العدد 4144 - الجمعة 10 يناير 2014م الموافق 09 ربيع الاول 1435هـ

حماس بين حلف الممانعة والاعتدال

خالد وليد محمود

باحث في «المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات»

من الواضح في الحراك السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنها تعمل منذ فترة على إعادة صياغة لعلاقاتها الخارجية وفق نظرة جديدة تستند إلى احتمال بقاء أمد الصراع سواء في سورية أو مصر طويلاً. فما يبدو جلياً للمراقب اليوم أن الحركة فقدت حلفاءها في حلف الممانعة وتقطع شعرة معاوية مع دول حلف الاعتدال، هذان الحلفان اللذان كادا أن يتمزقا بفعل الربيع العربي إلا أن محاولات عديدة تجري اليوم لإعادة ترميمهما وإن كان في الحد الأدنى من التماسك.

لكن الحديث عن إمكانية نجاح ترميم هذين الحلفين مازال مبكراً لأسباب مختلفة، منها أن الأمور مازالت غير مستقرة سواء في الساحة المصرية أو السورية، وهو ما يعني أن شروط التحالف بين حماس وطهران على سبيل المثال لن تكون بالمستوى الذي كان سابقاً.

منذ نحو الثلاثة أعوام خسرت حركة حماس الحضن الإيراني – السوري لأسباب تتعلق بتضارب المصالح إزاء الثورة السورية. وقرّرت كل من طهران وحماس الانتصار كل لحليفه اللذين كانا على علاقة صراع وإن كان بارداً. فبينما دخلت إيران في معركة حليفها الرئيس السوري بشار الأسد بكل ما أوتيت من قوة، مالت حماس مع جماعتها الأمَ، «الإخوان المسلمين» كل الميل.

ومنذ ثورة 25 يناير 2011 لجأت حركة حماس ولا سيما قياداتها في قطاع غزة، إلى الاعتماد أكثر على النظام المصري الأخواني الجديد، بديلاً عن دمشق وطهران، وذلك لعلاقاتها التنظيمية والأيدلوجية مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر.

وبقي الحال على ما هو عليه حتى اجتمعت العديد من الأسباب التي بدت للطرفين، إيران وحركة حماس، أن الوقت حان للعودة إلى بعضهما البعض. وكان السبب الأبرز بالنسبة إلى حركة حماس خسارتها في عزل الرئيس محمد مرسي، وبدء حقبةٍ يراد لها أن تكون مخيفة لها تتعلق بكيانها ووجودها نفسه.

لقد رهنت الحركة قرارها الاستراتيجي بقيام دولة مدنية في مصر. لكن هذا الرهان بدا إنه غير واقعي حتى الآن على الأقل. وسريعاً فقدت حماس حضن مصر الذي لم يكد يدفئ بعد بعزل الرئيس المصري محمد مرسي. لقد استبدلت الحركة في عامٍ حضن حليف المصالح (طهران) بحليف آخر أشد متانةً هو حضن مصر الاخوانية، لكن هذا الحضن لم يكتب له الاستمرار. وكان على الحركة التحرك سريعاً، بعد أن وجدت نفسها أمام طريق مسدود.

لكن هذا ليس هو السبب الوحيد الذي دفع الطرفين (حركة حماس وساسة طهران) إلى إعادة بناء العلاقات الثنائية، وإن كان من الصعب العودة إلى ما كانت عليه العلاقات في السابق.

ومن بين هذه الأسباب اقتناع قادة الحركة بعدم جدوى انتظار ما ستؤول إليه الأمور في الساحتين المصرية والسورية. فقد اقتنعت حماس أن الثورة السورية لن يكتب لها النجاح سريعاً، وأن السوريين سينتظرون وقتاً أطول مما يأملون حتى تحقيق النصر، إضافةً إلى انه لا أحد حتى الآن يعرف النتائج التي يمكن أن تنتج عنها الثورة السورية، إضافةً إلى أن مصر هي الأخرى أمامها مشوار طويل.

لقد بدأ قادة الحركة يتجهون نحو طهران مجدّداً عبر سلسلة من الاتصالات انتهت بالحديث عن زيارة قريبة لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لطهران، وهو الإعلان الذي لم ينفهِ ساسة طهران بل وذهبوا بعيداً في تبجيله، إلى حد نقل الصحافي ومراسل قناة الميادين علي هاشم على لسان أحد المسئولين الإيرانيين قوله: «إذا قام مشعل بزيارة إلى طهران في أي وقت، فلن تعرف التوقيت من وسائل الإعلام. سوف يأتي إلى طهران أولاً، وبعدها سيعرف الناس، أبو الوليد قائد المقاومة، وهناك تدابير أمنية يجب اتخاذها لحمايته».

هكذا يذهب تشجيع طهران للحركة من أجل اتخاذ خطوة إلى الأمام على طريق «المصالحة»، وسواءً كانت الاستجابة الإيرانية نابعةً من أسباب تتعلق بما يجري في الأزمة السورية، أو من حيث البعد الاستراتيجي للسياسة الإيرانية، فإن قبول رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل للزيارة سيدشن علاقة جديدة مع طهران، رغم أن التوقيت مازال غير معلن.

لا شك أن ما يجري على الأرض المصرية لا ينبئ عن توجه المجتمع إلى السلم الأهلي في المدى المنظور، بل أن كرة الثلج التي بدأت بالتدحرج منذ عزل الرئيس المصري مرسي مازالت تكبر، ولا أحد يمكن له أن يتوقع حجمها أو شكل التطورات في طريقها، وكل ذلك سينعكس سلباً أو إيجاباً.

حركة حماس التي تقف اليوم أمام جدار «الأزمة المصرية» من جهة، وأمام معطيات دولية وإقليمية تمتد من طهران إلى دمشق لا تستطيع القفز عنها أو اختراقها ولا حتى الالتفاف حولها، خصوصاً أن حجم المناورة لديها ضيق، وأفق حدوث انفراجٍ ما في القاهرة أو سورية يصب لصالحها مازال يبدو بعيداً. فماذا تفعل أمام أحجية التوفيق بين أيديولوجيا وخطوط حمراء وطنية وضعتها لنفسها منذ زمن وترفض التخلي عنها من جهة، ومن جهةٍ أخرى تسكين أي تأثيرات سلبية تفرضها عليها المتغيرات السياسية الحادة سواءً في مصر أو حتى في إيران وسورية؟

إقرأ أيضا لـ "خالد وليد محمود"

العدد 4144 - الجمعة 10 يناير 2014م الموافق 09 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:09 ص

      ياسر ايراهيم

      كلام طيب ووجهة نظر أحييكم لشجاعتكم فى ابداء وجهات النظر المختلفة كما هى صحيفة الوطن الكويتية التى تبدى وجهات النظر حول احداث مصر .وهذه هى الصحافة المتميزة ز

اقرأ ايضاً