العدد 424 - الإثنين 03 نوفمبر 2003م الموافق 08 رمضان 1424هـ

ما لم يهتز النظام الإسرائيلي فإن «خريطة الطريق» ستموت

الصحف العبرية بعد تصريحات موفاز:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

صعدت سلطات الاحتلال الإسرائيلية إجراءاتها التعسفية بحق المواطنين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة إذ دأبت على تشديد الإجراءات على الحواجز العسكرية والمعابر خصوصاً عند اقتراب موعد الإفطار الأمر الذي يرغم يومياً آلاف الفلسطينيين على الانتظار لساعات ولما بعد الغروب لعبور الحواجز الإسرائيلية أو الاضطرار إلى المخاطرة بالسير في طرقات ترابية غالبا ما تتحول إلى كمائن دموية ينصبها الجنود الإسرائيليون، بينما لم يزل الجدل الحاد مستمراً في «إسرائيل» بين اليمين الحاكم والمعارضة اليسارية بعد تصريحات رئيس الأركان موشيه يعالون المنتقدة للسياسة الأمنية للحكومة الإسرائيلية، والداعية إلى تخفيف الضغط عن الفلسطينيين تجنباً لـ «كارثة»، التي عكست خلافاً علنياً نادراً بين الضباط الكبار والسياسيين. وعكست الصحف العبرية أجواء المناقشات في «إسرائيل» في المدة الأخيرة بشأن السياسة الرسمية للحكومة حيال الفلسطينيين، مع فشل «إسرائيل» في إنهاء الانتفاضة الفلسطينية المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات.

وأبدى مسئولون إسرائيليون مثل وزيري الخارجية سيلفان شالوم والعدل يوسف ليبيد تأييدهم لآراء يعالون. ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مسئولين مقربين من شالوم قوله إنه يتفق معه في رأيه ولكنه «يتحفظ ازاء الطريقة التي اختارها للتعبير عن موقفه». وقال ليبيد «انه ينضم إلى شالوم في تأييده لموقف يعالون»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه «يجب التخفيف من حدة الضغط الاقتصادي على الفلسطينيين للحيلولة دون حدوث فوضى من أجل منع تنديد دولي لإسرائيل». ولكنه أضاف أنه لم يكن من المفترض أن يدلي يعالون بتصريحات مناهضة لسياسة حكومته بحكم منصبه كرجل عسكري.

وقال وزير التجارة الاسرائيلي ايهود اولمرت ان «رئيس الأركان رجل جدي جداً وموزون جداً، إذا كان يرى ان الوضع في الأراضي المحتلة خطر عليه أن يقول ذلك، ولكن ليس بأساليب الخطابة الطنانة». وجاء تأييد المعارضة الاسرائيلية ممثلة بعميرام ميتسناع - الرئيس السابق لحزب العمل - من دون تحفظ على أسلوب يعالون، إذ دعا «الطبقة السياسية إلى أن تأخذ في الاعتبار هذه التصريحات المهمة». وإذ كررت الصحف الإسرائيلية إشارتها إلى موقف رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الذي جاء غاضباً جداً... ألمح بعض المعلقين الإسرائيليين إلى ان هذا الغضب و«تكبير الحجر» يعود إلى محاولة شارون لصرف أنظار وسائل الاعلام عن التحقيقات الجارية ضده وضد ولديه في قضية سيريل كيرن والجزيرة اليونانية.

واستناداً إلى معلومات «هآرتس»، فإن شارون كان مصمماً على إقالة يعالون ما لم يتراجع عن تصريحاته، التي حمل فيها الحكومة مسئولية استقالة محمود عباس (أبومازن) وحكومته الفلسطينية، بسبب تصلبها وعدم مساعدتها له. لكن شارون اكتفى باستدعاء وزير الدفاع شاؤول موفاز ليعالون وبالتأنيب الذي سمعه، ولم يطالب حتى باعتذار منه. وهذا التراجع من شارون أيضاً عزاه عاموس هاريل في «هآرتس»، إلى إدراك رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى ان إطالة الحديث بشأن اعتذار قائد الأركان أو استقالته لن يؤدي سوى إلى إثارة المزيد من الانتقادات الدولية بشأن سياساته مع الفلسطينيين... وقد تكون افتتاحية «نيويورك تايمز» التي اعتبرت ان تصريحات يعالون «حكيمة» معبرة عن مخاوف شارون. لا سيما ان الأخير خضع وسط هذه الأجواء، لما لا يقل عن 7 ساعات من التحقيق بشأن قضيتين تورط فيهما ولداه أومري وجلعاد.

والقضيتان تدوران حول سوء ائتمان وتمويل غير شرعي من المليونير سيريل كيرن من جنوب إفريقيا، لحملة شارون الانتخابية وتلقيه رشوة من رجل الأعمال الإسرائيلي ديفيد أبـِل، مقابل مساعدته في مشروع سياحي كان ينوي إقامته على جزيرة يونانية. وحمل بعض المعلقين على يعالون، فالنقاش الدائر بشأن تقديم التسهيلات إلى الفلسطينيين، أو التذمر المتأخر بشأن قلة السخاء إزاء «أبومازن» يعتبر النقطة الأقل أهمية في تصريحات يعالون، وخصوصاً أن الجيش كان شريكاً كاملاً في تلك السياسة، بما في ذلك سياسة الاغتيالات التي ادعى الجهاز العسكري انها تعزز مكانة «أبومازن»، فكان أن أسقطته. هذه وجهة نظر عوفر شيلح في «يديعوت أحرونوت»... وفي هذا السياق، سأل ألوف بن في «هآرتس»، كيف ان يعالون، الذي يقود منذ فترة طويلة الحملة ضد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، يعلن أمام الصحافيين والمراسلين ان المقاربة الإسرائيلية لمصير عرفات، كانت خاطئة. وعزا بن، ذلك، إلى ان الجيش الإسرائيلي، يبحث عن مخرج استراتيجي من الأراضي الفلسطينية. وانه تحت الضغط المستمر عليه والناتج عن ارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة ومقتل ستة جنود إسرائيليين في نتزاريم وعين يبرود، حاول يعالون، رفع المسئولية عنه وإلقائها على وزير الدفاع وجهاز «الشاباك»، قبل أن تتفجر الفوضى في الأراضي الفلسطينية ويلقي السياسيون اللوم على القوات الإسرائيلية. لكن زئيف شيف في «هآرتس»، تناول سياسة ذر الرماد في العيون التي يتبعها ارييل شارون، وإلى جانبه عدد كبير من الصحافيين الإسرائيليين. وأوضح ان شارون، يعلن كلما توافرت له المناسبة ان الفرصة سانحة لاستئناف محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل تحقيق تسوية للنزاع بين الطرفين.

أما الصحافيون الإسرائيليون فوصفهم شيف، بالمتواطئين مع شارون، متسائلاً بسخرية، كم من مرة وعدوا فيها قراءهم أو مستمعيهم بأن تطوراً سياسياً في طريقه إلى «إسرائيل»، لأن مصدراً أخبرهم ان رئيس الوزراء الفلسطيني السابق محمود عباس، قد تحدث إلى شارون، عبر الهاتف أو ان وزير الدولة السابق لشئون الأمن الفلسطيني محمد دحلان، قد شرب القهوة مع وزير الدفاع شاؤول موفاز؟ وأكد شيف، في هذا السياق ان نشر الشائعات والأوهام بين الإسرائيليين تشق طريقها بسهولة بينما الحقيقة ان ما من شيء جدي يحصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين على المستوى السياسي. وأكد ان أموراً أخرى تحصل بين الطرفين أهمها ترسيخ الاحتلال للأراضي الفلسطينية وهو ما يظهر بوضوح في الحقائق الجديدة التي تفرضها الدولة العبرية في تلك الأراضي وأهمها بناء مئات الوحدات السكنية الجديدة في الأراضي الفلسطينية والتخطيط لتوسيع بناء الجدار الفاصل نحو الشرق بحيث يحتجز الفلسطينيين داخل جيب محصن على حد تعبيره. ولاحظ شيف، ان الجيش الإسرائيلي يشعر بالفراغ الاستراتيجي لأن ما من سبيل لتحقيق إنجاز عسكري في حال لم تعرض الحكومة اقتراحات ملموسة في هذا الصدد.

وتابع انه كلما اتسع هذا الفراغ كلما حاول قادة الجيش (في إشارة واضحة إلى قائد الأركان موشيه يعالون) العودة إلى تصريحاتهم القديمة بشأن الحاجة إلى تخفيف الضغوط على الفلسطينيين غير ان هذه التصريحات تتبخر بسرعة لأن ما من عملية سياسية واضحة قد تحتويها. واختتم مقالته بالقول انه ما لم يهتز النظام الإسرائيلي بكامله فإن «خريطة الطريق» ستموت وستعود «إسرائيل» إلى الاحتلال العسكري الكامل وإلى إعادة إحلال الحكومة العسكرية.

وفعلاً، فإن تسريبات بشأن لقاءات فلسطينية إسرائيلية مصدر بعضها مكتب شارون وأخرى تكفل بها مكتب وزير الدفاع شاؤول موفاز. كما أبرزت الصحف العبرية ان رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون، أعلن في المنتدى الاقتصادي في تل أبيب، انه مستعد للتفاوض مع رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع، عندما يكون هذا الأخير حاضراً للقيام بذلك. وأضاف شارون، ان غياب الحوار على مستوى القيادات الفلسطينية والإسرائيلية يعود إلى تردد الفلسطينيين. وكشف شارون، عن وجود حوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولكن ليس على مستوى رئاسة الوزراء. فيما نقلت «هآرتس»، في خبر افتتاحي عن مصدر أمني إسرائيلي ان موفاز، سيلتقي بشخصية فلسطينية بارزة خلال الأسبوع المقبل قبل زيارته لواشنطن في التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.

وأوضح المصدر ان اللقاء يهدف إلى إفساح المجال أمام تقارب بين الدولة العبرية ورئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع. وأضاف المصدر ان موفاز، قرر الاستفادة من الدروس التي تلقاها في الجولة السابقة من الاتصالات مع رئيس الوزراء الفلسطيني السابق محمود عباس (أبومازن) ولاسيما في ما يتعلق بمطالبة «إسرائيل» المستمرة للفلسطينيين بعمل ما ضد «الإرهاب».

وتناولت «هآرتس» في افتتاحيتها تصريحات رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي موشيه يعالون، أمام مراسلي ثلاثة صحف إسرائيلية بارزة. مشيرة إلى قلق رئيس الأركان من غياب الأمل السياسي عند الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية. وأوضحت الصحيفة العبرية ان يعالون، يشعر بالقلق لأن الفلسطينيين يعيشون تحت ضغط دائم من الممكن أن يتفجر في أي وقت ويؤدي إلى إلحاق ضرر بأمن الإسرائيليين. وأكدت الصحيفة العبرية، ان رئيس الوزراء الإسرائيلي يشارك يعالون المخاوف نفسها، وهذا يظهر في تصريحاته العلنية وفي توصياته إلى الجيش الإسرائيلي بالمساعدة على تحسين الوضع الاجتماعي للفلسطينيين كي لا يقعوا ضحية الإحباط الذي يؤدي بهم إلى القيام بعمليات «انتحارية» ضد الإسرائيليين. غير انها لاحظت انه حين قرر يعالون، ترجمة مخاوفه أفعالاً، لاقى معارضة وزير الدفاع شاؤول موفاز. والنتيجة كانت عدم تطبيق سياسة رئيس الوزراء في الوقت الذي يتعرض فيه الجيش الإسرائيلي لهجمات على يد الفلسطينيين في إشارة إلى حادث عين يبرود ونتزاريم.

ولذلك، تقول «هآرتس»، ان قائد الأركان شعر ان من واجبه أن يعمل على تغيير الوضع فكان منه أن قال ما قال. هذا وقد اعتبرت الصحيفة العبرية، ان تصريحات يعالون، أثارت خلافاً قديماً بشأن ما هو مسموح وما هو ممنوع في العلاقات بين المستويين السياسي والعسكري في «إسرائيل». وفي إشارة منها إلى موقف الطبقة الحاكمة من تصريحات يعالون، أوردت الصحيفة العبرية، ما جاء في التعليقات على أقوال رئيس الأركان من انه تخطى الخطوط الحمر في استعماله صلاحياته وأن من حق شارون، أن يغضب إلى حد الربط بين بقاء يعالون في منصبه واعتراف قائد الأركان بخطئه. وفي نهاية افتتاحيتها، حددت «هآرتس»، موقفها من المسألة. فرأت انه بدلاً من التركيز على أسلوب يعالون، لابد من الاهتمام أكثر ما يكون بمضمون تصريحات رئيس الأركان ومخاوفه وذلك من أجل منع «إسرائيل» من ارتكاب الحماقات واتخاذ خطوات من شأنها أن تسيء إلى عملية تحقيق الأمن والسلام.

من جهة أخرى، اعتبرت «نيويورك تايمز»، ان تصريحات يعالون حكيمة جداً لا سيما انه اعتبر ان السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية تؤثر سلباً على مصالح «إسرائيل» الاستراتيجية... وذكّرت في افتتاحية تحت عنوان «محاولات جديدة للسلام في الشرق الأوسط» بوجود وثيقتين وضعتها شخصيات إسرائيلية وفلسطينية بشأن طرق إحلال السلام في الشرق الأوسط وهي إعلان المبادئ لحل الدولتين الذي وضعه الرئيس السابق لجهاز «شين بت» الإسرائيلي عامي أيالون، ورئيس جامعة فلسطينية يدعى ساري نسيبة (مسئول ملف القدس في منظمة التحرير) ووقعه مئة ألف إسرائيلي وسبعون ألف فلسطيني. وأوضحت ان الوثيقة تنص على اعتراف الفلسطينيين بـ «إسرائيل» كدولة لليهود وعلى تقسيم سيادة القدس بين الفلسطينيين والإسرائيليين وعلى إلغاء حق عودة الفلسطينيين إلى «إسرائيل». أما الوثيقة الثانية فهي «اتفاقية جنيف» التي وضعتها شخصيات بارزة فلسطينية وإسرائيلية من بينهم وزراء سابقون وتنص على اعتراف الفلسطينيين بـ «إسرائيل» كدولة لليهود كما تتضمن حلاً معقولاً لقضية اللاجئين ومسألة القدس.

وبعد التعريف بالوثيقتين طالبت الصحيفة الأميركية بدعمهما لأنهما تعكسان حقيقة تبعث على الأمل وعلى الرعب في آن معاً. وأوضحت ان هذه الحقيقة تفيد بأن غالبية الإسرائيليين والفلسطينيين تدعم الحل الذي تنص عليه الوثيقتان، غير ان القيادة اللازمة لتحقيق ذلك الحل مفقودة في القدس ورام الله وواشنطن. وفي هذا السياق ذكّرت «نيويورك تايمز»، ان الرئيس بوش، وضع في مؤتمر صحافي أجراه أخيراً، اللوم على الفلسطينيين دون غيرهم على الفشل في تحقيق السلام، لأنهم لم يكافحوا «الإرهاب». وعلّقت الصحيفة الأميركية على ذلك بالقول انه صحيح ان الفلسطينيين لم يتخذوا أية إجراءات ملموسة لمكافحة «الإرهاب» إلاّ ان الرئيس لم يقل أي شيء بخصوص السياسة الاستيطانية الإسرائيلية والتكتيكات العدوانية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأشادت في هذا السياق بما أعلنه رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي موشيه يعالون، ووصفت تصريحاته بأنها حكيمة جداً لا سيما انه اعتبر ان السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية تؤثر سلباً على مصالح «إسرائيل» الاستراتيجية. وتابعت الصحيفة الأميركية ان الرئيس بوش، يدعم حل الدولتين ولكنه لم يقم بالكثير من أجل تنفيذه. في الوقت الذي يبرز رأي يقول ان الزمن قد ولى لقيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية وانه ما من خيار سوى اللجوء إلى حل الدولة الواحدة.

واعتبرت «نيويورك تايمز»، ان هذا الحل يهدد بالقضاء على دولة «إسرائيل»، وأوضحت ان الذين يدعمون هذا الرأي يستندون في ذلك إلى حقيقة تفيد بأن المستوطنات الإسرائيلية تتضاعف في المناطق المحتلة بشكل يجعل من الصعب الفصل بين الشعبين وبالتالي إقامة دولتين. وختمت الصحيفة الأميركية افتتاحيتها بالقول انه من هذا المنطلق يجب قرع جرس الإنذار لدعم مبادرات السلام التي انبثقت في الأيام الأخيرة لأنها تؤكد ان ثمة عناصر على الجانبين يفكرون بجدية في خطة لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين?

العدد 424 - الإثنين 03 نوفمبر 2003م الموافق 08 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً