العدد 4171 - الخميس 06 فبراير 2014م الموافق 06 ربيع الثاني 1435هـ

موسم البر في منظومة القرار البيئي

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

القرار البيئي ركيزة محورية في منظومة العمل البيئي ومقوم رئيس في تعضيد فاعلية المنجز للحراك المؤسسي والمجتمعي البيئي.

والتشريع منجز مهم للقرار البيئي المؤسس والممنهج وركن أساسي في خطط العمل لصون بيئات المناطق البرية، ويشكل محوراً رئيساً ضمن أولويات المشاريع الاستراتيجية لدول شبه الجزيرة العربية، حيث تحرص على وضع تشريعاتها التي تعنى بمعالجة قضايا المناطق البرية وتبني الوسائل المنهجية للحد من الممارسات غير الرشيدة التي تتسبب في تدهور بيئاتها الطبيعية.

والمناطق البرية ركيزة رئيسة في القرار البيئي المعاصر لهذه الدول، ويشكل القرار البيئي أحد الاتجاهات المهمة في العمل لصون البيئات البرية. وتختلف الإجراءات البيئية بين دولة وأخرى من حيث الجوهر والمضمون والوظائف ومستوى صلاحيات وفاعلية الأحكام القانونية المعتمدة لردع الأنشطة غير الرشيدة الضارة بمعالم البيئة وبناء السلوك البيئي الرشيد.

الضوابط القانونية ضمن منظومة القرار البيئي التي تعنى بتنظيم الأنشطة الاجتماعية في المناطق البرية، تعد في معظمها من الإجراءات الموسمية التي يجرى اعتمادها في دول شبه الجزيرة العربية. ومملكة البحرين ضمن خطتها للعمل على حماية نظام البيئة البرية اعتمدت نظام الاشتراطات بشأن موسم التخييم الصادر من المحافظة الجنوبية، ويحظر بموجبه على المخيمين ومرتادي البر ممارسة أي عمل من شأنه إلحاق الضرر بالبيئة والحياة الفطرية سواء بالقطع أو الإقتلاع، أو إتلاف الأشجار والنباتات البرية أو تجريف الأرض بواسطة المعدات الثقيلة وفرشها بـ «الغبرة» أو «الكنكري» أو الصبان. ويحظر كذلك صب أرضيات الخيام والسفلتة، وتشدد على ضرورة المحافظة على نظافة البر بعدم رمي القمامة، وجمعها في أكياس ووضعها في الأماكن المحددة حتى يسهل نقلها، كما يمنع حرق المخلفات سواء أثناء أو بعد انتهاء موسم التخييم.

دولة الكويت أيضاً من الدول التي أخذت بهذا المبدأ القانوني والإداري، وعملت بلدية الكويت على وضع ضوابط للتخييم، ويجري وفق بنودها حظر ممارسة أية أنشطة أو تصرفات أو أعمال يكون من شأنها إتلاف أو تدهور البيئة الطبيعية أو الإضرار بالحياة البرية أو المساس بقيمتها الجمالية أو الايكولوجية، ومنع صيد أو قتل أو إمساك أو جمع أو إيذاء أو المساس بجميع الكائنات الفطرية البرية أو بصغارها أو بيضها أو أعشاشها أو ملاجئها أو ممارسة الرعي داخل مناطق التخييم، وعدم اقتلاع النباتات البرية أو السير عليها بمختلف أشكال المركبات والعربات.

وتشكل النظافة العامة محوراً رئيساً في ضوابط التخييم في الكويت، حيث تؤكد على وجوب عدم إلقاء النفايات السائلة أو الصلبة أو الغازية أو ردمها أو حرقها في موقع المخيم، مع ضرورة التخلص منها بالطرق الآمنة بيئياً وذلك في المواقع المحددة من قبل البلدية، ووضع مخلفات المخيم في أكياس خاصة ورميها في الأوقات والأماكن المحددة، وتنظيف موقع المخيم وتسويته بعد إزالته للمحافظة على البيئة البرية وحماية مختلف عناصرها الحيوانية والنباتية. ويجري تبني مبدأ الرقابة الإدارية وتنظيم حملات التفتيش للتثبت من الالتزام بما هو محدد من ضوابط.

دولة الإمارات أخذت بمنهج القرار البيئي المؤسس في صلاحياته القانونية والتنفيذية للارتقاء بنوعية وفاعلية الأحكام القانونية المختصة بقضايا المناطق البرية. ويمكن تبين ذلك في القرار الإداري رقم (1) لسنة 2008 بشأن الحفاظ على البيئة الصحراوية المستدامة وصيانتها في إمارة الشارقة الصادر عن حاكم الشارقة، والذي يحدّد حصراً الاتجاهات السليمة لممارسة الأنشطة الاجتماعية في المناطق البرية والطرق المنهجية للحد من تدهور نظامها البيئي، ويصنف أنواع العقوبات المترتبة على مخالفة أحكامه.

القرار رقم (9) لسنة 2012 بشأن منع التدهور البيئي في المناطق البرية في الشارقة الصادر عن المجلس التنفيذي لحكومة الشارقة، يشكل تحولاً نوعياً في منهجية القرار البيئي لردع النشاطات غير الرشيدة المضرة بالمعالم البيئية في المناطق البرية، وتؤسس قواعده لبناء منهج حديث للإدارة والرقابة البيئية في المناطق البرية، وتحظر أحكامه مجموعةً من الأنشطة التي من شأنها الإضرار بالنظام الطبيعي لبيئات المنطق البرية والتسبب في تدهورها والتأثير السلبي على مرتادي المناطق البرية وسكان تلك المناطق.

ولضمان الالتزام بقواعد القرار تفرض أحكامه منظومة من الغرامات المالية على المخالفات، ويجري حصرها في تجريف التربة وإتلاف الغطاء النباتي وقطع الأشجار المعمرة وغير المعمرة ذات الأهمية الوطنية والبيئية بغرض الاحتطاب، والتخلص من مخلفات العمليات الفنية والإنتاجية ومخلفات البناء والهدم، والمياه العادمة والزيوت المستعملة في شبكات الصرف الصحي، والرعي الجائر وترك الحيوانات سائبةً دون راعي؛ والصيد الجائر وقتل وإيذاء الكائنات البرية وتدمير التكوينات الجيولوجية أو المناطق التي تعد موطناً لفصائل الحيوانات أو الطيور أو لتكاثرها؛ ومرور المركبات عشوائياً في مواقع نمو الأعشاب والنباتات، وفي المواقع ذات الأهمية البيئية؛ وإلقاء المخلفات أو ترك بقايا الأطعمة ومخلفات الشواء، ورمي المخلفات أو ترك أو التخلص منها بأي شكل من الأشكال في المناطق البرية.

ويأخذ المشرّع بمبدأ تشديد العقوبة ومضاعفة الغرامة المالية ومصادرة الأداة المستعملة في المخالفة في حالة العودة إلى ممارسة الأنشطة الضارة بنظام البيئة البرية.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4171 - الخميس 06 فبراير 2014م الموافق 06 ربيع الثاني 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً