العدد 3998 - السبت 17 أغسطس 2013م الموافق 10 شوال 1434هـ

مجزرة مستشفى رابعة العدوية... «سقوط إنساني»

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

البلد: مصر. التاريخ: 14 أغسطس 2013. الحدث: مجزرة مستشفى رابعة العدوية.

بقع من الدماء تملأ الطرقات... صرخات المصابين الذين تتقطع أجسادهم بين طلقات الرصاص الحي والخرطوش (الشوزن)... مئات الجثث متراصَّة في الطرقات... استغاثات مستمرة من أطباء حاولوا بأقل الإمكانيات إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المصابين. هذا يحدث لأول مرة في بلد مثل مصر وفي داخل مستشفى بعد ساعات من اقتحام قوات الأمن محيط ميدان رابعة العدوية؛ لفض الاعتصام بالقوة... في الساعات الأولى كان يظن المتواجدون بالمستشفى أن المستشفى سيكون أكثر أماناً من محيط الميدان الذي انهال عليه الرصاص الحي من كل جانب، بعد أن طوقت قوات الأمن جميع منافذ الميدان واقتحامه.

لكن المستشفى لم يكن المكان الآمن للمصابين والفارِّين من محيط الميدان، تنقل آية أيمن ما شهدته ونشره موقع مراقب (16 اغسطس/ آب 2013)، راصدةً ساعات الموت داخل مستشفى رابعة العدوية واقتحامه وحرق الجثث والمصابين أحياء: «في الساعة الثالثة عصراً بدأت التحذيرات تجوب أدوار المستشفى، (القناصة يستهدفون الأطباء) بعد تصويب المئات من طلقات الرصاص الحي والمتعدد إلى جدران ونوافذ المستشفى، وحاول الجميع نقل المصابين إلى الجانب الأيمن من المستشفى المطل على العمارات السكنية؛ لاستهداف قوات الأمن جميع نوافذ المبنى المطل على ميدان رابعة وشارع الطيران. جميع الأطباء كانوا يعملون في هذه اللحظة في وضعٍ منحنٍ خوفاً من استهدافهم بطلقات القناصة، حيث كانت أجساد المصابين على الأرض. ولم يتوقف الضرب أو استهداف المستشفى للحظة منذ الساعة الثالثة حتى الرابعة والنصف عصراً، ارتفعت خلالها أعداد الجثث والواردين إلى المستشفى إلى الضعف حتى امتلأت جميع الأدوار تماماً بها، حتى سمع دوي انفجار شديد لم يتعرف على هويته، هزَّ جدران المبنى، تحطمت على إثره جميع نوافذ المبنى الزجاجية».

غير أن المفاجأة التي سبقت كل التوقعات، تقول آية: «في الساعة الرابعة بدأت قوات الأمن إغراق جميع أدوار المستشفى بقنابل الغاز المسيل للدموع الذي انهال على الطرقات والغرف من النوافذ المحطمة، حتى فقد المئات من المصابين وعيهم بسبب الغاز الخانق، فيما تعالت صرخات الأطباء «اطلبوا أكسجين بسرعة من غرف العناية المركزة»، لكن بسبب كثرة العدد، وصعوبة الموقف، لم يتمكن أحد من إسعافهم. وفي هذه الأجواء بدأت قوات الأمن التابعة إلى جهاز الشرطة (الداخلية) إطلاق نداءات عبر مكبرات الصوت لمطالبة الجميع بالخروج من المستشفى، وإلا فسيتم اقتحام المستشفى. لم يمر على إطلاق النداءات أقل من عشر دقائق حتى بدأت أفراد من ضباط الداخلية باقتحام المبنى حاملين بنادق غاز ورشاشات، وقاموا بإخراج النساء، وكل من استطاع الوقوف على قدميه أخرجوه رافعاً يده في طوابير أشبه بالأسرى المحررين».

وأضافت آية «لم تستمر عملية الاقتحام واخلاء المبنى أكثر من نصف ساعة، مارس فيها ضباط الداخلية الإرهاب على كل من كانوا في المستشفى ومن حاولوا الاستمرار في التواجد وعدم ترك المصابين من السباب والضرب. في الساعة السادسة والنصف وقرب غروب الشمس، خرج جميع الضباط وعساكر الأمن مسرعين من المستشفى وانسحبت مدرعة الشرطة التي اقتحمت باب المستشفى، وتصاعدت ألسنة اللهب من جميع الأدوار. وقت حرق المستشفى تغيبت أجهزة الأمن عن المشهد وحاول مجموعة من الأهالي إخراج أي من المصابين من الأدوار الأولى للمستشفى، إلا أن محاولتهم باءت بالفشل. وبعد أكثر من 4 ساعات تفحمت خلالها جميع أدوار المستشفى، دخل العشرات من الشباب بسيارة نقل إلى المستشفى ونقلوا عشرات من الجثث التي استطاعوا الوصول إليها متفحمة تماماً، على مدار الليل. وفي السادسة من صباح الخميس كان عدد الجثث، التي تمكن الشباب من إخراجها من المستشفى، وصل إلى 360 جثة غالبيتها متفحم تماماً ومعظمها من مصابين تم حرقهم أحياء بحسب شهادة أحد الأطباء بالمستشفى، وتم تجميع الجثث في مسجد الإيمان في ضاحية مدينة نصر بالقرب من ميدان رابعة العدوية».

هذا ما رصدته آية، إضافة الى آلاف الصور والأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. مهما قيل ومهما كتب ومهما كان الاختلاف في الرأي لم يكن هناك أي مبرر للقتل بتلك البشاعة، وبتلك الصورة التي فاجأت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، وهزت المجتمع الدولي لفداحة ما حدث.

ببساطة هذا «سقوط إنساني» غابت عنه جميع المواثيق الدولية، والمعاهدات التي تلزم بضرورة احترام وتفعيل مبادىء الإعلان العالمي لحقوق الانسان. فما حدث هو مجزرة أخرى تضاف إلى مجازر العالم العربي الكثيرة وتضاف إلى ما حل منذ حلول الربيع العربي في العام 2011 وحتى اليوم. لا يمكن تبرير انتهاكات صارخة من هذا الحجم بأية حجة؛ لأن حقوق الانسان مطلقة، بمعنى أنها ثابتة لكل مخلوق من دون تفريق.

وأختم بما رصدته آية مع هذه الأسطر التي يوماً ستتحول الى حكاية وفيلم يروي للأجيال حكاية سقوط إنساني تكرر في عالمنا العربي، لكن هذه المرة بصورة أشد... ولكم أن تتخيلوا المشهد... «لن أترك أبي... سيبونا أرجوكم كلهم مصابين... مافيش أسلحة هنا والله... دي مستشفى»، كانت صرخات أحد الصبية في الخامسة عشرة من عمره، وهو يمسك بزجاجة المحلول لأبيه الذي كاد أن يفقد وعيه من أثر إصابته والغاز المسيل للدموع».

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3998 - السبت 17 أغسطس 2013م الموافق 10 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 12:56 م

      لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

      هذا حال العالم الأسلامي اليوم اسلام بلا مسلمين و مسلمين بلا اسلام

    • زائر 18 | 10:32 ص

      قد لا يثولون من القضاء مصري أو القدر ومكتوم أو مكتوب لكن قد يكون أو تكون من الأسئله أن أمرهم كان شورى بينهم لكن من أمرهم أو قال ليهم يحضرون جن ويشعوذون ويحضرون شياطين من الجن يعوذون بشياطين من الأنس ويزيدونهم رهق.. أو يتسعون ويتوسعون ويشعوذون ...؟ يعني لم ستدوم الى الجيش أو الى من تدخل وقاد الجيش الى قتل الأبرياء؟

    • زائر 17 | 8:38 ص

      غلابة أو غلبانين على أمرهم مصر الجديدة أو القديمة أو أم الدنيا

      مسيل الدموع في البحرين ما زاد من بكاء أهلها الطيبون ولا نقص على الامام الحسين عليه السلام. كما يقولون في مصر غلابا ومساكين كما قالها أنه غلبان من غلابا شعب مصري. مشكلة من مشاكل العالم الغربي عربي روماني أفغاني إخواني تجمعت في القرن الحادي والعشرين في مصر من الأمصار. كان فيها مالك الأشتر عامل الإمام علي عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام لم يكن واليا ولا معاديا لكنه أدار مصر كما أدار النبي يوسف عليه السلام. يمكن لا يحضرنا التاريخ لكن الوقائع التي سبقت والتي لحقت بعد مالك الأشتر روضوان الله عليه

    • زائر 16 | 7:27 ص

      ندين العنف بكل أشكاله....لكن من هو السبب؟

      بالطبع هم الإخوان المستسلمون،لأنهم رفضوا الحوار وتمسكوا برئيسهم الفاقد للشرعية حينما استلبوا ثورة الشعب المصري من دون أن يكونوا طرفه فيه بداية....وبدؤا بتطهير مؤسسات الدولة في القضاء والجيش ورؤساء المحافظات وكل المواقع المفصلية والقيادية في الدولة حذوا بما فعله الأتراك من السيطرة على الدولة.... كانوا بريدون مجزرة في النهضة ورابعة العدوية حتى يؤججوا الشعب بما حصل من فظائع....الإخوان هم السبب.... الرحمة لمن قتل وجرح.

    • زائر 13 | 3:59 ص

      فعلا استاذه

      اتفق معاك استاذه ريم يوم 14 اغسطس كان سقوط اخلاقي وسياسي علي جميع المستويات وبدايه انحدار الديمقراطية الوليده في بلاد الفراعنة

    • زائر 12 | 3:06 ص

      الإنسانية أولا

      عندما ينحدر الانسان تفوح رائحة الجريمة بأكبر مما يمكن أن يفرزه أي مخلوق آخر في الكون، لماذا يتهاوى الربيع العربي ونعجز عن تدارك جرائم من سبقونا من الحكام، لماذا ينطبق على الأنظمة: كلما جاءت أمة لعنت أختها. هل معقول أن قوات الأمن تحرق المستشفى بمن فيه? لا أستطيع التصديق، نحن بحاجة في غمرة الذهول إلى تحقيق دولي نزيه

    • زائر 8 | 2:28 ص

      نحن اهل المصيبة

      كل انسان فضلا عن كونه مسلم وان اختلف مذهبيا لابد ان يشعر انه اهل المصيبة لانها استهدفت الانسان ولم يتجرأ مرتكب هذا الفعل الشنيع الا بعد ان جرب حظه قبل ذلك في مجزرة عند الحرس الجمهوري و قتل هناك اكثر من مئة وهم في صلاة الفجر فرأي القتلة العالم بمشاعر باردة وكان ذلك حافزا لهم ليغتالوا الانسانية مرة اخرى . وانا اقرأ هذه السطور الواصفة للمجزرة انتابني غضب على حال هذه الامة وشعرت بآلام الضحايا وظلامتهم لان هناك من رقص هنا على جراحنا ومازال و للاسف من ينتمون فكريا لضحايا اليوم

    • زائر 7 | 2:28 ص

      أصبحنا نتباكى الآن على الإخوان !

      قيادات الإخوان وتحريضهم البسطاء على حمل السلاح وإطلاق النار على رجال الأمن وبشكل عشوائي وحرقهم المنشآت والمباني ومنها مبنى يملكه الهلال الأحمر المصري وعدم استجابتهم لمساعي التهدئة والمشاركة في الحل السياسي للاْزمه هم من يتحملون نتائج الماسي التي حصلت

    • زائر 9 زائر 7 | 2:41 ص

      لم يتم هناك تحريض الا على مواصلة الاعتصام

      لست اخوانيا او سلفيا بل شيعيا ولكن املك حس فطري لم تنجسه الاحقاد ولم يلوث بالكراهية لذلك يمتلكني الغضب حين اشاهد او ارى المجازر ترتكب لاي انسان ومنها هذه المجزرة المروعة و من يقف عليها و يمنعه ضميره من الاستنكار لانهم مختلفون معه دينيا او فكريا او خطا سياسيا عليه مراجعة انسانيته

    • زائر 6 | 1:33 ص

      مع أنهم الإخوان لكنها الإنسانية

      مع أنهم الإخوان الذين اثخنوا قلوبنا جراحا...إلا أنه الإنسانية التي تبكينا على ما يجري على الإنسان..
      اللهم لطفك بعبيدك..

    • زائر 5 | 1:26 ص

      شكرا لك يا إستاذة ريم على هذه المشاعر

      فالحقيقة أن هناك من فرح ورقص وهلل على مشاهد الأشلال والجثث المتفحمة من الأطفال والنساء بسبب خلافه السياسي مع الإخوان وهؤلاء قلوبهم أقسى من الحجر

    • زائر 14 زائر 5 | 5:01 ص

      المشكله عزيزي

      انا بعض الناس يفكرون الاخواني المصري كلهم يفجرون روحم ويقتلون من يعارضهم في الدين والسياسه ليس كلهم فالاخواني مسلم وفي مصر الاخوان قله ومعظم البقيه يكرهم الاقليه بسبب النصح ورد المنكر فالانسان محرم قتله

    • زائر 4 | 12:27 ص

      لمادا الانسان عدو الانسان

      يا فرج الله

    • زائر 3 | 11:59 م

      صعب و مخيف عالمنا العربي

      انسانية العربي ذهبت مع تمسكه فقط بمذهبه و تصميمه على دحر من يعارضه و تحليل دمه ماساة القرن الحالى .و ترك الوطن يشتعل بنيرانه التى ستقضى على الاخضر و اليابس ,, افيقوا يا شعوب الوطن العربي جميعكم ستحرقون في نار جهنم , ابتعدوا عن المكاسب الشخصية من اجل الانسانية , و العدالة و الوطن,,

    • زائر 2 | 11:36 م

      ..

      القوم أبناء القوم. فقط.

    • زائر 1 | 11:27 م

      ولنا أيضاً حكاية

      ولنا في البحرين حكاية غابت عنها وسائل الإعلام ولم ترصد حينها

اقرأ ايضاً