العدد 4138 - السبت 04 يناير 2014م الموافق 02 ربيع الاول 1435هـ

خطف الصحافيين في سورية... مثال الإسباني خافيير اسبينوزا

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

الأخبار التي تأتي كل يوم من سورية تكشف عن خبايا وممارسات تتفشَّى يوماً بعد يوم من أجل استمرار حمَّامات الدَّم في هذا البلد الذي يذهب ضحيته أناس أبرياء حالهم كحال الصحافيين الذين إما يقتلون أو يختطفون. هؤلاء الصحافيون هم الناقلون للحدث مهما يكن نوع الصراع السياسي، لكنهم يقعون ضحية العبث والتطرف والجهل وانعدام الرحمة.

ولأن كل صحافي مستقل يبحث دائماً عن الحقيقة، فإن الشجعان هم الذين ينزلون إلى الميدان، حتى لو كان في سورية، حيث يكون كل شيء قاسياً وشديداً، ولاسيما على من يحاول نقل الخبر والصورة والفيديو؛ لإبلاغ العالم عن حقيقة المشهد وحقيقة الحدث وحقيقة الصراع والأرواح التي تذهب كل يوم في هذا المشهد السياسي الرديء.

خافيير اسبينوزا هو أحد الصحافيين الاسبان الذي عرف عنه باحترافيته في نقل الحدث في مناطق الصراع والحروب على مدى خمس وعشرين عاماً، إضافة إلى مناصرته لقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية في مختلف بلدان العالم ومنها سورية والبحرين.

اسبينوزا اختطف مع صحافي إسباني آخر، ريكاردو غارسيا فيلانوفا، في (16 سبتمبر/ أيلول 2013) وكان يعمل مع صحيفة «الموندو» الإسبانية، مراسلا للصحيفة المعروفة من العاصمة بيروت منذ العام 2002.

صحيفته كتبت عنه تقول: «عندما كان على بضعة أميال فقط من إنهاء تغطيته للنزاع السوري وقع ضحية حظه العاثر. تم اختطاف مراسل «الموندو» المخضرم خافيير اسبينوزا والمصور الشهير ريكاردو غارسيا فيلانوفا يوم (16 سبتمبر 2013) في نقطة تفتيش في منطقة تل أبيض في محافظة الرقة المتنازع عليها وعلى مقربة من الأراضي التركية، بينما كان يحاول مغادرة سورية بعد أسبوعين من التغطية حول نتائج الحرب الأهلية في محافظة دير الزور».

الصحيفة أضافت تقول: « تم القبض على الصحافيين إلى جانب أربعة مقاتلين ينتمون إلى كتيبة احفاد المصطفى، أحد ألوية كتائب الفاروق والتي كان من المفترض مبدئيّاً أن توفر لهم الحماية اللازمة. بعد ذلك تم اطلاق سراح المعتقلين السوريين بعد مرور 12 يوماً، لكن الصحافيين الإسبانيين لم يفرج عنهما».

في البداية قال الخاطفون المنتمون الى الدولة الاسلامية العراق والشام (داعش) إنهم سيستجوبونهما فقط للتحقق من أنهما ليسا جاسوسين. لكن بعد مرور الوقت تم إلحاق اسمي الاسبانيين بقائمة المختطفين في الرقة، وهي سلسلة طويلة من الأسماء العربية والأجنبية تكبر يوماً بعد يوم.

وأوضحت الصحيفة الاسبانية سبب الصمت الاسباني في بادئ الأمر «لم تكشف الاتصالات غير المباشرة مع الخاطفين والتي كانت وراء الصمت الإعلامي الذي أحيط بهذه القضية لأكثر من شهرين ما يريدونه مقابل حياة الاسبانيين. يبدو أن الحركة الراديكالية (داعش) - التي كانت في السابق تشكل فرعاً في تنظيم القاعدة لكنها لم تعد تمتثل لأوامر زعيمها أيمن الظواهري - قد فرضت نفسها، على رغم الفظائع التي ارتكبتها وصراعها مع الجماعات المسلحة الأخرى الذي أقحمها في مواجهات مع جميع الكتائب المعارضة في سورية تقريباً بمن فيهم الإسلاميون».

الصحيفة أشارت إلى خيبة الأمل التي أصابت السوريين أمام موجة الاختطاف التي تنفذها «داعش» وهي سياسة - بحسب «الموندو»- تشجع الصحافة الدولية على العمل حصراً إلى جنب النظام السوري لحماية سلامة موظيفها، مضيفة أن مراسلها اسبينوزا والمصور المستقل من بين الصحافيين الدوليين الأكثر زيارة لهذه البلاد العربية للتنديد بمعاناة الشعب الذي يعيش في أوضاع مزرية، وهو ما ركز عليه كلا الصحافيين الإسبانيين سواء معاً أو بشكل منفصل منذ ربيع العام 2011، حيث ركزا على المناطق الأكثر تضررا من القصف المدفعي والطيران الحربي أو على المناطق المحررة، وتلك التي تتواجد تحت الحصار العسكري، مثل حمص وادلب والرقة ودير الزور... ومن هذه الأخيرة قاما بتوثيق الدمار الهائل الذي لحق بالمدينة وعودة النشاط الى المدارس السورية وسط القصف، ووجود عيادة خاصة لمساعدة النساء على وضع حملهن وسط التفجيرات. وقد أدى عملهما الى جانب جبهات المتمردين حتى تم ادراج اسميهما ضمن القوائم السوداء التي قدمتها حكومة دمشق الى الامم المتحدة للكشف عن الصحافيين غير المرحب بهم وخاصة بعد تغطية اسبينوزا لسقوط بابا عمرو.

تجربة بابا عمرو لم تثن خافيير اسبينوزا عن مواصلة مسيرته في نقل الحدث من عين صحافية احترافية لا تخلو من روح التضحية اللازمة لتغطية الصراعات من حيث الصعوبات والعقوبات والظروف التي قد يتعرض لها من أجل ايصال صوت لا يسمع وذلك من خلال منبر صحافي حر يحترم الانسان دون الاكتراث بالخطر الذي قد يتعرض له من أمثال اسبينوزا.

مونيكا بريتو، زوجة اسبينوزا، وهي صحافية أيضاً وام لطفلين قالت في بيروت أمام مرأى وسائل الإعلام في (10 ديسمبر/ كانون الأول 2013) إنه منذ الأشهر الأولى للانتفاضة عبرنا الحدود بصورة غير قانونية من أجل نقل الصورة الحقيقية لمعاناة السكان في المناطق المتعرضة للنزاع... خافيير لم يكن حاضراً خلال قصف بابا عمرو الذي أسفر عن مقتل اثنين من زملائه أمام عينيه، بل اختار البقاء في بابا عمرو حتى تم إجلاء كل المدنيين في المنطقة، وعندما طلبت منه مغادرة حمص قبل سقوطها قال لي إنه يشعر أن من واجبه البقاء وإخبار العالم بما يحدث. وعندما ذكرته بأن اطفالنا بحاجة اليه على قيد الحياة، أجابني ان اطفال سورية تحتاج الى اهتمام العالم... لم أجادله واخترت قضاء عيد الميلاد في بابا عمرو بدلاً من قضاء العيد مع عائلتي وكان لي الهدف نفسه، وهو نقل معاناة سورية إلى العالم».

كل ما جاء ذكره يتكلم عن الكارثة الإنسانية التي تمر بها سورية، واختطاف الصحافيين أحد المظاهر التي تقلب الميزان ضد من يمارسها، وهي أيضاً تعبر عن مدى العبثية في المشهد السوري الحزين.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4138 - السبت 04 يناير 2014م الموافق 02 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:52 ص

      من الظالم ومن المظلوم؟

      الحين اختي العزيزة فعلا هناك دمار واختطاف وقمع الحرية الصحفيه وكارثة انسانيه بس من سبب هاي كله ؟؟. اذا كان النظام كانً شفنة من سنين كارثة إنسانية فيً سوريا مو كم سنه وثاني شي ادلة كثيره وفيديوات بالآلاف على الاعمال الإرهابية من قبل ما يسمون نفسهم بالجيش الحر فاعتقد واضح من السبب ورأ هالاختطافات والدمار والكارثة الانسانيه وما يحتاج نلمع صورة احد لان الأدلة واضحهه وضوح الشمس

    • زائر 1 | 10:48 م

      محمد

      يا ريم هدي الشعوب العربية هالكم سنة ضاربتنهم اعيون ما صلت على النبي

اقرأ ايضاً