العدد 3930 - الإثنين 10 يونيو 2013م الموافق 01 شعبان 1434هـ

هل ستكون هناك حماسة في التصويت؟

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وقف اثنان من الشباب الإيراني عند حافة الرصيف في مدينة مشهد وهما ينظران لشاحنة كبيرة محملة بشحنة بقايا هدم المباني تحاول جاهدة عبور شارع ضيق لتنفذ منه إلى الشارع العام. فتراهن الشابان على الموقف، فقال أحدهما انها ستتمكن بخبرة سائقها أن تعبر الشارع، بينما عاكسه الآخر في الرأي بأنها وإن نجحت في عبوره فلن يكون دون خسائر إما بتدمير جزء من الممر الضيق أو بخدوش واضحة في الشاحنة.

هذا جزء بسيط من مشهد التفكير في الشارع الإيراني قُبيل انتخابات الرئاسة في 14 يونيو/ حزيران الجاري، حيث لا يمكن أن يدعي أحد الفهم الكلي للسياسة الإيرانية الداخلية والخارجية ولا حتى الإيرانيين أنفسهم، ماعدا بعض رموز السلطة الممسكة بتلابيب الحكم منذ وفاة مفجر الثورة الإمام الخميني. لذا غالباً ما تأتي تحليلاتنا ورؤانا الصحافية بناءً على ما نقرأه ونسمعه من تصريحات لمسئولين إيرانيين أو أعداء الجمهورية هنا وهناك. أما عن هنا، فيلاحظ وجود تكتم شديد داخل إيران ومن قبل وسائل الاعلام الرسمية على كل شيء، وكذلك تكتم على المواطن نفسه سواء الذي سيصوت في الانتخابات القادمة الرئاسية أو البلدية أو الذي يرفض المشاركة بها.

فالتقنية الحديثة غير متوافرة للجميع في الفترة التي تسبق الانتخابات والتي تليها مباشرة، ولا صحف منتشرة في جميع ربوع البلاد وخصوصاً تلك المحسوبة على المعارضة، لدرجة أن مدينة كبيرة وحيوية سياحياً واقتصادياً مثل مشهد لا تجد فيها صُحفاً بكثرة في الطرقات والمتاجر أو المكتبات بقدر ما تجد الكتب الدينية والحلويات المشهدية والزعفران بألوانه وأصنافه، وقطع السجاد الإيراني الفاخر المنتشر حتى في الحرم الرضوي.

لكن هذا لا يعني أن المشهد الإيراني قبل موعد الانتخابات التي يترقبها الغرب أكثر من الداخل الإيراني الذي يبدو أنه حسم خياراته، بقناعة أو من دونها، نحو أشخاص معينين؛ هو مشهد مظلم وسوداوي. فأهم ما يميز الفترة قبيل الانتخابات مع انتشار صور وملصقات المرشحين الثمانية معارضين أو مؤيدين للنظام، وبدء توزيع الدعايات الانتخابية، حتى على زوار المناطق الدينية؛ هو ترك مساحات إعلانية غير مباشرة في القنوات المحلية الرسمية للدعاية لهم. أولاً باستضافة كل مرشح منفرداً في برنامج خاص لطرح برنامجه الانتخابي ورؤيته في جميع المجالات وأهمها الملف النووي والموقف من الولايات المتحدة والغرب عموماً، وثانياً عن طريق أسئلة توجه للمرشحين الثمانية في الاستوديو بحيث يجيب كل مرشح على السؤال نفسه بطريقته ووفقاً لرؤيته.

وكان أهم ما طرحه سعيد جليلي، من بين المرشحين الأوفر حظاً، أنه بالإمكان التوصل إلى التقدم والعدالة في إطار خطاب الثورة، وأن سياسة إزالة التوتر التي يروج لها البعض ليست إلا تقديم تنازلات للأعداء، مضيفاً أن سياسته الخارجية ستعتمد على إزالة التهديدات للبلاد.

ومن ضمن تلك التهديدات التي يخشى عليها في الداخل بتحريك من الغرب هو تكرار ما حدث في انتخابات 2009، حيث الخشية من حدوث اضطرابات وشغب في الشارع، عندما نزل الإصلاحيون للتظاهر اعتراضاً على إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، وقد اتخذ لتفادي ذلك تدابير وقائية لمنع حدوث أي خرق، منها خطة أمنية لإغلاق الحدود عشية الانتخابات، وأثناء عملية الاقتراع. كما أعلنت قوى الأمن الداخلي أن نحو 300 ألف من عناصرها سيوفّرون الحماية لنحو 67 ألف مركز اقتراع، خلال الانتخابات في المدن والبلدات، وسيخصص في كل مركز نحو 3 إلى 4 عناصر من قوى الأمن الداخلي.

وسيقوم 50 ألفاً من أفراد قوى الأمن الداخلي بالمهمات الموكلة إليهم في الأقسام المساندة لإجراء الانتخابات. كما أن هناك أخباراً تشير إلى أن أفراداً من قوة (الباسيج) المعروفة، سيشرفون على اللجان الانتخابية.

وقد بدأ المسئولون الإيرانيون في أعلى رأس الهرم الحاكم، الدينيين بشكل أكثر من غيرهم، يطلقون تصريحات بشأن ضرورة إقامة انتخابات بشكل حماسي من خلال مشاركة عامة الشعب، وعلى وعي وبصيرة الشعب في تشخيص مرشحي انتخابات الرئاسة، معتبرين مستوى الوعي السياسي للشعب الإيراني أعلى من المعدل العالمي. كما يفضل أن تكون تصريحات المرشحين واقعية وموثقة ومستندة إلى المعلومات الصحيحة.

وترسم تصريحات أربعة من المرشحين صورة مهمة للمستقبل السياسي لإيران في الأربع سنوات القادمة يجدر التوقف أمامها. فالمرشح الرئاسي المستقل محسن رضائي أشار إلى أنه يريد إحداث ثورة في اقتصاد إيران عن طريق التركيز على مكافحة غلاء المعيشة وإنهاء مشكلة البطالة. بينما غمز المرشح حسن روحاني من زاوية أن التقدم بحاجة إلى ضرورة العمل على جعل حقوق المواطنة متساوية لجميع أبناء الشعب! في حين طرق علي أكبر ولايتي جانباً آخر بقوله، إنه سيعمل بحكمة على تطوير علاقات بلاده الثنائية والدولية مع دول ومنظمات العالم باستثناء الكيان الإسرائيلي.

فيما انضم المرشح محمد رضا عارف إلى جليلي في قوله، انه لا تراجع عن الحقوق النووية للبلاد مطلقاً، لكنه خفف هذا الحق بقوله، إن البرنامج النووي لبلاده مشكلة سياسية تحتاج لحل سياسي.

فهل سيكون المشهد الإيراني القادم، كما تصور التحليلات الصحافية دائماً، أن الرئيس القادم لن يجرؤ على وضع أجندة لا قومية ولا غيرها معادية لرجال الدين، ولن يكون هناك رئيس يتحدى سلطة المرشد الأعلى للجمهورية ويسعى لتقويض سيطرة رجال الدين الحاكمين على القرارات السياسية والسياسات العامة، أم سيكذبها هذه المرة المشهد بأكمله.

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3930 - الإثنين 10 يونيو 2013م الموافق 01 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 12:37 م

      ابو صادق الشايب

      هل كل من ينتقد خامنائي عدو للثورة وهل كل من عنده رأي سياسي مغاير يعتر عدو للثورة انا شيعي وما عندي ولي غير علي بن طالب (ع) وليس ولي امر المسلمين وهل ولي امر المسلمين تختلف عن امير المؤمنيين الكلمة محورة ولكن تستخدمها الطائفة الأخرى للحكومات الدينية الحاكم يجب ان يتغير ويحاسبونه ويحاسبه من يليه والحكومات الديمقراطية تتكون من موالات ومعارضة وكل وحدة تحكم وينتافسون على خدمة المواطن مو فقط محاربة الاعداء

    • زائر 2 | 9:35 ص

      السبب هم اعداء الثوره

      نتمنى لايران الرفاهه والعلم والتكنولوجيه وطالما هناك اعداء للثوره ولايران ولاهدافها تكون هناك ايضا الخوف على مصالحها القوميه والسياسيه وعلى حدودها الذي يريدون تقسيمها مثل اهوازوبلوش واكراد وتركمان وغيرهم

    • زائر 1 | 3:36 ص

      المفروض

      كل الصحفين يتركون هل امور ع جنب
      ويركزون في سالفه المزاد العلني الي كتبه قاسم حسين
      لا تخلون ارزاق المواطنين الاصلين لقمة سائقه
      وقفو صف واحد اتجاهم
      المساله الي صارت اكبر مما تتصورون وخطورتها اكبر اذا سكتو عنها

اقرأ ايضاً