العدد 4118 - الأحد 15 ديسمبر 2013م الموافق 12 صفر 1435هـ

مساحة حرَّة في مضارب بني تويتر... و«الأُسُود» من وراء حجاب!

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

قال الراوي: فمرَّتْ بالقوم سنوات عجاف، وهم في حدود مضاربهم يعتلون صهوات الخيول ويختالون بـ «المجاهيم» و«الصُفُر»؛ بحثاً عن كلأ للكرامة والقيمة. وهم في تيههم، اهتدوا بمحْض المصادفة إلى مضارب بني تويتر. استضافوهم بعد التأكد من أرقام هواتفهم وميولهم وهواياتهم. لم يمْضِ زمنٌ حتى وجدوا في نادي القوم فرصتهم للبذاءة بعد التخفّي جبْناً تحت أسماء مستعارة باسم: وكايدهم، ومدلّعهم، ومخاويهم.

اكتشف بنو تويتر أنهم يؤسسون لجاهلية جديدة، بعد أن بلغ الأمر مبلغه، بتصدّي الغلمان بكل رخاوتهم للتحدث في الفروسية والنقْع وحمحمة الخيول وصليل السيوف، وهم الذين تجرحهم ورقة محارم!

***

قال الراوي: فقُيِّضَ للسموأل أن تتاح له فرصة اكتشاف مضارب بني تويتر، فصُعق بسبب أن الذين يتحدّثون عن الوفاء والشرف ويرفعون ألويته من مضارب هي واقعاً من مضارب بني وضيع، والذين يتحدثون عن الأمانة، سطا أجدادهم على قوافل العرب في رحلة الشتاء والصيف، فكانت فرصتهم للسطو على قوافل الربيع العربي، وتجريدها من حق أن تتنفس وتكتشف حقها في الحياة بكرامة كما يجب!

والذين يتحدثون عن الشجاعة رداً على خصومهم يتكلمون من وراء حجاب، ولم تتبقَ كلمة في قاموس البذاءة والعهر والسفالة إلا تم استهلاكها تحت عناوين الشرف والشرفاء و«ساحاتهم» التي تمَّ تجهيزها بأحدث تقنيات الديجيتال لممارسة الشرف كما يجب!

***

قال ابن أبي تويتر جونيور: فابتلينا بكل لص يرفع لافتة روبن هود، وكل جشِع يسرق اللقمة من أفواه الفقراء يطلع علينا بـ «نيك نيم» متحول متقلّب. مرة باسم عروة بن الورد، من دون أثر لعروة، ورائحته لا تدل على الورد؛ بل تدل على روائح الجثث والنفايات ومحطات الصرف الصحي التي كانت عبارة عن أماكن الخلاء لقضاء الحاجة؛ إذ يمكن لأي مكان أن يكون موضعاً لـ «التعبير عن الشعور» ومن النوع الخاص، وليس شرطاً وقتها أن يكون بعيداً من عيون الناس! ومرة باسم الشنفرى؛ ولا أثر يدل على فروسيته؛ وخصوصاً إذا كان اسمه «سوسو» ويطلع على الناس عبر مضارب قبيلته باسم أسد قومه؛ لتكتشف أن اسمه ميمي، وآخر توتو، وثالث باسم ثقيل ومرعب جداً: دلّوعة الليل!

***

حدّث فيسبوك بن أبي يوتيوب عن إنستغرام، عن مايكروسوفت عن ياهو عن جي ميل عن غوغل عن هوتميل، أنه رأى بأم وأخت وخالة وجدّة وقبيلة عينيه، أن داحس والغبراء التي استمرت لأكثر من 40 عاماً كما تذكر كتب التاريخ، والحافظ الفهّامة العلامة غوغل وموسوعة ويكيبيديا، كانت عبارة عن حفل كوكتيل وحفلة تنكرية، مقارنة بما يحدث في الفضاء الافتراضي لتويتر وفيسبوك؛ إذا يخوض فيهما وغيرهما من ساحات وهم القوة، من يؤذيه لمس الكاسترد والجِلي، حروباً بالوكالة، تكشف عن خواء بعضهم، وفراغه وفشله واسترزاقه بالإتيان بما لم يأتِ به الأولون من انحطاط في القيمة، وإدمان على الغدْر والاشتغال كعسَسٍ لا يفقهون من الحياة إلا رسم الدوائر وتقديم البلاغات، ولكل غدر وبلاغ ثمنه!

***

وتداخل ابن أبي تويتر مقاطعاً ومتسائلاً: أتفهَّمُ أن تكون فأراً وجباناً وفي الوقت نفسه تدافع عمّن تعتقد بحقه ولو ظلم وتجبّر وأفسد في الأرض، فلماذا يكون تعريفك لنفسك: أسداً، وأنت مذ طفولتك وإلى الآن تصاب بالهستيريا لرؤية صرصار؟

ثم ما حكاية الذين يدافعون عن القوي بآلته والمشايعين لبطشه، من وراء حجاب؛ ماداموا في حماية الآلة وانهمار البطش؟ فهم بين أمرين: إما أنهم يخشون من يدافعون عنه، ويكونوا وقتها تحت تأثير مخدّر أو «العصير الذاهب بالعقل»، ذلك الذي لم تتوصّل إليه الجاهلية الأولى؛ وإما أنهم جبناء يخشون سطوة الذين لا يكفّون عن نعتهم بالجبناء. فكيف يستقيم من يشتم ويُزبد ويُرعد من وراء حجاب تحت مسمّى «سيف» وهو أوهن من «شعْر البنات» و«حلوى الحلقوم»؟ وتكتشف أنه صبي في نادٍ ليلي وبأجرة الساعة! أو تكون تحت مسمّى «كايدتهم» وقمر الزمان؛ وهي تفح ظلاماً وبذاءة وسفالة، وبعد التحرّي تكتشف أنها «جَيكَرة» لا تفرّق بين هيئتها إن كانت مُقبلة أو مُدبرة!

***

في الطرف من المكان، كان الحكيم «تويتر» يصغي لمداخلة هنا، وثرثرة هناك، وتحامل هنالك، وتشفٍّ أول، وهلوسة ثانية، واحتقان ثالث، وقد احتقنت ملامحه.

قال: يا معشر التويتريين والفيسبوكيين واليوتيوبيين والإنستغراميين والمايكروسوفتيين والياهويين والهوتميليين والجي ميليين والغوغليين والويكيبديين: أهلاً بنا في مضارب قومٍ اعتادوا على قطع الألسن، وكتم الأنفاس، وخصي الفحولة، وطمْر الآبار بعد السقاية منها ولا يكتفون بذلك، ليتركوا قذارتهم فيها. نحن جميعاً أولى بضرْب الأحذية والمبيت في العراء والذهاب في التيه، والانتظار على الحدود كي نأخذ حصّتنا من الإهانة؛ لأننا فتحنا على العالم أبواب جهنم، وضيّقنا الآفاق بالفضاء الافتراضي، ولو كنا نعلم أن ما حدث سيحدث؛ لكان من الشرف لنا أن نكون متسوّلين على الأرصفة، أو متعهدي تنظيف فضلات الخيول والإبل.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4118 - الأحد 15 ديسمبر 2013م الموافق 12 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 9:44 ص

      ابداع جميل

      حر قلمك يا كاتبنا الابي

    • زائر 8 | 5:30 ص

      بوركت و عوفيت

      مقالك مفنتك تفنتك هههه جميل جدا بل ابداع كاتب متمكن ايما تمكن تسلم يمينك و ننتظر كتاباتك بشغف

    • زائر 7 | 4:35 ص

      مسخرتهم

      إي والله صدقت فيهم كلهم نكره .. فالحهم مارحهم خاسفهم .. هذلين قاذورات لتويتر وقاموس لاصولهم العريقة

    • زائر 6 | 3:11 ص

      لم يعجبني

      مقالك اليوم لم يعجبني اردت ان تنتقد بشكل فكاهي ولكن الاسلوب لم يعجبني أبداً هذا رأيي

    • زائر 5 | 3:00 ص

      جميل

      مقال جميل جدا. ممتع. عميق. لاذع. شكرا للكاتب والصحيفة.

    • زائر 3 | 1:58 ص

      الله المستعان

      مقال أكثر من رائع و واقعي جدا
      أستمتعت بهكذا كتابة وصفية
      سلمت يَا جمريّ

    • زائر 2 | 11:46 م

      الشنفرى

      لله درك ياجمري، لقد وصفت فابدعت ودققت ففضحت وحللت فاجدت.

اقرأ ايضاً