العدد 4063 - الإثنين 21 أكتوبر 2013م الموافق 16 ذي الحجة 1434هـ

قطر... قبلة المصالحات العربية

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

لعل الله أراد الخير لقطر فجعلها تنفرد في تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين في الدول العربية، كما وفّقها كذلك لتقف مع الشعوب العربية المضطهدة رغم ما يكلّفها ذلك من تضحيات كثيرة، ولكن أصحاب الأهداف السامية والهمم العالية لا يفكّرون في العواقب كثيراً مادام المقصد والهدف سامياً، والوسائل تنسجم مع تلك الأهداف.

إن المتتبع لما قامت به قطر في ملف المصالحات العربية يندهش كثيراً من حجم العمل الكبير والدؤوب الذي قامت به قطر وأدى إلى نتائج إيجابية مبهرة على صعيد التقارب فيما بين عدد من المتخاصمين في الدولة الواحدة أو فيما بين دولة وأخرى. وهنا لابد من الإشارة إلى نقطة مهمة وهي أن هناك من يعمل لإفساد بعض هذه الجهود، وهذا ما يفسّر تأخر بعض النتائج بعد أن يكون قد تم الاتفاق على تنفيذها.

جهود كبيرة بذلت من أجل إنهاء النزاع بين الحكومة السودانية وثوار دارفور، ووقعت «وثيقة الدوحة للسلام في دارفور»، وقّعها آنذاك الرئيس عمر البشير ومجموعةٌ من قادة الحركات المقاومة في دارفور، ولم تكتف قطر بمجرد توقيع هذه الاتفاقية ولكنها كانت تدرك أهمية العامل الاقتصادي في تحقيق السلام، فقامت بتقديم حزمة من المساعدات الاقتصادية لتحقيق مفهوم السلام بصورة عملية.

جهود أخرى اتجهت إلى فلسطين، واجتماعات كثيرة عقدت من أجل تحقيق المصالحة بين فتح وحماس، ولكن بعض الأيدي النجسة وقفت حائلاً دون تحقيق تلك المصالحة مع أهميتها الكبيرة، ليس للفلسطينيين وحدهم بل للعرب جميعاً وللسلام والأمن الدوليين، ومعروفٌ حجم المساعدات الكبيرة التي قدمتها قطر لغزة خصوصاً بعد الاعتداء الصهيوني الوحشي عليها، ومعروف أيضاً أن الأمير الوالد زار غزة في أجواء محمومة وقدّم لها الكثير من المساعدات خصوصاً في مجال إعادة الإعمار، وكذلك إعادة بناء المدارس والمستشفيات.

لم تقف جهود قطر عند هذا الحد، فكان لها جهود متعددة في مجال المصالحة في اليمن ولبنان، وكذلك فيما بين الإمارات وإيران، وآخر ما قامت به تلك المصالحة الموفقة التي انتهت بإطلاق سراح اللبنانيين التسعة الذين كانوا أسرى لدى المعارضة السورية في مدينة اعزاز، ولمدة سنة ونصف تقريباً، وكذلك شملت هذه المصالحة إطلاق سراح الطيار التركي ومساعده اللذين خطفتهما مجموعةٌ من المسلحين اللبنانيين بهدف الضغط على تركيا للمساعدة في إطلاق الأسرى اللبنانيين مع أن تركيا لا علاقة لها بهذا الموضوع! هذه الصفقة أيضاً كان من ضمن بنودها إطلاق سراح مجموعة من النساء الذين سجنتهم حكومة بشار الأسد ظلماً وعدواناً، ولكن وحتى كتابة هذا المقال لم يتم إطلاق السجينات والأمل أن تواصل قطر الضغط من أجل تحقيق كافة البنود المتفق عليها.

عاد الأسرى إلى لبنان وبصحبة وزير الخارجية القطري - زيادة في الإكرام - ورأينا جميعاً حجم الفرح الذي عمّ أهاليهم بصفة خاصة ومعظم اللبنانيين بصفة عامة، وسمعنا من خصّ قطر بالشكر ومن خصّها وخصّ سورية وتركيا بالشكر كذلك، ولكن الذي أود أن نراه انسحاب قوات حزب الله من سورية، فتلك القوات لا تقوم بعمل مقدّس هناك! إنها تقوم بقتل السوريين؛ رجالاً ونساءً وأطفالاً، وهذا العمل أساء للحزب كثيراً وأفقده مكانته التي كان يحتلها في قلوب الكثير من العرب والمسلمين. ولعل الجميع يدرك الصلة بين أسر اللبنانيين التسعة وبين وجود مقاتلين للحزب في سورية، وعملية الأسر قد تتكرّر إذا بقي الحال على ما هو عليه لم يتغير.

قطر وقفت مع الحزب أكثر من مرة؛ فالأمير الوالد زار الجنوب بعد الاعتداء الصهيوني على لبنان وقدّم مساعدات كبيرة لإعادة إعماره وكذلك إعمار الضاحية الجنوبية، والمتوقع أن لا ينسى الحزب كل تلك الوقفات الإنسانية وأن يسهم في إعادة موقعه الذي فقده ولن يتم ذلك إلا بانسحابه من سورية، وليلتفت إلى «إسرائيل» التي اتخذها عدواً ولكنه التفت بهذا العداء إلى السوريين.

الجهود القطرية لا تحقق السلام للأطراف المتخاصمة وحدها، ولكنها تتعدّى ذلك لتحقيق السلام والأمن للعالم كله؛ فما يحصل من خلاف كبير في بلد قد ينتقل إلى سواه وهكذا، ومن هنا نرى أهمية الجهود القطرية في عمليات المصالحة، وتزداد هذه المصالحة أهميةً عندما يكون العامل الاقتصادي واحداً من عناصرها المهمة، لأنه يلامس احتياجات القطاع الأعرض من المواطنين، وقد يكون أحياناً هو السبب الحقيقي في الاختلاف.

وأخيراً... ألا يفهم العرب جميعاً أن الاختلاف الداخلي بينهم من أهم أسباب ضعفهم جميعاً، بل قد يشكّل السبب الأهم في زوال حكوماتهم؟ أولا يدرك حكام العرب أن الاختلاف الداخلي في بلدانهم ليس في صالحهم؟ الأمل أن يدركوا ذلك كله وأكثر منه قبل فوات الأوان.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 4063 - الإثنين 21 أكتوبر 2013م الموافق 16 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 8:17 ص

      غطى هواك

      غطى هواك وما ألقى على بصري ...في الوقت الذي تدعو فيه حزب الله للخروج من سوريا لم لا تطالب الجماعات التكفيرية الذين عاثوا فسادا... أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس

    • زائر 20 | 6:04 ص

      مصالح

      أستاذ نسيت يوم تبنت المواقف في المحافل الخليجية والدولية ويوم أعطي مقعد سوريا للمعارضة تلعب الآن دوراآخرحينما انقلبت الموازين وغدا سيكون هناك تمثيل على مسوى الدول إنها عزيزي لعبة الأمم

    • زائر 18 | 5:27 ص

      يااخ

      يا اخ الهرفي مرحبا....يعني الجيش السوري وحزب الله هو الذي يقتل الابرياء علي الهويه ويقطع الرؤوس ويفجر المساجد وينبش القبور !!! بالنيابه عن الجيش السوري وحزب الله نقول نحن آسفين اذا لم نسطيع ان نساعد اي مظلوم او جريح او محاصر في سوريا الحبيبه سوريا العز

    • زائر 16 | 4:08 ص

      خالد الخالدي

      حزب الله قدم مستوى عالٍ في حماية مصالحه الإستراتيجية ودخوله في سوريا ابسط مثال

    • زائر 14 | 3:24 ص

      وإن من اشعل النيران يطفيها

      قطر تلعب بالنار ثم تأتي بسطل بسيط لكي تطفيء ما اشعلت هذا كل ما في الامر وهي الآن تحاول ان تعيد شيء بسيط لما فقدته من سمعة من خلال سياسات هوجاء ومتخبطة

    • زائر 13 | 2:53 ص

      مقال غير واقعي

      تقول تركيا لم يكن لها دور في خطف الزوار وقطر قامت بمصالحة
      هذه الدولتين لو لم يكن لهم نفوذ قوي لذا المسلحين الأجانب في سوريا لما تمت الصفقة هذه ؛ نحن ضد الاختطاف للأبتزاز لأنه غير انساني ومفاوضات سنتين لم تأتي ثمارها إلا بعد اختطاف التركيين ولم تنتهي الصفقة إلا عن طريق هاتين الدولتين ، وكذلك في مقالك لم تطلب بخروج المسلحين الذين يحملون أكثر من مائة جنسية
      مقالك غير واقعي وغير منصف
      الله يهدي الجميع ويعم السلام في العالم وخصوصا العالم العربي والإسلامي

    • زائر 15 زائر 13 | 3:31 ص

      مقال مضحك

      اسأل المصرين عن دور قطر المخزي في بلدهم ، لتعرف مدى .ك... عنوان المقال.

    • زائر 10 | 2:30 ص

      الكيل بمكيالين

      الان الزوار اللبنانيين اصبحوا اسرى وهم مدنيين من كبار السن والتركيان مختطفيين.... الطائفية التي تكيل بمكيالين

    • زائر 9 | 2:14 ص

      دخول الحزب لسوريا

      قبل ثلاثة شهور تدخل الحزب في سوريا بينما تدخلت السعودية وقطر وتركية وسهلوا دخول مجاهدين و مجاهدات من 80 بلد وزودوهم بالسلاح وتالي صاروا يدابحون في ما بينهم0

    • زائر 8 | 2:12 ص

      حزب الله أسقط نفسه من أجل عدم النظام السوري ؟؟

      حزب الله أسقط نفسه في الشارع العربي من أجل عدم اسقاط النظام العلماني البعثي السوري ‏ فقد ضحى بمكانته في الشارع العربي من أجل نظام لا يستحق جعفر الديري

    • زائر 19 زائر 8 | 5:57 ص

      من

      عند سقوط آخر الدول العربيه العلمانيه في سوريا سيرجع عز وكرامه وفخر العرب ، الظاهر ان مرض الهلوسه منتشر هالايام الله يحفظكم

    • زائر 7 | 1:39 ص

      انظر ماذا تفعل قطر في السر

      اعتقد ان الكاتب متاثر باعلام العربية التي تنشر الاكاذيب و تخفي الحقيقة لدورقطر لتدمير الدول العربية

    • زائر 11 زائر 7 | 2:50 ص

      انتم لايعجبكم العجب ولا الصياام في رجب

    • زائر 6 | 1:37 ص

      الكستنائي

      دائماً ما تخلط السم بالعسل في مقالاتك
      يا ريت تكون جريىء يا أستاذ في انتقاد دور قطر والسعودية في تمويل المسلحين المعارضين في سوريا كما تنتقد دائما تدخل حزب الله

    • زائر 5 | 1:35 ص

      يقال خلهم يختلفون لكن الشركات ما قصرة لكن طولت أياديها

      ليس من أسرار الحرب البارده أن شركات أجنبيه مسيطره على دول حوض الخليج بالتعاون الفني والتجاري مع بعض التجار. فقد لا يقال أن شركة من الشركات المنقبه عن النفط لها الحق في ملكية الآبار أو منابع الغاز الطبيعي المحول من البحرين الى قطر. هنا الشركات الأمريكيه لعبة ألعاب بهلوانيه أو جمبزه وخداع ومكر وكذب و (...) أمروا- صهيو- عبري يعني؟

    • زائر 4 | 12:43 ص

      أخي العزيز اتعجب من قراءتك للواقع

      هناك لبس في الطرح فأرجوا ملاحظة السعي وما وراءها من تقسيم؟؟؟ نشاركك الرأي في خروج قوات حزب الله ؟؟ ولكن ماذا عن الاجانب الذين يقتلون السوريين لسنا مع نظام الاسد لكن تدخل الهمجيين من أكثر من دولة فاقم الامر بل جل المجتمع الدولي يقف من وراء الكواليس ضدهم ؟؟ اخي العزيز جيد لكنك أكلت بمكيالين فجانبتك الموضوعية

    • زائر 12 زائر 4 | 2:53 ص

      المصداقية واحترام الاراء

      نعم ومع مطالبه الكاتب لانسحاب مليشيات حًزب الله من سوريا ولكن ليعطي مصداقية وحيادية لرأيه عليه أن يضيف كذلك انسحاب الإرهابيين من قوات النصرة والشيشانيين والأجانب والذين لا اعتقد أنهم جاءوا لينثروا الورود على الشعب السوري بعد توثيق جرائمهم الدموية حتى ضد الفصائل السورية الأخرى

    • زائر 3 | 12:38 ص

      المقال،،،،،

      تعمق جيدا في دور حزب الله في سوريا وتعمق جيداً لماذا الحرب على سوريا....

    • زائر 2 | 12:37 ص

      قلتبادر «قبلة المصالحة» بوقف نزف الدماء السورية

      إطلاق سراح اللبنانيين التسعة الذين كانوا أسرى لدى المعارضة السورية في مدينة اعزاز، ولمدة سنة ونصف تقريباً ..
      وقبل عدة أشهر قامت قطر أيضاً بالمساعدة على إطلاق سراح الإيرانيين المختطفين في سورية ..
      فإذا قطر تمون على المقاتلين في سورية العروبة, فلتبادر «قبلة المصالحة» بوقف القتال الذي دمر بلد عربي إسلامي عريق وشرد نصف شعبه على يد أوباش تجمعت من 80 بلد .. هل سمعت يا أستاذ معارضة في بلد، تتألف من مقاتلين من 80 بلد؟

    • زائر 1 | 11:46 م

      اترك

      ولاتجعل قطر في القمه فأيديها ملطخه في سوريا. فحزب الله هو المعادله في الشرق الاوسط.

اقرأ ايضاً