العدد 4140 - الإثنين 06 يناير 2014م الموافق 04 ربيع الاول 1435هـ

جدل الشوريين حول «العنف الأسري» ينتهي بإرجاع أُولى موادِّه لـ «المرأة» وتأجيل المشروع

نقاشات مطولة شهدها مجلس الشورى بشأن مشروع قانون الحماية من العنف الأسري
نقاشات مطولة شهدها مجلس الشورى بشأن مشروع قانون الحماية من العنف الأسري

انتهى الجدل والنقاش الذي دار بين أعضاء مجلس الشورى، في جلستهم يوم أمس الإثنين (6 يناير/ كانون الثاني 2014)، بشأن مشروع قانون الحماية من العنف الأسري، بإرجاع المادة الأولى من المشروع إلى لجنة شئون المرأة والطفل بالمجلس، وتأجيل مناقشته إلى الجلسة المقبلة.

الجدل والنقاش الذي دار حول ديباجة المشروع والمادة الأولى منه، والتي تتعلق بالتعاريف الخاصة بالمشروع، كانت نتيجته اقتراح رئيس مجلس الشورى علي الصالح، بإرجاع المشروع كاملاً إلى لجنة شئون المرأة والطفل، وهي اللجنة التي عملت على صياغة المشروع، وهو المقترح الذي أيّده وزير شئون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل، إلا أن الشوريين صوّتوا برفض هذا المقترح، وخصوصاً بعد أن اعترضت رئيس لجنة شئون المرأة والطفل رباب العريض على ذلك، واقترحت أن تُعاد المادة الأولى من المشروع، والتي كانت التعاريف الواردة فيها محل جدل، وهو المقترح الذي وافق عليه الشوريون بالإجماع.

وقال الصالح في مداخلة له بعد النقاش، الذي استمر لنحو 3 ساعات: «إن مثل هذا القانون يجب أن يؤدي حقاً من حقوق الجميع، ونحن لدينا قيم وتقاليد دينية واجتماعية، ونحن نعرف المرأة وما تعانيه وكل هذا الكلام الذي يقع، لو أن المرأة حاولت أن تقوم بشيء لوقف أمامها الرجل وهدّدها، وبالتالي تفعل ما يريده الرجل».

ورأى أنه «لا نستطيع أن نأخذ أية كلمة ونعتبرها إيذاءً نفسيّاً، فمفهوم الإيذاء النفسي الواسع، وأخشى بعد هذا النقاش أن يؤدي الموضوع إلى عكس ما هو مطلوب»، مشيراً إلى أن وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي، لديها الكثير من الملاحظات على المشروع، وكذلك بعض الأعضاء، وفي اعتقادي أن تتم دراسة المشروع بتأنٍ من خلال اللجان، وكل حريص على الموضوع عليه أن يدلي بدلوه في اللجان، ويحضر اجتماعاتهم».

ورداً على ذلك، قالت العريض: «أعتقد أن صياغة المشروع استغرقت وقتاً طويلاً، وجُمعت فيه وجهات نظر مختلفة، وهو من صناعتنا، إذ لا توجد سوابق قضائية في هذا الموضوع، ولم نقتبسه من قوانين سابقة، وكل سؤال قدمه أعضاء المجلس كان لدينا جواب عليه، والقانون فيه اجتهاد كبير من قبل أعضاء اللجنة».

وذكرت أن «مقترحات وزارة التنمية كانت موجودة لدينا، أخذنا بعضها ولم نتمكن من أخذ البعض الآخر، ونحن منذ أكثر من عام نعمل على المشروع».

من جانبه، أكد وزير شئون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل «إن الهدف من أي مشروع قانون، أن يخدم المجتمع، وأن يكون قابلاً للتطبيق من قبل الوزارة المعنية، ونحن نثمّن عمل اللجنة، ولكن لا يمنع أن تجتمع مع وزارة التنمية، ويتم تداول كل الملاحظات».

من جهتها، عبّرت عضو مجلس الشورى دلال الزايد، عن رفضها لمقترح الصالح بإرجاع المشروع بكل مواده إلى اللجنة، وأفادت بأنها «مع التأني في التشريع وعدم الاستعجال، ولكن الحكم على المشروع من خلال تعاريفه أمر غير صحيح، وما سمعناه في الجلسة حول المشروع اعتراضات دون اقتراحات، ولذلك أقترح أن تعاد المادة المتعلقة بالتعاريف، وأن يؤجل المشروع إلى الجلسة المقبلة».

وإضافة على ذلك، اعتبرت النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى بهية الجشي، أنه «ليس من الإنصاف بعد جهد عامين، وكل المراسلات التي تمت مع الجهات المعنية، أن نعيد المشروع إلى اللجنة. والجهد الذي بُذل في عامين لا يمكن النظر فيه خلال أسبوعين».

وتنص المادة الأولى من التقرير التكميلي الثاني للجنة شئون المرأة والطفل حول مشروع قانون بشأن حماية الأسرة من العنف (المعد في ضوء الاقتراح بقانون المقدم من مجلس النواب)، على أنه «في تطبيق أحكام هذا القانون يكون للكلمات والعبارات التالية المعاني المبينة قرين كل منها، ما لم يقتضِ سياق النص خلاف ذلك، العنف الأسري: كل شكل من أشكال سوء المعاملة الجسدية أو الجنسية أو النفسية الذي يقع في إطار الأسرة من قبل أحد أفرادها ضد فرد آخر، ويشمل: الإيذاء الجسدي: هو أي اعتداء بأية وسيلة تحدث إصابات بجسم المعتدى عليه. الإيذاء النفسي: كل قول أو فعل يؤدي إلى أضرار نفسية على المعتدى عليه، ويشمل القذف والسب وإساءة المعاملة. الإيذاء الجنسي، ويشمل: الاعتداء الجنسي بأي شكل من الأشكال على أحد أفراد الأسرة، الاستغلال أو الدفع بأي شكل لإشباع الرغبات الجنسية للمستغل أو الغير، التعريض لمواد جنسية أو سلوك أو نشاط جنسي. الأسرة، وتشمل: الزوج والزوجة بعقد زواج شرعي أو قانوني بالنسبة لغير المسلمين وأبناءهم وأحفادهم، أبناء أحد الزوجين من زواج آخر شرعي أو قانوني آخر بالنسبة لغير المسلمين، والد ووالدة أي من الزوجين، الإخوة والأخوات لأي من الزوجين، أي من الأقرباء حتى الدرجة الرابعة، الشخص المشمول بحضانة الأسرة. المعتدى عليه: كل فرد من أفراد الأسرة تعرض لعنف أسري. أمر الحماية: هو الأمر الصادر من النيابة العامة أو المحكمة المختصة لحماية المعتدى طبقاً للأوضاع التي ينص عليها هذا القانون. الوزارة: وزارة التنمية الاجتماعية».

خلاف حول «خدم المنازل» في «العنف الأسري»

واختلف الشوريون حول إضافة خدم المنازل ضمن مشروع قانون الحماية من العنف الأسري، حيث طالبت النائب الثاني لرئيس المجلس بهية الجشي، بشمول خدم المنازل من ضمن الذين يشملهم مشروع قانون الحماية من العنف، مبينة أن الخدم من ضمن سكان المنزل.

في حين رأت مقررة اللجنة جهاد الفاضل، أن خدم المنازل ليسوا من ضمن الأسرة المشمولة بالحماية من العنف الأسري، بينما أوضحت العضوتان دلال الزايد ورباب العريض أن خدم المنازل قد شملهم قانون العقوبات، لذلك لا داعي من ذكرهم مرة أخرى في قانون حماية الأسرة.

وقد عرّف التشريع الأسرة، وهي تشمل الزوج والزوجة بعقد زواج شرعي أو قانوني بالنسبة لغير المسلمين وأبنائهم وأحفادهم وأبناء أحد الزوجين من زواج آخر شرعي أو قانوني آخر بالنسبة لغير المسلمين، والد أو والدة أي من زوجين والأخوة والأخوات لأي من الزوجين أو أي من الأقارب حتى الدرجة الرابعة.

وفي بداية نقاش المشروع، قالت الجشي: «انتظرنا طويلاً صدور مثل مشروع القانون هذا، ولكن عندما اطلعت على المرفقات الواردة في التقرير، أدركت حجم العمل الكبير الذي قامت به اللجنة، والجهد الواضح، خصوصاً وأنها تلقت ملاحظات من مختلف الجهات ذات العلاقة».

ورأت أن «مشروع القانون يشكل إضافة نوعية للمنظومة التشريعية، خصوصاً وأن البحرين تقترب من التصديق على اتفاقية حماية المرأة من كافة أشكال العنف والتمييز»، مشيرة إلى أن الكثير من الدول تركز في مشاريع من هذا النوع على موضوع حماية المرأة من العنف، إلا أن البحرين أخذت خطوة متقدمة، وجعلت الحماية للأسرة ككل، وليس حماية المرأة فقط.

وقال العضو عبدالرحمن جواهري: «إن المجلس أمام مسئولية كبيرة، فإذا وافق على هذا القانون، فإنه يحقق الهدف الذي تسعى إليه الدولة، وهو الالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات التي وقعتها البحرين».

أما عضو مجلس الشورى لولوة العوضي، فأكدت أهمية مشروع القانون، وخصوصاً بالنسبة للزوجة، منتقدة عدم إدراج رأي المجلس الأعلى للمرأة في التقرير.

ومن جانبها، ذكرت عضو مجلس الشورى دلال الزايد أن مشروع قانون بشأن حماية الأسرة من العنف مرّ في دورتين ونصف دورة من دور الانعقاد الحالي، مشيدة بتعاون مختلف الجهات المعنية وإسهامها في «تجويد» المشروع.

ونوّهت إلى أن «التقرير تكميلي، ما يعني أن هناك تقريراً أولياً للمشروع، وكان رأي المجلس الأعلى للمرأة وارداً في التقرير الأول، ومرفقاً به».

من جانبها، اعتبرت وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي أن «هذا القانون مهم، ويدخل في اختصاصات وزارة التنمية الاجتماعية، وقد أرسلنا مرئياتنا على مشروع القانون، وأُخذ بجزء منها، ولم يؤخذ بها جميعها».

وأشارت إلى أن «مشروع القانون ما زال فيه ملاحظات جوهرية، وأخطاء جوهرية، منها في أحد المواد المتعلقة بإنشاء دور للإرشاد الأسري، دون الأخذ بعين الاعتبار لآلية تنظيم إنشاء هذه الدور»، مشيرة إلى أن الهيكل الإداري للدور يعود لديوان الخدمة المدنية وليس للوزارة.

وذكرت أن «مكاتب الإرشاد الأسري موجودة، ويجب أن يُبنى عليها وعدم تجاهلها».

إلا أن رئيسة لجنة شئون المرأة والطفل رباب العريض، اعترضت على ما أوردته الوزيرة البلوشي من ملاحظات، إذ أنها دخلت في صلب مواد القانون قبل بدء مناقشتها، مؤكدة أن الوزيرة بإمكانها إبداء ملاحظاتها على المواد عندما تتم مناقشتها بالتفصيل.

وأوضحت أن مشروع القانون تمت صياغته ودراسته وفق مطالبات من جهات رسمية وأهلية، وأن الجزئية المتعلقة بإنشاء دور الإرشاد الأسري تُركت للقرارات. وقالت: «حاولنا أن نركز على اختصاصات إدارات الإرشاد الأسري ومكافحة العنف الأسري، وسياسة الوزارة في حماية الأسرة من العنف الأسري».

«العدل» و«الداخلية» تتحفَّظان على «أمر الحماية»

هذا، وأبدى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية موافقته على مشروع القانون من حيث المبدأ، مؤكداً عدم تعارضه مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء الداعية للرفق والتسامح، ونبذ العنف بأشكاله وصوره كافة، ومنها العنف الأسري.

ورأى المجلس «استثناء الأفعال التي يأتيها الزوج أو الولي، والتي تعد من قبيل التأديب الشرعي، من الأفعال المجرمة حسب مشروع القانون حيث إن الشريعة الإسلامية قد أقرت حق التأديب للزوج والولي».

وفي رأي وزارة الداخلية على مشروع القانون، اقترحت الوزارة وضع تعريف (أمر الحماية)، حيث يعتبر هذا الأمر تنظيماً جديداً على القانون مما يستوجب تعريفه ضمن مادة التعريفات بشكل واضح ومحدد.

وتحفّظت الوزارة على المادة (11) التي نصت على وجوبية اتخاذ مراكز الشرطة كافة الوسائل اللازمة لتوفير (المساعدة والحماية)، وتحديداً كلمة (الحماية)؛ «حيث إنها غير واضحة، لأن الحماية تشمل مجالات كثيرة مقارنة بمحدودية صلاحيات مراكز الشرطة، التي يقتصر دورها على تلقي البلاغات، وتقديم المساعدة إضافة إلى توفير الحماية للمتضرر، ولكن بشكل محدود، حيث يمكن أن تُفهم بطريقة تتيح لمراكز الشرطة مهاماً ليست من صلاحياتها، على سبيل المثال إيداع المتضرر في مكان معين بغرض حمايته مما يعتبر أمراً لا يندرج تحت صلاحيات مراكز الشرطة. وعليه تقترح الوزارة تعديلها بشكل أكثر وضوحاً ضمن إطار قانوني وآليات قانونية محددة».

واتفقت وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف مع ما طرحته وزارة الداخلية في تعريف مصطلح «أمر الحماية»، باعتباره تنظيماً جديداً على القانون يستوجب تعريفه بشكل واضح ومحدد.

أما بخصوص (المادة المستحدثة 16)، فقد بيّنت الوزارة أنه في حال صدور أمر حماية من النيابة العامة فيكون (التظلم) أمام «المحكمة الصغرى الجنائية»، وليس الكبرى كما ورد في الفقرة الأخيرة من المادة، أما في حال صدور الأمر من «المحكمة الصغرى الجنائية»، فيكون التظلم أمام «المحكمة الكبرى الجنائية» بصفتها الاستئنافية.

العدد 4140 - الإثنين 06 يناير 2014م الموافق 04 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً