العدد 4112 - الإثنين 09 ديسمبر 2013م الموافق 06 صفر 1435هـ

إلى أهل العناد والتضليل والأهواء

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من يقول بأن القوى الوطنية الديمقراطية لم تأتِ بجديد في مبادرتها الأخيرة، لم يقرأ ما بين السطور جيداً ولم يلاحظ تأثير الأحداث المحلية والإقليمية عليها. ففي المبادرة الأخيرة هناك تغير في الخطاب، إذ ارتكز على كلمتين فقط هما (تهيئة، وتوافق) وما بينهما ثلاثة أعمدة داخلية هي (إفراج، وقف، تشكيل).

كما أن مقدمة ورقة المبادرة ليست حدّية ولم ترد بها كلمات كالتي وردت مثلاً في «وثيقة المنامة» الصادرة في أكتوبر/ تشرين الاول 2011، من حديث حول البعد التاريخي للأزمة الحالية وأسبابها بالتفصيل مع التركيز على الأداء الحكومي قبل وبعد الأزمة، ومن هم المتسببون في التأزيم، والحلول الناجعة للوضع الحالي ورؤيتها للبحرين المستقبلية. مع أن تلك الوثيقة تضمنت كلمتي «إيقاف» ولكن لسياسة التمييز، و «التوافق»، ولكن على سياسة إعلامية وطنية جامعة تقوي اللحمة الوطنية، وليس على خارطة طريق واضحة للحوار ومخرجاته، كما هي المبادرة الأخيرة.

إلا أن المبادرة لم تخلُ من الإنشائية مثل (تجنيب وطننا العزيز مزيداً من التدهور الخطير والمتسارع على كل الأصعدة السياسية، والأمنية، والحقوقية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية)، وتحقيق (توافقا وطنيا سياسيا يرتكز على احترام حقوق الإنسان والحرية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والشراكة والمسئولية المشتركة).

والتي للأسف لا يقرّ عليها الجانب الآخر من أهل العناد، لأنهم يعتبرون أن كل هذا مُتحقق على أرض الواقع!

لكن ما لفت النظر في هذه المبادرة إعلان القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة عن «جهوزيتها» للدخول في عملية سياسية جادة، وهذا ما لم يلتقطه أهل العناد سريعاً ليبنوا عليه بوادر حلول للأزمة.

وهنا نسجل ملاحظة تحتاج لوقفة تأمل، لماذا تضع القوى الوطنية ضمن تسميتها في مبادراتها «القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة»؟ فإن كان هذا حدث في المرات السابقة فالمفترض ألا يحدث هذه المرة، لأن هناك من هو مستعد من أهل التضليل والعناد أن يكون معارضاً لكل ما تطرحه القوى الوطنية الحقيقية الفاعلة حتى وإن كان خيراً للجميع على هذه الأرض الطيبة. فالقوى الوطنية هذه المرة لا تعارض بل عبرت عن (جهوزيتها) للحلول، فظهر هناك من يعارض هذه الجهوزية! فاقترح ألا توصم القوى الوطنية الديمقراطية نفسها بأنها معارضة في أي بيان يصدر لاحقاً، لأنها ببساطة هي التي تقدم الحلول وتوافق عليها مسبقاً، وغيرها من أهل الأهواء والعناد من يعارض ويرفض.

فهذه القوى الوطنية لديها، كما قالت في مبادرتها الأخيرة من أجل البحرين، خريطة طريق واضحة ومجدولة زمنياً للوصول إلى حل سياسي شامل لكل القضايا السياسية العالقة، وإنجاز المعالجات الحقيقية لكل ما نتج من تداعيات لهذه الأزمة. فإذن هي ليست قوى معارضة بل موافقة على الحلول التي تقدمها، وفي المقابل ليست هناك حلول من القوى الأخرى التي جلست طوال شهور أمام القوى الوطنية ولم تتقدم ولو مرة واحدة بمبادرة، عليها القيمة! لحل أزمة وليس لزيادة نيران الأزمة اشتعالاً، أو السير على آثار نفس خط العجلة التي أدت لوجود أزمة أساساً في السنوات السابقة.

كما أن الحديث عن «تهيئة البيئة السياسية التصالحية في البحرين»، يحتاج أولاً لإجابة سؤال: من هو الذي يجب أن يقوم بهذه التهيئة والمصالحة؟ هل هو طرف داخلي أم وسيط خارجي محايد؟ وإذا كان داخلي لابد أن يكون خارج محيط المؤزمين كما يقال، وأن يكون حيادياً، وليس فرداً بل تجمع ما؟ فمن هو المحايد في البلاد اليوم ونحن نرى تكاثر أهل التضليل والأهواء، ودعمهم لأهل العناد والشقاق؟

كما يلاحظ أن القوى الوطنية الديمقراطية، اتبعت منهجاً علمياً منظماً، بحيث بعد مرور عام على كل مبادرة تحرك هذه القوى المياه الراكدة من جديد علّ وعسى تستيقظ بعض العقول المضللة، وتستفيق من سباتها المعاندة، وتعود لرشدها ذات الزيغ والأهواء. والهدف من وراء ما تطرحه القوى الوطنية هو إطفاء فتيل الفتنة والخروج بالبلاد والعباد من مستنقع الأزمة إلى شاطئ الأمان.

ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2011، أي في سنة تفجر الأزمة، قدمت «وثيقة المنامة»، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 «وثيقة اللاعنف»، وفي هذا العام مع مطلع ديسمبر/ كانون الأول تقدم مبادرة «من أجل البحرين».

في الوقت الذي لم نسمع ولم نقرأ في خطاب أهل العناد أي مبادرات من هذا النوع، بل مجرد كلمات متقاطعة مثل، اعتقادهم بأن المشكلة عندنا هي مجرد «تهميش في الخدمات المقدمة للبعض»، إذن لا توجد قضية ولا أزمة هنا، أو التضليل بأن ما يقوله المسئول في الدولة هو نفس ما يقبله المواطن، فكيف يمكن الدمج بين سالب وموجب في الوقت نفسه وتحويلهما إلى موجب فقط؟ أو من يقول لا تطالبوا بأن يكون بيننا مسئول مثل (مهاتير محمد) الماليزي الذي وضع بلاده على سكة الدول المتطورة اقتصادياً وحضارياً في سنوات بسيطة، أو كـ (نيلسون مانديلا) الذي أنقذ بلاده من قيد الاستعمار البريطاني العنصري عام 1994، ولم يحكمها سوى أربع سنوات فقط وترك الكرسي لغيره. أو كالمعجزة البرازيليه (لولا دا سيلفا)، الذي أحدث ثورة اقتصادية في بلاده بأن أنقذها من القفر، والبطالة، والمجاعة، ومن معدلات التضخم، بفضل التحولات الكبيرة التي أحدثها في اقتصاد البرازيل، والمنهج الذي وضعه لبناء الدولة، وتمثل في الديمقراطية والسياسة المتوازنة بين البرامج الاجتماعية للأسر الفقيرة، إلى جانب التصنيع والتصدير. وبفضل هذا المنهج الذي سار عليه هذا الرجل، أصبحت البرازيل تحتل المرتبة الثامنة كأكبر اقتصاد على مستوى العالم. ورفع أكثر من 20 مليون شخص من تحت خط الفقر. بل وحتى في الرياضة وبفضله؛ حصلت «ريو دي جانيرو» على فرصة تنظيم دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2016م، وذلك لأول مرة في أميركا الجنوبية.

كل هذا يحدث أيها الأحبة، لأن هناك مسئولاً وضع الوطن في قلبه وليس في جيبه، وسلامتكم من العناد والأهواء.

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 4112 - الإثنين 09 ديسمبر 2013م الموافق 06 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 5:12 ص

      الذى

      الذى يتكلم بالحق ويطالب الحكومة بدالك يكون مصيره السجن او اسقاط جنسيته والي انافق الحكومة يوصل الى مرتبة وزير وهو لايملك الى لسانه الاعوج لاجل مصلحتهه حتى لو مايملك شهادة اهمشى هو مع الحكومة يوصل الى اعلى المناصب هاده حالنه احنه الشعب المظلوم المشتكى لله

    • زائر 6 | 4:11 ص

      كما تكونوا

      كما تكونوا يولى عليكم . عندما تتعامل الجمعيات مع الناس معاملة السيد للعبيد. وتعتقد هذه الجمعيات أن الظلم والتنكيل الذي نذوقه كل يوم شيء عادي وسنقبل به فهذا الغباء بذاته. والحكومة تعامل الجمعيات بمثل ما تعامل الجمعيات الشعب وتعتقد أنها هي الممثل عن الشعب كما تعتقد الحكومة أنها الممثل عن الدولة وقرراتها لمصلحة الجميع وما تقوم به لحماية الجميع. لا وألف لا فلا تمثلني هذه الجمعيات ولا تمثلني هذه الحكومة فلماذا يفاوضون على شيء لا يملكونه أصلا ؟ وما أصابنا ويصيبنا ليس لكي تقطف هذه الجمعيات نتاج تعبنا

    • زائر 5 | 1:46 ص

      ( أنا معترض ) هؤلاء موجودون لهذه الجملة فقط وفقط

      الاعتراض هي مهمتهم التي وضعوا من اجلها فقط وفقط ولا يمكنهم الخرودج عنها لان الريموت قال لهم الى هنا وبس

    • زائر 4 | 1:35 ص

      ما قل دل !

      كل هذا يحدث أيها الأحبة، لأن هناك مسئولاً وضع الوطن في قلبه وليس في جيبه، وسلامتكم من العناد والأهواء.

    • زائر 3 | 1:09 ص

      قناص

      يجب على على السلطة في البحرين ان تدرك ان في البحرين رجال شرفاء من أصل هذا الوطن لا تهمهم المصالح الذاتية كما ان هناك اناس آخرين اتوا الى البحرين وهمهم جمع الاموال وبأي طريقة حتى ولو دمر هذا الوطن بأهله فيجب على السلطة الرجوع الى هؤلاء العقلاء والاستعانة بهم لحل هذه الازمة لأنهم لا يصبون الى مال أو جاه كما غيرهم الذين يسكبون الزيت على النار فهم سبب تطور هذه الازمة واطالة امدها .

    • زائر 2 | 11:41 م

      شكرا لك على هذا المقال ايها الكاتب الشريف

      عناد من اجلا البقاء في العبودية لا عناد من اجل رفع العبودية كما عمل نيلسن منديلا و لولا دي سلفا ومهاتير محمد ، الفريقان مختلفان بين العبودية والتخلف والحرية والكرمة

    • زائر 1 | 11:33 م

      الختام

      الحكمة في الختام

اقرأ ايضاً