العدد 4006 - الأحد 25 أغسطس 2013م الموافق 18 شوال 1434هـ

لا تقتلوا أحلامهم

جعفر الشايب comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

في إحدى الزيارات العائلية خلال إجازة عيد الفطر، سألتُ بعض الأطفال ممَّن التقيتُ بهم عن ماذا يحلمون به لمستقبلهم، ففاجأني رد أحدهم بأنه يحلم بأن يكون وزيراً. وعلى الرغم من الضحكات والتعليقات الساخرة من بقية الأطفال حوله، إلا أنه كان يُبدي قناعةً وثقةً بأن حلمه مشروع، وأن تحقيقه ممكن، متسائلاً «ليش يعني ما أصير وزير»!

ذكرتني هذه الحادثة بقصة حصلت للمناضل الأميركي ذي الأصول الإفريقية (مالكوم إكس)، عندما سأله معلمه عن حلمه، فردّ بكل ثقة بأنه يحلم أن يكون رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، ما أثار سخرية وضحك زملائه عليه، فنصحه المعلم مثبطاً بأنه ينبغي عليه أن يحلم بشيء قابل للتحقق ويتناسب مع بيئته ومحيطه.

كثير من الناس يعيشون في بدايات حياتهم أحلاماً جميلة وبعيدة، يتمنّون أن تتحقق على أرض الواقع، سواءً كانت شخصية أو ذات أبعاد اجتماعية أوسع. ولكن بين ما يحلمون به وبين واقعهم مسافاتٌ شاسعةٌ وعوائقُ كبيرة تحدُّ من تحقيقها.

الأحلام الجادة تلعب دوراً كبيراً ومؤثراً في دفع الناس إلى العمل المبدع والمتواصل ومواجهة التحديات والصعاب، كما أن غياب الحلم لدى الفرد أو المجتمع يجعل منه آلة صماء ذات أفق محدود وغير متطور.

لعل جيل الشباب في منطقتنا العربية الذي سئم الواقع المُرّ، هو أكثر من يراوده حلم التغيير إلى الأفضل، متطلعاً إلى مستقبل تتوفر له فيه فرص الحياة الكريمة والمشاركة الكاملة. يحلم معظم هؤلاء الشباب بالعيش في أمن وأمان، وحب وسلام، وأن تكون بلدانهم في مصاف الدول والمجتمعات المتقدمة، تتوفر فيها الفرص المتكافئة والمساواة والمنافسة الحرة.

وعندما لا تتاح أمام الفرد فرص تحقيق أحلامه لأسباب غير مبررة، فإنه قد يؤدي ذلك إلى موت الحلم الذي يحمله داخله، أو إلى البحث عن فضاء آخر يتمكن فيه من العمل لتحقيق حلمه، وخياره الأخير هو النقمة على واقعه الذي يراه معوقاً أمام تحقيق أحلامه. ولعل ذلك ما يفسر هجرة الكفاءات الشابة من منطقتنا العربية إلى الدول المتقدمة بحثاً عن فضاء يتمكنون فيه من تحقيق أحلامهم، أو إلى الجنوح نحو الانطواء وعدم الفاعلية، أو نحو التطرف والتشدُّد.

أطفال وشباب مملوؤون بالحماس والتفاؤل والرغبة الجادة في تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم وأحلامهم، يقعون في واقع الحال في مواجهة مع أطراف عديدة تسرق أحلامهم وتحارب تطلعاتهم.

الأسرة والمجتمع والأنظمة السياسية كلها تلعب دور المثبط والقامع لتلك التطلعات، ليبقى حلم الفرد محبوساً ضمن أطر تقليدية ومقولبة لا تتيح له أي مجال لتحقيقها. فسارقو الأحلام هم من يتحمَّلون خطيئة وأد الطموحات والطاقات المتحمِّسة، وهم من يضعون تبريرات بالية تحدُّ من انطلاقة أصحاب الأحلام لتحقيقها.

فليُفسح المجال أمام هذا الطفل وأمثاله ممن يحلمون بأن يكونوا وزراء أو مسئولين أو ما شابه ذلك، ولكل الشباب الذين يحلمون بمستقبل أفضل ليحققوا أحلامهم دون قيود، وأن يحصلوا على الدعم والمساندة والتشجيع ليكونوا بُناة حقيقيين لأوطانهم.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الشايب"

العدد 4006 - الأحد 25 أغسطس 2013م الموافق 18 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً