العدد 3954 - الخميس 04 يوليو 2013م الموافق 25 شعبان 1434هـ

براءة متهمين من التجمهر والشغب

برّأت المحكمة الصغرى الجنائية الرابعة برئاسة القاضي جاسم العجلان، وأمانة سر ناصر الحايكي، متهمين من تهمة التجمهر والشغب. وكانت النيابة العامة وجهت للمتهمين أنهما في (15 فبراير/ شباط 2012) بدائرة أمن المحافظة الوسطى اشتركا وآخرين مجهولين في تجمهر في مكان عام مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه الإخلال بالأمن العام، واستخدموا العنف لتحقيق الغاية التي اجتمعوا من أجلها.

وقد تقدمت المحامية ريم خلف بمرافعة طلبت في نهايتها ببراءة موكلها، ودفعت بانتفاء علاقة المتهم بالجريمة موضوع الاتهام، وقالت إن البين من أوراق الدعوى وتحقيقاتها أن المتهم قد زُجّ به في هذا الاتهام دون ذنب أو جريرة اقترفها.

وقد مثل الأبرياء الآن خلف القضبان، والمجرمون يسبحون في عالم الجريمةن حيث إن المتهم الذي تم القبض عليه ليس له ثمة علاقة بأعمال التجمهر، ومن شاركوا في تلك الأعمال طلقاء أحرار لم يتم القبض على أي منهم، تلك هي حقيقة الواقع، لاسيما وأنه لا دليل ولا حتى قرينة يمكن من خلالها الجزم بأن المتهم الماثل كان من ضمن المشاركين في أعمال التجمهر، ولما كانت القاعدة أن عبء الإثبات في المواد الجنائية يقع على عاتق سلطة الاتهام، وهي النيابة العامة، التي يتعين عليها أن تثبت توافر جميع العناصر المكونة للجريمة، بما في ذلك القصد الجنائي، فإذا أنكر المتهم الركن المادي فلا يطالب بإقامة أي دليل على إنكاره، إذ أن من حقه رفض الدفاع عن نفسه، وهو غير مكلف بإثبات أوجه الدفاع التي يثيرها، لأن النيابة هي الملزمة بإثبات الجريمة بأركانها، ولأن الصفة الاجتماعية للدعوى الجنائية تلزم القاضي بأن يأخذ من تلقاء نفسه بأوجه الدفاع التي يراها في مصلحة المتهم، ولو لم يتمسك بها، كما أن الشك يجب أن يفسر لمصلحة المتهم.

وأضافت، لما كان ذلك وكانت حقيقة الواقع تؤكد انتفاء صلة المتهم بالجريمة موضوع الاتهام، وأنه قد تواجد في المكان مصادفة مع شخص آخر أثناء الذهاب إلى منزل جده، وأثناء ذلك شاهدا أفراد الشرطة، فخافا وسارعا إلى الاختباء فوق سطح أحد المنازل، وأثناء تعقب الشرطة للمتجمهرين من أعلى سطح المنزل المجاور، شاهد الشرطي المتهمين فتم القبض عليهما، وأسند إليهما الاتهام بالمخالفة للحقيقة والواقع بعد الاعتداء على المتهم بالضرب وفقاً للثابت من تقرير الطب الشرعي... وأُلصق به الاتهام الماثل دون ذنب أو جريرة ارتكبها.

وتابعت، تلك هي حقيقة وعلاقة المتهم بالواقعة موضوع الاتهام، وفقاً لما وقعت لا وفقاً لما تخيلتها الشرطة، وصورتها بالأوراق، والتي أتت خالية من ثمة دليل أو حتى قرينة تبعث على الاطمئنان بعد أن ثبت زيف وكذب وتلفيق الواقعة من قبل شاهد الإثبات، والذي أتى بأقوال متناقضة.

كما دفعت بعدم وجود أدلة معتبرة في الدعوى تفيد مقارفة المتهم للجريمة موضوع الاتهام، إذ استند الاتهام الماثل إلى واقعة الضبط المزعومة والتي أتت مخالفة للواقع، ويكذِّب روايتها ما هو ثابت من تقرير الطب الشرعي، الذي أثبت وجود اعتداء على المتهم رغم إنكار الشرطة.

ولما كان المستقر عليه في قضاء محكمة التمييز أن الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين لا على الشك والاحتمال وأوراق الاتهام لم تقطع نهائياً بأن المتهم كان مشاركاً في أعمال التجمهر المدعى بها أو أنه قام بالاعتداء على أي من رجال الشرطة.

وعليه، ولما كان المستقر عليه في القضاء الجنائي أنه إذا لم يقدم للقاضي الجنائي الدليل القاطع على الإدانةن تعين عليه أن يقضي بالبراءة فالإدانة تبنى على اليقين والجزم، أما البراءة فيجوز أن تبنى على الشك، فالقاضي لا يتطلب للحكم بالبراءة دليلاً قاطعاً على ذلك، ولكن يكفيه أن لا يكون ثمة دليل قطعي على الإدانة، فالبراءة يستوي أن تكون مستندة إلى يقين بها أو على الشك في أدلة الإدانة، فإذا تردد القاضي بين الإدانة والبراءة وثار لديه الشك بينهما، تعين عليه أن يرجح جانب البراءة ويقضي بها؛ لأن الشك دائماً يفسر لمصلحة المتهم، وهذا ما قرره الدستور البحريني فالاتهام يدعى خلاف الأصل، وهو كما تقدم فإذا لم ينجح في إثبات ادعائه إثباتاً قاطعاً تعين الإبقاء على الأصل، وبالبناء على ما تقدم وكانت التهمة المنسوبة للمتهم والمطروحة أمام عدالتكم لابد وأن تحمل على بينة يقينية تكفي للخروج على أصل البراءة للقضاء بالإدانة، وهذا الأمر غير المتوافر في هذه الدعوى لتضارب الأدلة وقصورها من خلال التناقض البين في أقوال شاهد الإثبات، وكذلك القول بضبط 4 زجاجات حارقة كانت موجودة داخل الغسالة فوق سطح المنزل مع المتهمين، وتأتي أوراق الدعوى خالية من ثمة إحراز الأمر الذي يتبين معه مدى التلفيق والاختلاق من جانب الشرطة، فلو تم ضبط ثمة زجاجات حارقة مع المتهمين لتم تحريزها، وتم اتخاد الإجراءات القانونية حيال تلك المضبوطات، أما القول بوجود مضبوطات دون بيان ثمة أثر لها في الأوراق والواقع، فإن ذلك ينبئ بتلفيق الاتهام، وعدم وجود أدلة يقينية يمكن من خلالها الجزم واليقين بمقارفة المتهم للجريمة موضوع الاتهام.

العدد 3954 - الخميس 04 يوليو 2013م الموافق 25 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً