العدد 4100 - الأربعاء 27 نوفمبر 2013م الموافق 23 محرم 1435هـ

الصحة عند البحرينيين.. هل تحتل مكانتها المفترضة؟!

البقارة: نعم إلى حد ما.. المعداوي: للأسف الوعي متدنٍّ

تشير الحكمة المعروفة «الوقاية خير من قنطار علاج» بوضوح تام إلى قاعدة حياتية لا يستغني عنها كل من ينشد نجاحاً وسعادة في هذه الحياة..

القاعدة التي تركّز على مبدأ الوقاية، تفتح الباب على مًصراعيه أمام الحديث حول الركن الصحي (أهميته ومكانته) ضمن قائمة أركان الحياة التي تشمل الركن الروحاني، الركن الشخصي، الركن الاجتماعي، الركن المهني، والركن المادي.

البقارة: زاد التعليم فزاد الإهتمام بالصحة

وبحسب تأكيدات الخبراء والأطباء، فإن الركن الصحي يأتي في المرتبة الثانية مباشرة بعد الركن الروحاني أو الديني، ويرى استشاري طب العائلة د.علي البقارة أن «الركن الصحي يحتل مرتبة متقدمة جداً في الترتيب السليم والمنطقي لأولويات الحياة، وهي مرتبة تتراوح ما بين الأولى والثانية بالشراكة مع الركن التعليمي»، ويشير إلى أن «الإنسان من دون توازن صحي ومن دون الالتزام بهذا الترتيب لن يتمكن من العيش بسعادة، وإن توافرت الأموال».

ويذهب البقارة أبعد من ذلك حين يؤكد أن الإنسان لن يتمكن - في حال أخلّ بهذا الترتيب - من إيلاء بقية أركان الحياة الاهتمام اللازم بما في ذلك الركن الديني، «فـكلما كنا أصحاء ومتعلمين كنا أقدر على الالتزام بقيمنا الدينية والروحانية»، بحسب تعبيره.

وعي جيد

وعن تقييمه مستوى وعي البحرينيين واهتمامهم بالركن الصحي، يقول «يعتمد ذلك، ويتوقف على مستوى التعليم، فكلما ارتفع مستوى علم وثقافة (البحريني) كلما زاد اهتمامه بصحته ونمط حياته وأصبحت لديه القدرة على الاستفادة من الخدمات الصحية المتقدمة والمتميزة الموجودة في البلد».

وأضاف «انطلاقاً من ذلك، وبالنظر للمستوى التعليمي المتزايد عند البحرينيين، يمكننا القول وبشكل عام إن الوعي جيد وهو في تنامٍ، ومقارنة بالدول العربية وحتى الخليجية فإن البحرين تنعم بمستوى ووعي صحي أفضل»، لافتاً إلى أن «الاستدلال على ذلك يسير بالنظر لبعض التطورات وبعض الموضوعات، من بينها ارتفاع نسبة تطعيم الأطفال في المراكز الصحية بشكل كبير مقارنة بما كانت عليه في وقت سابق، وهذا بدوره يشير ويدلل على الارتفاع الإيجابي في نسبة الوعي بأهمية الصحة وضرورتها».

المطاعم والسلوك الغذائي الخاطئ

يحاول البقارة الدخول في العمق بمستويات أكثر ويشير إلى أن «الركن الصحي يتكون من مجموعة محاور من بينها الرياضة والتغذية إلى جانب نمط الحياة، ويتفاوت مستوى وعي البحرينيين بكل تلك المحاور، فنحن نرى أن الرياضة مثلاً تحتل مكانة جيدة، وأحد مؤشرات ذلك ما نراه من زيادة مضطردة في إقبال البحرينيين على ممارسة الرياضة - المشي تحديداً - إلا أن الأمر ذاته لا ينطبق على الغذاء، فمع انتشار المطاعم وزيادة اعتماد الأسر عليها أصبح النظام الغذائي لكثير من الأسر البحرينية رهناً للمطعم ذاته، ونحن نعلم أن الجانب الربحي يطغى في أغلب الأحيان على الجانب الصحي في طريقة وأسلوب طهي الطعام وطبخه في هذه المطاعم».

ويلفت البقارة إلى أن «الأسر البحرينية بحاجة إلى مزيد من الوعي حول الأساليب الغذائية السليمة، تحديداً في فترة الطفولة ولحظة العبور لمرحلة المراهقة، ولا بأس من الإشارة هنا إلى الفروق البدنية والصحية التي تميز بعض الشعوب عن غيرها - كالشعب الألماني الذي يمتاز بأجسام فارعة الطول قوية البنيان - وهو أمر يعتمد بالدرجة الأولى على الأنماط الغذائية التي يعتمدونها».

المعداوي: اهتمام متدني للبحرينيين بصحتهم

من جانبه، يقول استشاري الطب النفسي د.طارق المعداوي، إن «الحديث عن مقدار الوعي بالركن الصحي وأهميته يدفعنا للإشارة إلى عامل الوقاية، الذي يمثل خط الدفاع الأول، وهو العامل الذي يجب أن يأخذ "حصة الأسد" من حملات التثقيف والتوعية». ويضيف أن «الصحة تأتي بعد الدين وفي المرتبة الثانية مباشرة في تصنيف أركان الحياة من حيث الأهمية، ولعل هذا ما يفسر سبب الاهتمام الكبير بالصحة من قبل الدول المتقدمة».

ويمتلك المعداوي تقييماً مختلفاً لمستوى وعي البحرينيين بذلك، إذ يقول إن «الواقع يتحدث عن أن الركن الصحي لدى البحرينيين لا يحتل مكانته المفترضة واللازمة، إذ تتقدم عليه أركان أقل أهمية كالركن المادي والركن الاجتماعي، ونحن نلاحظ أن الاهتمام بالصحة لدى عدد غير قليل من الأسر البحرينية لا يحصل إلا حين يُبتلى أحد أفرادها بالمرض لا قدر الله».

ضريبة باهظة

ويعتقد المعداوي أن «لهذا "التصنيف الخاطئ" ضريبة باهظة وتأثيرات وخيمة يتمثل بعضها في تأخّر اكتشاف بعض الأمراض والإهمال في الحصول على العلاج المناسب، إلى جانب تأثيرات وتداعيات تطال الالتزام التام والسليم بالتوصيات الطبية وما ينتج عن ذلك من تأخّر في الشفاء من المرض».

ويقترح الاهتمام أكثر بحملات التوعية سواءً عبر وسائل الإعلام المختلفة أو المراكز الصحية التابعة للدولة، كحلٍّ قد يساهم في زيادة الاهتمام بالجانب الصحي لدى البحرينيين، ويشير إلى أن «المطلوب هو الاهتمام بنمط الحياة، الذي يشتمل على مجموعة متعددة من السلوكيات، كالرياضة وتنظيم الوقت واعتماد مبدأ الوقاية، والمبادرة بالعلاج إنْ لزم الأمر».

المواطنون: صحتنا تأتي في المرتبة الثانية

المواطنون الذين التقت «الوسط الطبي» عدداً منهم يؤكدون أن البحرينيين لا ينقصهم الوعي حول أهمية الصحة وضرورتها، ويشدّدون في الوقت ذاته على حاجة المجتمع البحريني وأفراده مزيداً من التوعية؛ لتصحيح بعض السلوكيات الخاطئة التي تؤثر سلباً على نمط حياتهم الصحي.

يقول المواطن ورجل الأعمال جاسم بوحسين (65 سنة) إن «البحرينيين لديهم وعي كبير بالجانب الصحي، وحتى الفئات من أصحاب المستوى التعليمي المتوسط أو الضعيف تبذل مجهوداً ملحوظاً في سبيل الحفاظ على صحتها، وهم على وعي جيد بالترتيب الصحيح لمكانة الصحة التي تأتي في المرتبة الثانية ضمن أولويات الحياة».

ورداً على القول بانتشار الأمراض، لفت إلى أن «السبب في ذلك يعود في حقيقة الأمر إلى أمور خارجة عن إرادة البحرينيين، كالتلوث المنتشر في الجو وغيره من الأمور».

ويعتقد بوحسين أن «مفهوم الصحة يشتمل على مجموعة أمور من بينها النظافة، الاهتمام بنوع الغذاء، وممارسة الرياضة»، ويعترف بأن سبب اهتمامه الكبير بالجانب الصحي يعود إلى إصابته بارتفاع الضغط في العام 1983م؛ بسبب ضغوط العمل ومتاعب الحياة.

ويتحدث عن سلوكه في هذا الصدد، بالقول «بالنسبة لي فإنني كنت قبل 3 سنوات من الآن ملتزماً ببرنامج رياضي يتمثل في المشي 8 كيلومترات يومياً وتوقفت بسبب ظروف معينة، أما الغذاء فإني أحرص على أكل الغذاء الصحي ويشمل ذلك أكل السمك والابتعاد قدر المستطاع عن الدهون، وحتى السكر أتعمّد شرب القليل منه وفي حالات نادرة».

من جهته، يتحدث المواطن علي ربيع (موظف - 37 عاما) عن أهمية الصحة بالنسبة إليه بالقول إن «الصحة في حقيقة الأمر ضرورة لا غنى عنها لكل من ينشد السعادة والنجاح في هذه الحياة، وشخصياً أعتقد أنها تتقدم في ترتيب أولويات الحياة على أركان كثيرة بما في ذلك الركن المادي والاجتماعي، ويبدو هذا منطقياً؛ إذ لا جدوى من حياة إنسان من دون صحة».

ويضيف «يحتاج مجتمعنا البحريني لوعي أكثر حول هذه المسألة؛ إذ نرى بأم أعيننا الخطأ الفادح الذي يرتكبه بعض الناس من خلال إهمال الجانب الصحي وتقديم ما هو أقل أهمية عليه، والنتيجة بطبيعة الحال وخيمة بالنظر لما ينتج عن ذلك من تداعيات خطيرة تتسبب لبعضهم في الإصابة بأمراض ارتفاع الضغط والسكري وأمراض القلب».

ويتابع «عطفاً على كل ذلك أود الإشارة إلى أنني أخذت الدرس والعظة من تجاربي وتجارب غيري في هذه الحياة وبت على قناعة تامة بأن الغضب على سبيل المثال سلوك لا يجب اللجوء إليه إلا في حالات استثنائية تستحق ذلك فعلاً، فالحياة أقصر من أن نضيعها على خلافات ومشاعر كره وغضب، وبديلي لكل ذلك هو "التطنيش" أو الصفح والتجاوز وتوفير الطاقة والتركيز على ما هو أهم».

العدد 4100 - الأربعاء 27 نوفمبر 2013م الموافق 23 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً