العدد 4014 - الإثنين 02 سبتمبر 2013م الموافق 26 شوال 1434هـ

«المعايير الدولية»... ومأزق آخر للمصداقية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الرئيس الأميركي باراك أوباما طرح تبريراً بشأن قراره الأولي للإجراء العسكري ضد سورية، إذ أشار إلى ضرورة «إنفاذ المعايير الدولية»، وأن سورية «خرقت» تلك المعايير عبر استخدام الأسلحة الكيماوية. وبحسب ما قاله متحدث أميركي رسمي فإن «هذه المعايير الدولية مهمة وليس من المناسب للدكتاتوريين الشموليين الذين يخرقونها الإفلات من العقاب... وأن الرئيس أوباما يهتم بحماية هذا المعيار الدولي». هذا المَخرج الذي طرحه أوباما لتخطي العراقيل التي ستطرحها روسيا والصين في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، إذ أشار إلى أن القرار في هذا المجلس أصبح «مشلولاً».

لكن هناك بُعداً آخر، أشار إليه الزعيم الأسبق لحزب الديمقراطيين الليبراليين البريطاني بادي أشداون، الذي كتب على حسابه الخاص في «تويتر» بعد رفض البرلمان البريطاني مشاركة بريطانيا في العمل العسكري ضد سورية، قائلاً «بعد 50 سنة من خدمة بلدي لم يسبق لي أن شعرت بالاكتئاب والخجل، لأن بريطانيا قالت بأن الأهوال في سورية ليست من شأننا». وأضاف «نحن بلد تقلص بشكل كبير منذ هذا اليوم، وقد أفرح البرلمانيون البريطانيون الأسد وبوتين... إننا نسير نحو الانعزالية».

أشداون أشار في مقال سابق إلى أن «عصبة الأمم» لم تستطع منع الحرب العالمية الثانية، لأنها في الأساس عجزت عن معالجة «أزمة الحبشة» في 1935 - 1936، لأن تلك الأزمة وحدت بين المانيا النازية وإيطاليا الفاشية، وذلك بعد أن قامت إيطاليا بتحدي كلٍّ من بريطانيا وفرنسا (القوتين العظميين المسيطرتين على عصبة الأمم آنذاك)، ونفذت تهديدها وغزت إثيوبيا، وذلك ضمن التدافع آنذاك للسيطرة على إفريقيا. وعندما غزتها إيطاليا، تقدمت إثيوبيا بشكوى لـ «عصبة الأمم»، ولكن المنظمة الدولية (تحت قيادة بريطانيا وفرنسا) أصبحت ضعيفة ولم تتمكن من فعل شيء سوى إدانة الهجوم، وإصدار أمر لجميع أعضاء عصبة الأمم بفرض عقوبات اقتصادية على إيطاليا، لكن حتى هذا القرار لم يُطبَّق، والتردد في بريطانيا وفرنسا كان سيد الموقف، وهذا السياق - بحسب أشداون - مهّد الطريق لانفجار الحرب العالمية الثانية في 1939.

وعليه، فإن الذين يحثون أوباما على الضربة العسكرية يشيرون إلى الضعف والتردد الذي أصاب كلاً من بريطانيا وفرنسا في مرحلة حرجة من تاريخ العلاقات الدولية، وكيف عجزت الدولتان أمام الأزمات التي كبرت لاحقاً وأصبحت تضم محاور وتحالفات تصادمت في الحرب العالمية الثانية. وعَوْداً على ما جرى مؤخراً، فإن بريطانيا التي كانت متحمِّسة اصطدمت بقرار برلمانها (في 29 أغسطس/ آب 2013) الذي عارض التدخل، وأميركا الآن ربطت تدخلها بموافقة الكونغرس، وفرنسا تنتظر القرار الأميركي قبل أن تقول كلمتها الأخيرة.

ولكن لابد من القول بأن الحديث عن «المعايير الدولية» لا يتوقف عند الأزمة السورية فقط... فإذا كانت المعايير ستفرض على سورية، وإذا تمكنت أميركا من فرضها - بشكل أو بآخر - فإن الرأي العام في البلدان الغربية سيضغط من أجل تنفيذ جميع المعايير الدولية على جميع البلدان من دون استثناء، وفي كل المجالات... وفي ذلك مأزق آخر للمصداقية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4014 - الإثنين 02 سبتمبر 2013م الموافق 26 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 6:43 ص

      أين كان الدين والقانون عنها يوم كانت شريفه

      سأل جحا كيف يكون أو لا يون الإنسان ليس عاقلا ولا مجنون؟ قال جنكيز قد يكون خان الأمة - نصف جاهل ونصف مختل أو مخبل! يعني أمر الله الملائكة لكن إبليس اللعين رفض طاعة أمر الله بينما الجنود الامريكية الصنع الجديدة الارهابيه تطيع أوامر من؟ فقد يكون أو لا يكون أو هيئات كهرو مغناطيسية أرادت أن تأمر بالمعروف لكنها غافلت الناس ولم توضح أو تبين للناس أين المعصية وأين طاعة وأين ضاعت؟ أليس الاعتداء على الانسان ولو بالضن إثم؟ فما بالك بالفواحش والرذيلة التي قد يكون الناس غافلين عنها لأنها مبينة لكنها باطنه.

    • زائر 9 | 2:27 ص

      يااوباما

      شعبنا عانى ويعاني الويلات ووعدوك بنذفذون الاصلاحات ووافقوا على توصيات جنيف وبسيوني وفي الاخر ولا وعد نفذ شراح تسوون ليهم يعني بس تستاسدون على الاسد وغيره لا

    • زائر 7 | 1:59 ص

      امريكا والدول الغربية لم تحركهم القيم في يوم من الايام

      فلا يضحكنّ علينا احد لا امريكا ولا غيرها ولا توجد دولة عربية واحدة تحركها قيمها الاسلامية ولا الانسانية ولا غيرها.
      لقد انكشف الغطاء وبانت السماء واستوضحت الامور وانجلت الحقيقة.
      هي الحرب على كل من يقاوم الاطماع الغربية والصهيونية

    • زائر 6 | 1:40 ص

      امبراطوريات تحرّكها الاطماع المادية وبلاش قيم وبلا بطيخ

      الدول الغربية ومعها امريكا هي دول لا تحرّكها القيم الدينية ولا الانسانية ولا سواها ما يحرّكها هي الاموال والمطامع المادية فقط وفقط. تنتهي قيمهم الانسانية وتتلاشى امام البترول الذين اينما وجد سال لعابهم وتحركت اساطيلهم.
      لا عتب عليهم فهذا شأنهم العتب على الدول التي تسمي نفسها اسلامية وتضع شعارات الاسلام في كل مكان وهي لا تتحلّى بأدني قيم الاسلام ناهيك عن الانسانية وقيمها المفقودة كليا. لا ويتكلمون عن محاكم لحقوق الانسان العربي
      تضحكون على من؟

    • زائر 5 | 1:38 ص

      علي نور

      الدكتور منصور .توصيفك لما تقوم به امريكا تجاه سوريا (بالاجراء العسكري) توصيف غير موضوعي فمايحدث هو عدواااااااااااااان،اما المعايير الدولية الذي تكلمت عن تطبيقها من قبل اوباما فهي غير موجودة الا في احلام بعض العرب، معيار واحد يسعى له اوباما هو ضمان امن اسرائيل وتدفق النفط، اما اشارة النائب البريطاني أشداون الى خجله من رفض البرلمان البريطاني للعدوان فيه اشارة ضمنية واضحة للدعوة للعدوان على سوريا فكانه يريد القول "فشلتونه يوم ماضربتونها" اتمنى ان لا تكون تشاطره الراي يا دكتورنا الفاضل .

    • زائر 4 | 1:09 ص

      ميزان ومقياس لكن معيار مشكلة - نصب وإحتيال على الناس بها

      ليس بسر لكن قال جحا أين المساوون وأين المقايسوون بمقاييس دوليه موحدة؟ فتقول بريطانيا كما قالت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. للمسافات متر وكيلوا متر بينما غرام و للوزن – يعني مقياس له وحدة ودرجات وميزان للحرارة وآخر لقياس مستوى. بينما حق الانسان ضايع؟ ليش ؟ ليس بسر يبدوا غير معروفاً أو قد يكون منكراً- ناكرين على الناس حقوقها لأن المستر سام يعتقد أنه من الأمية السامية بينما إنتمائه ما أقرب الى الجهل منه الى العلم. اليس كذلك؟ الا يحتاج الناس الى مقياس واحد ووزن موحد لجميع البشر؟ وأين الوزن؟

    • زائر 3 | 12:51 ص

      المختار الثقفي

      سنسأل المستر أوباما: أين المعايير الدولية من المجازر التي ارتكبت ومازالت في ميانمار... أين السيد اوباما عن الغازات والانتهاكات التي يتعرض لها باقي الشعوب العربية المسحوقة... ننتظر الاجابة من السيد أوباما ولا احده غيره

    • زائر 2 | 12:47 ص

      ليس على الاصدقاء

      لاتوجد مصداقيه بل توجد مصالح! وهذا امر جدا طبيعي حتى في العلاقات الشخصيه. ليس على امريكا اي حرج بان تغير مسارها الخاطئ في استنساخ مايسمى بالديمقراطيه في الشرق الاوسط. الامور وضحت لها اكثر الان وهي تركز على مايسمى المصالح والتغير المصاحب لهذه المصالح

    • زائر 1 | 10:54 م

      دكتور

      بعد فشل مشروع الشرق الجديد وخاصه من الجماعه التي لايعتمد عليها إلي في العراق صادهم عقر بقر مايعرفون شسوون

اقرأ ايضاً