العدد 4235 - الجمعة 11 أبريل 2014م الموافق 11 جمادى الآخرة 1435هـ

البحرين... ظاهرة تدني الأجور ومستوى الفقر والمجتمع الاستهلاكي

عبدالله جناحي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تشير بيانات هيئة تنظيم سوق العمل والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بأن هناك (20050) عاملاً يتقاضون أقل من 250 ديناراً شهرياً، وأن (48456) عاملاً راتبهم بين 250 ديناراً وألف دينار، فيما يتقاضى حوالي (1169) جامعياً رواتب بين 400 و499 ديناراً شهرياً، وبلغ عدد من يتقاضون رواتب بين 1000 ـ 1499 دينار حوالي (6200) شخص، وأن هناك (16) شخصاً دخلهم الشهري أقل من 50 ديناراً، من بينهم واحد مؤهله الدراسي شهادة جامعية.

وأشارت دراسة مكنزي وشركاه للاستشارات تم إعدادها بتكليف من مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين، وذلك عندما تم التفكير في إصلاحات لسوق العمل في بدايات العام 2004، أن أجور العاملين البحرينيين قد تقلصت في الفترة من 1990ـ 2002 بنحو 22.5%، ومن المتوقع أن يستمر هذا التقلص ليصل إلى نحو 28.5 في المئة بحلول العام 2013 إن لم تتخذ إجراءات جذرية.

ولقد قامت الدولة بتنفيذ مجموعة من الإجراءات لدعم قيمة الأجور، ومنها دعم ذوي الدخل المحدود والفقراء، ومن هذه الإجراءات رفع الحد الأدنى لدرجات الرواتب الاعتيادية، تخفيض أعباء رسوم الكهرباء للأسر المحتاجة، تخفيض أقساط الإسكان وإعفاء الأسر المتوفى عائلها عن باقي أقساط الإسكان، تخفيض الرسوم الجامعية، كفالة الأيتام، تخصيص 30 في المئة من أسهم مجمع السيف للأسرة المحتاجة وتخصيص أرباح مجمع سترة للأسر المحتاجة في سترة، صندوق التأمين ضد البطالة، وتخصيص 75 مليون دينار لعام 2013 لدعم الأسر محدودة الدخل تصرف بمعدل 50 ديناراً للأسرة التي يقل دخلها عن مبلغ 700 دينار، و38 مليون دينار دعم خدمات الإسكان الخاصة بعلاوة الإيجار.

وحسب آخر تصريحات مجلس وزراء العمل الخليجي، تقرّر تشكيل الصندوق الخليجي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وآلية تقديم المساعدات المالية لأصحاب المشاريع، وكيفية توفير الأراضي المناسبة لإقامة المشاريع. وفي حال تنفيذ هذا المشروع وضمن رؤية إستراتيجية وشفافية، فإنه بلا شك سيحقّق قيمة مضافة في دعم الأسر والأفراد تنموياً، حيث من المعروف أن معظم الاقتصاديات المتقدمة تعمل على تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة والاعتماد عليها في الكثير من القطاعات.

هناك جهودٌ تبذل في البحرين لإنجاح مثل هذه المشاريع وذلك عبر تأسيس «بنك التنمية» الذي يدعم أي مشروع صغير أو متوسط بقروض ميسرة، كما تم إنشاء «بنك الأسرة» الذي استعان بخبرات التجربة الهندية الناجحة في هذا المجال، ولكن لم نتمكن من الحصول على البيانات التفصيلية لهذين البنكين لتحليل الواقع الراهن ومدى نجاحهما في تحقيق الأهداف.

ورغم هذه الإجراءات التي ستساهم في دعم الأسر المحتاجة بلاشك، إلا أنها خطوات بعضها مازال يلفها الغموض، وبعضها تغيب عنه الشفافية، وبعضها مازالت غير شاملة ولا توجد مقاييس موضوعية للاستفادة منها.

وهناك عشرات المؤشرات الاقتصادية التي تؤكدها الإحصاءات والتقارير الرسمية والدولية، بأن مستويات الأجور منخفضة قياساً بالزيادات التي حصلت في أجور المواطنين بدول مجلس التعاون الخليجي التي تراوحت بين 15 إلى 21 في المئة في المتوسط، وتكاليف المعيشية ارتفعت بنسبة 24 في المئة، وهناك أكثر من 8 في المئة من المواطنين تحت خط الفقر، والتضخم حسب الإحصاءات الرسمية ارتفع من 0.9 في المئة العام 1991، إلى 1.6 في المئة العام 2003.

وخلاصة القول أن هذه الإجراءات تهدف إلى تقليل مستويات الفقر في البحرين، ورغم أن آخر تصريح لوزيرة التنمية الاجتماعية أمام مجلس النواب، أوضح أن نسبة الفقر في البحرين هي 4 في المئة، ولكن وفقاً لإحصائيات رسمية أخرى فإن نسبة الفقر في البحرين (حسب معايير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة) هي 12 في المئة، حيث تشكل الطبقة الفقيرة نسبة 12 في المئة اعتماداً على أن عدد الأسر التي تتلقى المساعدات الشهرية من وزارة التنمية الاجتماعية يبلغ (9928) أسرة، الأمر الذي يعني أن عدد الأسر التي تشكل الطبقتين المتوسطة ودون المتوسطة يبلغ في حده الأدنى (46810) أسرة بحرينية.

التفاوت في توزيع الدخل والفقر النسبي

قدر خط الفقر النسبي للأسر البحرينية، والذي يضع كحد أعلى نسبة 50 في المئة من متوسط دخل الأسرة بحوالي 463 ديناراً شهرياً للأسرة الواحدة وفقاً لأسعار العام 2010.

وتشير دراسة حديثة في هذا المجال إلى أن نسبة الأسر البحرينية التي يقل دخلها عن هذا المبلغ، تقدر بنحو 21.9 في المئة من إجمالي الأسر، أي ما يعادل 27.177 أسرة في العام 2010، من إجمالي 124.065 أسرة بحرينية.

وعليه فعند مقارنة معايير استحقاق برامج الرعاية الاجتماعية المقدمة من الحكومة مع نتائج حساب خط الفقر النسبي، نجد أن برنامج الإسكان الحكومي لم يراعي في تعريفه للأسر ذات الدخل المحدود والذي يضع كحد أعلى مبلغ 900 دينار شهرياً لاستحقاق وحدات الإسكان.

وفي نفس الوقت نرى بأن تعريف وزارة التنمية الاجتماعية كحد للدخل الأعلى لاستحقاق خدمات الوزارة والمقدر بــ 337 ديناراً في الشهر، تعتبر أقل من خط الفقر (مجلس التنمية الاقتصادية، يوليو 2011).

ماذا عن القوة الشرائية الحقيقية؟

يفترض في إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة أن يمثل القوة الشرائية الحقيقية، إلا أن الارتباط بين هذين المفهومين يتسم بالضعف الشديد في البحرين وعموم دول مجلس التعاون الخليجي، ولا يكون استنتاج القوة الشرائية الحقيقية من إجمالي الناتج المحلي للبحرين استنتاجاً صحيحاً إلا إذا كانت البحرين تنتج لأغراض الاستيعاب المحلي فقط، وهو أمر بعيد عن الواقع في جميع دول المجلس.

وحيث أن حوالي نصف إجمالي الناتج المحلي الحقيقي يأتي من قطاع النفط، فإن المحور الرئيسي لإجمالي الناتج المحلي الحقيقي هو عدد براميل البترول المنتجة والتي يتم تصدير معظمها، وبناءً على ذلك تتسم القوة الشرائية لدول مجلس التعاون بدرجة عالية من الحساسية لآثار معدلات التبادل التجاري، أي التغييرات في نسبة أسعار الصادرات إلى أسعار الواردات. وبالمقابل لا تخبرنا التغييرات التي تطرأ على إجمالي الناتج المحلي الحقيقي إلا القليل نوعاً ما عن التغييرات في القوة الشرائية الحقيقية.

مجتمع البحرين استهلاكي

تمثل الواردات محركاً أساسياً لديناميكية الاستهلاك، إذ يتم استيراد جزء كبير من استهلاك دول المجلس من الخارج، وقد بلغ متوسط واردات هذه البلدان خلال العقدين الماضيين نحو 42 في المئة من إجمالي الناتج المحلي و 79 في المئة من حجم الاستهلاك.

وعند مقارنة صادرات السلع والخدمات، نكتشف أن البحرين تمثل أكبر دولة في الاستهلاك قياساً بباقي دول المجلس، فإجمالي الناتج المحلي كان في متوسط الأعوام 1990 ـ 2010 في حدود 67 في المئة ونسبة الاستهلاك منه وصل إلى 125 في المئة، في حين كان بالنسبة للكويت 29 في المئة ونسبة الاستهلاك منه 53 في المئة، وعمان كان 41 في المئة ونسبة الاستهلاك منه 76 في المئة، وقطر 30 في المئة ونسبة الاستهلاك منه 86 في المئة، والسعودية 31 في المئة ونسبة الاستهلاك منه 56 في المئة، والإمارات كان 54 في المئة ونسبة الاستهلاك منه 79 في المئة.

غير أن هذا الأمر اختلف تماماً العام 2009، حيث بدأت التراجعات الكبيرة في مستوى الرخاء الاقتصادي، وذلك خلال الأزمة المالية العالمية، إضافةً إلى التراجع في الدخل من جراء هبوط أسعار النفط، حيث تعرضت الواردات إلى تراجع ووصل إلى 27 في المئة بالسالب. وهو الأمر الذي أدى إلى انخفاض كبير في حجم الاستهلاك الحقيقي للمجتمع.

وقد سجلت البحرين انخفاضاً في المقياس المطبق للرفاهية في حدود 9 في المئة بالسالب، والواردات في حدود 27 في المئة بالسالب، والاستهلاك في حدود 4 في المئة بالسالب، رغم الارتفاع الطفيف في إجمالي الناتج المحلي غير النفطي بدول مجلس التعاون الخليجي، (نقلاً بتصرف عن «تعظيم النتائج الاقتصادية في اقتصاد عالمي يسوده عدم اليقين»، صندوق النقد الدولي، حيث يحلل بيانات إجمالي دول مجلس التعاون الخليجي).

إقرأ أيضا لـ "عبدالله جناحي"

العدد 4235 - الجمعة 11 أبريل 2014م الموافق 11 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 10:29 ص

      طرحك جداً جميل و مهم...

      اول شئ شكرا لك يا عبدالله جناحي لاهتمامك بالموضوع الفقر .
      بس كنت اتوقع طرح الموضوع بشكل اقوة ... لأن وصل حال الفقر في البحرين شي مو طبيعي .. و الجوع زياده .. و مستقبل التعليم في تراجع ):
      وياليت يوصل 250 دينار .. لاحين موجود مواطنين رواتبهم أقل من 200 دينار بحريني.
      والكلام يطول في هذا الموضوع .. وشكرا لك يا أ.عبدالله جناحي على الموضوع المهم ..

    • زائر 4 | 5:55 ص

      شوف ياابن الحلال كيف يستنزف راتبي

      الراتب 580 واضف له 100دعلاوة اسكان و70غلاء المجموع=750د اقتطاع القرض 85د وايجار الشقة 180 وفاتورة كهرباء وماء 25د وفاتورة تلفون ونت خوالي 60دالمجموع=250د الصافي 750-250=500د تقسم على افراد عائلتي 7كل فرد71دطعام وسيارة ولباس وو متطلبات حياة ضرورية قبل نعاية الشهر مفلس والله دابحينه مفطسين

    • زائر 3 | 4:04 ص

      مجهود يُشكر , و لكن !

      السبب الرئيسي في زيادة نسبة الفقر , هو التوظيف على الهوية و ليس على الكفاءة و المؤهل !
      لا توجد نسبة طفيفة من الإنصاف في هذا البلد !
      ............. ! و هيهات لنا أن نصبح و نُمسي عبيدا ..

    • زائر 1 | 12:08 ص

      شكراً على هذا المقال

      خلها على الله ياريت نستلم الراتب كامل حتى لو كان 250 ،400،1000 المشكلة بسبب القروض الا اخذها المواطن يروح 4/3 الراتب ونصفى على القليل منه محسوبين من دول الخليج وبعدين يتهمون المواطن بعدم الولاء ولو فتشو في العالم كله لم يروا اوفى من المواطن البحريني لارضه ووطنه رغم الفقر والجوع والظلم الواقع عليه يكفي إنه يرى المجنسين،منعمين وهو صامت عنهم

اقرأ ايضاً