غالبية الأختام الدلمونية التي عثر عليها في البحرين مصنوعة من الحجر الصابوني، وبعضها مصنوع من الأصداف البحرية، وهناك قلة من الأختام مصنوعة من مواد أخرى. وقد تمت دراسة خواص ومصادر الأحجار التي صنعت منها الأختام وخصوصاً الحجر الصابوني، إلا أن الأختام الصدفية لم تدرس بالمنهجية نفسها؛ بسبب وجود العديد من أنواع الأصداف، وعدم وجود دراسات أثرية للأصداف البحرية موازية للدراسات الأثرية الأخرى. وقد عثر على العديد من المنتوجات الصدفية في القبور والمواقع الأثرية في البحرين، مثل الأختام الصدفية وعدد من مواد الزينة كالحلقات والقلائد وغيرها. ولم يتم التطرق لأهمية الأصداف البحرية إلا في بضع دراسات منها دراسة واحدة متخصصة سنتطرق لها لاحقاً.

المنتوجات الصدفية في دلمون

تعتبر صناعة الأختام الصدفية جزءاً من الصناعات الصدفية التي كانت رائجة في الحقب القديمة. وهناك دراسات متخصصة تناولت بالتفصيل هذه الصناعات وأنواع الأصداف المستخدمة فيها ومصادر هذه الأصداف. وتشير عدد من الدراسات لوجود تجارة في الأصداف البحرية ما بين الحضارات القديمة في الهند وإيران وعمان وحضارة وادي الرافدين (Biagi 2005, Gensheimer 1983). فهل هناك تجارة في الأصداف بين دلمون وتلك المناطق؟ هل الأختام صنعت من أصداف محلية؟ وإذا كانت صنعت من أصداف مستوردة، فهل صنعت في البحرين أم أن الأصداف صنعت في الخارج؟.

لا يمكن الإجابة عن هذه الأسئلة إلا بالمنهجية التي تم اتباعها في الدراسات السابقة الشبيهة بذلك، والتي تشمل تحديد أربع مجموعات من الأصداف البحرية. وعليه يتوجب علينا أولاً تحديد المصادر التي تجمع تلك المجموعات الأربع من الأصداف البحرية في البحرين، هذا في حال أجريت مثل تلك الدراسات في البحرين. والمجموعات الأربع هي:

المجموعة الأولى تضم قائمة بأسماء الأصداف التي عثر عليها في السواحل وفي المياه الإقليمية للبحرين، والتي وردت في الدراسات الحديثة. والمجموعة الثانية تضم قائمة بأسماء الأصداف التي عثر عليها في المواقع الأثرية في البحرين. ومن هذه المجموعة الثانية يتم فصل المجموعة الثالثة والتي تشمل الأصداف البحرية التي لم تذكر في الدراسات الحديثة ضمن المجموعة الأولى، وبالتالي تكون هذه الأصداف في الغالب، مستوردة من الخارج ولها أهمية في تصنيع المنتوجات الصدفية. أما المجموعة الأخيرة فتضم قائمة بأسماء الأصداف التي استعملت في تصنيع المنتوجات الصدفية والتي عثر عليها في المقابر والمواقع الأثرية في البحرين.

قائمة أصداف البحرين

يقصد بالأصداف البحرية الهيكل الخارجي لعدد من الكائنات الحية التي تنتمي لشعبة الرخويات والتي تعيش في البحر أو المياه المالحة بصورة عامة. وبالطبع هناك أصداف اليابسة وأصداف المياه العذبة والتي تمثل الهيكل الخارجي لكائنات تنتمي للرخويات تعيش على اليابس والمياه العذبة، وهذه الأنواع نادرة جداً في البحرين. وعادة ما تجمع الأصداف البحرية من قبل الهواة، وهناك العديد من المنتجات الصدفية التي كانت ومازالت تصنع حتى يومنا هذا. وتقسم الأصداف البحرية عادة إلى ثلاث مجموعات هي: الأصداف والقواقع والأصداف النابية (على شكل ناب الفيل). وبحسب المراجع التي أطلعت عليها فإنه إلى الآن لم تصدر قائمة نهائية لهذه الأصداف وإنما هناك قوائم متناثرة في عدد من الدراسات.

أول دراسة ميدانية للأصداف البحرية في البحرين صدرت في العام 1972م من قبل Smythe، الذي ذكر فيها 86 نوعاً من الأصداف البحرية (50 نوعاً من القواقع، و36 نوعاً من الأصداف). وفي العام 1983م قام Price وآخرون بعملية مسح للبيئات الساحلية والبحرية في البحرين وعملية حصر للكائنات الحية التي تعيش فيها، ومن ضمن تقريرهم كانت قائمة بالأصداف البحرية تحتوي على 44 نوعاً من الأصداف البحرية (20 نوعاً من القواقع، و22 نوعاً من الأصداف، ونوعان من الأصداف النابية)، بالإضافة لعدد بسيط من الأصداف غير المصنفة. وفي العام 1988م قام Vousden بإعداد تقرير حول الموائل الساحلية والبحرية في البحرين والكائنات الحية التي تعيش فيها. وقد تضمن تقريره قائمة للأصداف البحرية التي تعيش على السواحل وفي المياه الإقليمية في البحرين. وتضم القائمة 138 نوعاً (85 نوعاً من القواقع، و50 نوعاً من الأصداف، و3 أنواع من الأصداف النابية)، بالإضافة لأعداد بسيطة من الأصداف لم يتم التعرف عليها بصورة دقيقة.

أما الدراسة الأخيرة والمتخصصة لدراسة الأصداف البحرية في البحرين فقد أجراها Stephen Green وقد استمرت لعدة سنوات. وقد نتج عنها تقريران، الأول تقرير منشور صدر في العام 1994م على هيئة دليل للأصداف البحرية في البحرين بالاشتراك مع المصور Chouhfeh. ويحتوي الدليل على 171 نوعاً من الأصداف (59 نوعاً من القواقع و103 أنواع من الأصداف ونوعان من الأصداف النابية). أما التقرير الثاني فهو مسودة لقائمة بأسماء الأصداف البحرية في البحرين، لا أعتقد أنه نشر. ومحصلة تلك التقارير قائمة تضم قرابة 253 نوعاً من الأصداف البحرية (130 نوعاً من الأصداف و120 نوعاً من القواقع وثلاثة أنواع من الأصداف النابية).

الأصداف والأختام الصدفية

صنعت الأختام الصدفية من نوع من القواقع الكبيرة التي تنتمي لعائلة القواقع المخروطية Conidae وهناك أربعة أنواع محتملة ربما صنعت الأختام منها (Al Khalifa 1986)، إلا أن هذه الأنواع ليس لها ذكر في جميع الدراسات السابقة. وقد ذكر Green نوعين من الأصداف تنتمي لهذه العائلة إلا أنها من الأنواع الصغيرة الحجم، بالإضافة لندرة وجودها في المياه الإقليمية في البحرين، إضافة إلى أنها أنواع خطيرة وربما تؤدي لسعتها إلى موت الإنسان. فهل هذه القواقع الكبيرة التي صنعت منها الأختام كانت متوافرة قبل قرابة 4000 عام؟ أم أنها كانت تستورد من عمان حيث كانت تكثر هذه الأصداف هناك.