العدد 4227 - الخميس 03 أبريل 2014م الموافق 03 جمادى الآخرة 1435هـ

سورية بعد جنيف... الخطوات التالية للسياسة الأميركية (1)

آنّ باترسون

مساعدة وزير الخارجية لشئون الشرق الأوسط

شكراً السيد رئيس اللجنة، والعضو البارز كوركر، وأعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، لدعوتي اليوم لمناقشة الأزمة في سورية. إنني على بيّنة تماماً بأن عدداً كبيراً من أعضاء هذه اللجنة غير راضين عما أحرزناه من تقدم حتى الآن. ونحن لسنا راضين أيضاً. واسمحوا لي أن أقول إن الحكومة تقدّر اهتمامكم ودواعي قلقكم، والدعم الذي أبدته هذه اللجنة لجهود معالجة هذا التحدي.

قبل ثلاثة أسابيع، استمعت اللجنة إلى نائب الوزير بيرنز حينما تحدث عن تحدي العنف الطائفي والمتطرف وعلاقته بالنزاع. واليوم سأزيد على ملاحظات نائب الوزير بيرنز بشرح الاستراتيجية المنسّقة التي نعكف على تطويرها. ويسرّني أن يصطحبني اليوم زميلي، مساعد الوزير لشئون الأمن الدولي وعدم الانتشار النووي، توم كنتريمان الذي سيتطرق إلى تقدم المجتمع الدولي في مضمار إزالة وتدمير الأسلحة الكيميائية السورية.

بدأت المطالب الشعبية بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي كانت تجتاح منطقة الشرق الأوسط، كاحتجاجات سلمية في سورية قبل ثلاث سنوات. وقد سعت الجموع الغفيرة من الشبيبة السورية إلى وضع حدّ للقمع والطغيان وتوفير فرص جديدة. غير أن رد نظام الأسد على تلك المطالب مزّق الأمة وفتّت أجزاءها، كما غذّى التطرف وأشعل التوترات الإقليمية.

لقد قتل أكثر من 146000 شخص منذ بداية الاضطرابات والعنف؛ وازداد عدد المدنيين المتضررين من الصراع ممن طلبوا اللجوء إلى دول مجاورة إلى أكثر من 2.5 مليون نسمة، بينما في الداخل السوري، أصبح 6.5 مليون نسمة مشرّدين أو نازحين، ناهيك عن أن ما لا يقل عن 9.3 ملايين شخص هم الآن في حاجة إلى المعونة الإنسانية. وقد شجب مجلس الأمن الدولي حرمان منظمات الإغاثة من الوصول إلى المدنيين المحتاجين، وحث على اتخاذ خطوات فورية لتسهيل عمليات الإغاثة الإنسانية في شتى أرجاء سورية. ومع ذلك، واصل النظام عرقلة قوافل الإغاثة. ومرة أخرى في الأسبوع الماضي، رفعت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في سورية تقريراً عن انتهاكات النظام المستمرة لحقوق الإنسان، وكذلك عن الإساءات والاعتداءات التي ترتكبها منظمات مرتبطة بالقاعدة وفصائلها التي احتلّت مواقع لها في المناطق التي انسلخت عن الحكومة بسبب أفعال نظام الأسد وفظائعه هناك.

إن المعارضة لنظام الأسد واسعة وعميقة. ومعظم أبناء الشعب السوري المصطفين مع المعارضة هم معتدلون. وقد تمكّن هؤلاء من التخلّص من سيطرة النظام في مناطق واسعة من البلد؛ ولكن الوضع الميداني يظل في حالة تقلّب مستمر. في بعض المناطق، استعادت قوات النظام- بمؤازرة من ميلشيا حزب الله والحرس الثوري الإيراني- سيطرتها على أراض كانت قد فقدتها في وقت سابق من النزاع. ولا يخفى أن القوات السورية مدجّجة بأسلحة إيرانية وروسية، كما أنها تلجأ إلى قذف البراميل المتفجّرة أو التجويع لترهيب المواطنين. إلا أن السلام لن يعود إلى ربوع سورية بانتصار عسكري؛ والتسوية الوحيدة المستدامة للأزمة السورية لا تتأتّى إلا بتسوية سياسية يتم التفاوض عليها.

إن الولايات المتحدة تقوم بدور قيادي في مجموعة الاتصال المسمّاة «لندن 11» والتي عملت لدفع عجلة العملية الانتقالية في سورية، وإنهاء العنف، والتوصل إلى حل سياسي. ولئن تعرقلت مفاوضات جنيف-2 التي ترعاها الأمم المتحدة بسبب تعنّت النظام بدعم ضمني من روسيا، فإن العملية ساهمت في توحيد مكوّنات المعارضة السورية وتمكينها من توضيح رؤيتها لحكومة انتقالية في البلاد.

على صعيد آخر، أثبتت الحرب الأهلية المستمرة أنها مرتع للمتطرفين العنفيين الأجانب- وفي جعبة بعضهم خبرة قتالية لا يستهان بها- ممّن تخندقوا في المناطق المنسلخة عن الحكومة بفعل تدهور نظام الأسد. وتشير التقديرات التي أوردها زملاؤنا في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية أن هناك قرابة 23000 مقاتل متطرف عنيف في سورية، بمن فيهم أكثر من 7000 مقاتل أجنبي. ويشكّل هؤلاء أقلّية في مجمل صفوف الثوار داخل سورية، ويقدّر عددهم بما بين 75000 و110000 مقاتل. وينتمي المقاتلون العنفيون المتطرفون إلى عدد من المنظمات، أبرزها جبهة النصرة في سورية المتفرعة رسميًّا عن القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) التي كانت تعرف سابقاً باسم «القاعدة في العراق»؛ ويدلّ اسمها الجديد على مطامحها الإقليمية المتنامية. وداعش مسئولة عن معظم أحداث العنف التي تشهدها محافظة الأنبار في العراق، وتستهدف زعزعة استقرار العراق. وهاتان المنظمتان تقدمان السلاح والمال إلى الرجال السوريين الذين يعارضون النظام، مع أنهم قد لا ينجذبون إلى قضايا المتطرفين العنفيين اللّهم باستثناء التزوّد بالمال ومجالات التحرك التي توفرها لهم هاتان المنظمتان ضد نظام الأسد.

إن بشّار الأسد يتحمّل المسئولية عن هذه المعضلة المتّسمة بالتحولات المنبثّة. فقد أطلق نظامه سراح الإرهابيين من سجونهم، وسمح بظهور قواعد المتطرفين العنفيين، ودعا غيرهم من أفراد المنظمات الإرهابية الأجنبية، بما في ذلك حزب الله اللبناني، فضلاً عن مقاتلي المليشيات المدرّبين على أيدي الإيرانيين من العراق وباكستان، للانضمام إلى صفّه في القتال.

السيد رئيس اللجنة، إننا نراجع الآن سياستنا ونحدّد أولوياتنا للعمل المنسّق.

التصدي لنشاط التطرف العنيف

في باكستان شاهدنا بجلاء الأخطار التي تتعاظم حينما يتمكن الإرهابيون من تأسيس ملاذات آمنة- وكم هي صعبة ومكلفة في الأرواح والأموال عملية طردهم أو القضاء عليهم. ولذلك السبب فإن من الأولويات القصوى في أزمة سورية الحؤول دون تأسيس ملاذ آمن ودائم للإرهابيين. وبالتنسيق مع الحلفاء والشركاء نقوم الآن بتنظيم أنفسنا على نحو أفضل لمجابهة التحدي المتنامي الماثل في وجود مقاتلين متطرفين عنيفين في سورية، وحركة دخول هؤلاء المقاتلين إلى البلاد وخروجهم منها. فبالتعاون مع شركائنا سنقوم بتوظيف أدوات وأساليب وممارسات فضلى لتقليص الأخطار الكامنة والبناء على أسس التعاون القائمة.

كما نعمل مع أعضاء المعارضة، وجارات سورية وغيرها من دول إقليمية، لقطع مصادر تمويلهم ومجنديهم. فقد جرّمت العربية السعودية مشاركة مواطنيها في حروب خارجية وتقوم بمقاضاة ومحاكمة الأفراد الذين أقدموا على ذلك. كما أن حلفاءنا في منطقة الخليج يرون بصورة متزايدة ومحقة في سيل المتطرفين العنيفين من بلدانهم تهديداً لأنفسهم. ولدينا مبادرات جديدة للعمل مع حلفائنا لتحديد هوية المتطرفين العنيفين الذين جاءوا إلى المنطقة.

في الوقت ذاته نعمل على تقوية المعارضة السورية المعتدلة التوجهات، داخل سورية وخارجها، لأنها تواجه حالياً حرباً على جبهتين، ضد نظام الأسد من ناحية، والمتطرفين العنفيين من ناحية ثانية.

الحؤول دون الانهيار وتقديم الدعم غير الفتاك

في أجزاء من سورية حيث تمت إزاحة النظام، نود أن نحول دون الانهيار الكامل لمؤسسات سورية وخدماتها العامة، والحيلولة دون تكريس سيطرة المتشددين من النظام والمتطرفين العنفيين. ومع استمرار القتال أقدم النظام على استهداف السكان المدنيين بإجراءاته من خلال حرمانهم من الخدمات الأساسية وقطع الغذاء والماء والوقود والرعاية الطبية عنهم. لكن بعض المجالس المحلية في المحافظات ومنظمات المجتمع الأهلي تواصل النضال، في ظل صعوبات جسيمة، للحفاظ على مهام الحكومات المحلية ومواصلة الخدمات الحاسمة، ونحن بحاجة لأن نساعدهم.

حضرة الرئيس، يخالج أعضاء اللجنة بعض الهواجس، عن حق، بخصوص وتيرة وفعالية الدعم المقدم للمعارضين المدنيين. وبدون حضور حكومي أميركي داخل البلاد- وفي ضوء سيطرة جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة وفروعه على الكثير من المعابر الحدودية- بات من الصعب زيادة مساعداتنا للمعارضة السورية. وكانت استراتيجيتنا تدعو لصرف 260 مليون دولار على مساعدات غير فتاكة تحقيقاً لربط الائتلاف السوري بمجالس ومنظمات غير حكومية داخل سورية، ما سيساعد على توحيد المعارضة وتعزيزها.

لكن، واستناداً إلى خبراتنا على الأرض على مدى العام الماضي، عكفنا على إعادة تركيز نشاطاتنا. ففي الأشهر القليلة الماضية زادت وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية جهودهما لإرسال الموارد عبر قنوات مباشرة إلى الإدارات المحلية وفي المحافظات ومنظمات المجتمع المدني، علاوة على ائتلاف المعارضة السورية (يتبع).

إقرأ أيضا لـ "آنّ باترسون"

العدد 4227 - الخميس 03 أبريل 2014م الموافق 03 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:12 ص

      كيف

      انتم وبعض الدول الاوروبيه والعربيه واسرائيل مسؤلين عن هذه المأساة للشعب السوري المظلوم واذا كان الاسد ظلم سعبه فأنتم هجرتم ودمرتم واهنتم هذا الشعب الطيب فسلام علي السورين الابطال الذين سيدافعون عن ارضهم وعودتها الي سابق عهدها وافضل ان شاء الله

اقرأ ايضاً