العدد 3932 - الأربعاء 12 يونيو 2013م الموافق 03 شعبان 1434هـ

خلطات التآمر... و«الشرق الأوسط الرهيب»

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

تبدأ صباحك بغمّ وهمّ معرفة: ما الذي تطبخه لك الصحف الرسمية العربية؟ لن تقدّم لك وصفة أو خريطة طريق تدلُّك على قضاء وقتك الخصوصي في حديقة مع من تحب؛ ستقدّم لك خريطة طريق للعذاب، وتتبّع حال العصبيات والمرض المستشري في الواقع الراهن. الواقع الذي لم يعد يجرؤ بالتلميح بأنه يملك بوصلة تدلُّه على طريق ولو بمساحة قبر للنجاة من الحياة.

هل يبحث الإنسان عن منْجاة من الحياة؟ نعم حين تكون في كل تفاصيلها وصَفات موت ملغّمة ومواراة بفخاخ لاستدراج الحياة إلى نهاياتها المؤلمة.

***

لا أحد يعوّل بثقة على اتضاح مسارات؛ هذا إن كان يرى مسارات أصلاً. هذا التوحّش والدسّ والكذب والتلوّن لا يمكن أن يترك لعقل أو وعي أن يكون بعيداً عن المؤثرات؛ وخصوصاً تلك التي تستلب وتسْتلّ من روح الإنسان الشيء الكثير.

زمن ذاهب في غموضه؛ لأن بعض بشره غير واضحين، مُراوغين، مقامرين ومفتونين بوهْم السطوة وعار ما بعدها؛ وخصوصاً حين تتحول إلى منفّذ ومبرر لفعل الموت. الموت إما بعنصرية وتمييز يمارسان عليك؛ وإما لأنك ترفع دعوة صريحة لممارسة كل عُقد وتشفٍّ وانحراف رهط لا يُحْسنون من الحياة إلا إرجاعها إلى سيرتها الأولى، ولا يعرفون من تاريخ الحياة وتخيّلها سوى الرماد. رماد يطول كل شيء؛ حتى مراكز البيْطرة هذه المرة؛ مع فارق أنها مختصّة بالذين لا حول لهم ولا قوة في الدخول في استجواب وتعرية لمن ولد أساساً في ضيافة ليل. ليل لا يختلف كثيراً عن قبر في بحر أو صحراء بعد تكرار لتيْه وضياع.

***

بهذه الخلْطة العجيبة من التآمر؛ لم تشعر «إسرائيل» بأنها في مأمن كما يحدث في الوقت اللاعربي بامتياز؛ على الأقل يسمح لها ذلك بإعادة ترتيب أولوياتها، ووضع مزيد من سيناريوهات التآمر للمرحلة المقبلة. تلعب الشطرنج ليس وفق القواعد؛ تلعب وفْق الحصانة الممنوحة لها من اللصوص الأعضاء في مجلس الأمن من جانب؛ والمنظمة الدولية التي وجدت أساساً لشرْعنة الاضطراب والقلاقل التي يمارسها الأعضاء في صورة أو أخرى في عدد من دول العالم؛ وخصوصاً تلك التي لا تغفل عن روحهم العدائية، وذهنية التعالي والاستباحة التي لم تبرحهم.

«إسرائيل» اليوم بخلطات التآمر الوطنية لم تعد سرطاناً في جسد الخريطة والحدود العربية؛ بل يُراد لها أن تكون شريكاً فاعلاً في مصير ومستقبل المنطقة؛ هذا إن كان للمنطقة أي ملمح من مستقبل، مع تلك الخلطة!

«الشرق الأوسط الرهيب» كما يسمّيه رئيس تحرير صحيفة «الحياة» غسان شربل، هو الوصفة الجديدة لما بعد حروب الطوائف، وصدام الإثنيات.

الشرق الأوسط الجديد أو الكبير تم تشييعه وأصبح في ذمة مخطط أكثر تقسيماً ودموية؛ لكن يبقى السؤال: هل ستسمح رياح الربيع العربي على الأقل في دول التأثير والمحور بتمرير ذلك المخطط؟ خلخلة الموازين في جزء من الخريطة العربية سيجيب على السؤال في الأيام القليلة المقبلة.

***

لا يُراد للأوطان أن تُقسّم فحسب إلى شمال وجنوب وشرق وغرب ووسط. وسْط تلك التقسيمات يُراد تحقيق الهدف من كل ذلك: تقسيم إنسان تلك الجهات والجغرافيات والحدود في الوطن الواحد والمدينة الواحدة والقرية الواحدة والمجمّع السكنيّ الواحد والحارة الواحدة؛ وحتى البيت الواحد. لا أحد اليوم يملك ذرّة عقل والبسيط من رؤية والشحيح من ربْط وتأمل؛ يمكن أن يُلقي بتبعات كل ذلك على مُستعمر تحضّر وترك أمر المصادرة والتضييق والسرقة لأنظمة بالوكالة عنه؛ بل التبعات في معظمها ملقاة على عاتق الذين تصدّوا لذلك الدوْر لأنه لا دور يمكن لهم أن يطلعوا به؛ وخصوصاً حين تأمّل السيرة والنشأة والأسلوب والظروف والواقع الذي خلقه أولئك. وهو واقع أبسط ما يمكن أن يُقال عنه، إنه توأم للجحيم والكارثة؛ إن لم يكن هو الجحيم والكارثة.

***

عودة إلى خلطات التآمر؛ ومرحلة الأمن الذي لم يتحقق لـ «إسرائيل» عبر حروب نادرة في صدقها، وكاذبة في جلّها، وتحقق عبر الإمعان في الدفع بخلطات التآمر «الوطنية» للنجاة من صحوة لم تكتشفها موهبة استخبارات الأمن القومي والعسكري العربي؛ يتحقق للدولة اللقيطة والتي ستظل سرطاناً لن يقنعنا بأنه نزْلة برْد؛ أو شدّ عضَلي؛ أمن وفضاء من التخطيط لمزيد من التفتيت والتقسيم كي تنجو وتقفز على رهاب المحيط الذي يترصّدها، ويُراد للعرب اليوم من الماء إلى الماء الذهاب إلى انتحار جماعي بتبنّيهم للتيه اليهودي؛ يوزّع على الشعوب بمكوناتها التي لم تخترها، في تبرع مكشوف لخلاص الصهاينة من كل ما اقترفوه في هذا الجزء من العالم، وعلى مسمع ومرأى من مشاريع في الوحدة لم تعد صالحة حتى لقوم عاد وثمود؛ وحتى محاربي النينجا في حيّزهم التخيلي!

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 3932 - الأربعاء 12 يونيو 2013م الموافق 03 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 9:38 ص

      خلطات وغلاطات وتاريخ ما ينعرف له هجري أو ميلادي

      خلطات تمر وتآمر على الشعوب من تحت طاولة المفاوضات ولا حلة مسألة الجولان ولا فلسطين تحررة من أيدي اليهود الصهاينه أعداء البشريه وأعداء الانسانيه بلا منازع. فهم لا يؤمنون بالمعاد وليس عندهم آخره. وهذا واضح من آثار المومياء المحنطه في الاهرامات في مصر. فهذه للكهنة اليهود من تصب الفرعون لكنهم يخافون الموت. يعني 30 سنه فيثاغورث في مصر ويش إسوي يلعب التيله. أو الكسندر الاكبر ولد خالة الخضر يا بو محمد مو من اليونان ويش وصلهم البحرين وبنوا قلاع؟

    • زائر 1 | 2:27 ص

      كيف تلعب اسرائيل الآن؟

      اسرائيل ومن ورائها امريكا يدرسون وضعنا جيدا وفي كل حقبة لهم سياسة معينة يستطيعون بها قيادة اوطاننا قيادة سلسة من اجل مصالحهم.
      الآن الطريقة مكشوفة ومعروفة وهي وقوف الكيان الصهيوني ومن ورائه امريكا في صف الحكومات وتدعمها بكل ما اوتيت لكي تتمكن من السيطرة على شعوبها
      واخماد اصواتها وتشغلها باقتتال داخلي حتى لا تفكر في القضية الفلسطينية

اقرأ ايضاً