العدد 4211 - الثلثاء 18 مارس 2014م الموافق 17 جمادى الأولى 1435هـ

دور ديوان الخدمة المدنية في تنظيم وتطوير المؤسسات الحكومية

محمود التوبلاني

مدير إدارة التدريب في ديوان الخدمة المدنية سابقاً

مرت عملية التنمية الإدارية بمملكة البحرين بمراحل ومحطات حاسمة، ساهمت بشكل أو بآخر في بناء وتطوير وتوسع الأجهزة الإدارية للاستجابة لمتطلبات الخدمات التي يحتاجها المواطن.

وقد كان للكفاءات الوطنية ممن شغلوا مختلف المستويات والمناصب الإدارية والوظيفية على مدى عقود، دورٌ بارزٌ في بناء الدولة الحديثة، حيث تركوا بصماتهم المميزة بجهودهم الخلاقة والمتواصلة في مختلف مراحل التأسيس والبناء والتطوير والإصلاح للجهاز الإداري، ضمن مراحل تطور التكوين الإداري الحديث للدولة.

وأود التنويه إلى أننا نستعرض في هذه المقالات، جوانب التطور الإداري من منظور تاريخي إداري بحت، دون التعرّض إلى تشخيص وتحليل التفاوت في مستوى الأداء من حيث النجاحات والإخفاقات، ومن دون ذكر الشخوص الذين كان لهم الدور الرائد في هذا الخصوص، ولكن تبقى الجهود المخلصة هي الفيصل لتقييم التجربة، ولكل مجتهدٍ نصيب. وسوف نتطرق في هذه المقالات إلى دور القطاعات المختلفة، مع تسليط الضوء على التطور الإداري في ديوان الخدمة المدنية كمرتكز أساسي في عملية التنمية الإدارية.

يأتي الاهتمام بالموارد البشرية كمرتكزٍ لعملية التنمية والتطوير في الجهاز الحكومي. وهذا لا يأتي إلا من خلال وضع البرامج والمعايير التي تنظم عملية وضع التنظيمات الحديثة التي تستند على تخطيط وتنظيم استخدامات القوى العاملة وتحديدها على أسس علمية مدروسة تعكس واقع الاحتياجات الفعلية التي تعتبر من القضايا المحورية الأساسية لعمل المنظمات الحديثة، وقد أولت حكومة البحرين هذا الجانب اهتماماً كبيراً منذ بداية إنشاء ديوان الخدمة المدنية حسب المرسوم بقانون رقم (6) لسنة 1975م، الذي أرسى الدعائم الأساسية التي تشكّل الإطار العام للتشريعات التي صدرت لتنظيم دراسات التنظيم واحتياجات القوى العاملة وعملية استخدامها وترشيدها بالشكل الذي يضمن فعالية الكفاءة والإنتاجية لموظفي الحكومة، وبالشكل الذي تكون فيه القوى العاملة قادرةً على تحقيق أفضل الأداء لخدمة المواطنين على مختلف الأصعدة.

ويستند وجود الوظائف في الحكومة على وجود الإدارات التي تعتبر الخلية التنظيمية الأولى للجهاز الحكومي، التي لها مهام رئيسية وبرامج عمل محددة تضفي على وجودها الصفة الإدارية التي تحكمها مبادئ التنظيم الإداري السليم. وأُعطي ديوان الخدمة المدنية الصلاحية كجهاز مركزي للدراسة والموافقة على إنشاء الهياكل التنظيمية لمختلف الوحدات الإدارية، كما أنه يدرس مقترحات الوزارات والجهات الحكومية ويقدّم التوصيات بشأن إنشاء الإدارات والمناصب القيادية العليا دون مستوى الوزير التي يتم عرضها على مجلس الوزراء الموقر لاعتمادها، ومن ثم إصدار المراسيم بشأن إنشائها.

كما يقوم ديوان الخدمة بمساعدة الوزارات والجهات الحكومية على وضع المقترحات لمتطلباتها من القوى العاملة وفقاً للمعايير التي يتم اعتمادها، وتقديم برامج الدعم للوزارات لرفع الكفاءة والفعالية للاستخدام الأمثل للقوى العاملة المتاحة التي تستند على دراسة طرق وأساليب وإجراءات العمل والإنتاجية والانضباط الوظيفي لموظفي الأجهزة الحكومية، واقتراح ما يناسب لاختصار وتبسيط الإجراءات؛ وتحديد حجم القوى العاملة المناسبة لكل تنظيم على أسس علمية ومعرفية مستندة على واقع الخبرة والكفاءة الإدارية والإنتاجية الفعلية؛ ودراسة ظروف وبيئة العمل واقتراح ما يناسب لتطويرها لتهيئة المناخ المناسب لاستقرار الموظف وزيادة كفاءته نحو أداء وإنتاجية أفضل في موقع العمل؛ والتركيز على دراسة الجوانب السلبية التي تعيق تقديم الخدمات الحكومية بصورة أفضل؛ واقتراح البرامج والآليات اللازمة لتطوير الخدمة المدنية بالشكل الذي يأخذ في الاعتبار إدخال التقنيات الحديثة ونظم المعلومات وإعادة تنظيم بيئة العمل والموارد المتاحة.

وفي ضوء هذه التطورات ساهم الديوان في إعادة تنظيم عددٍ كبيرٍ من الوزارات الحكومية، واستحداث إدارات جديدة لتصل مع نهاية العام 2000 إلى حوالي 180 إدارة، لمواكبة التطور الإداري والتنظيمي في الحكومة. كما أجرى الديوان عدداً كبيراً من دراسات التنظيم والقوى العاملة لمختلف الأجهزة الحكومية، وقدّم استشارات إدارية عديدة لتحسين كفاءة الأداء في الأجهزة الحكومية.

وقد ساهمت الدراسات التنظيمية والاستشارات الإدارية أيضاً، في ترشيد استخدام القوى العاملة ووضع النظم الإدارية المناسبة وتحسين إجراءات وطرق العمل في الخدمة المدنية، بما يتماشى مع تطلعات الحكومة في تطوير الخدمات وقدرتها على مواكبة المفاهيم الإدارية الحديثة في التنظيم والإدارة.

وقد ساهم ديوان الخدمة المدنية في وضع وتوثيق دليل المهام على مستوى الإدارات لمختلف أجهزة الخدمة المدنية، والذي يهدف بشكلٍ أساسي إلى تحديد مهام ومسئوليات جميع الإدارات بالوزارات والمؤسسات الحكومية، تحاشياً للتداخل والازدواجية بين اختصاصاتها. ويعكس هذا الدليل ثمرة التطور في أجهزة الخدمة المدنية التي شهدت توسعاً في عدد الإدارات حيث بلغت 180 إدارة في سنة 2000، مقابل 130 إدارة في سنة 1993، أي بزيادة مقدارها 50 إدارة جديدة، تعادل 39% خلال هذه الفترة. ويعكس هذا الدليل التطورات الشاملة والجذرية لبرامج إدارات الحكومة على ضوء المرسوم الأميري رقم (12) لسنة 1995م، بشأن تشكيل الوزارة وما نجم عنه من إعادة تنظيم وإنشاء إدارات جديدة في بعض الوزارات وأجهزة الخدمة المدنية، والذي اشتمل على نقل اختصاصات بعض القطاعات من وزارة إلى أخرى لتحقيق التنسيق والتكامل في الأداء وتقديم الخدمات بصورة أكثر كفاءة وفاعلية.

إقرأ أيضا لـ "محمود التوبلاني"

العدد 4211 - الثلثاء 18 مارس 2014م الموافق 17 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 4:19 ص

      ديوان الخدمة ضيع الطريق

      تحول الهدف الحقيقي لديوان الخدمة المدنية من تطوير الأداء الوظيفي ودراسة احتياجات الوزارات والهيئات. الى هندسة الطائفية في الوظائف وكيفية إقصاء الطائفة الشيعية من العمل في الحكومة وهندسة المبررات لاستقطاب العمالة الأجنبية بهدف التضييق على ابناء البلد الشرفاء. هذا هو الهدف الذي يمارسه ديوان الخدمة اليوم.

    • زائر 2 | 1:27 ص

      شحوال

      لو قمت بمقارنة بين التطور الإداري الحاصل والمبادئ الإدارية والحقوق والمزايا الوظيفية المنصوص عليها في أنظمة الخدمة المدنية بدول مجلس التعاون الخليجي مع ما كان وما هو موجود حاليا أعتقد ستكون الصورة واضحة اكثر بأن هنا في البحرين هناك فرق كبير ومتأخر عن التطور الإداري والحماية الاجتماعية في الدول الشقيقة

    • زائر 1 | 10:04 م

      احسنت يا جار نا العزيز

      نعم كما تطرقت للكفاءات الوطنية التي طورت العمل الإداري وقد كرمت بالتقاعد المبكر أو التحقيق العلني ! وحلت بدلا منها المستويات الدنيا الجاهلة بأبسط الأمور الأدارية بدافع الكراهية والأنتقام على حساب التقدم و التطور والرقي ...
      في جهاز يفترض أن يقوده أصحاب الخبرات و الكفاءات والمؤهلات العالية بمنا ينعكس على رفع مستوى الوظيفة النوعي بالبحرين 2030

اقرأ ايضاً