كريستينا بيغوراروا من أهم العازفات الإيطاليات، لها لمستها الخاصة في التعامل مع مفاتيح البيانو. في الأمسية التي أحيتها بقاعة الفنون التابعة لمتحف البحرين الوطني، وتحت رعاية كل من قطاع الثقافة والسفارة الإيطالية لدى البحرين، كانت كريستينا تحمل الحضور إلى أطراف الجنة، وتلقي بهم واحدا واحدا، كأنها تدرب نفسها على الرقص فقط.

تخرجت مع مرتبة الشرف من المعهد الموسيقي بإيطاليا عندما كانت تبلغ 16 عاماً، أكملت دراستها في فيينا وفي سالسبورغ بالنمسا وهي مدينة الموسيقار الشهير موزارت، ومدينة برلين الألمانية، وأنهت دراستها في مدينة نيويورك من معهد مانهاتن للموسيقى. في السنوات الأخيرة عملت مع منظمات السلام العالمية مثل اليونيسيف، ومنظمة العفو الدولية ضمن برامج الغذاء، وهي تؤمن بأن الموسيقى لغة كونية، يمكنها جلب السلام إلى العالم.

بدأت أمسيتها بعزف بعض المقطوعات الكلاسيكية، فعزفت مقطوعة "سرنيت" للعازف الشهير شوبيت، وبتهوفن السابعة والخمسين، وكان واضحا مدى تمكنها وإضافاتها كعازفة، بعد ذلك قدمت عملين من كتابتها وتأليفها، هما: عبارة عن موسيقى أرجنتينية معتمدة على التانغو، وقامت بمزجها بموسيقى ذات طابع كوبي. لقد اختارت موسيقى من تراث أميركا اللاتينية مازجة إياها بالموسيقى الكلاسيكية والجاز، ثم جعلت من هذه المقاطع غير المعدة للبيانو جاهزة لأن تكون مقطوعة بيانو بامتياز.

أصابعها مكسيكية خلقها الله على مفاتيح بيانو فوجدت نفسها ترقص، ربما لأن الصورة لا يمكن التعبير عنها إلا بما يليق. كانت هذه الجملة ما بادرني حين تابعت أصابعها وهي تنزل بأناقة على سلالم المفاتيح البيضاء والسوداء، مفترضة أن لكل مقطوعة تعزفها مقدمة، فتحدثت عن مقطوعة الحوارية بين البحر والريح، على أساس كون البحر الرجل، وأن المرأة هي الريح، وخلقت حوارا بينهما بالنغمات التي أتقنت سرد حكايتها. كانت تقف بين المقاطع لتطل على الجمهور، معتبرة أن المنصة التي تفصل بين الجمهور والعازف ستنتهي بعد انتهاء الحفل، وحينها سيكون العازف والجمهور في مكان واحد، مكان يتصل بالأرواح بشكل مباشر. وقبل عزف مقطوعتها الأخيرة طلبت كريستينا من الجمهور لقاءها بعد انتهاء الحفل، لأنها ستقوم بتوقيع أقراص موسيقاها المدمجة، كما ستصافح الجمهور وتقبله?