تعيش اليونان على وقع فضيحة فساد مرتبطة باسلحة عمرها اكثر من 15 عاما وتتكشف تفاصيلها تدريجيا من قبل مسؤولين سياسيين سابقين ورجال اعمال، وسمحت باعادة بضعة ملايين من اليورو الى صناديق البلاد التي تشهد ازمة مالية.
وقام القضاة الجمعة بارسال ديمتريس باباخريستوس (78 عاما) الى السجن بتهمة تبييض اموال.
وباباخريستوس كان ممثل اليونان لدى شركة الاسلحة الالمانية كراوس-مافاي فيغمان ومن اهم الشخصيات المتورطة في هذه الفضيحة.
وقد كشفه انتونيس كانتاس (73 عاما) الذي تسبب بالفضيحة.
وهذا النائب السابق لمدير عام ادارة الاسلحة في وزارة الدفاع (1997-2002) ادلى باعترافات بعدما تمكن القضاء اليوناني من العثور على 13,7 مليون يورو خبأها في مصرف في سنغافورة.
واعترف كانتاس بانه حصل على رشاوى في اطار صفقات اسلحة كبيرة مع شركات اجنبية، وخصوصا المانية وفرنسية وروسية وبرازيلية وسويدية.
وفي افادة استمرت اربعة ايام وحبست انفاس وسائل الاعلام، ذكر اسماء 17 شخصا من رجال اعمال ووسطاء وكذلك سياسيين متورطين في هذه القضية على حد قوله.
وقدم هذا السياسي ادلة واضحة على هذه الفضيحة، بتسليمه تسعة ملايين يورو حصل عليها من رشاوى واعادها بذلك الى الدولة اليونانية منذ 31 كانون الاول/ديسمبر.
وقال مصدر قضائي لوكالة فرانس برس ان "ملايين اليوروهات والدولارات موزعة في عدد كبير من الحسابات في العالم، ولكشفها تستغرق الاجراءات وقتا طويلا لان هناك وسطاء وشركات اوف-شور".
واضاف هذا المصدر "من المؤكد ان المتهمين يغطون على السياسيين الذين يقفون وراء هذه القضية".
وقال كانتاس الذي بدأ قبض اموال منذ 1989 "حصلت على رشاوى لكنني لا اتذكرها كلها"، كما كشفت فقرات من افادته نشرت في الصحف.
وذكر القضاة بالدور الذي لعبه وزير الدفاع السابق الذي شارك في تأسيس الحزب الاشتراكي (باسوك) اكيس تسوهاتسوبولوس الذي حكم عليه في تشرين الاول/اكتوبر الماضي بالسجن عشرين عاما بتهمة تبييض اموال في اطار صفقات الاسلحة هذه.
لكن الوزير السابق نفى باستمرار الوقائع. واكدت لجنة برلمانية مطلع الالفية ان جمع ادلة كافية امر مستحيل.
وقال الناطق باسم الحكومة سيموس كيديكوغلو لاذاعة سكاي ان "الشعور بان عمليات اختلاس جرت ولا يمكن اثبات ذلك امر رهيب".
واضاف "هناك اليوم ادوات تسمح لنا بان نكون فاعلين ضد الفساد"، مؤكدا ان الحكومة "مصممة" على الذهاب حتى النهاية في هذه القضية.
وسيعقد قضاة التحقيق جلسات استماع اخرى.
لكن سيكون عليهم مواجهة الامراض المرتبطة بالشيخوخة لمتهمين آخرين اثنين على الاقل هما ديميتريس باباخريستوس الذي يشتبه بانه دفع رشاوى ويعاني من مشاكل في الذاكرة، وبانوس ايفستاتيو (83 عاما) المتهم بالوقائع نفسها لكنه كان يعمل في شركة المانية اخرى.
وقد نقل الى المستشفى الخميس بعد جلسة استماع طويلة جدا استمرت 12 ساعة.
واليونان متهمة دائما بآفة تفشي الفساد المزمن في اقتصادها وان كانت اثينا حصلت في كانون الاول/ديسمبر الماضي على شهادة حسن سلوك من منظمة الشفافية الدولية للتقدم الذي حققته.
وامتصت ميزانية التسلح وخصوصا بسبب العلاقات اليونانية التركية المعقدة، الجزء الاكبر من موازنة اليونان وشكلت بين 1974 و2005 حوالى ثمانين بالمئة من دين اليونان الذي كان يبلغ 310 مليارات يورو عند بدء الازمة في 2010.
وقال حزب سيريزا اليساري المتطرف في بيان "هل تسونامي الرشاوى التي يتحدث عنها كانتاس توقف بعد رحيله ام انه مستمر حتى الآن؟".
ويتصدر سيريزا استطلاعات الرأي متقدما على المحافظين الحاكمين مع الاشتراكيين.
والحزبان الاخيران اللذان يحكمان اليونان منذ سقوط النظام العسكري بلا انقطاع، خسرا الكثير من شعبيتهما ويحملهما عدد كبير من اليونانيين مسؤولية الازمة الاقتصادية في البلاد.