العدد 4211 - الثلثاء 18 مارس 2014م الموافق 17 جمادى الأولى 1435هـ

د. جواد: جراحة السمنة أبعد من تخفيض وزن

نصف سكان العالم سيحمل لقب "سمين"

ظاهرة متنامية في العالم والمنطقة، ارتفاع أعداد المصابين بالسمنة، البحرين حلت في المرتبة الثانية خليجياً بعد الكويت، والأولى خليجياً في الإصابة بداء السكري المنتشر في المنطقة بنسب عالية. دقت أجراس الخطر من المد الهائل الذي قد يصيب نصف سكان العالم في العام 2030 بحسب الدراسات العالمية. حلول طبية كثيرة تعالج السمنة وآثارها بدءاً من البرامج العلاجية وانتهاء بالجراحة، التي تشكل نقطة بداية أخرى في رحلة علاج السمنة.

حول السمنة وأمراضها كان لمجلة «الوسط الطبي» لقاء مع استشاري جراحة السمنة والأمعاء في مستشفى ابن النفيس، الدكتور أحمد جواد، الذي أكد أن جراحة السمنة أبعد من خفض وزن، بل تتعدى ذلك لعلاج الأمراض الناتجة أو المصاحبة للسمنة كالضغط والنوع الثاني من داء السكري، مؤكداً أن الجراحة ليست عصا سحرية للعلاج، بل هي خطوة أساسية في العلاج تلزمها متابعة دورية.

السمنة تقرض 9 سنوات من العمر

بدأ اللقاء بتعريف السمنة، وآثرها، فقال د. أحمد جواد: «السمنة هي زيادة في الشحوم في الجسم بمعدل غير طبيعي يؤدي إلى المرض. ويمكن حسابها بمعدل كتلة الجسم (BMI)، ويبدأ من 30 وحتى 45، ومن يصل إلى هذا المعدل يصنف بأنه مصاب بسمنة مفرطة».

وحول آثارها، ذكر جواد أن السمنة تتسبب «في العديد من الأمراض على الصعيدين الجسمي، والنفسي، ومنها تضخم في المخ يصاحبه صداع، أمراض القلب، الضغط، داء السكري من النوع الثاني، تليّف الكبد، الدهون المتجمعة على الكبد، الأورام، أمراض المفاصل والظهر، ويتسبب في العقم عند الرجال والنساء أيضاً».

وأضاف جواد أن مخاطر السمنة لا تقف عند حد «فبحسب الدراسات العالمية فإن 50% من المصابين بالسمنة يتوفون مبكراً، وقدّرت بعض الدراسات بأنهم يموتون قبل غيرهم بنحو 9 سنوات».

إرهاق للاقتصاد العالمي

وتابع: «تشير الدراسات أيضاً إلى أن وزارت الصحة في العالم تخصص نحو 8% من موازناتها لعلاج السمنة. وهي كلفة مرتفعة مع حساب علاج المرض وآثاره الأخرى. وإذا أضفنا الآثار غير المباشرة للمرض على الاقتصاد فنجد أن الكلفة تتضاعف؛ لأن المصابين بالسمنة يأخذون إجازات مرضية، ويضطرون للتقاعد المبكر، وبالنتيجة تقل إنتاجيتهم في العمل».

كما قال: «حتى تتضح الصورة أضع بين يدي القارئ الكريم إحصاءات أمريكية تقول إن حجم الصرف على السمنة يبلغ 99 مليار دولار سنوياً. ومن المتوقع أن يبلغ تريليون دولار في العام 2020. ولكم التصوّر حول إرهاق السمنة للاقتصاد العالمي مع تزايد هذه الظاهرة».

ولفت جواد إلى أن هناك العديد من المسببات للسمنة أهمها الحياة العصرية، التي يقل فيها النشاط البدني للفرد، خصوصاً مع تطور وسائل المواصلات، والتطور التقني الكبير الذي جعل كثيراً من الخدمات في متناول كف الفرد؛ فبالإمكان اليوم إجراء العديد من المعاملات عن طريق الهواتف الذكية.

وأضاف: «لا ننسى النظام الغذائي السائد وتسيد الأطعمة السريعة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون على الوجبات اليومية. كما وأن قلة الألياف في الأطعمة لها يد في الإصابة بالسمنة».

وأوضح جواد: «الغذاء طاقة يجب أن يفرغها الإنسان بالحركة وإلا تحوّلت له على شكل دهون في جسمه. ووفقاً لما سبق من تطور قلل من حركة الفرد، وتسيد للأطعمة السريعة على الوجبات اليومية، فإن معدلات الإصابة بالسمنة آخذة في الازدياد عالمياً. وتشير التوقعات العلمية إلى أن نصف سكان العالم في العام 2030 مصابون بالسمنة».

وقال إن إحصاءً أمريكياً صدر في العام 2010 أثبت أن 50% من الوفيات بالأمراض هم من المصابين بالسمنة، ويأتي مرض السرطان بنسبة 30%، تليها الأمراض الأخرى كداء السكر، والضغط، وغيرها.

الجراحة بداية ونهاية

«قد تكون الجراحة حلاً مثالياً للسمنة، ولكن بشرط أن تكون خطوة أولى في برنامج شامل». هكذا أجاب جواد، وقال: «دائما ما نبدأ علاج السمنة ضمن برنامج متكامل عن طريق الغذاء، والرياضة، وبعض الأدوية. لكن الدراسات الحديثة تفيد بأن أغلب الذين يخضعون لمثل هذه البرامج يعاود وزنهم في الازدياد بشكل أكبر من قبل بعد 10 أشهر من التخلي عن البرنامج الذي وضعه الطبيب لهم».

وأوضح: «ولذا ننصح بالجراحة لكثير من الحالات، وتكون ضرورية لبعض الحالات خصوصاً للرجال الذين تتجاوز أعمارهم 45 عاماً، وتخطت أحجام كتل أجسامهم 50%، مع إصابتهم بالضغط، واحتمال إصابتهم بالجلطة كبير، وهناك حالات أقل خطورة يكون إجراء جراحة السمنة ضرورة»، مشيراً إلى أن «نسبة خطورة هذه العمليات ضئيلة جداً بحسب الدراسات العالمية؛ إذ تبلغ نسبة الوفيات في هذا النوع من العمليات 0.1%، وإذا قارناها بعمليات استئصال المرارة مثلاً التي تبلغ نسبة الوفيات فيها نسبة 0.7% فإن الصورة تتضح أكثر».

ليست عصاً سحرية

ولفت جواد إلى أن «هناك ثلاثة أنواع لجراحة السمنة، وهي عمليات ربط المعدة، وتصغيرها، والنوع الثاني والثالث يعتمدان على تحويل مجرى الطعام بغرض تقليل نسبة امتصاص الجسم للغذاء. وهما الطريقتان المعتمدان حالياً في الكثير من مراكز علاج السمنة في العالم».

وأوضح جواد قائلاً: «قبل أن يخضع المريض للعملية فإن حالته تعرض على فريق طبي استشاري يقرر ما إذا كان المريض مؤهل للعملية أم لا. بعدها يخضع للجراحة إذا كانت مناسبة لحالته الصحية؛ لأننا نضع سلامة المريض في المقام الأول».

وعاد لشرح أنواع الجراحة وقال: «قبل العام 1993 كانت العمليات تستدعي فتح البطن، ولكن مع ظهور تقنية المناظير اختفى هذا النوع من العمليات. وكانت عمليات تصغير المعدة بأنواعها المختلفة رائجة ومنتشرة، ولكنها تراجعت بسبب أن المعدة تعود للنمو بعد فترة ويرجع الجزء المستأصل منها، كما أن لها مضاعفات أخرى».

وكشف عن أن التقدم الطبي قدم طريقة جديدة لجراحة السمنة تلافت فيها سلبيات الطريقة الأولى، وساهمت في تحسين العلاج للمصابين بالسمنة. وقال: «النوعان الثاني، والثالث من جراحة السمنة بتقسيماتهما المختلفة يقومان على فكرة تصغير المعدة، وتحويل مسار المعدة بهدف تقليل امتصاص الطعام الزائد في جسم الإنسان حتى لا يتحول لدهون في الجسم».

وشدّد د. جواد على أن جراحة السمنة ليست العصا السحرية التي تقضي على السمنة ومضاعفاتها، مؤكداً الدور الكبير الذي تلعبه متابعة الحالة بعد خضوعها للعملية بشكل دوري يمتد لخمس سنوات إجبارية.

وقال: «بعد العملية يخضع المريض لمتابعة دورية يتم فيها تقليل أدوية الأمراض التي سببتها السمنة بشكل تدريجي، وحتى علاجها بشكل نهائي، فقد أثبتت البحوث أنه يمكن التخلص من داء السكري (النوع الثاني) بنسبة 99%. كما أن المصابين بالعقم جراء السمنة يمكنهم الإنجاب بعد 18 شهراً من العملية، ناهيك عن تلاشي 80% من أمراض المفاصل والظهر».

ابن النفيس

«مركز علاج السمنة هو الحل الأمثل». هذا ما يراه اختصاصي جراحة المناظير جواد، وقال: «قريباً ستدشن وزارة الصحة برنامجاً لعلاج السمنة المفرطة في البحرين؛ ليكون اللبنة الأولى في بناء المركز المنشود».

وأوضح أن «هذا النوع من المراكز يتطلب إجراء عمليات لـ 125 حالة في السنة، ويتطلب متابعة الحالات بشكل دوري وإخضاعهم للفحوصات للتعرف على حالتهم الصحية، ومعرفة نسبة الأمراض التي تخلصوا منها بعد العملية لمدة خمس سنوات على الأقل»، مشيراً إلى أن «هناك برنامجاً شبيهاً بدأ في مستشفى ابن النفيس».

العدد 4211 - الثلثاء 18 مارس 2014م الموافق 17 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 9:57 ص

      على اثر اجراء عمليات السمنة توصل الجراحون الى وجود علاقة وثيقة بين الجزء العلوي للمعدة و اجزء من الامعاء التي تفرز نوع من الهرمونات التي تؤدي الى مقاومة خلايا الجسم للانسليي مما يؤدي الى ارتفاع السكر في الدم و على ذلك بدا بعض اطباء الجراحة بعلاج السكري 2 بنجاح يصل 95.ماذا عن الاستشاريين في البخرين، الى اين وصلوا و هل يعلمون عن ذلك و متى سبطبقونه لتخيص الاف البحرينيين من مرص السكري الخبيث.

اقرأ ايضاً