العدد 4145 - السبت 11 يناير 2014م الموافق 10 ربيع الاول 1435هـ

مستقبل البحرين وسيناريوهات الدولة

عباس المغني abbas.almughanni [at] alwasatnews.com

الدولة المدنية هي ترويض لروح القوة بشكلها الخام المتوحش، وانعكاسها في صورة هادئة لطيفة، كأشعة الشمس إذا نظر إليها شخص بعينه مباشرة فإنها ستحرق خلايا عينه وتفقده البصر، ولكن هذه الأشعة نفسها عندما تنعكس من القمر تكون جميلةً ورائعةً ومريحةً للعين. فالضوء الجميل الذي يصدره القمر، هو انعكاس لأشعة الشمس من شكل خام إلى شكل لطيف.

كذلك روح القوة للسلطة مثل أشعة الشمس، فإنها تدمّر في صورتها الخام، ولكن عندما ترتدي عباءة الدولة المدنية، فإنها تنعكس في صورة جميلة ورائعة، كضوء القمر.

مثال، إذا كان هناك شخص مديناً بمبلغ 100 دينار، فحتى يدفع المبلغ الذي عليه، أمامه خياران، أما باستخدام القوة في صورتها الخام المتوحشة، كوضع سكين حادة على رقبته، ويهدّد بأن يدفع 100 دينار أو يقطع رأسه الآن. أو استخدام القوة في صورة هادئة ولطيفة، بالذهاب إلى المحكمة ورفع قضية، وتحكم المحكمة بإرجاع الحق.

وبدل أن يتم إرسال جنود بأسلحة رشاشة إلى المحلات التجارية لحصد الرسوم، تكون هناك سلطة تشريعية تشرع بفرض الرسوم، وسلطة تنفيذية تنفذ، وسلطة قضائية تنظر في التظلمات.

فالدولة المدنية تجسد روح القوة في سلطة قضائية، سلطة تشريعية، سلطة تنفيذية، وهذه السلطات الثلاث تكون الرداء أو العباءة المدنية التي تروّض روح القوة.

وتعتبر البحرين في شكلها الحالي دولةً مدنية، لأنها ترتدي العباءة المروضة لروح القوة، بغض النظر عن درجة الترويض، وبغض النظر إن كانت متقدمةً أو متأخرةً في درجتها كدولة مدنية.

في 2011 مع تطور الأحداث خرجت روح القوة من عباءتها المدنية لساعات معدودة، لكن سرعان ما تم إرجاعها إلى عباءتها، وإن ظلت العباءة شبه ممزقة لشهور. ونحن الآن في العام 2014، هناك العديد من السيناريوهات لمستقبل البحرين خلال السنوات المقبلة.

السيناريو الأول، أن تتطور البحرين كدولة مدنية بالسير في طريق ترويض روح القوة شيئاً فشيئاً، حتى تصبح لطيفة وهادئة، فروح القوة لازالت متمردة رغم وضعها تحت عباءة مدنية وتحتاج إلى ترويض أكبر.

والسيناريو الثاني هو خروج روح القوة في حال اشتد العنف، ووصلت الأمور إلى نقطة سوداء، تتمزق فيها العباءة المدنية وتخرج روح القوة، وهنا ستكون البحرين بين ثلاث نماذج.

النموذج الأول، إذا خرجت روح القوة من عباءتها المدنية، ولم تكن هناك قوة أخرى مكافئة لها، فإنها ستتحول إلى دولة بوليسية، تنعدم فيها الحقوق.

النموذج الثاني: إذا خرجت روح القوة من عباءتها، وكانت هناك قوة متكافئة معها (توازن قوى)، فإنها ستتحول إلى هزيلة أو تقترب من نموذج لبنان.

النموذج الثالث: إذا خرجت روح القوة من عباءتها، وكانت ضعيفة أمام قوات أخرى، فإنها ستتحول إلى «الفوضى»، مثل العراق.

فأسوأ سيناريو هو خروج روح القوة من عباءتها المدنية، لأن القوة في صورتها الخام، لا تميز بين إنسان أو حيوان، ولا تعرف إلا لغة الموت والتدمير الأعمى لمن يواجهها.

المستقبل مجهول، والوضع لا زال قاتماً، والسماء كثيفة الغيوم، في ظل أوضاع أمنية وسياسية، يزيدها تعقيداً ارتفاع مستوى العجز في الميزانية وتفاقم الدين العام سنة بعد أخرى.

إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"

العدد 4145 - السبت 11 يناير 2014م الموافق 10 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:46 م

      تتشدق بالمواطنة والدولة المدنية والواقع يقول الوجود لها

      توجد المؤسسات والقوة الشرطية والجيش و الكثير من الوزارات التي تعطي انطباع بانك تعيش في دولة المواطنة المتساوية ودولة القانون لكن لو اختلفت مع شخص من الخط الاول ودمه ازرق فاعرف بانك انتهيت انت وأهلك وبانت سواءت الدولة

اقرأ ايضاً