العدد 4086 - الأربعاء 13 نوفمبر 2013م الموافق 09 محرم 1435هـ

الألعاب الإلكترونية أبعدت أطفالنا عن المآتم... ويجب استغلال الإعلام لإيصال القيم الحسينية

الرادود نزار القطري في حديث لـ «الوسط»:

نزار القطري: يجب النزول إلى مستوى تفكير الأطفال ومحاكاة مشاعرهم
نزار القطري: يجب النزول إلى مستوى تفكير الأطفال ومحاكاة مشاعرهم

رأى الرادود الحسيني نزار القطري، أن «الألعاب الإلكترونية والإعلام المضلل»، والهواتف الذكية أبعدت الأطفال عن المآتم والمجالس الحسينية، وهو الأمر الذي يجب التصدي له من خلال الاهتمام بالأطفال منذ صغرهم، وغرس حب حضور المجالس في نفوسهم من الصغر.
وقال الرادود القطري، في حديث خاص لـ «الوسط»، إن: «علينا استغلال وسائل الإعلام المتاحة أمامنا، من أجل إيصال القيم الحسينية والمنبرية»، مؤكداً «ضرورة الابتعاد عن كل ما يسيء إلى الشعائر الحسينية، وأن نتحلى بالأخلاق الحسينية، ولا ننجرف إلى الأهواء وألا يصيبنا الغرور والتكبر».
وأشار إلى أن على الرواديد الابتعاد عن الكم في سبيل النوع، وذلك في أعمال الفيديو كليب، أو أعمال الاستوديو، معتبراً أن «عملاً واحداً تركز فيه الجهود ويكون جيداً، خير من عشرة أعمال تكون ركيكة وفيها تقصير».
وفيما يلي حديث «الوسط» مع الرادود الحسيني نزار القطري...
* لكم تجربة في الأعمال العزائية والفرح والأناشيد الموجهة للأطفال، كيف يمكن للرادود التوفيق بين هذه القوالب المختلفة؟
- التوفيق بشكل عام يعود إلى ثلاثة أمور جوهرية وهي (الإخلاص، الأخلاق، الاجتهاد)، فالرادود إذا تمسك بهذه الأمور، وأضاف عليها حسن اختيار النص في مختلف الأغراض، والطور المناسب للمناسبة، سواء أكان في الأحزان أو الأفراح. أما بخصوص الأطفال، فالأطفال أشد صعوبة من الكبار وتحتاج إلى عناصر مختلفة تماما عن الكبار، ويجب أن تحاكي الأطفال، وتلبي مشاعرهم، وتداعب أحاسيسهم. ويجب أن ننزل إلى مستواهم لتفهم ما يثير خلجاتهم، حيث إن رسول الله (ص) قال: «مَنْ كان عنده صبي فليتصابى له»،
فالحري بنا أن نجعل تعاليم الرسول نصب أعيننا في مجال عملنا، لكي نصل إلى ما ترنو إليه القضية الحسينية.
* كيف يمكن للرادود مواكبة التطورات في مجال الألحان والأطوار المستخدمة في العزاء بصورة لا تخرجه عن التراث الحسيني في هذا المجال؟
- القضية الحسينية مليئة بالأحاسيس والعبر، وكل موقف فيها تراه يتكلم بلحن الشهادة والتفاني، ويجب أن يتصور الإنسان بشكل عام، والرادود والشاعر والملحن بشكل خاص، عظم المصيبة والفاجعة، ويستنطق معانيها العظيمة، قبل أن يشرع في تصويره لها ليخرج العمل من صميم القلب ويدخل قلوب محبي أبي عبدالله الإمام الحسين، ليستعبر العيون ويعصر القلوب ألما وتفجعا لمصاب الإمام.
وفيما يتعلق بالألحان والأطوار، هي من أهم الوسائل التي يستخدمها الرادود في خدمته للمنبر وبسبب كثرة الوسائل الإعلامية والكم الهائل من الأطوار والألحان التي تمر على مسامع الرادود والشاعر والملحن.
فيجب اختيار الطور أو اللحن المناسب والمغاير عن بقية الأطوار والألحان، ويجب ألا يقطع السلسلة التراثية بألحان تسيء إلى المنبر، ولابد في ذلك من اتباع آراء العلماء والمراجع في طريقة اختيارها، ويجب مراعاة جانب الابتعاد عن ألحان أهل الطرب واللهو. وبرأيي يجب أن يضع الرادود نصب عينيه أن القصيدة التي يقرأها تصل إلى مسامع الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (ع). فطريقة انتقاء اللحن والطور يجب أن تأتي من هذا المنطلق. ويجب الالتزام بالقواعد الفقهية وآراء المراجع والعلماء وعدم الابتعاد عن التراث الحسيني العريق.
الفيديو كليب تشاهده جميع الطوائف والملل
* من خلال خبرتكم في أعمال الفيديو كليب والأناشيد المصورة، ما هي وجهة نظركم في الأعمال التي تبث عبر الفضائيات الإسلامية؟ وما هو تقييمكم لها؟
- بطبيعة الحال القضية الحسينية ليس لها حدود وتنمو مع الزمن ففي السابق مثلا كانت القضية تصل إلى الناس عن طريق المنبر بالخطبة والقصيدة إلا إن اليوم صار الفيديو كليب، وأعمال الأستوديو وغيرها، ويجب أن نستخدم كل الوسائل المتاحة لدينا اليوم وغدا بالشكل الجميل، ﻹظهار المعاني السامية التي من أجلها استشهد الحسين، ولا بأس أن نستخدم العمل المسرحي أو التمثيل بل حتى أفلام الكرتون أو الـ «3D»، أو أي وسيلة في عصرنا بشكل يلائم القضية.
أما بخصوص الفيديو كليب، فالحمد لله أنه في الآونة الأخيرة أخذ يتنامى شيئا فشيئا، وانتشر بشكل كبير ومنه ما يحمل المواصفات الفنية، وينبض بالمعاني الحسينية، إلا ان البعض يفتقد لبعض المقومات ويحتاج إلى تكثيف الجهود ليخرج بالصورة اللائقة بالقضية الحسينية، لأن الفيديو كليب يشاهده الجميع الشيعي والسني، بل حتى المسيحي، وجميع الطوائف والملل، وفي هذه الفئات من هو فنان أو مخرج ومن هو يركّز على الأخطاء والضعف ليحتج به علينا، ويجعل منا سخرية أو محل إشكال.
ولهذا، أدعو جميع المتصدين لهذه الأمور، أن يقللوا من الكم في سبيل النوع. بعبارة أخرى يجب أن يبذلوا قصارى جهودهم لعمل واحد جيد لا أن يعملوا عشرة أعمال فيها شيء من الركاكة والتقصير.
* ما هي الأساليب التي تراها مناسبة لجذب الأطفال والناشئة لمواكب العزاء، بحيث يصبح لدينا جيل حسيني يقبل على المآتم والمواكب ولا ينفر عنها، وخصوصا مع تطور وسائل الاتصال التي أصبحت تأخذ وقتا طويلا من حياة الأطفال؟
- لا يخفى على الجميع أن هناك هجمة غربية شرسة على هذه الفئة، من إعلام مضلل وألعاب إلكترونية، وهواتف ذكية، ووسائل الاتصال الاجتماعي، إذ إن هذه الأمور أبعدت أطفالنا ليس عن المنبر فحسب، بل أشغلتهم حتى عن الدراسة، والأمور الحياتية الأخرى، والغرض منها إنشاء جيل بعيد عن الثقافة الإسلامية وعن قيم مجتمعاتنا المتحفظة.
هذا وإن الأطفال - بحسب رأيي - يجب أن نهتم بهم أكثر من الكبار، ويجب تربيتهم بشكل جيّد، وغرس بذرة حب المجالس الحسينية في قلوبهم منذ نعومة أظفارهم، وبذل قصارى جهودنا ومساعينا عليهم، فهم فئة جداً مهمة، وإيصال الفكرة لهم صعب جداً، فمن الضروري جداً النزول إلى مستوى تفكيرهم، ومحاكاة مشاعرهم وتنمية الروح الحسينية لديهم، وجعل قلوبهم معلقة بالحسينيات، والمجالس والمواكب. ويجب أن نستخدم الوسائل التي ذكرتها في بدء حديثي، في إيصال القيم الحسينية والمنبرية لهم، وهدايتهم إلى جادة الصواب.
يجب الابتعاد عما يسيء إلى الشعائر الحسينية
* كيف يمكننا أن نجعل المواكب الحسينية وسيلة لبث رسالة الإمام الحسين (ع)، ونجسّد من خلالها الأهداف التي انطلقت منها الثورة الحسينية؟
- المواكب الحسينية هي امتداد للثورة الحسينية، وتعظيم شعائر الحسين (ع) إنما هو صورة من خلود الحسين، والمواكب هي الملبي الذي يقول: لبيك يا الله، فشعيرة الحسين هي شعيرة الله. أما بخصوص الوسيلة التي نوصل بها رسالة الحسين، فكما قلت بالأجوبة السابقة، إن علينا أن نستغل جميع الوسائل المتاحة لنا من إعلام بشكل يليق مع القضية، لإيصالها بالشكل الجيد للإنسانية جمعاء، وأن نبتعد عما يسيء إلى الشعائر وأن نتكاتف فيما بيننا، ونقف يداً بيد في سبيل الحسين.
* ما هي النصيحة التي تقدمها لجميع الرواديد في العالم، بحيث يصبحون عناصر فعالة في مجتمعاتهم وقدوة لغيرهم من الشباب والناشئة؟
- أنا لا أحب أن أنصح الرواديد فمن أكون أنا، إنما أنصح نفسي، وبشكل عام يجب اتباع تعاليم أهل البيت (ع) وأن نكون زينا لهم، لا أن نكون شينا عليهم، ويجب أن نتحلى بالأخلاق الحسينية، وأن نكون قدوة للمجتمع، وألا تأخذنا في الحسين لومة لائم، ولا ننجرف إلى الأهواء وألا يصيبنا الغرور والتكبر.
الرادود نزار القطري في سطور
* ولد الرادود الحسيني نزار القطري في دولة قطر، وذلك في الخامس من شهر يونيو/ حزيران من العام 1971، ولذلك عُرف بـ «القطري»، واسمه نزار فضل الله رواني، وهو متزوج ولديه ثلاثة أبناء (كوثر، حسين، علي). وكان مقيماً في لندن، قبل أن يكون مقيماً حتى الآن في دولة الكويت.
أكمل الرادود القطري مراحله التعليمية في قطر، حيث التحق بالمدرسة في سن السادسة، وفي الثامنة من عمره بدأ بحفظ القرآن الكريم وقد حفظ منه نصفه، وحصل على المركز الأول لسبع مرات بين الأطفال ممن في عمره في قطر.
كانت بدايته في مشواره بوصفه رادوداً حسينياً، عندما كان يردد بيتين من قصيدة ترددها والدته، وهما البيتان اللذان رددهما أكثر من عشرين مرة على مسامع الحضور في المأتم بداية مشواره، قبل أن يقرأ في اليوم التالي في هذا المشوار، القصيدة المشهورة، وهي: خيرة الله من الخلق أبي، والتزام القطري منذ ذلك الحين بترديد القصيدة نفسها قبل ختام أي مجلس من مجالس العزاء.

العدد 4086 - الأربعاء 13 نوفمبر 2013م الموافق 09 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً