العدد 4129 - الخميس 26 ديسمبر 2013م الموافق 23 صفر 1435هـ

نهاية حلم سلطان

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كنا نقرأ عن قصص سقوط الخلفاء والسلاطين في كتب التاريخ، وأصبحنا نعيش هذه القصص على شاشات التلفاز، وآخرها قصة نهاية حلم رجب طيب أردوغان.

قبل ثلاثين شهراً، كان أردوغان يقدّم في صورة رئيس نهض باقتصاد بلاده، وحقّق لها منزلةً محترمةً بين الدول، بسبب انتهاجه سياسة «تصفير المشاكل» مع كل دول الجوار التي كانت تربطها بتركيا عقد تاريخية، موروثةً من زمن الامبراطورية العثمانية.

ما تم بناؤه خلال عشر سنوات، بأناةٍ وروية، تم هدمه خلال العامين الأخيرين، بسبب خطأ الحسابات السياسية. ففي العام الماضي، ومع وصول عدد من الأحزاب الأخوانية إلى السلطة في مصر وتونس وليبيا، انتعش لدى أردوغان حلم استعادة مجد الخلافة، وأن يتوّج سلطاناً جديداً في الشرق. وفي اللحظة الذي بدا فيها قريباً من حلم التتويج، جاءته ريحٌ عاصفٌ من كل مكان.

كان مطلوباً من تركيا أن تكون حليفاً للدول العربية الحليفة للغرب، وكان لعبها دوراً قيادياً يثير حفيظة هذه الدول. وهو أحد أسباب انقلاب العسكر في مصر، بدعمٍ خليجي واضح ومعلن.

في ليبيا، وبعدما كانت تركيا من أكثر الدول استفادةً من الاتفاقات والعقود التجارية مع نظام القذافي، أصبحت من أسرع المشاركين في إسقاطه. كانت سقطةً أخلاقيةً كبرى لم يهضمها الكثيرون، إذ تصرّف أردوغان الإخواني كما تصرّف ساركوزي وبرلسكوني.

على أن السقطة الأكبر كانت في سورية، فقد بنى أردوغان حساباته على سقوط النظام هناك خلال أسابيع، وفتح حدوده لتدفق السلاح والمقاتلين من الحركات المتشددة المنبوذة في كل دول العالم العربي. لقد فتح أعرض جبهةٍ على النظام السوري، الذي بقي يقاتل من أجل الوجود، حتى حانت ساعة انقلاب المعادلات الدولية. لقد تحوّلت سورية إلى محرقةٍ لكل المتطرفين والتكفيريين، بمباركة أغلب الدول العربية والغربية.

قبل خمسة أشهر، وفيما كان أردوغان يقحم نفسه أكثر وأكثر في المستنقع السوري، فوجئ بتحرك الساحة الداخلية ضده، لإصراره على تحويل حديقة عامة إلى مجمع تجاري. الاحتجاجات استمرت لأسابيع، وكان الموضوع أكبر من حديقة، فقد بدأ الداخل التركي يصطلي بالنار السورية، تفجيراتٍ واشتباكاتٍ على الحدود، وتوقف شاحنات التصدير إلى الجنوب، ولاجئين بعشرات الألوف.

الطامة الكبرى وقعت الأسبوع الماضي، مع تداعيات الفضيحة المالية التي هزّت تركيا وتحوّلت إلى أزمة سياسية حارقة. النموذج «الإسلامي» التركي المعتدل و»الناجح»، اهتز بقوة، والهالة التي أحاطته سقطت، مع اعتقال أكثر من عشرين من قياديي حزب أردوغان، وبعض أبنائهم وأقاربهم، بتهم فساد ومحسوبيات وتلقي رشاوى وتبييض أموال.

الاحتجاجات الشعبية قبل أشهر، وصفها أردوغان بأنها مؤامرة ضده، تقودها أطراف محلية وأجنبية، وكرّر الاسطوانة نفسها للتغطية على هذه الفضيحة المالية. لقد سيطرت نظرية المؤامرة على عقل أردوغان، كما سيطرت على عقل القذافي وبن علي وعلى صالح من قبله.

آخر الضربات إيلاماً، تلقاها أردوغان من داخل حزبه، باستقالة ثلاثة من وزرائه المقربين (الاقتصاد والداخلية والبيئة)، بل إن أحدهم دعاه إلى الاستقالة.

وأنت تتابع انهيار حلم تتويج أردوغان، تتذكر ما قاله أبو البقاء الرندي وهو يرثي الأندلس:

لكل شيء إذا ما تم نقصانُ

فلا يغر بطيب العيش إنسانُ

هي الأمور كما شاهدتها دولٌ

من سرّه زمن ساءته أزمانُ.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4129 - الخميس 26 ديسمبر 2013م الموافق 23 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 29 | 1:36 م

      محمد

      موضوع جميل ؟ بس هذا ما ايكتبونه في اردغان ولا في شخص يحمل توجهات اسلامية يكتبونه في مندلا في مولانا بوش الابن في ابلير في شخصيات تستحق استرجاع تاريخة

    • زائر 25 | 6:28 ص

      اعتبروا يااولي الالباب ...

      العبر كثيرة ، والدروس لا تعد . وانما ران على قلوبهم ما كانوا يعملون ، وزين لهم الشيطان اعمالهم فهم في غيهم يترددون . يحسب اردوغان وشاكلته انه قادر على تحقيق احلامه وامانيه . فكانت ان ارتدت عليه بباهض الثمن واوقعته في الحفرة التي حفرها لغيره وشرب كاس السم الذي اراد ان يشربه خصمه المفترص ... فهل هناك ابلغ من هذا الدرس التاريخي ..

    • زائر 24 | 5:10 ص

      أحسنت سيدنا

      كل من ساهم في دمار وخراب سوريا وأستباحة وأراقة الدم دم الأطفال والشيوخ والنساء ستلاحقه لعنة الفراعنة لا محالة ، أحسنت سيدنا

    • زائر 23 | 4:07 ص

      عاطفي

      مع الاسف سيدنا كلامك كله عاطفي لانه كل الشواهد في صالح الطيب. الارقام الاقتصادية واستبيانات الراي كلها تصب في صالح الطيب. وشعبيته داخليا وخارجيا في ازدياد رغم المؤامرات التي تحاك ضده.

    • زائر 28 زائر 23 | 10:10 ص

      هارد لك

      يبدو ان معلوماتك قديمة جدا ولا تتابع الاخبار.كلام السيد uptodate. تحليل دقيق مدعم بالمعلومات ومتابع اخر الاخبار.

    • زائر 18 | 3:41 ص

      هي الأمور كما شاهدتها دولٌ

      يقول الامام علي (ع):
      ألم تر أن الدهر يوم وليلة يكران من سبت جديد إلى سبت
      فقل لجديد الثوب لابد من بلى وقل لاجتماع الشمل لا بد من شت

    • زائر 16 | 2:23 ص

      مقال رائع

      أبدعت في هذا المقال .. يا سلام عليك

    • زائر 14 | 2:18 ص

      عصر التناقضات.

      هل تعلم ان تهم تبييض او غسيل الأموال ما هي الا تبييض وغسيل الأموال الإيرانية بسبب الحضر.

    • زائر 26 زائر 14 | 8:42 ص

      تعلموا العربية

      الحظر ....... وليس الحضر

    • زائر 12 | 2:07 ص

      الله يبلغنا نهاية خامنئي

      الله يبلغنا نهاية خامنئي و بلده

    • زائر 13 زائر 12 | 2:18 ص

      مسكين

      هذه دولة الحق لن تنتهي ختى قيام الساعة (( أمل لن تبلغه))

    • زائر 17 زائر 12 | 2:44 ص

      ..تعلموا يا ..

      نظام صمد في وجه الحصار الامرواوروبي وخيانة ... لن يسقط بكلمات تافهة ودعاء ابله، تعلموا منه بدل العيش على أوهام وأحلام لن تتحقق

    • زائر 27 زائر 12 | 8:52 ص

      ليش؟

      هل خامنئي ماكل حلال أبوك؟ أم ................................................................
      اذا كان الجواب نعم لأي من هذه الأسئلة فشأنك أن تدعوا، لكن اذا لم تكن كذلك فإنك تدعوا من غير حق وظلمت نفسك. جد من يفعل كل ما ذكر أعلاه .............وادعوا عليه دعوة المضلوم عسى ان يستجيب الله لك.

    • زائر 11 | 2:06 ص

      حكيم

      يمهل ولا يهمل ... سبحانه تقدست أسماؤه
      -
      إن للباطل جولة ....... وللحق دولة
      -

    • زائر 8 | 1:43 ص

      يا قاسم

      قسمت الحق بموضوعك ، شكرا لك موضوعك في الصميم

    • زائر 7 | 1:28 ص

      مؤامرة ضده، تقودها أطراف محلية وأجنبية، وكرّر الاسطوانة نفسها للتغطية على هذه الفضيحة المالية

      الأسطوانة المشروخة المعتادة نفسها التي يرددها ناهبي ثروات الشعوب والمحاطين بالبطانة الفاسدة والتي تزين لهم غرورهم واستبدادهم

    • زائر 6 | 12:59 ص

      بسبب موقفه من قضية شعب البحرين أسأل الله ان ينال جزاءه في الدنيا قبل الآخرة

      كل من وقف الموقف المعين علينا اسأل الله ان يرينا فيهم في الدنيا قبل الآخرة. فهناك من الذنوب ما يجعل الله يعجل بعض العقوبات في الدنيا وهذا من وصف ما حصل لنا بكربلاء جديدة ثم انقلب 180 درجة في مواقفه بسبب الاموال

    • زائر 5 | 12:19 ص

      لعنه الفراعنة

      كل من ساهم في إمداد التكفيريين بالسلاح والتسبب في تدمير سوريا والتسبب في قتل الشعب السوري ستلحقه اللعنة على غرار لعنه الفراعنة بدا من ...والحاكم الإخواني مرسي واليوم اردوغان وسنسمع غداً بقيه القائمة اللهم لا شماته

    • زائر 4 | 12:13 ص

      لا يصح الا الصحيح

      مقال جدا رائع

    • زائر 2 | 11:09 م

      دور لعب و انتهى game over

      لم يعد شعار الاسلام هو الحل جاذبا في مصر و الدول العربية بعد تشيطن و شيطنة الاخوان و قد اكلوا الطعم وانتهت اللعبة واذا الاخوان فشلوا في وصول المواطن العربي للرفاهية من خلال اقتصاد نظيف و قوانين اجتماعية عادلة و حياة عفيفة وهم الاكثر خبرة فبالتأكيد سفشل التكفيريون

    • زائر 10 زائر 2 | 1:57 ص

      أبو البهاليل

      الإسلام هو الحل
      التستر بالإسلام ليس هو الحل

    • زائر 1 | 10:22 م

      استجابة الدعاء

      عندما رأينا مدرعات تركية في البحرين دعونا على النظام التركي والأنظمة الاخرى الاي شاركت بجنودها في البحرين..

اقرأ ايضاً