العدد 3973 - الثلثاء 23 يوليو 2013م الموافق 14 رمضان 1434هـ

وقفة وفاء للمسنين

البروفيسور فيصل عبداللطيف الناصر
البروفيسور فيصل عبداللطيف الناصر

“نحن جميعاً نشكل جزءاً من دورة الحياة هذه، فكل لحظة فيها سواءً كانت عند بدايتها أو قرب نهايتها لابد من أن تُعتبَر كنزاً وأن تكون مناسبةً للاحتفال” (منظمة الصحة العالمية).

لقد ساهمت جودة الرعاية الصحية في الدول الخليجية وتوافر الخدمات العنائية لجميع مواطنيها في الارتقاء بصحة الفرد والمجتمع؛ ما أدى إلى إطالة متوسط العمر ونقص نسبة الوفيات اللذين انعكسا بصفة مباشرة على عدد المسنين مؤديَيْن إلى زيادة مضطردة في نسبتهم؛ إذ نجد على سبيل المثال أن النسبة في عام 1992 في البحــــرين كانـــت 2.4 % ووصلت في عــــام 2003 إلــى 5 % ومن المتوقع أن تصل إلى 25 % بحلول عام 2050. وعلى مستوى العالم فنسبة الزيادة المتوقعة ستتخطى 233 % من العدد الحالي للمسنين.

تُعرَّف الشيخوخة بـ “العملية التي تحوّل الإنسان السليم إلى شخص قصم أو إنسان سهل التكسر”، إلا أنها عملية غامضة غير مفهومة لا يوجد لها تفسير شامل حتى الآن. فعندما تؤثر على صحة الإنسان ورفاهيته فإنها تكون أكثر معوق للجسم من أي سبب آخر وتُعتبَر كذلك أحد الأسباب الرئيسة لإمكان حدوث الأمراض.

تتعدد المشكلات التي يتعرض لها المسن فتتناقص كفاءة معظم الأجهزة العضوية في جسمه ولكنها تتحدد في 3 أمور رئيسة: تأثر القدرات العضلية التي تتسبب في إعاقة الحركة وعدم الاتزان مؤدية إلى زيادة احتمالات التعرض للحوادث والسقوط المتسبب في مضاعفات من أهمها الكسور والجروح، بجانب اختلال التوازن في الأداء الوظيفي لأعضاء وغدد الجسم المساعدة على الوظائف التي تؤدي إلى نقص المناعة وبالتالي التعرض لأمراض عدة من بينها الأورام، وكذلك نقص الكفاءة الذهنية؛ إذ يُعتبَر ضـمور الدماغ من أهم مضـاعفاتها المؤثرة على المهام الوظـيفية للدماغ مؤدية إلى النسيان والشرود الذهني وعدم القدرة على التركيز.

في المقلب الآخر، أثبتت البحوث العلمية أن السبب الرئيس والمباشر لتدهور صحة المسن وعدم قدرته على الاعتماد على ذاته لربما يكون بسبب اختلال التوازن النفسي الذي ينتج من تلك العزلة المفروضة عليه من قبل الأهل أو المجتمع؛ إذ لن تقتصر المخاطر على المضاعفات الجسمية فحسب وإنما تزيد من الإحساس بعدم الأهمية ومن ثم الاكتئاب المؤدي في كثير من الأحيان إلى الشعور بعدم الرغبة في الحياة وقد يجوز ذلك إلى الانتحار.

وتشمل رعاية المسن الاعتناء بأمور عدة أهمها الجانب النفسي، كما أن الرياضة العضلية تساعد على الإبقاء على القدرات العضلية وتقوية الجسم مانعة من إصابتها بالضعف والوهن ورافعه للمناعة ضد الأمراض، كذلك يجب الحرص على استمرارية ممارسة المسن نوعاً من الأعمال الشاغلة للذهن التي تحتاج إلى التركيز والتفكير؛ كي تعمل على الحفاظ على جزء كبير من القدرات الذهنية, فالانخراط في القراءة ومزاولة بعض الألعاب الذهنية يساعدان على الحضور الذهني المستمر.

إن للمسنين دَيْناً علينا، فلديهم الخبرة والعلم اللذان يتوجب علينا الاستفادة منهما ولابد من إصدار التشريعات اللازمة لصون كرامتهم وتوفير الأمان لهم ومساعدتهم على العيش باستقلالية وسط أهلهم وأحبائهم في بيئة آمنة تتناسب وقدراتهم الجسمية، فهم جزء لا يتجزأ من المجتمع لم يبخلوا عندما كانوا في قمة العطاء ولابد من رد الجميل.

العدد 3973 - الثلثاء 23 يوليو 2013م الموافق 14 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً