العدد 3998 - السبت 17 أغسطس 2013م الموافق 10 شوال 1434هـ

عمّ تتكلم الصحافة السعودية؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الصحافة وجه البلد، والصحافيون والكتّاب هم الناطقون باسم المجتمع وتياراته، أو هكذا يُفترض أن يكون، بما يعكس واقع الحال وسقف الحريات.

وحين تكون في جولةٍ سياحيةٍ إلى بلد شقيق، يمكنك أن تتعرّّف على اهتماماته من الداخل من خلال نافذة الصحافة والأقلام.

الصحافة السعودية، بحكم ترامي أطراف المملكة، صحافة مناطقية، ولكلٍّ منها سوقها وقراؤها، حيث تفرد صفحاتها لأخبار منطقتها. وخلال الجولة التي استمرت حوالي أسبوعاً، يمكنك وضع اليد على أهم ما تهتم به هذه الصحافة، وما تبلغه من سقف.

كانت أيام عيد، وكانت الصحف تفرد عدة صفحات، تتجاوز أحياناً العشر صفحات، أغلبها تحقيقات مصورة خفيفة، لتغطية احتفالات العيد، حيث تتنافس المناطق على تقديم العروض الفنية والمسرحية والمسابقات والرقصات الشعبية والألعاب النارية. وهي احتفالات يحضرها الأمراء والمسئولون وتنفذها مختلف الجهات، وفي أحد عناوين الأخبار: «أمير الباحة يبدأ احتفالات العيد برُقيةٍ شرعية».

من اهتمامات العيد، نقرأ عدة مانشيتات عن تشديد الرقابة على غياب موظفي الحكومة، ومتابعة دقيقة للحضور والانصراف خلال أيام العيد، و«منع اجازات المرضية في 6 وزارات بالاتفاق مع الصحة ومضاعفة عقوبة الغياب».

هذه الاحتفالات لا تغطي على القضايا العامة التي تشغل بال المجتمع، وتصعد إلى المانشيتات، فتقرأ «مؤسسة النقد: الرهن العقاري لن يوفر السكن»، «ديوان الرقابة: جامعات تجاهلت المبتعثين لتوظيف الأجانب»، و«وزارة التنمية: بريئون من التلاعب بسيارات المعوقين»، و«الجمارك: الرشوة سبب وفيات الطراطيع»، والمقصود المفرقعات التي يقوم التجار بتهريبها برشوة صغار موظفي المنافذ، حيث تتسبب في قتل وجرح العشرات.

من المواضيع التي تشغل السعوديين، «كورونا»، حيث تنفي وزارة الصحة انتقاله عبر الإبل التي مازالت تمثل ثروة مهمة في السعودية، حيث سجل حاجز بورصة مزايين الابل صفقات خيالية بلغ بعضها المليون ونصف المليون ريال للناقة الواحدة. وخبر انتقال مرض «كورونا» للإبل شاع في الصحف وتناوله الإعلام الأجنبي، ما دعا وزارة الصحة إلى التشكيك في صحته. بل إن مركزاً بحثياً هولندياً أجرى دراسة أثبتت إصابة الإبل في دول أخرى، ما دعا أحد الكتاب إلى مخاطبة الجهات الرسمية بقوله: «طيب اعزموا الهولنديين على جمالنا»، ليقوموا بالفحص عليها، فالنفي وحده لا يطمئن الناس، خصوصاً بعد أن أطاح «كورونا» بحياة 46 شخصاً.

من القضايا التي تشغل السعوديين، الوجود الكبير للأجانب، وما يرافق ذلك من مشاكل وتبعات وضغوط وبطالة، من ذلك «وافد عربي يصدر 75 تقريراً مخالفاً لمباني الحج والشرطة تحقق»، حيث يعمل في مكتب هندسي بالمدينة المنورة، ويتلقى ما بين خمسة وعشرة آلاف ريال على المعاملة الواحدة. والخطورة أن مثل هذا الفساد «الفردي» يعم دائرة واسعة، حيث ملاك العمائر يؤجرونها للحجاج والمعتمرين.

من تبعات الوجود الواسع للأجانب، بروز تلك الظواهر السلبية، مثل الاجرام والتسول والسرقات، وفي هذه الفترة تم الإطاحة بـ 24 نشالاً من 8 جنسيات، كانوا يسرقون زوار الحرم النبوي أثناء نومهم. وفي عددٍ واحدٍ لإحدى الصحف، كتب اثنان من الكتاب عن «مهنة الشحادة»، و«عمال نظافة أم متسولون؟»، وأخبار هؤلاء لا تخلو منها الصحف اليومية.

ليس هناك بدائل جاهزة للعمالة الأجنبية، كما في دول الخليج الأخرى التي تعتمد كثيراً على الأيدي العاملة الأجنبية، وفي مانشيت لافت «15 ألف عاملة فلبينية نهاية 2013»، وفي مانشيت آخر أكثر تحدياً: «الاثيوبيات عائدات... و20 دولة ترفض شروط مكتب العمل لاستقدام العاملات». وتكتشف ان وراء عودة العمالة الاثيوبية المظفرة، قراراً بوقف استقدامها بسبب وقوع 2977 جريمة خلال الأعوام الثلاثة الماضية. فدول ومجتمعات الخليج في ورطة... يجب الاعتراف بذلك.

في أيام العيد، وفي نطاق الصحف التي تتبعتها يومياً، (الوطن، عكاظ، المدينة، الرياض، الشرق، الجزيرة)، كانت حوادث المرور والجرائم تجاور أخبار احتفالات العيد، ولكن الملاحظة التي تستوقفك أنها أرقامٌ صغيرةٌ ومحدودة، مقارنةً بالحوادث عندنا في البحرين أيام العيد، رغم ضخامة البلد وتعداده بالملايين، وصغر شوارعنا ومحدودية شعبنا الصغير.

في صفحة القضايا والآراء، لا يتم مناقشة تلك القضايا الساخنة، التي «يثرثر» بها الجيل الجديد، على «تويتر» و«الفيسبوك» وسواهما من مواقع التواصل الاجتماعي وتخضع لمزيد من الرقابة يوماً بعد يوم. وربما المقال الذي استوقفني للكاتبة حليمة مظفر، «لانه ابن فلان الفلاني»، تنقل ما تعرض له شاب سعودي يعمل حارس أمن على بوابة أحد المجمعات التجارية المخصصة للعوائل، على يد شاب من عائلة «ذوات»، حيث هدده في حال منعه من الدخول، فاضطر للاتصال بمدير المجمع، الذي خضع لتهديدات الشاب المراهق وأمر الحارس بالسماح له بالدخول. وطالبت الكاتبة بتطبيق القانون على الجميع، وإلا فعليكم تسريح حراس الأمن الواقفين على المجمعات وتوفير مرتباتهم، والسماح للجميع بالدخول.

الصيغة المحلية هي الغالبة على الصحافة السعودية، والخبر الخارجي الوحيد الذي توليه اهتمامها اليوم هو الحدث المصري، حيث تبدي تأييداً كاسحاً للحكومة الجديدة، وعداءً لا تخفيه للاخوان المسلمين. فإحدى الصحف تتحدث عن «انطلاق استفتاء لاعتبار الاخوان منظمة إرهابية»، فيما نشرت صحيفة أخرى الاثنين الماضي خبراً بعنوان «الفجر موعد الاخوان»، تبشيراً بموعد انقضاض الأمن المصري على معتصمي رابعة العدوية، وهو ما تمّ صبيحة الأربعاء.

الدرس الأهم... ومن خلال تتبع ست صحف، خلال أسبوع كامل، لم أقرأ مقالاً واحداً فيه تحريض على مواطن، أو اتهامه بالخيانة، أو مطالبة بحسب جنسيته، أو وصفه بكلمة نابية من فم بذيء أو قلم لا يعرف للأخلاق والآداب وزناً.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3998 - السبت 17 أغسطس 2013م الموافق 10 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 8:25 ص

      إحتار ولم يختار جحا

      صحف إبراهيم صحف موسى وصحيفة سجاديه وأخرى باقريه .. صحف منشره .. بس من يتبعون أو من يقودهم أو من يضلهم يلوم لا ظل إلا ظله؟
      إذا كان أو يا ما كان قالوا كما قال الله إنه وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.. ، بيما في من الناس لا يعصي لكن يقول أويعمل أو يفعل بإضائة أو إضافة ضلاله أو فعالة أو إضافة أو بدعه يضيفون الى قول الله ما لم يأمر الله؟ إشلون صارت أو سووها وتابعوها أو إتبعوا؟

    • زائر 12 | 5:17 ص

      مشكل

      وهل هناك صحافه؟

    • زائر 11 | 3:55 ص

      الفارق الثقافي

      السبب هو الفارق الثقافي ف بعض الكتاب البحرينين الممنوح له رشوة أو علاوة لتخوين طائفة بأكملها من أجل طائفنة الثورة أو خلطها. بصبغة طائفية..

    • زائر 10 | 2:34 ص

      أعوذ بالله من الرقيه

      من مكارم الاخلاق أن لا ترد على السفيه إجابة ليس لأنه ما يستحق الرد على قول نابي وإسائه لكن في زمن تردي الأوضاع في إنتشار فيروسات أفسدت الأخلاق أو إنتشار عدوى الشعوده والرقيه التي أعاذ منها الائمة الأطهار كما كانو يستعيذون من الشيطان.. وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا.. يعني ها الرقيه دعوه لاحضار الشياطين من الجن أو ويش يعني مشاطرين السحره؟ أو يقراء عليه تعويذه من المعوذات على قولتهم حتى يحسن من أنيابه ويبتسم؟

    • زائر 9 | 2:24 ص

      خفة يد أو زيادة في التفكير وعقل؟

      قد يكون من أنواع الفساد المالي أو الاداري لكن ليس فسادا أخلاقيا ولا نفسيا وقلوب خراب وليست من العيوب لكن يمكن يقولون لا تمس القضايا الحساسه لأن المناطق الحساسة عيب علمونا وليس من الأخلاق ولا الأدب التحرش والاعتداء على الاخرين. بينما من الجوارح التي فتكت بالمجتمع وتستر عليها وطال الصمت وبحت الاصوات وقتل من قتل ونكل بآخرين فهذه ليست أخبار لكنها حقائق كشف عنها تقرير تقصي الحقائق.

    • زائر 8 | 2:09 ص

      وقول الشاعر إنما الامم الأخلاق ما بقيت

      الدرس الأهم... ومن خلال تتبع ست صحف، خلال أسبوع كامل، لم أقرأ مقالاً واحداً فيه تحريض على مواطن، أو اتهامه بالخيانة، أو مطالبة بحسب جنسيته، أو وصفه بكلمة نابية من فم بذيء أو قلم لا يعرف للأخلاق والآداب وزناً.

    • زائر 6 | 1:35 ص

      اعمدة بعض الكتاب في صحيفتين لا تخلو يوميا من السباب

      درس الأهم... ومن خلال تتبع ست صحف، خلال أسبوع كامل، لم أقرأ مقالاً واحداً فيه تحريض على مواطن، أو اتهامه بالخيانة، أو مطالبة بحسب جنسيته، أو وصفه بكلمة نابية من فم بذيء أو قلم لا يعرف للأخلاق والآداب وزناً.

    • زائر 5 | 1:17 ص

      صحافة لا تحترم الوطن ولا المواطنين

      سيدنا العزيز :
      في البحرين الآن كبار كبار المسئولين يومياً يوجهون الإهانات والصفعات للمواطنين ويستعرضون قوتهم على المواطن البسيط ,,, فكيف نترجى منهم خيراً ؟؟

    • زائر 4 | 1:10 ص

      اسبوع ليس كافيا

      ما رأي الصحافة السعودية في مواطني القطيف ؟ لم تخبرنا عنها

    • زائر 2 | 11:35 م

      الفرق كبير

      شكرًا علي المقال الرائع الفرق بين السعودية والبحرين ان الكتاب السعودين مهما قال في الصحف فهو يريد مصلحت المواطن ولكن في الصحف البحرينية ترى ان بعض الكتاب يشتم طائفة ولا يراعي شعور الاخرين والفرق ان الكاتب السعودي مثقف اما بعض الكاتب البحريني لم يتخرج من الثانوية وهو يكتب في جريدة لا يستطيع تركيب جملتين علي بعض سو الشتم اللهم انصر المظلومين

    • زائر 1 | 11:08 م

      ويش

      شلون سيد ويش انت تقول السعودية صارت اوكى الحين

اقرأ ايضاً