العدد 4162 - الثلثاء 28 يناير 2014م الموافق 27 ربيع الاول 1435هـ

الشباب البحريني في سنوات النكسة

محمود الجزيري Mahmood.Ridha [at] alwasatnews.com

.

ليس ضرباً من المبالغة الاصطلاح على الثلاث سنوات الماضية من عمر البحرين بأنها «سنوات نكسة» على الشعب كله بشكل عام، وعلى قطاع الشباب خصوصاً. فهذه الطاقات الطموحة التي حرّكت مراوح التغيير في 14 فبراير/ شباط 2011 مؤملة بغدٍ أفضل يشبع تطلعاتها للعيش الرغيد في ظلال العدالة والمساواة في فرص الحياة كلها من أدناها حتى أقصاها، وجدت نفسها محاصرةً في قلب مشهد القسوة، وصدارة تلقي الضربات الارتدادية التي سدّدتها الحكومة للطامحين بمشروع التغيير.

الذي جرى إثر تداعيات أحداث 14 فبراير، أن إرادة الانتقام زحفت بجنون لتحاصر الشباب في الشوارع والميادين، داخل البيوت وعلى مقاعد الدراسة ومواقع العمل وفي كل التفاصيل.

أول النزف بدأ في صفوف الشباب الذين تمسّكوا بخيوط الأمل في تحقيق تجربة ديمقراطية عادلة تعامل الجميع على قدم واحدة في الحقوق والواجبات، وتنتشل المهمشين من القاع إلى السطح. كان ذلك في مساء 14 فبراير/ شباط 2011 حين هوى الشاب علي المشيمع إثر «إصابته بعيار ناري في الظهر»، ولحقه في اليوم التالي الشاب فاضل المتروك، ثم أبو تاكي والمؤمن، فالشاب عبد الرضا بو حميد وغيرهم.

في السجن حيث يرزح آلاف البحرينيين جلّهم من الشباب الطامحين للتغيير باتجاه بناء الدولة العصرية، قضى خمسة من أبناء البحرين تحت التعذيب. وأظهرت ذلك عدسات الكاميرات التي نشرت صور جثثهم المُزرّقة قبل أن يدوّن محمود شريف بسيوني قصصهم في تقريره كضحايا تعذيب وإهمال وسوء معاملة. كلهم كانوا في أوج شبابهم: علي صقر، زكريا العشيري، جابر العلويات، محمد حسن، ورجل الأعمال المعروف كريم فخراوي.

وحتى الشاب الذي نجا من الموت الزؤام، ولم يذق ضيق السجن، لم يكن آمناً على نفسه. فإما قد أصابته مقصلة الفصل من العمل والتسريح الطائفي وبقي جالساً على رصيف العاطلين مع بقية زملائه، أو تجده مطروداً من مقاعد الدراسة محروماً من بلوغ مرامه ولو كان مبتعثاً ولم يشهد البلاد أيام الأزمة.

سجاد العلوي شابٌ عشريني فصل من الجامعة في العام 2011 وحرمه التعسف من إكمال دراسته في تخصص الحقوق. اعتقل سجاد مؤخراً وعندما حضر للمحكمة شكا للقاضي تعرّضه للضرب والتعليق والصعق بالكهرباء! وهو نموذجٌ واحدٌ يختصر معاناة مئات النماذج الشبابية التي تشاركه في الألم والمعاناة على مدار الثلاث سنوات الماضية.

قد يتصوّر البعض أن الانتكاسة التي أصابت الشباب البحريني محصورةٌ في أولئك الذين ذاقوا مرارة الحيف مباشرةً، ولكن هذا غير صحيح. فلعل مظاهر هذه الانتكاسة أشد في صفوف الشباب الذين استطاعت إرادة الشر أن تنفذ لعقولهم وتخرب سجاياهم، ليس في تنصيبهم كحوائط صد «ساذجة» ضد مشروع الدولة العادلة وضد القيم الإنسانية والحقوق البديهية التي يتمنى أي إنسان في العالم أن يتمتع بها فقط، بل حينما صدّرتهم لقيادة مشاهد كارثية قبيحة كـ «تدويح» الوجوه، والتحريض على زملائهم للزج بهم في السجون، وإقصائهم من وظائفهم لاستلام أماكنهم... وهذه عصارة الانتكاسة لو تبصرون.

إقرأ أيضا لـ "محمود الجزيري"

العدد 4162 - الثلثاء 28 يناير 2014م الموافق 27 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:03 ص

      اسامة

      ما يحصل للشباب لأنهم هم من يقومون برياح التغيير والزمان هو زمانهه خصوصاً اذا كان الشاب مؤمن واعي وسطي غير متعصب وخير مثال هو اسامة بن زيع الذي سلمه الارسول الاكرم ص زمام امور جل الصحابة
      بوركت اناملك اخ محمود

    • زائر 2 | 11:19 م

      مقال رائع

      يعتصر القلب الما على الخسارة الكبيرة في ارواح المواطنين وخاصة الشباب اليافع وهم زهور وهمم الوطن ولكن ما يدمي الفؤاد هو خسارة ضمائر بعض النفوس وهي موتت الاحياء .... المستجار بالله

    • زائر 1 | 10:38 م

      ماحدث ويحدث فاق التصور وهو ممنهج وغير رسمي لكنه بأوامر رسمية

      القرار لدينا مركزي تأتي غير مكتوبة وتنفد دون تردد فالقرار لدينا مركزي فالضابط لايطاق قبل استلام الامر الشفهي وقيسها على الباقي وأقول هي انتهاكات مرسومة وممنهجة هدفها إيقاع الضرر على اكبر عدد كي يكسروا همة الشباب ويحطمونهم لكنهم اخطاءوا فاهم ينتجون جيلا خشنا سيطر ينظر لهم بنظرة الكره لما قاموا به اتجاه آباءهم وإخوانهم وأهليهم وانتشروا قريبا ماذا ستحصدون

اقرأ ايضاً