العدد 4040 - السبت 28 سبتمبر 2013م الموافق 23 ذي القعدة 1434هـ

الأطباء: مع التنظيم شريطة الشراكة

من جانبهم، يظهر عدد من الأطباء البحرينيين تفهماً لكل ذلك، ويطالبون في الوقت ذاته بعدم الوقوع في فخ التعميم، وضرورة النظر للمصروفات الكثيرة والكبيرة التي يتطلبها العمل الطبي، من دون أن يغفلوا رفع مطلب تنظيم قطاع الطب الخاص في البحرين، شريطة مساهمة جميع الأطراف في ذلك للوصول إلى حل قابل للتطبيق.

من جهتها تقول الاستشارية د. حكيمة الهاشمي "ليس لدي اطلاع تام على أسعار المستشفيات الخاصة، لكنني أود الإشارة إلى أن هذه المستشفيات تتفاوت في الحجم، وفي نوع، وعدد الخدمات التي تقدمها، ولهذا بالتأكيد انعكاسه، وتأثيره المباشر على تفاوت الأسعار من مستشفى لآخر".

ورداً على تهمة المبالغة في هذه الأسعار، تجيب د.الهاشمي "بالنسبة للعيادات، فإن خدماتها تقدم على أيدي استشاريين من ذوي الخبرة الكبيرة، يمنحون من خلالها الوقت والتشخيص الدقيق الذي ينتهي بخطة علاجية تقدم للمريض، وعطفاً على كل ذلك، فإن الأسعار تعتبر في مستوى مناسب".

وتضيف"وعلى الرغم من ذلك، فإنني أتفهم ملاحظات وانتقادات المواطنين، ولاسيما من ذوي الدخل المحدود، وأنا أدعو من هنا إلى ترشيد سلوك المواطنين في تعاطيهم مع الطب الخاص، وأن تتحمل وزارة الصحة مسئوليتها، وتقوم بواجبها في الجزء المتعلق بتوفير معلومات مهنية كافية عن كل طبيب من أصحاب العيادات، والعاملين في المستشفيات تماماً، كما هو معمول به في الولايات المتحدة الأمريكية، بحيث يتمكن المواطن من اختيار الطبيب المناسب".

وتتابع د.الهاشمي "نحتاج إلى مثل هذه الخطوة لمواجهة السلوك المستشري بين عدد كبير من المواطنين الذي يتسبب في اختيارهم طبيباً اعتماداً على انتشار اسمه بين الناس، من دون النظر إلى حقيقة خبراته وكفاءته".

وتبدي د. الهاشمي استغرابها من "اعتبار البعض أسعار الطب الخاص في البحرين مرتفعة، مقارنة بما هي عليه في الدول القريبة منَّا"، مشيرة إلى أن "القصد من ذلك قد يكون محدداً بارتفاع أسعار العمليات الجراحية، عدا ذلك، فإن الأسعار عادية بل إنها أقل من ما هي عليه في الخارج. وذلك اعتماداً على معاينة مباشرة نتيجة عملي في الخارج مدة من الزمن".

وتعليقاً على نية مجلس النواب فتح هذا الملف والوصول به إلى مرحلة توافق بين مختلف الأطراف، تقول "من المؤكد أن لدى المجلس معلومات تدفعه باتجاه تبني هذا الملف الذي يستحق في جميع الأحوال مزيداً من البحث سعياً للحقيقة التي تحول دون ارتكاب خطأ التعميم. فمن الضروري والمهم تحديد مكمن الشكوى ليصبح الحل موضوعياً".

وتعتبر د. الهاشمي أن "التأمين الصحي، يمثل أحد الحلول المقترحة وبموازاة ذلك، يحتاج المواطنون إلى حملة تثقيف وتوعية تصحح سلوكيات البعض، وتطبيقه بصورة شاملة في البحرين وعلى غرار ما تفعله بعض البلدان، ومن شأنه أن يسهم في منع مسألة التضارب في الأسعار".

ديواني: معاً لنوقف "مص دماء" المواطنين

من جهته يقول الاستشاري د.نادر ديواني إن "الحديث عن أسعار الطب الخاص في البحرين، يدفعنا ـ بالضرورة ـ للحديث عن قاعدة العرض والطلب التي تتحكم فيها، فلدينا من جهة من يقدم هذه الخدمة، ومن جهة أخرى هنالك من يحتاجها، وأرى أن توفر عامل الثقة بين الطرفين كفيل بتحقيق مستويات مترفعة من الرضا لكليهما، وهو ذات العامل الذي يدفع البعض للسفر للخارج، وتحمل مصروفات إضافية تصل آلاف الدنانير، بحثاً عن عنصري الثقة والكفاءة".

ويضيف "أضم صوتي إلى صوت المواطن، وأتفق مع من يرى وجود مبالغة في الأسعار المقدمة من بعض مستشفيات وعيادات الطب الخاص في البحرين، و أن بعضها يتعمد تقديم خدمات إضافية لا يحتاجها المريض"، مشيراً إلى أن "الجهات الرسمية ومن بينها وزارة الصحة، تتحمل مسئولية تنظيم هذا القطاع، ووضع الضوابط التي تحكم عمله وتمنع عملية "مص الدم" التي يقوم بها

البعض، ويقع المواطن البسيط ضحية ذلك".ويردف "الضوابط والتنظيم، أمران مطلوبان،

لكنهما ليسا كل شئ، فيقظة ضمير الطبيب عامل آخر، لابد من حضوره منعاً لأي التفاف، أو دوران على القوانين، فمهنة الطب مهنة تحكمها المعايير الإنسانية. ولابد للطبيب من النظر إلى حالة المريض المادية، وأخذها بعين الاعتبار.

وتعليقاً على سعي النواب إلى بحث الموضوع، يشير ديواني إلى أن "إلزام الطبيب بسعر معين أمر غير ممكن، ولو افترضنا أن الدولة سعت في ذلك فإن الآثار والنتائج ستكون سلبية على المريض نفسه، بالنظر لقدرة الطبيب على "الاحتيال" على هذا القانون إن هو أراد، وشخصياً أرى أن البديل المناسب لذلك، يكمن في وضع قائمة متعددة الأسعار بناءً على معايير واضحة، ومحددة تشمل نوع التخصص، وطبيعة مصروفات المستشفى، أو العيادة، إضافة إلى خبرة الطبيب، وكفاءته".

ويوجه د. ديواني مطالباته للإعلام بقوله "يتحمل الإعلام المحلي مسئولية، وعليه واجب التحول لإعلام هادف، يعمل على تثقيف المواطنين، وتوعيتهم بخصوص الخدمات الطبية المتوفرة والسبل الصحيحة للحصول على الخدمة والطبيب المناسبين، والحذر من الوقوع في فخ "المحتالين".

هل ترتفع؟!

ويلفت د. ديواني إلى أن "أسعار مختلف الخدمات، تسير في اتجاه تصاعدي، ومن المؤكد أن أسعار الطب ليست بدعاً من ذلك، لكننا نجدد مطالبتنا للمعنيين بأن تكون الزيادة في هذه الأسعار معقولة، ومتناغمة مع طبيعة المصروفات. علاوة على ذلك، تحتاج عملية الزيادة إلى الالتزام بعامل التدرج".

ويشير إلى أن "توحيد أسعار الكشوف عملية ليست بالسهلة، وأنا هنا أستذكر ذات الخطوة التي أراد وزير الصحة السابق الدكتور خليل حسن تطبيقها في فترة قيادته للوزارة، وباءت بالفشل، بسبب غياب التخطيط السليم والموضوعية، ومراعاة حقيقة التكاليف، والمصروفات التي يتحملها الطب الخاص"، منوهاً إلى أن "محاولات الوزير هذه قوبلت باعتراض الأطباء، ووصلت أروقة القضاء، وانتصر فيها الأطباء".

ويضيف "حقيقة المشكلة لا تكمن في النوايا بل في العمل، فرغبتك في إصلاح وتنظيم هذا القطاع الهام لا يكفي، إذ يتوجب عليك مراعاة حقوق مختلف الأطراف، و إشراكهم معك في صنع القرار، والانطلاق من دراسة علمية، وموضوعية تحقق الهدف المطلوب، وتحول دون خلق مشاكل أخرى، وأي تفرد من أي طرف من شأنه أن يصيب هذه الخطوة بالفشل".

من جانبه، يقول الاستشاري الدكتور أحمد جمال "بصورة عامة، وحسب أنظمة البلد، فإن الدولة مسئولة عن ضبط مستوى كفاءة وجودة عمل القطاع الخاص، أما ضبط أسعاره فمن الصعوبة بمكان انطلاقاً من منهجية السوق الحر التي تحكم سوقنا المحلي. وأسعار الطب الخاص في البحرين تتراوح مابين البسيطة، المتوسطة والعالية، وإذا ما علمنا أن الشريحة الأكبر من المواطنين هي من أصحاب الدخول المتوسطة ودونها، فإننا سنفهم طبيعة الشكوى من بعض هذه الأسعار".

ويضيف "إلى جانب ذلك، فإن خدمات الطب العام في البحرين ممتازة، و في بعضها تتفوق على خدمات الطب الخاص، كما أنها تقدم على أيدي كفاءات مشهود لها، لكن كثرة المراجعين يتسبب في تأخير المواعيد، وهذا بدوره يدفع البعض للجوء للطب الخاص تفادياً للانتظار أوالتأخير".

ويتفق د. جمال مع القول بجدوى التأمين الصحي، وإمكانية مساهمته في حل المشكلة، مشيراً إلى أن "أحد الحلول تتمثل في تنفيذ التأمين الصحي على جميع المواطنين، وهذا ما فعلته دولة قطر بإمكانياتها العالية التي لا تتوفر في بقية الدول، ومكنها ذلك من التخلص من عبء هذه المشكلة، وبالنسبة لنا في البحرين، فإن المشروع بحاجة للكثير من الوقت لكي يرى النور حتى بعد دراسته، ويمكن للدولة بجانب ذلك توفير خدمة الطب العام بسرعة أكبر للمواطنين، ليسهم في تقليل اعتمادهم على الطب الخاص".

وعن مدى تناسب أسعار الطب الخاص مع تكاليفه، يقول د.جمال "من المهم أن نعلم أن تكاليف الطب عالية، بسبب التجهيزات التي يتطلبها والتي يأتي في مقدمتها الأجهزة غالية الثمن، تصل أسعار بعضها ملايين الدنانير".

وفي سعي النواب وحديثهم عن ضرورة وضع ضوابط لأسعار الطب الخاص، يقول "من حق النواب وضع الحلول المناسبة التي تستهدف خدمة المواطن، وتخفيف العبء عليه، لكنني أشدد على صعوبة المسألة، وعدم سهولتها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال مساواة طبيب بخبرة تمتد مدتها 30 عاماً وشهادات عالية مع طبيب حديث في ممارسة المهنة" مضيفاً "نجاح خطوة النواب هذه، مرهون بمقدار موازنتهم بين مختلف تفاصيل الموضوع، بما في ذلك تكاليف الأجهزة، وبقية المصروفات، إضافة إلى قدرة المواطن، ومستواه المادي".

وينفي د. جمال حديث البعض عن الأطباء بوصفهم "أعلى الفئات دخلاً"، موضحاً أن "أن الأطباء هم من الشرائح التعليمية، أصحاب المعارف العليا ويشترك معهم في ذلك كل من المهندسين والمحامين، لكن الأطباء ليسوا من أصحاب الدخل الأعلى، ويكفي أن نقارن بين دخلهم الشهري الذي يصل إلى 2000 دينار في الوقت الذي يصل فيه الدخل الشهري لمديري البنوك 40 ألف دينار".

العدد 4040 - السبت 28 سبتمبر 2013م الموافق 23 ذي القعدة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً