العدد 4169 - الثلثاء 04 فبراير 2014م الموافق 04 ربيع الثاني 1435هـ

«12 عاماً من العبودية»... وماذا يعني أن تكون عبداً؟

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

التاريخ الإنساني مليء بصفحات تتحدث عن ممارسات تنتهك حقوق الإنسان بأشكال مختلفة. ولعل أقبح هذه الممارسات هي «العبودية» التي تفنن الرجل الأبيض في استعباد طويل الأمد بقهر الرجل الأسود. وبسبب اللون والعرق كان الإفريقي يُجلب بالقوة مُهجَّراً ومُرغَما على خدمة تسير تحت القهر الجسدي والنفسي المشبع بكثير من الحقد والكراهية والعنصرية لدرجة تصل إلى القتل والاعتداء وحتى الاغتصاب. فلا يهم إن كان رجلاً أم امرأة أو حتى طفلاً... فجميعهم عبيد عند الرجل الأبيض الذي يستخدم العبودية لصالح استمرار سلطته ونفوذه التي تدار بعقلية إقطاعية تعتمد على أبشع صور للانتهاك الإنساني.

والولايات المتحدة الأميركية واحدة من الدول التي تحظى بهذا التاريخ الطويل عن عبودية الإنسان الإفريقي الذي بقي على مدى حقب كثيرة يعيش معاناة إنسانية حقيقية ولولا انتصار حرية الإنسان وتطور المجتمعات في الولايات المتحدة وأوروبا لما انتهت حقب العبودية بسبب لون البشرة والعرق والدين مع كلٍّ من الأفارقة واليهود.

إن العالم اليوم يعيش حراكاً إنسانياً؛ بمعنى أن حركة حقوق الإنسان ليست نتاج حركة عبثية ولكن منبثقة عن حراك طويل أصبح بدوره يشكل مصدر إزعاج وتهديد لكثير من الأنظمة في البلدان التي لا تعي بأهمية تطبيق معايير حقوق الإنسان... والتي بالأساس تطرح هذا السؤال: ماذا يعني أن تكون عبداً؟

وحكاية سولمون نورثب، هي مثال من صفحات التاريخ الذي تكلم كيف كانت العبودية وكيف كانت هي الشرارة الأولى لبداية حراك حقوق الإنسان... تبدأ حكاية سولمون عندما أغراه أسلوب الحياة في واشنطن فسافر وترك عائلته في نيويورك إذ طلبوا منه المشاركة في مسابقة موسيقية للعزف على الكمان ليقيم فترة من الزمن هناك ثم يعود لبلدته ولعمله الأساسي كعازف كمان لكنه تعرض لخدعة إذ تم تخديره وخطفه إلى ولايات الجنوب الأميركي ومصادرة كل أوراقه الثبوتية وبيعه في سوق العبيد بعد أن تعرض لضرب مؤلم... وتم إخضاعه لقوانين صارمة كونه من العبيد، فهو بنظر أصحاب الإقطاعيات البيض بأن العبيد حاجة من حاجاتهم المادية التي يملكونها يفعلون بها كما يشاءون وكأنهم حيوانات. كان سيده الأول فورد رجلاً مسيحياً عطوفاً ونبيلاً ويعامله معاملة حسنة ويُكنُّ له كل الاحترام لينتقل بعدها وبعقد آخر إلى الخضوع لسيد آخر يُدعى (ايبس) صاحب القلب المتحجر الذي لا يفكر إلا في إيذاء الآخرين وهو رجل مدمن على الكحول.

حكاية سولمون تحولت إلى فيلم يُعرض حالياً في دور السينما تحت عنوان «12 عاماً من العبودية» وهي تستند إلى وقائع حقيقية كتبها سولمون في مذكراته لأحداث جرت في منتصف القرن التاسع عشر وتم نشرها في العام 1853 يسرد فيها رحلته إلى جحيم العبودية والتعذيب الذي ينتزع خلاله لحم العبيد على وقع السياط، الاغتصاب، والانتهاك السافر للإنسانية، مشاهد فاقت في واقعيتها ما تم تصويره سابقاً في أفلام هوليوود التي لم تتناول بنفس هذا القدر من تلك الحقبة. (12 عاماً من العبودية) رحلة طويلة ومؤثرة عبر سيناريو مدهش نقل بشاعة تلك المرحلة المظلمة من التاريخ الأميركي والخوض في أعماق تجربة إنسانية تنتهي بتحرير بطل القصة من أغلال العبودية وأصفادها والعودة إلى أسرته بعد فراق دام 12 عاماً.

ولن تكون الولايات المتحدة الوحيدة في هذا الجانب والتي اليوم تحظى برئيس من أصول إفريقية؛ فهناك من الدول العربية التي عاشت الظروف نفسها عبر مراحل التاريخ المختلفة سواء مع الأقليات أو حتى مع الغالبية بسبب المعتقد والعرق والدين وهو أمر لم ينتهِ كُليّاً في المنطقة العربية التي حالياً تعيش هذا الحراك الحقوقي منذ مطلع العام 2011 ويختلف من بلد عربي لآخر كلٌ بحسب ظروفه وطبيعته الاجتماعية تحت حسابات سياسية وأخرى إقصائية تستخدم عقلية التطهير من أجل إقصاء الطرف الآخر وهي ثقافة تدمر المجتمعات.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4169 - الثلثاء 04 فبراير 2014م الموافق 04 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 11:49 ص

      محمد

      موضوع جميل ؟ وان كان المخفي ان الحكومات تستخدم الطائفة والدين ؟

    • زائر 10 | 3:54 ص

      لا يعني شيئاً

      في العبودية من حكمة فخيرة علماء ومفكري المسلمين كانون عبيدا منهم ألإمام مالك فهو مولى وارسطو كان عبدا وعبوديته انتجت عبقريته كتاب الطاغية وتاريخ الإستبداد فالعبودية ليست دائماً سيئه وإلا كان قمبر عبد الإمام علي سيئاً ونحن نغني ونقول يا ريتني طير لأطير حوليك مطرح ما تروح .. وهناك شعوب بأكملها من العبيد ونساء عبداة هل تعلمين ا، مستندات الزواج شكل من اشكال العبودية .. ارجوك مرة ثانية لاتذمي العبودية او الإستبداد خاصة ونحن شعوب منافقة كان الرئيس حسني مبارك يحصل في الإنتخابات 9.99% من اصوات الناخبيين

    • زائر 6 | 2:28 ص

      اختي العزيزة

      العبودية مو لون؟؟
      واكبر استعباد صاير هالفتره في الوطن العربي من ان تحرير العبيد أساسه الوطن العربي وبالتحديد النبي محمد (ص) واعتقد زمن العبودية في الوطن العربي شارف عل الانتهاء !!!

    • زائر 5 | 1:54 ص

      العبوديه لله فقط سيدتي

      والانعتاق منها سنة الله على ارضه دوام الحال من المحال

    • زائر 4 | 12:35 ص

      وفي البحرين من يريد استعباد شعبها القديم الاسلام

      نعم هنا من يريد استعباد هذا الشعب بعد قرون من دخوله الاسلام وبعد اسبقيته للإسلام

اقرأ ايضاً