العدد 4236 - السبت 12 أبريل 2014م الموافق 12 جمادى الآخرة 1435هـ

د. علي: سرطان الثدي يهاجم فتياتنا

البحوث العلمية دليل إدانة التلوث في البحرين بالأمراض

كشف اختصاصي أول أورام في مركز الأورام بمجمع السلمانية الطبي، الدكتور علي حسن، عن أن سرطان الثدي يهاجم فتيات البحرين، موضحاً أن سرطان الثدي وبحسب الإحصاءات العالمية يصيب النساء اللاتي تجاوزن 50 عاماً.

وفي حين ذكر الطبيب المتخصص في علم الأورام والعلاج التلطيفي، وعضو الجمعية الأوروبية لطب الأورام، في لقاء مع «الوسط الطبي»، أن الملوثات البيئية تسبب الأورام، أشار إلى أن البحوث العلمية هي الكفيلة بإثبات فرضية دور التلوث البيئي في البحرين في انتشار أمراض الأورام في البحرين.

وأضاف: «على حد علمي، ليست هناك بحوث علمية محلية في هذا الجانب».

فوضى الانقسام

وعرّف د. علي الأورام بأنها فوضى في انقسام خلايا الجسم، موضحاً أن «من أساسيات النمو في الجسم انقسام الخلايا بمعدلات طبيعية على شكل متواليات هندسية - أي بالضعف تنقسم الخلية لخليتين والخليتان لأربع وهكذا - تتحكم في آلية الانقسام داخل الخلية».

وأضاف: «عند حدوث أي خلل في آلية الانقسام فإن الخلية تنقسم بشكل فوضوي ينتج عنه ورم، خصوصاً مع تعطل أنظمة الدفاع في الجسم كالخلايا القاتلة التي تهاجم أي خلية فيها خلل جيني وتقضي عليها».

ولفت إلى أن الأورام نوعان؛ الأول حميد، والثاني خبيث (الورم السرطاني). وقال: «الورم الحميد قد يتسبب في مضاعفات صحية. فعلى سبيل المثال وجود غدة (فالول) في يد شخص منذ الصغر، وبعد خمس سنوات مثلاً كبرت الغدة وأصبحت تضغط على الأعصاب. هنا يجب إزالتها لأنها قد تتسبب بمضاعفات أكبر مستقبلاً».

أما عن المرض الخبيث (السرطان)، فقال: «بسبب انتشاره في أعضاء الجسم والمضاعفات التي يسببها أطلق عليه «الخبيث». والاكتشاف المبكر للمرض يساعد المريض والأطباء في الحد من مضاعفات المرض، بل وعلاجه».

الملوثات البيئية مُجرّمة علمياً

وأشار د. علي إلى أن الأطباء ومنذ نشوء علم الطب كانوا يبحثون دوماً عن مسببات المرض. وقال: «اجتهد أطباء الأورام كثيراً في البحث عن أسباب نشوء وتكوّن الأورام، فتوصلوا إلى أن الأورام تنشأ من عاملين أساسيين، وهما: العامل الجيني من داخل جسم الإنسان، وعامل خارجي».

وأوضح: «أشرت إلى أن هناك نظاماً داخل الخلية يتحكم في عمليات انقسام الخلايا، وأي خلل في الجينات يصيب هذا النظام بالعطب، أو خلل أو ضعف في أنظمة المناعة داخل الجسم، فينشأ الورم».

وأضاف: «أثبت العلم الحديث مؤخراً عوامل خارجية تُسبِّب الأورام كالتدخين سلباً أم إيجاباً، وهو سبب رئيس في الإصابة بسرطان الرئة، والكحول الذي يتسبب في أورام الكبد وغيرها».

وحول دور الملوثات البيئية في الإصابة بالأمراض، قال: «نظرياً، أثبتت الدراسات والبحوث أن التلوث في البيئة سواء في الهواء، أو الماء، أو التربة، يُسبِّب الأورام. ومن أجل الجزم مثلاً بأن تلوث الهواء بالغاز (إكس) على سبيل المثال الناتج عن عوادم السيارات المسبب الأول لأورام الرئة في البحرين فإنك تحتاج لدراسة علمية موثقة تؤكد هذه الفرضية»، لافتاً إلى أن هذه الدراسات قد تستغرق وقتاً طويلاً يصل لنحو 02 سنة.

وأوضح أن الأورام لا تتكون في يوم أو يومين، بل تتكون خلال فترات طويلة قد تكون أشهراً أو سنوات.

سرطان الثدي يهاجم فتيات البحرين

وأشار د. علي إلى أن الأورام المنتشرة في البحرين لا تختلف عن الأورام المنتشرة في العالم، لكن هناك اختلافاً في بعض أنواع الأورام، في الفئات والمراحل العمرية للمرضى.

وأوضح: «عالمياً، ومحلياً أيضاً، ينتشر بين النساء سرطان الثدي، وعنق الرحم؛ لأنهما عضوان كثيرا التشكل. وعند الرجال سرطان الرئة، والبروستات. ويتساوى الرجال والنساء تقريباً في الإصابة بسرطان القولون».

وعن حالات الأورام التي تكثر في البحرين مقارنة بغيرها من الدول، قال: «بالنسبة لسرطان الثدي لدى المرأة نجد أن أعمار المصابات بالمرض في العالم تتجاوز الـ 50، لكن هناك نسبة كبيرة من المصابات في البحرين في سن أصغر من 50 عاماً، بل هناك إصابات لفتيات في سن الـ 15 والـ 20». وأضاف: «يُعدُّ هذا أمراً مثيراً للقلق والريبة، ويبدي كثير من الأطباء الأجانب رغبتهم في إجراء بحوث حول أسباب الإصابة بسرطان الثدي في هذه السن المبكرة في البحرين».

لا تتساهل في اللجوء للطبيب

«الأعراض التحذيرية، عديدة، وقد تكون إشارة على الاصابة بالورم، وقد تن«الأعراض التحذيرية عديدة، وقد تكون إشارة على الإصابة بالورم، وقد تنشأ من أمور أخرى». هكذا أجاب د. علي عن سؤال حول المؤشرات الأولى للإصابة بالورم، موضحاً أن منظمة الصحة العالمية عدَّدت نحو 10 أعراض قد تُنذر بوجود ورم في الجسم، منها: انخفاض الوزن بشكل غير طبيعي، وفقدان الشهية، التقيؤ دماً، الشعور بتوقف الأكل في داخل الجسم، وتغيّر عدد مرات التغوط يومياً (زيادة أو نقصاناً). إضافة إلى تغيّر شكل الجسم كانتفاخ البطن، وظهور نتوء في الجسم، أو شحوب في لون الوجه».

وأضاف: «هذه الإشارات التحذيرية توجب على المصاب مراجعة الطبيب في المراكز الصحية، الذي بدوره يحدد أسباب هذه الأعراض، ويحيله لاختصاصي الأورام إذا استدعى الأمر، وذلك للتأكد من إصابته من عدمها».

العلاج التلطيفي ضرورة

وعن أحدث الطرق لعلاج الأورام، قال د. علي: «هناك نظام عالمي معمول به في البحرين لعلاج الأورام، يسمى «Multidisciplinary» يُعالج المريض بفريق طبي متخصص يضم أطباء في تخصصات مختلفة من الجراحين، واختصاصيي العلاج الكيماوي، والإشعاعي، والعلاج بالهرمون والأجسام الحيوية والمضادة، إضافة إلى متخصص في العلاج التلطيفي - وهو من ضمن التخصصات التي درستها وطبقتها مع مرضاي -. ويضم الفريق أيضاً الممرضين، والاختصاصيين الاجتماعيين».

واستدرك قائلاً: «للأسف، إن اختصاصي العلاج التلطيفي ليس جزءاً من الفريق حالياً في البحرين».

وأوضح: «لكل فرد من الفريق دوره الفعّال في العلاج، وأود أن أشير إلى أن هذا النظام يجب أن يُدار بدقة حتى يصل لأهدافه المنشودة. كما أشير هنا لأهمية العلاج التلطيفي الذي يحتل دوراً كبيراً في علاج الأمراض؛ لأنه يُراعي الجوانب الأخرى في المريض، والتي تتعلق بحياته النفسية والاجتماعية والمالية أيضاً».

الموت والحياة بيد الله

وقال د. علي «لمست كثيراً من آثار العلاج التلطيفي على مرضاي؛ حيث إن الاهتمام بالجوانب التي تتعلق بالمريض كإنسان، سواء كان رب أسرة، أو ربة أسرة، طفلاً، أو مراهقاً، تساعد بشكل فعال في تحسن وضعه الصحي والاجتماعي».

وأوضح: «تتسبب الأورام السرطانية بمضاعفات كبيرة وكثيرة على المصاب، وتنعكس هذه المضاعفات على أداء المريض في حياته اليومية في الأسرة أو العمل. وكثيراً ما تساور المريض هواجس وقلق كبير؛ لأن مرضه قاتل وقد يقضي عليه في أي لحظة».

وأكد أن الحديث عن الموت أمر صعب جداً، خصوصاً مع مريض مصاب بالسرطان. وأضاف: «هنا يأتي دور الطبيب المُدرَّب والخبير في العلاج التلطيفي وفريقه المساند، في إيضاح الحالة الصحية للمريض من دون أن تتأثر نفسيته، وفي حال تأثُّر نفسية المريض كيف يمكن ترميم الضرر النفسي وتخفيف وقع الأضرار».

وشدد على أن من حق المريض أن يعرف عن وضعه الصحي مهما كانت الحالة سلبية.

وأشار إلى حالة مرت به، وقال: «سألني أحد مرضاي عن حالته، وكم تبقّى له من الحياة؟ كان السؤال صعباً، والإجابة أصعب. بطريقتي استطعت أن أخبره أن النتائج تشير إلى أن أمامه سنة ليعيشها. وبعد ثمانية أشهر تقريباً وفي آخر مرة أُدخل فيها المريض لتلقي العلاج في المستشفى قال لي إنه سيموت مرتاحاً».

وأوضح: «وسألته ماذا يقصد بذلك، فقال: منذ صارحتني، بادرت في بناء مسكن لأولادي، والآن أنجزت حلمي الذي سيضمن مستقبل أبنائي. كانت هذه ثمرة كشف الحقيقة أمام المريض في وقت مبكر بأسلوب لم يؤثر على نفسيته».

وأكد أن الموت والحياة بيد الله، والتقديرات الطبية تشير إلى المصابين بأمراض السرطان يعيشون فترة بين سنة وخمس سنوات، لافتاً إلى أن هذه تقديرات، وهناك حالات تجاوزت المدة المقدرة.

ولفت إلى أن العلاج الجيني للأورام وصل لمراحل متقدمة، لكنه مازال بحاجة لمزيد من الإجراءات العلمية الرصينة حتى يُسجل علاجاً معتمداً، موضحاً أن العلاج الجيني يُستخدم «في أورام عنق الرحم بشكل محدود. ويكون العلاج عبر إعطاء تطعيمات بالجين المسؤول عن التحكم في انقسام خلايا الرحم لتجنب الإصابة بالأورام. ويُعطى التطعيم للسيدات اللاتي يُحتمل إصابتهن بالمرض».

وتمنى الاختصاصي د. علي أن ينشر ثقافة الوقاية من الأورام بشكل واسع في إطار جلسات حميمية بعيداً عن أجواء المحاضرات والندوات العامة، لافتاً إلى أن الدراسات والبحوث الطبية أثبتت أن الرياضة، والتغذية الجيدة، والنوم الجيد، كلها ترفع من مناعة الجسم. كما تمنى وبإلحاح إعادة إحياء فريق العلاج التلطيفي بمجمع السلمانية الطبي لما فيه من فائدة قصوى، خصوصاً لمرضى الأورام.

العدد 4236 - السبت 12 أبريل 2014م الموافق 12 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً