العدد 4155 - الثلثاء 21 يناير 2014م الموافق 20 ربيع الاول 1435هـ

صح النوم يا وزارة الصحة

أحمد سالم العريض comments [at] alwasatnews.com

استشاري أمراض وزراعة الكلى

دعي رئيس المركز السعودي لزراعة الأعضاء ووفد مرافق له بتاريخ 12 يناير/كانون الثاني 2014 إلى وزارة الصحة، وأجرى الوفد في اليوم التالي لقاءً لـ «مناقشة الصعوبات أمام تطبيق قانون زراعة الأعضاء من المتوفين دماغياً، للاستفادة من هذه الأعضاء في إنقاذ حياة مرضى هم في حاجة إلى هذه الأعضاء في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي».

قانون زراعة الأعضاء الذي أصدره المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة وفي مادته الخامسة والسادسة ينص على: «يجوز بناءً على توصية طبية من ثلاثة اختصاصيين على الأقل، نقل عضو من جثة متوفى - سواء أكان معلوم الشخصية أو مجهولها - لزراعته في جسم حيّ في حاجة ضرورية لهذا العضو لإنقاذ حياته، وذلك بعد موافقة وزير الصحة بشرط ألا يكون المتوفى قد اعترض على النقل حال حياته أو يكون أقاربه المنصوص عليهم في المادة السابقة لم يوافقوا على النقل بعد الوفاة».

وقد تمت مناقشة هذه المادة مع المستشارين القانونيين في وزارة الصحة، منهم يحيى أيوب عندما كان فيصل الحمر وزيراً للصحة في 16 فبراير/ شباط 2010 ورفعت مذكرةٌ للدائرة القانونية في مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء جواد سالم العريض، وكان الرد القانوني على السؤال: ما مدى قانونية إعطاء مكافأة لأهل المريض سواءً كان مواطناً أو وافداً في حال وفاته للاستفادة من أعضائه لإنقاذ حياة آخرين، خصوصاً أن هذه المكافأة المادية ستساعد أهل المريض في تحمل الأعباء المادية للدفن وإقامة مجلس العزاء؛ وإذا كان مغترباً ستساعد على إرسال الجثمان للبلد الأصلي للمتوفى.

وكانت الإجابة من قبل أحد المستشارين هو الموافقة على طلب وزارة الصحة استصدار قرار يتضمن منح مكافأة أو هدية للمتبرع بنقل أحد أعضاء جسمه إلى شخص آخر مريض أو إلى أقارب المتوفى دماغياً.

ولقد نوقشت مثل هذه الأمور في دول إسلامية وعربية عدة، منها المملكة العربية السعودية الشقيقة، والجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول الخليج العربي، والتي فيها مراكز نشطة في موضوع زراعة الأعضاء ومعظم هذه الدول أخذت بمبدأ تقديم المكافأة المادية والمعنوية لأهل المريض المتوفى عند موافقتهم على الاستفادة من أعضائه لإنقاذ آخرين في حاجة إليها.

في دول أوروبية مثل أسبانيا وبعض الدول الإسكندنافية وبعض الدول الآسيوية، لا يسمح القانون بدفن المتوفى قبل التأكد من إمكانية الاستفادة من أعضائه لإنقاذ آخرين سواء وافق أهل المريض أو لم يوافقوا، مادام الإنسان قد أوصى قبل مماته بالتبرع بأعضائه لمن هو في حاجةٍ لها لاستمرار حياة آخرين.

هذه المواضيع نوقشت في وزارة الصحة مع المسئولين السابقين وفي عهود ستة وزراء صحة سبقوا الوزير الحالي، واستفاد من تطبيق هذا القانون ما يقارب الاثني عشر مريضاً تم زراعة كلى لهم من متوفين دماغياً في البحرين والكويت. كذلك استفاد مرضى من المملكة العربية السعودية والكويت من قلوب وأكباد متوفين دماغياً في البحرين من خلال التعاون في دول الخليج العربي في هذا المجال خلال الاثنتى عشرة عاماً الماضية.

وكان لبيان اسطنبول سنة 2008 الذي نظمته منظمة الصحة العالمية لمحاربة الاتجار بالأعضاء، وحضره من دولة البحرين الطبيب جراح زراعة الأعضاء صادق عبدالله، أثر كبير في إثراء مناقشة هذه المواضيع، واتخذ من القرارات ما يفيد بأن الاستفادة من أعضاء المتوفين دماغياً سيقلل الحاجة لتوجه المرضى الميسورين إلى الدول الفقيرة لشراء الأعضاء.

كل هذه التجارب والمناقشات شاركت فيها مملكة البحرين سابقاً ممثلةً في جمعية أصدقاء مرضى الكلى والجراحين العاملين في إنجاح مشروع زراعة الأعضاء منذ بدئه في البحرين سنة 1995. وها نحن اليوم نستبعد كل هؤلاء الذين ساهموا في إنجاح هذا المشروع الوطني والخليجي. فلقد استبعد الجراح المبدع الذي بدأ زراعة الأعضاء من المتوفين دماغياً منذ عام 2001 وأجرى كذلك ما يقارب من 70 عملية زراعة كلى من أقارب أحياء حتى الآن في مجمع السلمانية الطبي... استُبعد هذا الجراح عن حضور الاجتماعات مع الوفد السعودي الذي زار البحرين حديثاً والتقى بنائب رئيس الوزراء وحضره من الأطباء العاملين في مجمع السلمانية وجميعهم من الأطباء الذين لهم علاقة إدارية فقط في هذا المجال.

وقد رُفعت رسالة إلى وزارة الصحة بشان الاحتياجات لتأسيس مشروع وطني لزراعة الأعضاء في سنة 2006 من قبل دائرة أمراض وزراعة الكلى وجمعية أصدقاء مرضى الكلى البحرينية. وكذلك طالبت جمعية أصدقاء مرضى الكلى منذ تأسيسها عام 1989 - وكانت تحت قيادة المغفور له رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين علي بن يوسف فخرو- بإصدار مرسوم لإنشاء مركز تحت أي مسمى، وذلك لوضع هيكل تنظيمي لمركز زراعة الأعضاء في البحرين وتحقيق أهدافه، على أن يكون مستقلاً إدارياً ومالياً عن وزارة الصحة.

وها نحن بعد ربع قرن لازلنا نراوح مكاننا، ويجتمع وزير الصحة والوفد المرافق له من أطباء وقانونيي وزارة الصحة، بالوفد القادم من المملكة العربية السعودية الشقيقة برئاسة رئيس المركز السعودي لزراعة الأعضاء فيصل شاهين، لمناقشة ما تم مناقشته قبل ربع قرن، وقد هاتفني الأخ فيصل شاهين من السعودية ليعرب لي عن عجبه ودهشته لمناقشة هذه الأمور التي تم مناقشتها خلال عدة اجتماعات مع وزراء صحة مروا على قيادة هذا الصرح خلال ربع قرن، ونوقشت أمور مثلها في عدة مؤتمرات وندوات في العالم العربي والإسلامي، وعلى المستوى الدولي أيضاً تحت قيادة منظمة الصحة العالمية وآخرها اجتماع اسطنبول 2008، التي مثل فيها البحرين الجراح صادق عبدالله. وقد تم صياغة بيان اسطنبول لمحاربة زراعة الأعضاء التجارية، وفي لجنة الصياغة لبيان اسطنبول كلا من الزميلين رئيس المركز السعودي لزراعة الأعضاء فيصل شاهين، ورئيس لجنة زراعة الأعضاء بوزارة الصحة في البحرين صادق عبدالله، والذي استبعد من هذا الاجتماع الأخير. وعجبي كيف تجري الأمور في وزارة الصحة، من استبعاد وتهميش ومضايقات للكوادر الوطنية التي تريد وترغب في رفعة وطنها ونجاحه.

العالم يجري عشرات الآلاف من عمليات نقل الأعضاء من المتوفين دماغياً، وفي منطقتنا فقط تم إجراء 8 آلاف عملية نقل أعضاء في الجمهورية الإسلامية في إيران، منها 2000 عملية نقل كلى سنوياً. وفي المملكة العربية السعودية تم إجراء نفس العدد خلال السنوات الخمس الماضية من أقارب ومن متوفين دماغياً.

ونحن في وزارة الصحة لانزال نراوح مكاننا في مناقشة قوانين تم إقرارها من منظمات عالمية مثل منظمة الصحة العالمية، وهمنا الوحيد إبعاد الطواقم المبدعة من جراحين وعاملين صحيين وإداريين مدنيين من وزارة الصحة وإحلال كوادر من داخل البحرين وخارجها أقل خبرةً ومعرفةً وتدريباً في إنجاح مثل هذه المشاريع.

وكما قلت في مقالات سابقة، ستكون نتائج هذه السياسيات الإقصائية للكوادر البحرينية المؤهلة لإنجاح هذه البرامج الرائدة الفشل والتخلف عن السير في ركب الأمم المتقدمة، خصوصاً في منطقتنا، لتقديم أحدث العلاجات لمواطنينا.

إقرأ أيضا لـ "أحمد سالم العريض"

العدد 4155 - الثلثاء 21 يناير 2014م الموافق 20 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:43 ص

      سؤال

      هل بامكاني الوصية باعطاء اعضائي الداخلية لمن يحتاج لها؟ وهل هناك استمارات خاصة لدى وزارة الصحة لاملأها بموافقتي على ذلك بعد موتي او اثناء موتي الدماغي ؟ ردوا علي مشكورين

اقرأ ايضاً