العدد 4053 - الجمعة 11 أكتوبر 2013م الموافق 06 ذي الحجة 1434هـ

الأزمة في البلاد سياسية بامتياز... وتغيير عنوانها لا يزيدها إلا تعقيداً وتأزيماً!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

لقد عُرف الشعب البحريني منذ وجوده على هذه الأرض الطيبة بوعيه السياسي الرزين، وإدراكه الراسخ بأهمية التلاحم الوطني، وأنه يتفاعل بإيجابية كبيرة مع أية فكرة خيِّرة، ويرفض كل الأفكار السلبية التي تضر بالبلاد والعباد.

لم يكن في يوم من الأيام في معارضته السياسية طائفياً أو إرهابياً، لأن هذه العناوين السلبية تتقاطع كلياً مع نهجه الوطني المسالم. كانت ومازالت مطالبه السياسية والوطنية والإنسانية واضحة وجلية للعالم الديمقراطي.

كان يريد تحقيق العدل والمساواة والإنصاف بين جميع المواطنين، وتطبيق المبادىء الديمقراطية بكل عناوينها الرائعة، التي تكون فيها السيادة للشعب مصدر السلطات جميعاً، ويكون الفصل بين السلطات أساساً مهماً فيها، ويكون القضاء المستقل دليلاً للعدل، وتكون الحكومة المنتخبة طريقاً للتطوير والتنمية الشاملة، ويكون البرلمان الذي له كامل الصلاحيات في التشريع والرقابة سبيلاً لمكافحة الفساد بكل أنواعه وأشكاله.

لأنه يعلم أنه إذا ما قويت السلطات الثلاث قوي البلد سياسياً واقتصادياً وإنسانياً واجتماعياً وأمنياً، فالشعب يريد التقدم والنماء لبلاده في مختلف المجالات والميادين، ويريد أن يعمّ الخير للجميع، ويكون الوطن للجميع والأمن للجميع.

ويريد أن يكون في وطنه منتجاً إيجابياً وليس مستهلكاً سلبياً، يريد أن تُكرّم وتُقدّر فيه الكفاءات والقدرات الوطنية التي تعمل جاهدة لتحقيق الديمقراطية الحقيقية لا أن تتهم وتعاقب بقسوة.

يريد في وطنه تجريم التمييز بكل أشكاله ومسمياته الطائفية والعنصرية والقبلية، ويريد الوقوف بحزم ضد الفساد الإداري والمالي والأخلاقي الذي يزعزع أركان المجتمع.

يريد أن يكون الجميع أمام القانون سواء، ولا أحد يكون فوق القانون، ويريد أن يكون المواطن في بلاده كريماً وعزيزاً في مختلف الأحوال والظروف، كما نصت عليه المادة رقم (18) في الدستور: «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة. لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة».

يريد أن تكون حرية الفرد الشخصية مكفولة حسب القانون، ولا يجوز القبض على إنسان أو توقيفه أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق القانون وبرقابة من القضاء العادل، ولا يجوز حجز أي إنسان أو حبسه في غير أماكن المخصصة لذلك في قوانين السجون المشمولة بالرعاية الصحية والاجتماعية والخاضعة للرقابة القضائية، ولا يتعرض أي فرد للتعذيب المادي أو المهنوي ، أو للإغراء، أو للمعاملة الحاطة بالكرامة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك، كما يبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب أو الإغراء أو لتلك المعاملة أو التهديد بأي منها، كما ورد في الدستور في المادة رقم (19) في فقراتها (أ - د).

ويريد أن يعبّر المواطن عن آرائه بكل بصراحة ووضوح من دون وجل أو خوف، كما نصت المادة (23): «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبيّنها القانون، مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب، وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية».

ويريد أن يتعامل مع أبناء البلد الذين يطالبون بسلمية عن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإنسانية دون أن يشنّ عليهم الإعلام الرسمي وشبه الرسمي وخطباء المصالح الشخصية وأصحاب المنافع الذاتية حملات التشوية وينعته بنعوت غير لائقة.

ويريد تطبيق المادة (25) من الدستور، التي تنص حرفياً على: «للمساكن حرمة، فلا يجوز دخولها أو تفتيشها بغير إذن أهلها إلا استثناء في حالات الضرورة القصوى التي يعيّنها القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه».

ويريد أن يكون مبدأ المواطنة الحقيقية في بلده أكبر من الطائفية والمذهبية والعرقية والفئوية والمحسوبية، ويريد أن يضمن للأجيال الحاضرة والقادمة الحياة الكريمة والعيش الرغيد، يريد أن يكون الوطن رائداً في كل المجالات العلمية والأدبية والتربوية والتعليمية والفنية والرياضية، يريده أن يكون راعياً مخلصاً للتراث الوطني وللثقافة النظيفة وللفكر المتزن.

يريد أن تكون من أولوياته الوطنية تنمية قدرات ومهارات الشباب وتحقيق طموحاتهم العلمية والفكرية والثقافية والمهنية.

أليس ما يطالب الشعب به وقوى المعارضة الديمقراطية الوطنية هو في صالح الوطن والمواطن؟ إذا كان كذلك، إذن لماذا وزارة الخارجية في شهر مارس/ آذار 2011 تنعت المطالبات بالطائفية، وعملت على أساسها الأجهزة الرسمية والجمعيات ذات الأيديولوجيات الطائفية على التصدي لها طائفياً بكل الوسائل المتاحة لديها، وراحت تتعامل مع كل فئاته الطبية والحقوقية والعمالية والتربوية والفنية والرياضية والدينية والعلمائية بشدة خارج القانون، ولم تترك وسيلة حاطة بعقيدة الناس الذين ينتمون إلى أحد أكبر مكون في البلاد ولا بكرامتهم الإنسانية إلا ومارستها.

وتأتي، نقصد وزارة الخارجية، في شهر سبتمبر/ أيلول 2013 بعد كل تلك المصائب والبلايا التي أصابت شريحة واسعة من أبناء الوطن ومازالوا يعانون من تداعياتها، وتنفي عنها عنوان الطائفية، التي بسببها توسعت دائرة العقوبات لتشمل جل فئات الشعب، وتتهمها بعنوان آخر وهو الإرهاب؟ الذي بالتأكيد يتطلب التعامل معه بشدة لا تقل عن شدة مكافحة الطائفية، لماذا هذا التباين الواسع في التشخيص الرسمي للأزمة السياسية؟ هل بالفعل وزارة الخارجية لا تعرف ماهية الأزمة التي دخلت عامها الثالث على التوالي، أم أن هناك شبهة لديها في ماهيتها رغم ما خلفته من تداعيات إنسانية وحقوقية خطيرة على المجتمع بكل أطيافه وفئاته الاجتماعية؟

ما أردنا قوله إن الابتعاد عن عنوان الأزمة السياسية ووضع عناوين أخرى ليس لها علاقة لا من قريب ولا من بعيد بها، يُعقّد الأزمة ويزيد في تأزيمها ولا يساهم في حلها.

إذا كانت بعد مرور أكثر 31 شهراً لم تتمكن من تحديد ماهيتها، هل هي أزمة سياسية أم طائفية أم إرهابية، إذن كيف تدخل الحكومة في حوار مع أطراف إلى الآن لم تستطع تشخيص أهدافها؟

لقد قالت قوى المعارضة الوطنية في مختلف محافلها ومنتدياتها وفعالياتها الجماهيرية السياسية، إنه لا يمكن حل الأزمة السياسية من دون الاعتراف بوجودها أولاً.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4053 - الجمعة 11 أكتوبر 2013م الموافق 06 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 5:56 ص

      عاجل وآجل والشيطان مستعجل!

      يقال الخوف يقطع الجوف بينما قال شكسبير الخوف لا يرهب إلا القلب الفاسد أو الفاسق أو الكذاب. هنا الأمريكان كما حلفائهم من زود يعني زيادة خوفهم من أن تنهار تجارتهم العالميه كما يدعون أنها حره. بات واضحا إنهيار إمبراطورية الفساد ودولة الشيطان أو الشياطين. يعني إذا كان الخوف من إبليس الكافر الجاحد لم يخف ربه عند ما أمره بالسجود لآدم لكن الله حذر الناس من عدو الناس الشيطان. فهل حلفاء أمريكا وأعوانهم الإرهابيون يعني عقدوا صفقات مع الشيطان والشياطين؟

    • زائر 6 | 5:08 ص

      طائفية وبامتياز

      هم أرادوها طائفية .. على قاعدة ضربني بوجهه على إيدي يبيه .. هم قالوها بدون احساس أن طائفة مظلومة ثارت تطالب بحقوقها ونحن على حياء لم نرض بهذا التوصيف حبا بالوطن .. لكن مع من .. مع من لا يريد بهذا الوطن إلا تشرذما .. فلتكن كما وصفوها ةأرادوها فهو الواقع .. إن لم تكن طائفيا وهناك من يظلمك بسبب طائفتك .. فماذا تسمي ذلك .. واستهدافنا بهذه الطريقه ماذا نسميه .. هي طائفية ليس كما تخيلوها بل كما شاهدها العالم .. نحن نطالب بحماية دولية وبمحاصصة طائفية

    • زائر 5 | 4:57 ص

      بل طائفية

      هي طائفية بامتياز .. فلو كانت غير ذلك لتم حلها .. فانجرار مكون في المجتمع ورضاه بأن يكون أداة لانتهاك كل شيء لدى المكون الآخر يعني وجود استعداد لدى هذا المكون لفعل أي شيء إذا استدعى الأمر .. كنا نتعامل مع الأزمة بمنظور حقوقي وسياسي .. ولكن هم أرادوها طائفية .. فلتكن كذلك ولنطالب بالمحاصصة فهي حقنا .. وهم من بدؤوها

    • زائر 3 | 3:50 ص

      لا يا عزيزي اختلف معك

      مشكلة البحرين مشكلة طائفية.
      صحيح أن هناك فئة من الطائفة الأخرى (وهي ليست بالقليلة) لا ترضى بما يجري.
      إلا انه من الواضح الهجوم على كل من هو يشارك المعارضة نفس الطائفة.
      يجب أن تحل المشكلة البحرينينة على أنها مشكلة طائفية.

    • زائر 1 | 12:52 ص

      قلنا سياسية وقالوا طائفية وقال العالم طائفية قالوا لا توجد طائفية

      حيرونا في ظلمهم لنا وكل طرح نطرحه يناكفوننا ثم اذا قال العالم مقولته عكسوا الامر

اقرأ ايضاً