العدد 3951 - الإثنين 01 يوليو 2013م الموافق 22 شعبان 1434هـ

الكرسي الموبوء

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

يُحكى أن تنيناً كان يعيش في قصرٍ في إحدى البلدات، وكان يخدمه رجل عجوز يجمع كل شهر النقود والذهب من الناس ليملأ بها خزانة التنين. ورغم محاولة الفرسان قتله إلا أن أحداً لم يعد من هناك، وقرّر أحد أبناء القرية أن يخلص الناس من شره، فقيل له أن سلحفاةً تعيش في البحيرة بإمكانها مساعدته. وبالفعل غاصت واستخرجت له سيفاً لكنها قالت له قبل أن يرحل: «احذر أن تصبح تنيناً».

واستغرب الرجل الأمر، فكيف يصبح تنيناً وهو بشر. وذهب وتصارع مع التنين وقتله، ثم دخل إلى مخزن الذهب، وبينما هو يقلّبه وجد مرآةً، فلاحظ أن شكله بدأ بالتغير، وأنه أصبح تنيناً. لقد قتل كل فارس التنين، لكنهم تحوّلوا إلى تنانين بعده. الأمر يشبه تماماً كرسي الحكم، الذي ثار الناس ليخلعوا عنه حاكماً مستبداً، وينصبوا آخر، ثم ما لبثوا أن صُدموا، أن الآخر الذي كان معانياً مثلهم من البطش والظلم قد تحوّل هو الآخر إلى مستبدٍ يبيح حرمة دمهم من أجل بقائه في الكرسي.

الرئيس المصري محمد مرسي واحد من الشعب الذي تضرّر بفعل سياسة الاستبداد في عهد النظام السابق، ولولا الملايين التي خرجت في ثورة 25 يناير لما وصل إلى كرسي الرئاسة، لكنه اليوم يتجاهل مطالب شعبه، الذي لم يجد فيه ما كان يرجوه، فالفئوية والحزبية التي تقوقع داخلها الرئيس مرسي أشعرت الشعب المصري الذي يفوق تعداده الثمانين مليوناً بأنه رئيس لفئة، وليس رئيساً لكل المواطنين، وعدم وجود خطة واضحة للسير ببلد يموج بالبشر والمشكلات المتراكمة عبر عقود أدخلته في نفقٍ آخر، ناهيك عن الخطاب التحريضي والإقصائي الذي تفشى في عهده، والتعدي على الحريات الشخصية والدينية باسم تطبيق الإسلام، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يستقيم في مصر كبلدٍ حاضنٍ لجميع الأديان والطوائف.

موالو اليوم هم معارضة الأمس، ومعارضة اليوم هم الموالون للنظام السابق، لكن مصر تحمل أكثر من ذلك، فهناك كثيرٌ ممن عارض نظام مبارك ويعارض نظام مرسي. ويرى كثيرٌ من المصريين أن كلا الرئيسين لا يرقيان لحكم مصر، وأن كلاهما وقع في فخ حزبه وقرابته ومن يُحسب عليه، وأن الرئيس مرسي قد سلبهم شرف التغيير الحقيقي لواقعهم بعد ثورة مليونية أقامها الشعب قبل عامين.

مصيبة الأحزاب الإسلامية التي اعتلت العروش بعد الربيع العربي أنها أرادت السلطة دون خطة واضحة، ذلك أن السلطة بحاجةٍ إلى التخطيط والعمل كي تستمر بيد من بيدهم الأمر، أو مصيرها الغضب الشعبي العارم، كحال السلطات البائدة بفعل ثورات الربيع.

لماذا لا ينزل مرسي عند رغبة الشعب المصري بالتنازل عن الحكم؟ ذلك أن الكرسي موبوء ويحوّل الحكام القادمين على رياح التغيير إلى تنانين كما في الحكاية الشعبية. بريق السلطة يُعجز المرء عن التخلّي عنها، ولا يوجد حتى الآن نموذجٌ عربي لذلك، وربما لن نجد مثالاً لرئيس الوزراء الماليزي الأسبق مهاتير محمد صاحب خطة 20/20 لتحويل ماليزيا إلى رابع قوة اقتصادية في آسيا بعد الصين، واليابان، والهند، متخلياً عن منصبه طواعيةً بعد 21 عاماً أسّس خلالها النهضة الحديثة لماليزيا وأرسى دعائم التحول الاقتصادي المنشود. هذا النموذج الذي لم تستحوذ عليه السلطة وبريقها بحاجة للاستنساخ عربياً، ربما يؤتي حينها الربيع العربي أُكُله.

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 3951 - الإثنين 01 يوليو 2013م الموافق 22 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 6:14 ص

      تخربطة أويتخبط الشيطان بجحا عند ما حرج من مجلس من المجالس

      تسائل حجا عن كيف كرسي يحكم وقاضي يلطم وما يحكم بين الناس بالعدل والمحاكم لا بيعرف لها راس من كرياس ولا كوع من بوع. بس بنبوع لأحكام عرفيه مو متعه ولكن يقولون حكمة المحكة حضوريا أو في بعض الأحيان تحكم غيابيا. عاد حجا دار راسه كيف يحكمون؟ وكيف يديرون؟ وكيف ما تدبروا؟ فهل أدبروا؟ يعني عمك أصمخ ووضعوا القرآن على الرف وعلى قولة سعد الفرج قلوبهم صارت مثل الصخر وتحجرت وتغجرت وغاب الكرسي وغاب سيادة القاضي عن الجلسه لغيابه عن الوعي. ويش رجعنا الى الوراء أو زمن أبوجهل أو عصر حجري جديد؟

    • زائر 6 | 4:49 ص

      مب رياييل

      ما يصير يتنازلون.اللي يتنازل مب ريال!!!!!

    • زائر 5 | 4:38 ص

      مغناطيس كهربي وجذب ومسائل جانبيه والجاذبيه الارضيه

      من المسائل الجانبيه التي ناقشها جنكيز خان مع وزرائه في حضور جحا. سأل جحا ما الذي يجعلك تقتل والقتل وما أشد من القتل تفرق وتفتن بين الناس؟ أجاب وكيف أحكمهم إذا لم يخافون مني ومن البطش. ثم كيف أحصل على ثراء بدون نهب وسلب ما عند الشعوب؟ هذا السؤال جنكيز خان وجهه الى جحا. يعني مغناطيس وجاذبية الكرسي والمال لا تغنيان عن الجاذبيه الأرضيه فا اليها مصيرك بس ليش ما تستغني عن ها الشغله وتبحث لك عن عمل مفيد لك ولغيرك؟ سأل جحا بعد مستغرب ليش يايع ضميرك وبايع آخرتك بدنياك عاجله وليش مستعجل؟

    • زائر 4 | 3:09 ص

      ضحايا الضحايا

      مشكلة ضحايا العنف والقمع أنهم يمارسونه بعد اعتلاء سدة الحكم فيخلف من كانو ضحايا الأستبداد ضحايا آخرون وتتناسل سلسللة الضحايا في مختلف المؤسسات والتي منها الأسرة ليظطهد الأخ الأكبر الأخ الأصغر والأخير يظطهد أخواته في سلسلة مترابطة من الضحايا وضحايا الضحايا

    • زائر 3 | 2:18 ص

      شاكر الشهركاني

      وهناك رئيس اخر تنازل عن السلطة لابنه
      ولكن لحاجة في نفس يعقوب

    • زائر 2 | 1:01 ص

      حاكم عربي

      يوجد رئيس عربي تنازل عن الحكم وهو الرئيس السوداني عبد الرحمن سوار الذهب

    • زائر 1 | 1:00 ص

      سؤال سألته

      قبل قرائتى لمقالك سألت نفس السؤال عن مقال السيد حسين قاسم: مالذى يغير المدافع عن حقوق الشعب الى ضده، عند إعتلاء الحكم؟

اقرأ ايضاً