العدد 3925 - الأربعاء 05 يونيو 2013م الموافق 26 رجب 1434هـ

وقفة مع العمال الآسيويين

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

يتركون أوطانهم من أجل توفير حياة كريمة لهم ولعائلاتهم، من غير أن يعرفوا ما قد يصيبهم في البلاد المجهولة التي يذهبون إليها حاملين معهم كومةً من الأحلام، وعالماً من التصورات والخيال.

يذهبون إلى البلدان المختلفة عمالاً في الغربة، الهدف من ورائها تغيير حالهم وذويهم من حال العوز إلى الاكتفاء بما تيسّر من راتبٍ لا يكفي غيرهم، لكنه يكفيهم الحياة على قارعة المدن والقرى من غير بيت يؤويهم وفرش يحمل أجسادهم في بلدانهم التي اعتادت فراق أبنائها.

في غربتهم هذه لا ينفعون أنفسهم وذويهم فقط، لكنهم الوحيدون القادرون على تلبية ما يحتاج إليه غيرهم في الدولة التي يقصدونها من مهام صعبة لا يروق للكثيرين القيام بها مهما كان الثمن الذي قد يحصلون عليه في المقابل.

عمالٌ اعتادوا معاملة الآخرين السيئة لهم في غربتهم، واعتادوا إهمال مشاعرهم، وشتمهم والتعالي عليهم، حتى إذا ما صادفوا من يعاملهم بلطف – وهم في ازدياد- فوجئوا بتلك المعاملة وتمنّوا لو أن هذا الشخص لا يبتعد، فيصرّحون أحياناً بضيقهم مما يعانون وغالباً يكتمون ما يواجههم ولا يجدون من يتحدثون إليه، ولكن الغصة تبقى حبيسة القلوب لأنهم في النهاية بشر.

ولأنهم كذلك، نجد فئةً من المواطنين تحاول جاهدةً مع اقتراب كل صيف أن تذكّر دائماً بحقوق هؤلاء البشر على الآخرين، وذلك من خلال نشر دعوات لبعض الأفكار التي تهون عليهم شعورهم بالحر والتعب عن طريق وسائل الاتصال الحديث تارةً، وعن طريق إنتاج الأفلام القصيرة التي تذكّر بأهميتهم، أو النشر في وسائل الإعلام تارةً أخرى، فيما تقوم فئةٌ ليست بالقليلة بجهودٍ كبيرةٍ فرديةٍ لا نسمع بها ولكن نراها أحياناً ونحن في السيارة ذاهبين إلى أماكن عملنا صباحاً أو عائدين منها ظهراً، إذ كثيراً ما نشعر بالراحة وترتسم الابتسامة على وجوهنا لا شعورياً حين نجد نافذة السيارة القريبة منا تُفْتَح وتمتد يد السائق أو أحد مرافقيه إلى الخارج لينادي العامل كي يقترب منه ويعطيه الماء أو المشروب البارد، أو ليعطيه مبلغاً من المال يبدو له زهيداً، ولكنه كثيرٌ بالنسبة للعامل الذي فرح به وشعر بالسعادة الغامرة بلطف الشخص قبل المال.

هؤلاء العمال هم الذين يربّون الشعور بالإنسانية في دواخلنا، عندما نشعر بضعفهم وحاجتهم حتى للابتسامة التي تشعرهم بالتفاتتنا إليهم، وهم الذين يشعرونا بالرضا في غمرة تذمّرنا من صعوبة الحياة حين لا يكفينا ما لدينا في حين لا يمتلك غيرنا ربعه، وهم أنفسهم الذين يشعرونا بأن لنا قلوباً نابضة بالحب والتسامح حين لا نسأل عن دين هذا أو عرق ذاك وقت شروعنا بمساعدتهم.

كل هؤلاء العمال الذين يبنون بيوتنا متحملين أوامرنا التي لا تنتهي، ولكل هؤلاء العمال الذين يسهمون في تنظيف وطننا من أوساخ رميناها في غفلة من ضمائرنا، ولكل هؤلاء الذين على عاتقهم مسئولية صيانة الشوارع التي يعانون الكثير كي ينجزوها كي تدوس عليها مركباتنا بأمان، ولكل هؤلاء الذين اعتادوا على الابتعاد دائماً حين نمر بالقرب منهم في خطوةٍ لم نطلبها أبداً ولن نفعل، ولكنها باتت وليدةً للغربة بدواخلهم، لكل هؤلاء نقول: شكراً لكم! شكراً لكم! شكراً لكم!

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3925 - الأربعاء 05 يونيو 2013م الموافق 26 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 2:07 ص

      مسألة العمالة.

      يقول المثل الفرنسي. لو كل واحد نظف امام بيته ما تشوف وسخ الخدم والعمالة تأتي الى دول الخليج نصف هذه العمالة سائبة تم بيعها للشارع من قبل اصحاب بيع التأشيرات ولانحتاجها واما الخدم قبل حضورهم الينا يعرضون عليهم قبل السفر المزايا .السكن التعليم ,الطبخ النظافة , بألأضافة الى راتب شهري لأن 80% منهم جهلة بهذه ألأمور ويأخذون منهم مبالغ ضخمة لكي يدخلوا الى مدارس الخليج وبعد تلقينهم هذه الدروس يتنقلون من دولة الى أخرى .

    • زائر 9 | 8:12 ص

      ما هذا!!!

      سوسنة الماء ما هذا الكلام الالهي هل انا اقرا قرانا..يالله كلام لا يسطره بشر ارجو الرافة بعقولنا ...والى الامام انها الحضارة اوحيت الينا بهذا المقال...شكرا لكم شكرا لكم
      وارجو ان يكون لديهم خبز وماء....

    • زائر 6 | 5:26 ص

      البحث مواضع خلل في المجتمع من مؤشرات الوعي في ها المجتمع

      مكتب يد عامله يعني إستيراد أو تصدير وإستقدام عبيد وعبدات ليعملوا بدلا عن أرباب الشقق وأرباب المنازل والبيوت .. وزارة العمل ربحانه ومكتب الاستقدام ربحان والعامل مو ربحان. من ربحان في ها التجاره؟ لا تقول الشيطان الشيطان ما اله دخل.. مسكين طلع منها الشيطان مغير نخج ولا حمص. موعدل؟
      وشكر جزيل لكل كتاب هالأعمده في ما الوسط لمعمود الكاتبه لموضوع اليوم بعد..

    • زائر 5 | 4:43 ص

      مساكين مهاجرين لكن ميندره للعمل أوفر تايم أو غيره

      ليست من أسرار المنازل ولا أسرار ربات البيوت وبعض النسوان ما عندهم شغالات بس الأكثريه مو ناقصين.المنازل مالينها شغالات أو بعضهم إمسمينهم خدامات ومكاتي إستقدام خدم ومتاجره بها البشر وأله ما امر لكن نهى. والائمه عليهم أفضل الصلاه بعد ما صره أقلقوا سراح موا الحمام الزاجل بس كانوا يطلقوا سراح الناس لكون الاستعباد مو عدل. صحيح أو موعدل الذي قاعد أيسوونه في المستضفين؟؟

    • زائر 8 زائر 5 | 6:53 ص

      دفاع الاخ عن أخيه

      دفاع المواطن عن المواطن أوجب من الدفاع عن الأجنبي الأجانب أغلبهم أصحاب مصالح همهم جمع المال ومصالحهم ليس مهم أن يكون أمين وصادق وحريص على مصالح كفيله بل المهم أن يشبع طنه ولو بالحرام وليس المهم أن يرد الجميل إلى كفيله .

    • زائر 4 | 4:37 ص

      كل واحد يقول أنه رب عمل وصارت ها الديره ملوك وسلاطين وأرباب بعد

      كوليه كان قبل سموهم بدون سم بس شغلوهم كرف من الصبح حتى المساء. بأربع آنات في الجبل. اليوم الناس إترسملت صاروا مثل الانجليز أرباب عمل. والأسيوي يقول ـم أرباب. يعني مو زادت الخرده في المخبه من عرق ها الفقاره. وجمع وجمع ماله وعدده. بس حق الاسيويه والاسيويات و..و.. تجارة عبيد كانت عن قريش اليوم في البحرين عاديه. وهذا شهر عجب عفوا أو شهر رجب. الناس غيرت الاسم ويفتح بس سجل ويجيب له كم عامل ويفلتهم في ها السوق ويقول ليهم نهاية الشهر لا زم تجيب كم دينار. أليسنا في زمن عبيد وإستعباد وما في إستبعاد؟

    • زائر 3 | 3:09 ص

      سلمت اناملك سوسنة

      كما عهدناك ، قلب رحيم نابض بالحب لجميع من حواليك ، سلمت أنامل الرحمة التي صاغت هذا المقال العبق بروح من الرحمة والمودة لجميع البشر .

    • زائر 2 | 12:44 ص

      15

      نشكرك ع هذه اللفتة لهذا العامل.. هذه العمالة تعطينا الكثير من الدروس من خلال صبرها ومحاولها تعلم كل شي والتجربة فيه والحفر في الصخر من أجله والغربة والتوفير المعتدل فكثير منهم كونوا لهم ثروات كبيرة في بلدانهم الأصلية.. إنهم يستحقوق منا المعاملة الطيبة والتقدير المناسب و أن نعتبر بهم فهم كونوا أنفسهم من لاشي ونحن كل شي بيدنا ولا نرفع اقتصادنا واقتصاد وطننا مع أن الطاقة تفور من تحت أرجلنا..شكرا لك

    • زائر 1 | 10:21 م

      ثقافة عامة

      شكرا لتعابيرك الإنسانية. لو تعلمين كم نلاقى من الإهانات و نحن نعمل فى الشوارع، لكنت تكتبين لنا حزينية. نضع كافة الإشارات لتخفيف السرعة و لا يعتبرها السواق. بينما مخالفتها جريمة كبرى فى الدول المتطورة. كل ما يفعله المواطنون هى رمى القاذورات و البصاق على الشارع. التصرف فى المناطق العامة و التعامل مع العمال الذين وصفتيهم هى ثقافة عامة و لا يمكن تغييرها بكتابة مقال. أتمنى أن يخرجوا كل العمال الأجانب و يضطر المواطنون القيام بأعمالهم بأنفسهم أو يعيشوا فى الوساخة حتى يقدروا عمل هؤلاء المساكين.

اقرأ ايضاً