العدد 3912 - الخميس 23 مايو 2013م الموافق 13 رجب 1434هـ

دورتموند من حافة الإفلاس إلى قمّة «ويمبلي»

قطع بوروسيا دورتموند الألماني شوطاً كبيراً بين الإفلاس، الذي طرق أبوابه العام 2005، ورحلته إلى ملعب «ويمبلي» إذ يواجه السبت المقبل غريمه المحلّي بايرن ميونيخ في موقعة القمّة التي ستحدّد هوية من سيرفع كأس دوري أبطال أوروبا.

«من الحضيض إلى ويمبلي»، هذا ما قاله المدير التنفيذي لدورتموند هانتس-يواكيم فاتسكه في وصفه للمرحلة التي عاشها فريقه بين 2005، حين كان على حافة الإفلاس و2013، إذ أصبح مجدّداً من كبار الدوري الألماني والقارة العجوز.

من المؤكّد أن الوضع الحالي للفريق الأصفر والأسود أصبح مختلفاً تماماً عما كان عليه العام 2005 حين كان تحت عبء الديون التي بلغت 120 مليون يورو ما هدّد مصيره في دوري الأضواء ووضعه على شفير تصفيته وإنزاله إلى الدرجات الدنيا.

عاش دورتموند تقلّبات كثيراً في مشواره الكروي، لكن من المؤكّد أن أزهى فتراته كانت في التسعينيات. ففي العام 1991 تعاقد مع المدرّب اوتمار هيتسفيلد، الذي لم يكن يتمتّع بخبرة كبيرة في ذلك الوقت. وفي 1995، تمكّن أخيراً من الظفر بلقب الدوري المحلّي بعد صيام دام 32 عاماً وتمكّن أيضا من الدفاع عن لقبه في الموسم التالي.

وحقّق النادي الأصفر والأسود إنجازاً رائعاً العام 1997 بفوزه بدوري أبطال أوروبا للمرّة الأولى والأخيرة إثر تغلّبه على يوفنتوس الايطالي 3/1، ولم يقف عند هذا الحد، بل فاز بكأس انتركونتيننتال إثر انتصاره الصريح على نادي كروزيرو البرازيلي 2/صفر.

وفي تلك الفترة كانت تشكيلة الفريق تزخر بلاعبين كبار من أمثال شتيفان رويتر ويورغن كولر وكذلك ماتياس زامر وشتيفن فرويند واندرياس مولر الذين كانو يشكلون نواة المنتخب الألماني الفائز باللقب الأوروبي العام 1996 في لندن.

نجاحات مؤقّتة

غير أن فترة النجاحات لم تدم طويلاً، فبعد مغادرة صائد الألقاب هيتسفيلد للفريق واعتزال العديد من اللاعبين، استثمر النادي في النجوم الجدد بيد أنهم لم يستطيعوا مواصلة مشوار النجاح الذي بدأه الجيل السابق بل إنهم وضعوا النادي تحت وطأة الديون بسبب الأموال التي أنفقها للتعاقد معهم.

وشهد موسم 1999-2000 تراجعاً كبيراً للفريق ما أدى به إلى الاكتفاء بالمركز الحادي عشر في العام الذي أصبح فيه أوّل فريق ألماني يدخل البورصة. لكنه لم يبقَ طويلاً في الحضيض، إذ احتفل في 2002 بسادس لقب له في الدوري الألماني بعدما تولّى زامر الإشراف عليه وقاده أيضاً في الموسم ذاته إلى نهائي كأس الاتّحاد الأوروبي، إذ خسر أمام فيينورد روتردام الهولندي بنتيجة 2/3.

ثمّ دخل دورتموند بعدها في نفق مظلم أعاد إلى الأذهان ما عاشه في بداية الثمانينيات حين دخل في أزمة مالية خانقة تسبّبت بتراجع أدائه وسقوطه إلى الدرجة الثانية موسم 1985-1986، بيد انه استرجع قواه بعد ذلك، وفي نهاية الثمانينيات عاد مجدّداً ليعزف على إيقاع النجاحات، إذ بلغ المباراة النهائية للكأس وتمكّن من الفوز على فيردر بريمن العنيد بنتيجة 4/1، ليحتفل بأوّل لقب له منذ 23 عاماً.

وكما كانت الحال في أزمة الثمانينيات، تمكّن دورتموند من إنقاذ نفسه وتجاوز الأزمة التي تسبّب بها إنفاقه على التعاقدات منذ تتويجه بدوري الأبطال العام 1997 ودخوله في بورصة فرانكفورت في أكتوبر/ تشرين الأوّل 2000 من دون أي مردود مالي عليه، ما دفع في نهاية المطاف برئيسه الدكتور غيرد نييباوم إلى الاستقالة في أكتوبر 2004 وبالتالي إلى بيع ملعبه «فيشتفالن شتاديون».

«لم تقع على عاتقي يوماً مسؤولية بهذا الحجم»، هذا ما قاله الرئيس الجديد حينها راينهارد راوبال بعد استلامه منصبه خلفاً لنييباوم.

وأضاف المحامي، الذي أنقذ دورتموند أيضاً في أزمة الثمانينيات وحتى في تلك التي سبقتها في السبعينيات حين هبط في 1972 إلى الدرجة الثانية، إذ أمضى 4 مواسم، «عندما قمت سابقاً بإنقاذ الفريق، لم يكن الوضع سهلاً، لكن كان بالإمكان إيجاد حلول لمجموع الأموال التي كانت متوجبة علينا. لكن الوضع (في الأزمة الثالثة) شكل تجربة مختلفة كثيراً نظراً للمبلغ الهائل الذي كان ديناً عليه».

كما يتذكّر فاتسكه الأيام التي تبعت الرابع عشر من مارس/ آذار 2005 حين اضطر القيّمون على النادي إلى القيام بحملة لإقناع المساهمين الـ5800 وعدة مصارف دائنة والاتّحاد الألماني لكرة القدم بأن الفريق يملك مستقبلاً مالياً واعداً.

«كانت فوضة عارمة بكلّ ما للكلمة من معنى، ليس بالإمكان أن يكون الوضع أسوأ مما كان عليه قبل 8 أعوام»، هذا ما أضافه فاتسكه عن أيامه الأولى في منصب المدير التنفيذي في فبراير/ شباط 2005.

وتابع «بعد يومين على استلامي مهمتي، كان علينا أن نعلم البورصة بوضعنا، وإلا كنّا سنخالف قانون التأخّر في شغل الإعسار. لو لم نحصل على التوقيع على حزمة التمويل، فذلك كان يعني تسجيل النادي على انه مفلس وبالتالي سينتقل للعب في دوري الهواة».

وواصل «بقي الدائنون على عتبة أبوابنا حتى سبتمبر/ أيلول 2006، كنّا تحت حكمهم. لو ضربت الأزمة الاقتصادية ألمانيا قبل العام 2008، فمن المؤكّد أن الكرة الاحترافية لن تكون موجودة في بوروسيا حالياً».

واضطر لاعبو دورتموند إلى الاقتطاع من رواتبهم بنسبة 20 في المئة، ثمّ لجأ النادي بعد تجنّبه الإفلاس إلى التخلّي عن اللاعبين الذين يتقاضون أموالاً طائلة ووقّع مع لاعبين شبان جدد وتبنى فلسفة مختلفة ساهمت لاحقاً في تخطّي النتائج السيئة التي حقّقها بين 2006 و2008، والعودة إلى دائرة الصراع مع مدرّب جديد هو يورغن كلوب، الذي انضمّ إليه في يوليو/ تموز 2008 بعد أن صعد بماينتس إلى الدرجة الأولى العام 2004 وأبقاه بين الكبار لثلاثة مواسم على رغم إمكاناته المتواضعة.

وأثمرت فلسفة الاعتماد على الشبان وعلى كلوب وتمكّن دورتموند من إحراز لقب الدوري مجدّداً العام 2011 للمرّة الأولى منذ 2002 ثمّ احتفظ به في الموسم التالي وأحرز أيضاً الكأس الألمانية في 2012، وصولاً إلى بلوغ نهائي دوري الأبطال للمرّة الثانية فقط في تاريخه بعد أن تخلّص في نصف النهائي من العملاق الإسباني ريال مدريد حامل الرقم القياسي بعدد الألقاب (9)، وتبقى أمامه عقبة غريمه بايرن، الذي جرّده من لقبي الدوري والكأس (أخرجه من رُبع النهائي).

العدد 3912 - الخميس 23 مايو 2013م الموافق 13 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً