العدد 4024 - الخميس 12 سبتمبر 2013م الموافق 07 ذي القعدة 1434هـ

خارطة الطريق للعمل البيئي في البحرين (5)

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

إن التوجه في ضع نظام التعرفة البيئية ضمن أولويات مشروع السياسات البيئية الحديثة في مملكة البحرين، خطوة ذات دلالة على التوجه الاستراتيجي الممنهج للمجلس الأعلى للبيئة، في العمل على إحداث تحول نوعي في منهجية الإدارة البيئية ونظامها القانوني والرقابي لتعضيد قواعد المسئولية والتعويض على الأضرار البيئية ونظام الرسوم على استغلال الموارد الطبيعية بما يفضي إلى الحد من الأضرار البيئية والتقليل من مستويات التلوث البيئي وترشيد عملية استغلال الموارد الطبيعية وصونها لصالح الأجيال.

نظام التعرفة البيئية كآلية قانونية يرتكز في منهجياته على المعايير المادية والاجراءات الاقتصادية لمعالجة القضايا البيئية، ويصنف بعض فقهاء القانون البيئي نظام التعرفة البيئية ضمن آلية القانون الاقتصادية لحماية البيئة وتفرد بعض القوانين البيئية لهذا المبدأ باباً خاصاً لمعالجة مناهجه القانونية، ومن تلك القوانين قانون البيئة في اوكرانيا للعام 1991، الذي يعالج الموضوع في الفصل العاشر (آلية القانون الاقتصادية لحماية البيئة)، حيث تعالج المادة (41) الاجراءات الاقتصادية لحماية البيئية والمادة (42) نظام تمويل المشاريع البيئة والمادة (43) نظام الرسوم على استغلال الموارد الطبيعية، والمادة (44) نظام التعويض عن تلويث المحيط البيئي والمادة (45) نظام الرسوم بشأن الأضرار بمعالم النظام البيئي.

وتدخل مناهج إجراءات صون الموارد الطبيعية والحيوية كقيمة اجتماعية واقتصادية ومعيشية ضمن المساق التاريخي لنهج الحماية البيئية وصون الأراضي الزراعية وتأهيلها والحفاظ على إنتاجيتها، ووفق الموروث التاريخي يشار إلى أانه بموجب التقاليد القديمة، يفقد الفرد الحق في الاحتفاظ بالأرض الزراعية واستغلالها إذا لم يجري الالتزام بإجراءات نهج الاستغلال الرشيد للأرض والاستفادة منها كمصدر اقتصادي ومعيشي، وتأخذ بعض الدول بهذا المبدأ والإجراء القانوني والنهج الاقتصادي حيث تنص قوانينها على مصادرة الأراضي للمنفعة العامة إذا وجد ما يؤكد عدم استغلالها الاستغلال الأمثل والتسبب في تدهور إنتاجيتها، وتصير جزءًا من الأملاك العامة.

وعندما يجري التفكير في وضع نظام التعرفة البيئية ينبغي عدم إغفال حقيقة ارتباط فاعلية هذا النظام في جزئية مهمة بقواعد القانون البيئي الاقليمي وقواعد القوانين البيئية في دول المنطقة، أخذاً في الاعتبار حقائق ارتباطهم في محيط جغرافي وحيوي واحد وتقاسمهم مخاطر ومصالح استغلال موارد وفوائد مياه حوض الخليج العربي، لذلك من الطبيعي أن يجري احتساب أسس التوافق وضرورات موائمة قواعد التشريع البيئي في شأن نظام التعرفة البيئية في جوانب المعايير والأسس القانونية المعنية بالرسوم والضريبة والمسئولية البيئية للتمكن من تفعيل جوهر نظام التعرفة البيئية وتحقيق شمولية الجدوى المرجوة في صون الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية والحد من الأضرار البيئية.

نظام التعرفة البيئية يشكل محور اهتمام رسالتنا لنيل درجة الدكتوراه في القانون البيئي لعام 1992 التي جرى فيها معالجة موضوع «المشاكل القانونية لحماية مياه حوض الخليج العربي»، ويجري معالجة مفاصله في فصل «الآلية الاجتماعية والاقتصادية للتنفيذ القانوني لحماية مياه الخليج» كإحدى الوسائل المهمة في حل المشاكل الايكيولوجية في المنطقة وكعامل رئيس في تحقيق البرامج البيئية الهادفة إلى إزالة الأضرار البيئية وإعادة التوازن الايكيولوجي وإحياء المحيط البيئي.

ويتضمن النظام تشكيلات مختلفة لتنفيذ الإجراءات اللازمة لحل المشكلات الايكيولوجية، وتتمثل مهامه ووظائفه في تحديد المصروفات اللازمة لازالة الأضرار الناتجة عن التلوث، ويجري التركيز في البحث بشكل رئيس في معالجة منهجيات نظام التعويض وإزالة الأضرار البيئية، وفق التوجه المنهجي والارتكاز على الطرق العملية لإزالة آثار التلوث الذي يصيب الماء والهواء وإعادة إعمار المزروعات والثروة الحيوانية وتعويض المتضررين وتمويل المشاريع الصحية وتأمين المواد الغذائية النظيفة والمساعدات الأخرى للمجتمعات المحلية.

ومن أجل التمكن من التنفيذ الفعلي لمهام الآلية الاجتماعية والاقتصادية، ضرورة العمل على تحديد الأدوات التي يمكن بفعلها تصنيف وتحديد الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي يتعرض لها المجتمع نتيجة الاستخدام غير الرشيد للموارد الطبيعية وتلويث المحيط البيئي للانسان، ووضع نظام خاص بتقدير الأضرار التي تصيب الإنسان وتعرض صحته للخطر نتيجة إلقاء المواد السامة في مياه الخليج، وقذف الأبخرة المضرة بصحة المجتمع المحلي في المحيط الحيوي للإنسان، كما أن تحديد الغرامات المادية على استخدام وتلويث السواحل والمياه البحرية تمثل أهمية خاصة لتنفيذ القواعد القانونية المنظمة لحماية مياه حوض الخليج كموضوع متداخل الاهتمامات القانونية لدول المنطقة.

ومن الطبيعي أن تكون لعملية البرمجة والتخطيط العمراني والتنمية الاقتصادية وإقامة المشروعات وتطوير البنى التحتية لأية بلد، التي تأخذ في الاعتبار المعايير البيئية الحديثة وظروف الواقع الايكيولوجي وتسخر عملية البناء والانتاج الاقتصادي من أجل تنفيذ المهام والقرارات البيئية المرسومة لصون النظام البيئي والارتقاء بمستوى فاعلية الادارة البيئية، أهميتها الفعلية في حماية وتنمية النظام البيئي.

ويتداخل ضمن منظومة إجراءات آلية القانون الاقتصادية الاتجاهات الممنهجة لوضع خطة عمل تضع ضمن أولويات أهدافها، إعادة التوازن البيئي وتنمية الموارد الحيوية للنظام البيئي، وذلك يتطلب توفير وتخصيص الموارد المالية اللازمة لتطوير البناء المؤسسي والاداري للرقابة البيئية، والإنفاق على برامج البحث العلمي في الشأن البيئي للتمكن من تحقيق الجودة المطلوبة في انجاز أهداف التنمية المستدامة.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4024 - الخميس 12 سبتمبر 2013م الموافق 07 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً