العدد 4214 - الجمعة 21 مارس 2014م الموافق 20 جمادى الأولى 1435هـ

هزة في مجلس التعاون الخليجي

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

فيما انشغل المواطنون أو «الرعايا» الخليجيون على امتداد أكثر من عام بمشروع الاتحاد الخليجي، وإذا بهم يفاجأون بانفجار الخلافات بين دول المجلس، في جلسة المجلس الوزاري بمقر المجلس بالرياض يوم الأربعاء 5 مارس/ آذار 2014، حيث استغرق الاجتماع أكثر من تسع ساعات على غير عادة الاجتماعات الوزارية. بل وتسربت معلومات، عن مواجهات كلامية حادة بين وزراء الخارجية وخروج بعضهم من الاجتماع، بل ومغادرة أحدهم مبكراً دون الرجوع.

وبعدها صدم الجمهور الخليجي بصدور بيان عن ثلاث دول من أعضاء المجلس، وهي السعودية والإمارات والبحرين، تعلن فيه قرارها بسحب سفرائها من الدوحة بادئةً البيان بالآية الكريمة: «واعتصموا بجبل الله ولا تفرقوا»! في حين امتنعت دولتان عضوان وهما سلطنة عمان ودولة الكويت، عن الانضمام للدول الثلاث، واتخذتا موقف المتريث، وقد تلعبان دور الوسيط بين قطر من ناحية والدول الثلاث، خصوصاً أن الكويت سبق لأميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أن قام بوساطة مصالحة بين السعودية وقطر، في قمة ثلاثية في الرياض قبل شهرين، في محاولة لرأب الصدع بين السعودية وقطر.

من المعروف أن هناك خلافات لم تعد تحت السطح، بل ظهرت إلى العلن بين قطر والدول الثلاث، خصوصاً في التعاطي مع الملفين المصري والسوري، ودور قطر الإقليمي الذي يعتقد الآخرون أنه أكبر من حجمها ويكون على حسابهم، كما ظهر الخلاف في التعاطي مع الأحداث التي عصفت بالمنطقة العربية إثر انطلاق الربيع العربي. كما أن هناك خلافاً بين قطر والآخرين فيما يتعلق بالإخوان المسلمين ودورهم، على رغم أنه ليس في قطر حركة للإخوان المسلمين ترعاها، إنما قيادات إخوانية احتضنتها الدوحة للاستخدام الإعلامي والسياسي، أو لجأوا إليها بعد انهيار حكمهم في مصر. فقطر تدعم الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسي السني، لأسباب استراتيجية السياسة الخارجية، في لعب دور إقليمي، في حين أن دول الخليج الأخرى، باستثناء عمان والبحرين، وإلى حدٍّ ما الكويت، ولكل منهم أسباب متناقضة، انقلبت على حلفاء الأمس (الإخوان)، في بلدانهم وفي الساحات الأخرى خصوصاً مصر، بعد أن توجست من طموحاتهم للمشاركة في الحكم، وبدأت عمليات الملاحقة في الداخل الخليجي، والتحالف مع أعداء الإخوان في الساحة المصرية، حيث حسم الأمر بإسقاط نظام الإخوان، وقيام سلطة مدنية عسكرية متحالفة مع الأنظمة الخليجية، في حين ظلت قطر المشاكس لهذه الاستراتيجية الخليجية الخارجية.

الخلافات المكتومة، بل والتي تنفجر أحياناً، بين أعضاء مجلس التعاون معروفة، وهي تكذب الطرح الرسمي الذي يعبر عنه في اللقاءات والبيانات الرسمية، بدءًا من القمم مروراً باجتماعات المجلس الوزاري، نزولا باجتماعات المجلس الاستشاري واللجان الفنية. وكذلك الزيارات الرسمية والأخوية، ومظاهر الاحتفاء وكلمات الإشادة المبالغ فيها، التي لا تعكس حقيقة العلاقات بين هذه الدول. وكلنا يعرف المشاكل المزمنة وأخطرها النزاعات الحدودية، وهي ليست نزاعات على صحاري، بل حقول نفط وغاز غنية، ويترتب عليها أحياناً مياه إقليمية خليجية تختزن أيضاً حقول نفط وغاز وتقطيع للأراضي والتواصل.

كما يعرف الجميع التباينات الكبيرة في علاقات دول المجلس مع الدول الإقليمية والدولية، ومثال ذلك العلاقة مع إيران حيث تقيم سلطنة عمان أفضل العلاقات بواقعية مشهودة حيث يشترك الطرفان في مضيق هرمز الاستراتيجي، وكذلك العلاقات التجارية القوية بين الإمارات وإيران لاعتبارات واقعية رغم التراشق الإعلامي حول الجزر الثلاث، وتتراوح علاقات باقي البلدان لاعتبارات محلية. ولذا فإن ما جاء في البيان التبريري لسحب السفراء عن «إطار وسياسة موحدة لدول المجلس تقوم على الأسس الواردة في النظام الأساسي لمجلس التعاون والاتفاقيات الموقعة بينها بما في ذلك الاتفاقية الأمنية والالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشئون الداخلية لأيٍّ من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، و»عدم دعم كل في يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات وأفراد»، يبدو غير مقنع. فقطر مثلها مثل الآخرين، وقّعت على الاتفاقية الأمنية الأخيرة ولم تقصّر مثل غيرها حتى قبل ذلك في تسليم المطلوبين السياسيين وتبادل قوائم الممنوعين وملاحقة النشطاء السياسيين والحقوقيين الخليجيين، والتضييق على العمل الأهلي والمبادرات المستقلة وخصوصاً الحقوقية، وآخر تجلياتها مع عقد منتدى التنمية الخليجي في دبي في 7 – 8 فبراير/ شباط 2014.

مجلس التعاون الخليجي الذي نشأ في مايو/ أيار 1980 على وقع الحرب العراقية الإيرانية، وبعد 34 عاماً، لايزال بعيداً بل ويبتعد أكثر عن تحقيق ما جاء في إعلان التأسيس، «بالسعي نحو توحيد بلدان الخليج». وبالتأكيد فهو نقيضٌ لما يجمع أبناء الخليج من روابط القربى، وما يطمحون إليه في اتحاد خليجي ديمقراطي نابع من إرادة الخليجيين وملبياً لتطلعاتهم في حياة حرة كريمة.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4214 - الجمعة 21 مارس 2014م الموافق 20 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:31 ص

      محمد تصحيح واعتصمو بحبل وليس بجبل

      بحبل وليس بجبل

    • زائر 1 | 12:30 ص

      هو اتحاد حكومات ولا دخل للشعوب فيه

      هو اتحاد حكومات فوقي ولا علاقة للشعوب به

اقرأ ايضاً