العدد 1571 - الأحد 24 ديسمبر 2006م الموافق 03 ذي الحجة 1427هـ

تحية الحمرا

(أ‌) أية قصيدة تلك التي تستدعي التاريخ بكل بياضه وسدفته؟ أي نص ذلك الذي يضعك على الحدود القصوى من رصد حاضر وتطلّع الى مستقبل من خلال قسمات تاريخ يبدو أنه ولى، ولكنه في الصميم من اللحظة الراهنة، وفي الصميم من الذهاب الى المستقبل؟. ناصر القحطاني وقراءة مختلفة، ووقوف مختلف على الشواهد من المكان الغابر... المكان الذي ضج بالصهيل والسمو.

على الحمرا السلام وكل حيٍّ يذكر امجاده

وانا تاريخي امجاد وبراهيني مجوّدها

قصيدة شعرنا الشعبي عروس بتاج وقلاده

سفيرة لهجةٍ ظلت على الدنيا قصايدها

على البال ابن زيدون وغراميات ولاّده

وسواليفٍ لابن رشد آتذكّرها واردّدها

ياها القصر العظيم اللي هل التصوير ترتاده

يا تحفه غير اهلها مستحيل احْدٍ يشيّدها

يا تنهيد العجوز وضحكة المولود بمْهاده

يا نفحه عاطره لبْنيّةٍ مازم ناهدها

يا جرحٍ ما على بال الزمان المقفي ضْماده

لفيتك وانت بارضٍ من غلاها ما اتباعدها

على الروضه وقفت ووقفتي ما هي على العاده

ومن باب الشريعه ساحة الريحان قاصدها

مشيت وجيت في بهو الأسُود اتذكّر الساده

والبّي صوت جنّات العريف اللي مواعدها

ألابراج... الدهاليز... الحصون... السقف وعماده

حجا الجدران... نقش اقواسها... مرمر قلايدها

خرير الما على الحوض... الله الله ما اعذب انشاده

صور عشر الرجال تقرّب السجّه وتبعدها

أجي ديوان أبو الحجّاج ما به غير مقعاده

ولا حصّلتْ لك من حاشيتْه الا مساندها

ملَيت الكف بترابٍ شرد ذهني مع اسياده

وتلّتْ دمعتي تنهيدةٍ كنت آتنهدها

انا ادري بك حزينٍ يعربيٍ طوّل حْداده

على خير امةٍ صفحاتها بيضٍ تساودها

وانا ما جيت سايح... جيتك بمصحف وسجّاده

من حْجاز اكرم الاكرام واشرفها وسيّدها

انا المتغرّب اللي نادته قطعه من بلاده

صويبٍ شاقته حمر القصور وجا يشاهدها

صوابه فيه من غرناطه وفيها من اجداده

رجالٍ كل واحد قوّمْ الدنيا وقعّدها

رجالٍ جغرفوا شعث الفجوج وجات منقاده

رجالٍ غيّروا تاريخ الامصار وعقايدها

رجالٍ ما اشْغَلتْهم عن مناويهم ولا غاده

ولا حتى قصورٍ ماسها يحضن زبرجدها

خذَوها من هنا حتى ورا النهرين وزياده

وساقوا عقربياتٍ صهيل الخيل راعدها

زمنهم كان صعب وكانت الارقاب سدّاده

والانفس تنجلب والحدب تلقى من يجرّدها

لك الله كانت الدنيا لهم ساحات ورياده

متى نتبع خطاويهم وكلمتنا نوحّدها

متى بس نْتصافي والسحاب يدنّ رعّاده

متى احلام الربيع المبتعد نقدر نجسّدها؟

متى... مدري متى... لكن مصير الحق نعتاده

مادام جْباهنا ما فارقت روضة مساجدها

(ب) من يجرؤ على القول إن هذه القصيدة قديمة؟ كل قراءة لها تكشف لك يوما بعد يوم أن النص المتورط في حساسية لحظته وصدقها، يظل يجدّد حضوره مع مرور الزمن وتقادمه. والقحطاني في هذا النص يعيد ترتيب أكثر من وعي، وأكثر من مكان، وأكثر من زمن. هو باختصار يمسك التاريخ من يده، ويجلس معه ببساطة بدوي ويغرقان معا في حوار حتى مطلع الرمل?

العدد 1571 - الأحد 24 ديسمبر 2006م الموافق 03 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً