العدد 4012 - السبت 31 أغسطس 2013م الموافق 24 شوال 1434هـ

بين ثقافة المجــتمع وتحـدي المصــابين

صعوبات السمع والنطق

صورة من فيلم «خطاب الملك» توضح جلسة علاجية لملك بريطانيا الذي كان يعاني مــن التلعثـم
صورة من فيلم «خطاب الملك» توضح جلسة علاجية لملك بريطانيا الذي كان يعاني مــن التلعثـم

يحلم كل زوجين يرتبطان سوياً بإنجاب الأبناء وتكوين أسرة متكاملة مبدؤها الحب والتفاهم وتسعى في ترسيخ مبدأ التعاون وروح المساعدة بينهم؛ كي تنطلق إلى الأجيال من بعدها، فلا قلق وخوف يختلجان صدورهم طالما حب الخير ينور قلوبهم. يدعوان الله جلّ وعلا دائماً أن يكون طفلهما سليماً معافى، فهو أدنى ما يريدانه ليزيد حياتهما بهجةً وحبوراً، ويكمل من بعدهما مسيرة الحياة.

لأسباب قد تبدو وراثية أحياناً أو لقدر من رب العباد أحياناً أخرى، يُرزَق الزوجان بطفل مصاب بإحدى الإعاقات، وتتم تسميتهم علمياً ذوي الاحتياجات الخاصة أي من هم بحاجة إلى رعاية خاصة، وبالتالي فإن نمط حياته يختلف كلياً عن الأطفال الأسوياء من حوله. قد يكونون مكفوفين، صُماً، بُكْماً، متلازمة دوان، يعانون من صعوبات في السمع والنطق، الشلل الدماغي وغيرها من الأنواع الإعاقات، وجميعهم يُعتبَرون من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة.

في ملف هذا العدد، نضع نصب أعيننا على إحدى هذه الحالات؛ لما لها من صدى كبير في مجتمعنا وانتشار بين أفرادها. السمع والنطق هما إحدى حالات ذوي الاحتياجات الخاصة، ترتكز على ضعاف السمع والنطق، وهما إما أن يصاب بهما المرء منذ ولادته أو بعد فترة من الزمن نتيجة لحدث معين. نراهم يعانون بعض الصعوبات في التحاور والاستماع إلى الأسوياء من حولهم بطلاقة وانسيابية من غير وجود سماعة تقيهم هذه الأزمة.

في مملكة البحرين لدينا مؤسسة واحدة فقط تختص في هذا المجال، ألا وهو مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود لتنمية السمع والنطق، هو مركز أُسِّس من قبل صاحبه الدكتور فؤاد شهاب، وهو المركز الذي حقق تفوقاً مميزاً على صعيد البرامج المتخصصة للمصابين بالإعاقة السمعية، والوحيد في الخليج العربي الذي يستخدم التأهيل بالطريقة الكلامية دون استخدام لغة الإشارة.

أسس د. شهاب هذا المركز بعد أن مَنَّ الله سبحانه عليه بفتاة تدعى مريم أُصِيبت بعد أشهر قليلة من ولادتها بإعاقة في السمع والنطق، وكانت تلك المرة الأولى التي يواجه أمامه مثل ذلك الموقف؛ لذا لم تكن لديه الثقافة الكافية بشأن كيفية التدارك والتعامل مع مثل هذه الحالة.

لذا ومن خلال مريم ومركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود كانت الانطلاقة، وهي أن لا فرق بين هؤلاء والأسوياء، فكلاهما بإمكانهما مجابهة الحياة والتحديات من أمامهما وتحقيق أحلامهما دون عائق يمنعهما. فالأهم في كل ذلك الثقة بالنفس أولاً وأخيراً وهي من ستُشعِر الآخرين من حولنا أن لا فرق بيننا وبينهم مهما داهمتهم الظروف من حولنا.

في زمننا سابقاً، يؤمن العديد من الأهالي ممن يرزقهم الله بطفل معوق وللوهلة الأولى أن لا علاج لأبنائهم من هذا المرض، فهذا هو قدرهم ونصيبهم في الدنيا أن يعيشوا فاقدين للسمع والنطق، وبالتالي كُتِب لهم أن يعيشوا هذه المعاناة دائماً وأبداً، إلا أن هذه الفكرة بالتأكيد خاطئة، ففي ظل الأدوات الطبية الحديثة البائنة على الساحة صار ممكناً للعديد من المرضى والمصابين من حولنا أن يتنعموا بنعمة الصحة والعافية، بعد أن صار أمراً مستحيلاً بالنسبة إليهم سابقاً في ظل الأمراض المزمنة التي أصيبوا بها منذ الصغر أو نتيجة لحادث عرضي تعرضوا له في فترة من الفترات.

فبعد افتتاح المركز في عام 1994 اتُبِعت طريقة مختلفة مع المعانين بغرض تأهيلهم وتطويرهم، ألا وهي استخدام الطريقة الكلامية في تدريب المعوقين سمعياً دون استخدام لغة الإشارة، وذلك عن طريق الاستفادة من البقايا السمعية لدى الأطفال إلى أقصى درجة ممكنة وتربيتهم على الكلام بصورة طبيعية عن طريق المعينات السمعية لتسهل عملية دمجهم مع باقي الأسوياء من أفراد المجتمع.

علل النطق والسمع عدة، كما هو الحال في طرق علاجها، فأمراض كهذه لابد من البحث عن طرق إمكانية تفاديها؛ ليحظى المصاب بعيشة كريمة. علاجها يكمن في:

التخاطب: تشخيص وتقييم وعلاج صعوبات النطق سواء كان للأطفال أو الكبار سواء كانت الإصابة بالمرض منذ الولادة أو في ما بعد نتيجة لمرض أو حادث عرضي، وللتخاطب حالات مختلفة، هي:

التأخر اللُغوي: التأخر في اكتساب ونمو اللغة، سواء كان هذا السبب يمكن حله أو لا.

فقد اللغة أو عسر الكلام، وذلك عن طريق تأهيل المرضى بعد فقدهم للغة، عن طريق الجلسات المكثفة أو التدريبات الخاصة لمثل هذه المشكلات.

التأتأة: تكرار الصوت الأول أثناء النطق وعدم الطلاقة في الكلام.

التأهيل لمرضى زراعة القوقعة.

صعوبات نطق الحروف بشكل سليم.

علم السمعيات: وهو العلم الذي يُعنَى بتقييم السمع والاتزان لدى المرضى، ويكمن دور اختصاصي السمع هنا في:

الكشف المبكر عن فقدان السمع الجزئي أو الصمم الكلي للمواليد.

تقييم مستوى السمع لكل الأشخاص بعمل الاختبارات والقياسات اللازمة.

عمل فحوصات كافية للأطفال في المدارس والروضات لتقييم سمعهم.

إعادة تأهيل المرضى للتعرف إلى الأصوات من حولهم وتمييزها.

وقد أظهرت الإحصاءات الأخيرة بشأن من يعانون من صعوبات في النطق في مملكة البحرين أن عددهم يصل حتى الآن إلى 101 حالة تقريباً، وذلك بحسب آخر إحصاء أُجرِي من قبل وزارة التنمية الاجتماعية.

العدد 4012 - السبت 31 أغسطس 2013م الموافق 24 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً