من مشاهدة شيئين تحت الطاولة تختلف عن الأخرى.

    • زائر 23 زائر 3 | 2:58 ص

      بل المخ من يعطي الاشارات الى العين

      تماما كما تعطي الدول الكبرى الغربية التوجيهات والتوصيات الى الدول الصغيرة لقمع شعوبها ولجم افواهها !!

    • زائر 2 | 10:40 م

      سلمان دائي

      ولا تنسى يا أخ هاني، أن بعض الطاولات يكون تحتها صراصير، وأحياناً ثعابين وربما ثعالب أيضاً

    • زائر 1 | 10:32 م

      الذهب والماس تحت الارض لا فوقها

      المعادن النبيلة تحت الارض لافوقها فهل سيكون الحل من تحت الطاولة لا فوقها
      ومن لا يرى غير(( الاحذية والنعل )) فكما يبدو العين لا ما ترى وانما ما تتمنى ان ترى
      ومن لا يفقه معاني المصطلحات المعروفة لدى أقل الناس ثقافة سياسية عليه
      ان يراجع نفسه وموقعه وما يقول

اقرأ ايضاً