العدد 3913 - الجمعة 24 مايو 2013م الموافق 14 رجب 1434هـ

أجمل صورتين لبحرين المستقبل

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كثيرة هي الصور التي تملأ فضاء شوارع بلادنا منذ أكثر من عامين، وجُلّها صور لا تسر الخاطر، وأكثرها مأساوية هو منظر دماء تسيل من مواطنين هنا وهناك بسبب الأحداث الجارية هنا وليس هناك. ولهذا كم من الصور، الحقيقية أو المفبركة، مسحناها بحركة (Delete) من الجهاز المتحرك أو الثابت ونحن نبحث طويلاً عن صور متفائلة وحقيقية من الواقع وليس من الخيال، لبحرين لم نعد نراها مؤخراً في أعين الصغار قبل الكبار.

إلى أن رسمت الحكمة الإلهية صورتين حديثتين جداً لم تبرد بعد حرارة طبعهما من الجهاز البشري؛ تلكما الصورتان التقطتا يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين. وبما أننا لا نذكر عادةً الأسماء في معظم ما نكتب لأننا نؤمن بأن الحدث لا يصنعه شخص بمفرده دون بقية البشر من حوله مهما عظم اسمه؛ إلا أنه أمام هاتين الصورتين نجد أنفسنا مضطرين لذكر الأسماء تحديداً.

كلتا الصورتين جميلتان بكل بساطة الكلمة، فالأولى أسقطت هوجة المطبلين في زفة الطائفية ورسمت الصورة الحقيقية للبحرين التي نؤكّد مراراً بأنها بلا طائفية ممقوتة أساساً في نسيجها الأصيل لولا تغريداتها النشاز بأصوات «غربانها المهاجرة». تلك الصورة التي جمعت في إطارها الإنساني النبيل كلاً من المواطن المفرج عنه مؤقتاً عبدالوهاب حسين لحضور مراسيم تشييع وفاتحة والدته المتوفاة، والمواطن النائب أسامة التميمي وهو يستقبل عبدالوهاب عند بوابة السجن، بعد الإفراج المؤقت، ويصطحبه بفرحٍ غامر لبيته في منطقة النويدرات.

ثم يتبع تلك الصورة بأخرى من نفس النسيج الوطني الوحدوي واللحمة البحرينية الأصيلة التي ندعو لانتشارها منذ أطبقت الغيوم السوداء على سماء الوطن ومنعت شمس المحبة من الشروق إلا لماماً. فجاءت نسخة الصورة ونفس النائب التميمي يقف بجانب ابن حسين ومعهم شيوخ وعلماء ومواطنون أجلاء في مقبرة النويدرات لصلاة الجنازة على المتوفاة، ثم يقوم ومعه جمعٌ من أهل طائفته أيضاَ بتقديم واجب العزاء لابن حسين بقلوب متحسرة وعيون دامعة بصدق، فما أروعها من صورة معبرة بحقٍ عن بحرين المستقبل تحتاج إلى فنان تشكيلي وطني يُصيغها بريشته ومشاعره.

أما الصورة الثانية، فقد التقطت من داخل السيارة التي أقلت كلاً من الأمين العام لجمعية «الوفاق» على سلمان وعبدالوهاب حسين أيضاً بعد فراقٍ طويلٍ بينهما بسبب الأحداث الأخيرة المؤلمة للجميع. الصورة تجمع الاثنين في عناق طويل ومؤثر، وترسم صورة أخرى لبلدٍ بعيدٍ عن التحزبات ومناكفة السياسة التي قال عنها أحد الحكماء: «قاتل الله السياسة»، بل نقول بالقول المضاف لهذه الصورة وهو «قاتل الله السياسة إذا كانت تفرق بين أبناء الوطن الواحد والمصير الواحد والهدف المشترك». فما أروعها من صورة أخرى صادقة لبحرين المستقبل.

وبعد، أفيدوني بالله عليكم يا أهل بلادي الأصلاء والشرفاء في كل مكان، من ذا الذي يزعجه مثل هذه الصور الرائعة التي تشعرنا بالاطمئنان الكبير لمستقبل هذه الأرض ومن يعيش عليها؟ بلا طائفية ولا تحزبات، ولا قبلية ولا عشائرية، ولا صراعات سياسية ولا مذهبية. أليست رائعةً مثل هذه الأرض وهذا الوطن؟ ألا نستطيع أن نجعل من البحرين فعلاً بلد التعايش الصحي مذهبياً وسياسياً، لنكون يداً واحدة وبهدف واحد نحو تحقيق كل المطالب التي ستكون في صالح الجميع حتماً.

أعرف أن هناك من المتشائمين من سيقول: «كفاية أحلام فما على أرض الواقع لا يبشّر بما تقول»، وأعلم بأن هناك من لا يعجبه مثل هذه الصور الجميلة لبحرين الغد، وهم المنافقون والمتصيدون في الماء العكر، لأن الماء النظيف يؤذي أجسادهم التي تعودت على النتانة حتى ألفتها كجزء من كيانها ودمها ومشاعرها، إن كانت لها مشاعر حقيقية، فلا تستطيع أن تعيش خارجها وإلا ستموت. وأعلم بأن الوصوليين ضعاف النفوس والعقول والمؤهلات، الذين استفادوا من سوء الأوضاع طوال الأشهر الماضية تزعجهم مثل هذه الصور، وأعلم بأن خفافيش الليل والنهار تُعشي أبصارهم مثل هذه الصور البحرينية الأصيلة؛ لكن الوقوف صفاً واحداً باتساع أُطر هذه الصور هو ما سيهزم كل أولئك المنتفعين مرحلياً مما حدث، ويصفّي أجواء الصورة الحقيقية ويمحي كل سواد مصطنع في صورة البحرين الجميلة الأصيلة التي ستملأ بيوتنا وأزقتنا وشوارعنا وأسواقنا بدل الصور الزائفة والمصنعة حالياً. فهل أنتم مستعدون لالتقاط الصورة التالية؟

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3913 - الجمعة 24 مايو 2013م الموافق 14 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 8:01 ص

      التابوت وكهنة مصر وفرعونها

      كهنة فرعون مصر أوصلت الفرعون الي البحر ومات غرقاً، كما أغرق تجار بريطانيون (إنجليز) إمبراطورية العثمانيون فأغرقوها بالديون وماتت من الافلاس. أما اليوم فصورة البحرين غدا لا تبدو مفلسه ولا بحر لكن لدينا خليج.

    • زائر 2 | 12:01 ص

      ارتفع الاصوات فذهبت لغرفة ابني مستوضحا

      ارتفعت الاصوت انزعجت ذهبت لمصدر الصوت واذا بها تصدر من غرفة ابني فتحت الباب دون استئذان فجأة واذا هو و ربعه في حماس نسوا انهم في بيت وليس في مقهى كانوا خمسة اثنان سنة و الباقين بمن فيهم ابني شيعة يشجعون مباراة تنقل مباشرة و الشيء الجميل ان تأييد الفريقين الاجنبيين لم يكن وفق تقسيم طائفي

    • زائر 1 | 11:20 م

      من البر

      ربي يصلح البلد ويحمي اهلها كلهم ويجمعهم علي قلب واحد.. قل امين

اقرأ ايضاً