العدد 4007 - الإثنين 26 أغسطس 2013م الموافق 19 شوال 1434هـ

محاكمة المسئول الإقليمي السابق «بو تشيلاي» هل تقنع الرأي العام الصيني؟

رغم محاولة السلطات الصينية أن تجعل من محاكمة بوتشيلاي بتهم الفساد دليلاً علنياً غير مسبوق على عدالتها، إلا أن القيود على النشر وغياب الإشارة إلى مسئولين آخرين قد يؤدي إلى إخفاق السلطات أمام محكمة الرأي العام الصيني، حسب ما يرى محللون.

بو الذي كان يدير مدينة شونغينغ الكبرى في جنوب غرب البلاد وأحد السياسيين الــ 25 الأكثر نفوذاً، أثار انقساماً في القيادة الشيوعية بشعبويته اليسارية الصاخبة وفضيحة قتل أثارت ضجة كبرى وكانت محفزاً لسقوطه.

لكن الدولة ذات الحزب الواحد تخلت عن تقليدها بإجراء محاكمات سريعة وبسيطة بعيداً عن الإعلام يعترف فيها المتهمون بذنبهم في الغالب، وسمحت لبو بصياغة دفاع حاد واستجواب شهود مباشرة، في حين يندر أن تشهد المحاكم الصينية إدلاء أي شهود بأفاداتهم.

حتى أن المحكمة في مدينة جينان الشرقية نشرت بانتظام محاضر مصاغة بعناية للمحاكمة التي استغرقت خمسة أيام على موقع «سينا» و»ايبو» الموازي الصيني لموقع «تويتر».

وصرح الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش في هونغ كونغ، نيكولاس بيكيلن أن «أي قرار قضائي يمكن أن يبعد بو لفترة طويلة جداً، ينبغي أن يتمتع بأقصى مستوى من الشرعية كي يزيل عن الحزب وصمة تورط أحد قياديه البارزين في هذا النوع من الفساد والاستغلال بكل جرأة ووقاحة».

وأضاف أن «إجراء محاكمة جيدة كهذه تبدو كمحاكمة حقيقية، سيمنح شرعية لنتيجتها، وهذا لمصلحة الحزب».

وتكشفت فضيحة اغتيال رجل الأعمال البريطاني نيل هيوود أثناء الاستعداد لتسليم السلطة الذي يجري كل عشر سنوات في الحزب الحاكم، وهذه الملاحقات تشكل نوعاً من «إغلاق صفحة هذه الخلافة الفوضوية والصراع على السلطة» بحسب بيكيلن.

لكن المعلومات المحدثة التي نشرتها المحكمة يومياً على الإنترنت كانت جزئية وازداد تأخرها مع استمرار الإجراءات. وأشار محللون إلى أن المحاكمة برمتها قد تبدو كمحاولة لتغطية صراعات سياسية داخلية.

وصرح جوزيف تشينغ، الخبير في سياسات الصين في جامعة سيتي في هونغ كونغ أن «التحديات أمام القيادة والتحديات لخط الحزب غالباً ما يتم التعامل معها في صيغة قضايا فساد... لأن هذا يعزز صورة مشككة لدى الناس العاديين: فاتهام مسئولين بالفساد يعني أنهم يتعرضون لمشكلة سياسية».

غير أن حجم الفساد الذي غالباً ما ينسب إلى مسئولين كبار على غرار بو يفوق بكثير مبلغ 27 مليوناً (4,4 ملايين دولار أميركي) التي تدور حولها المحاكمة.

ومما يعزز صورة المسرحية السياسية أنه لم يتم التطرق في المحكمة إلى المواضيع الحساسة بالنسبة للحزب مثل عمليات الاحتيال الكبيرة أو المشادات بين القياديين من زملاء بو، حسب ما أظهرت المحاضر المنشورة.

ولم يتضح أن كانت تلك المحاضر قد تعرضت لمقص الرقابة أم أن السلطات تفاوضت مسبقاً مع بو لتجنب ذكرها.

لكن الإشارة الوحيدة إلى قيادي كبير أتت مبهمة عند ذكر أن بو تحرك في إحدى الحالات عملاً بأوامر من الأعلى، أزيلت من المحضر الذي أعيد نشره بعد محوها.

وقلل الإعلام الرسمي من حجج بو بل أنه نفاها أحياناً، حيث تطرقت وكالة «شينخوا» الرسمية لدفاعه بشكل مقتضب فيما اكتفت الصحف الناطقة بالانجليزية بإعادة نشر ما ذكرته الوكالة.

وصرح الخبير في القانون الصيني في جامعة ميتشيغان الاميركية نيكولاس هاوسن «اعتقد ان السلطات السياسية والقضائية المركزية حريصة على إبداء نسبة انفتاح وشفافية عالية في المحاكمة، فيما تسيطر بشكل مطبق على مضمونها».

ومنحت إجراءات المحكمة بو بالطبع منبراً نوعاً ما، لكن تشينغ أكد أن السلطات اعتبرت على الأرجح أنه لن يحرز الكثير من الدعم.

العدد 4007 - الإثنين 26 أغسطس 2013م الموافق 19 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً