العدد 4014 - الإثنين 02 سبتمبر 2013م الموافق 26 شوال 1434هـ

مشكلة المعارضة

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

جلس الابن الذي لم يكن يحفل بالسياسة وأخبارها أمام والده المنشغل بمتابعة ما يرد إليه من هنا وهناك على نظام التواصل الالكتروني (الواتس آب)؛ وسأله بعد تردد: بابا... أجبرتني أحداث بلادي أن أخوض فيها واستمع لكل ما يجري على ثراها منذ كنت في الخامسة عشرة من عمري قبل حوالي ثلاث سنوات. واليوم ما زلت لا أفهم حتى اللحظة ما هو هذا الحوار الذي انطلق منذ أشهر هنا، لماذا هو؟ وما هدفه؟ ولماذا طال الحديث فيه وعنه إلى هذه الدرجة؟ فقال الأب: اسمع يا أحمد... أنا لست ضليعاً في السياسة ولا محللاً سياسياً، ولكن من مجمل ما أقرأه وأتابعه عبر هذا الجهاز العصري الصغير وأنظمة التواصل المتعددة عبره، أقول: أن الحوار يعني «تراجع الكلام». وأضيف إليك، مؤخراً قرأت أن (الحُوار) هو ولد الناقة من وقت ولادته إلى وقت فطامه. وأحد أصدقائي في المسرح يقول بأن الحوار هو أيضاً عنصر مهم من عناصر القصة والتمثيلية، يعني ثرثرة كلامية، وتستخدم كلمة حوار في هذا المثال الشائع «لَمْ يَكُنِ الحِوَارُ مَعَهُ مُجْدِياً». أما إذا أردت رأيي الشخصي، فبما أن لولد الناقة «الحُوارُ» جلد حيواني يمكن صنع طبل أو «قربة» منه؛ فإني أخاف أن تطلع هذه «القربة» في النهاية «مثقوبة»! وعندها يجب أن نبحث عمن سبب ذلك الثقب بها.

فهل ما دار بين الابن والأب يشكل جزءاً من هموم الشارع المحلي تجاه قوى المعارضة وحراكها على الأرض وفي دهاليز السياسة العلنية؟ ربما نعم وربما لا، لكن ما تم رصده خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته الجمعيات السياسية الخمس قبل الولوج لطاولة الحوار المستمر منذ مطلع شتاء هذا العام الميلادي وحتى نهاية صيفه الآن؛ يجعلنا أمام عدة تساؤلات وإشكالات أضحت المعارضة ملزمة بالوقوف أمامها أيضاً اليوم قبل الغد، ومنها:

لماذا المعارضة خجولة في ردّها ضد أي «تفجير» معلن عنه أمنياً، فلا هي لا تفصح عن موقفها بشفافية إلا بإلقاء التهمة أولاً على كلا الجانبين، دون أن تكون جريئة في تحديد من هما هذان الجانبان، تماماً كما يفعل الأميركيون اليوم في قضية السلاح الكيميائي في سورية، مع أنهم يعلمون جيداً، بوجود تصوير الأقمار الاصطناعية، أنه ليس الجيش العربي السوري!

ردت المعارضة، في المؤتمر الصحافي المذكور، قبل الولوج لموقع الحوار بالمنامة، بأن منع التظاهر في العاصمة مشكلة الحكومة وليست مشكلتها. نقطة وقراءة من أول السطر لتفسروا هذه الرد المحيّر!

كما لوحظ أن جميع الحضور، حتى من غير الصحافيين، في مؤتمر المعارضة الصحافي المذكور، كانوا مقتنعين بعدم جدوى موقف المعارضة من الحوار والمبادرة التي تقدمت بها لتحريك المياه الراكدة تحت طاولة الحوار، بل وتبريراتهم عن حراك العاصمة!

ولربما ستقول أطراف المعارضة بأن من يمارس صنع القرار ليس كمن يكون بعيداً عنه، ولذا فبعض أطرافها يبدون متفائلين وسط الأجواء الساخنة، كعادتهم، سواء كانت قمعية أم غيرها... فطوبى لقدرتهم تلك.

وحيث أن صديقك من صدَقك لا من صدّقك، لذا نقول أنه يلاحظ على بعض قوى المعارضة من يحضر المسيرات والاعتصامات ويوقّع على البيانات النارية، لكنه لا يحضر جلسات الحوار وغير موافق عليها؛ ومن يحضر الحوار فقط فهو لا يوافق على المضي في أسلوب المسيرات والاعتصامات ولا يدعو إليها ولا يوقع على البيانات النارية فيها!

ثم أن العبارات الإنشائية مثل «إيجاد حل جذري للأزمة السياسية الدستورية، وتفاقم الوضع المعيشي للشعب البحريني نتيجة لغياب استراتيجيات التنمية الإنسانية الشاملة، والفساد الإداري والمالي وتراجع الأداء الإداري لمؤسسات الدولة»، كلها جيدة لكن لم يعد هناك طرف رسمي أو موالٍ يحفل بسماعها. فيجب البحث عن عبارات أخرى أو إلغاؤها تماماً من قاموس الحراك وإحلال الفعل المسموع بدلاً منها.

ثم هل الترحيب، كما ذُكر، بالدعوات الوطنية الصادقة لخوض الجولة الثانية من الحوار الوطني، هو الذي سيوفر العيش بحرية وكرامة واحترام حقوق الإنسان وفق الشرعة الدولية؟

وفصل الخطاب فعلاً هو ما ذكرته المعارضة في بيان مبادرتها المذكورة، بأنه بعد نحو 25 جلسة من الحوار الوطني في جولته الأولى، خرج المتفاوضون بنتائج متواضعة لا ترتقي إلى مستوى تطلعات شعبنا البحريني الأبي. كان هذا تواضعاً من المعارضة نفسها بأن قالت أن ما تحقق مجرد «نتائج متواضعة»، ومع ذلك، وحتى إثر التدهور الأمني والسياسي الخطير، كما قال بيان المعارضة، أثناء وبعد الجولة الأولى من الحوار وما نتج عنه من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وتراجع في حالة السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي؛ فهي لم تبني على ذاك شيئاً يُذكر، بل قرّرت المضي بجانب حافة هذا التواضع وضمن ذاك التدهور إلى أجل غير مسمي. بل أضافت عبارات إنشائية أخرى للخطاب بقولها إن الحوار خيار حضاري واستراتيجي من شأن التعاطي الجدي مع بنوده ومبادئه المعلنة أن ينقل البلاد من حالة التجاذب والاصطفافات المصطنعة إلى تحمل المسئولية الوطنية تجاه شعبنا من أجل خير حاضره ومستقبله.

وبناءً على كل ما سبق، تقدّمت المعارضة بمبادرةٍ من ست نقاط استندت على بنود وثائقها المتعلقة بالأزمة وسبل الحل من أجل إنجاح الجولة الثانية من الحوار الوطني، كما تصورتها. وما قيل في المبادرة وترقب الجميع لمؤتمرها الصحافي الذي أعلنها وكأنها قنبلة مدوية ستحدث أثراً مهماً في الساحة أو تجاه الحوار وأسلوب التعاطي معه؛ لم يكن كذلك ممّا سبّب خيبةً عند حضور ذاك المؤتمر.

وأيضاً ما قيل عن وقف عملية التحريض الإعلامي، وإطلاق سراح سجناء الرأي، وتبريد الساحة المحلية أمنياً، وتنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة أمام المجتمع الدولي، ووقف السعي المحموم لتشطير المجتمع على أساس طائفي ومذهبي وقبلي؛ نقاط مهمة حقاً، ولكن ما السبُل الناجعة لتحقيق هذه النقاط وغيرها على أرض الواقع؟ هل هي طاولة للكلام؟ أم أمر بفض الأزمة؟ أم فعل؟ أم تخطيط استراتيجي فاعل للجمعيات المعارضة المذكورة دون إخفاء الحقائق المرعبة عن الناس، أو التدثر بأي غطاء من جميع أطرافها؟ أم كل تلك الأمور مجتمعةً لموقف لا عيب في مراجعته عقب كل تحرك، فالإنسان الإداري الناجح هو من يراجع ويصحّح مواقعه كل يوم وليس كل عام.

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 4014 - الإثنين 02 سبتمبر 2013م الموافق 26 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 5:58 ص

      مهتم

      اني فعلا لأ أفهم مضمون مبادرة (المعارضة) ، هذه هي شروط المعارضة التي بموجبها تريد اقصاء أي رأي لا يتناسب مع معتقداتها الولائية .

    • زائر 2 | 1:55 ص

      مجموعة من الأزمات قد إجتمعت في المجتمع

      ليس كان يا ما كان ولا من الأسرار أم مشكلة معارضة وموالاة في أي مجتمع قد يكون من أسبابها المال أو المناصب والتعيينات - شراء ذمم كما يقول البعض. المعارضة التي تسمى معارضة لم تعارض من أجل مال ولا من أجل جاه، لكنها قالت لا للظلم نعم للعدل والمساواة. فقد يكون بعض الموالاة أوقعوا بهم في فخ وباعوا ضمائرهم مقابل شيكات كما ظهر في تقرير البندر وأفراد من المجتمع المحلي تعاونوا ليس على البر والتقوى ولكن من باب آخر دخلوا. من أي باب دخلوا يعني؟

    • زائر 1 | 10:44 م

      الأخ محمد

      ضكتني كلمه تبريد الساحة جيف لديتر الضاهر بو احمد توهق مع ولده متل إلي يسأل شلون يبتوني يراوق عن الحفيفه ويكذب علي ولده

اقرأ ايضاً