العدد 4243 - السبت 19 أبريل 2014م الموافق 19 جمادى الآخرة 1435هـ

«نسيم»... أدت قسطها إلى العلى!

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

مبادرة «نسيم» هي واحدة من المبادرات الشبابية التي أطلقتها جمعية ملتقى الشباب البحريني، وهي جمعية ناشطة تأسست في مارس/ آذار 2004، ويتركز نشاطها في الجانبين الثقافي والاجتماعي للفئة العمرية الممتدة من 15 إلى 30 عاماً.

تستهدف المبادرة التي يشارك فيها أكثر من 17 فناناً بحرينياً، الفئات المتضررة والمهمشة والمنسية في المجتمع، والذين تعرّضوا لحوادث خطيرة في حياتهم تسببت لهم في إعاقات ملازمة أو تشوهات أو أضرار جسدية كبيرة، صاحبتها أضرار وتحديات نفسية واجتماعية واقتصادية وغيرها.

هي مقاربة حقوقية إنسانية رائعة، تسعى لإيصال صوت تلك الفئات إلى المجتمع، بغية التخفيف من حدة آلامهم وهمومهم وأوجاعهم التي بدت تلازمهم، ومحاولة بثّ الأمل في قلوبهم، وفي الوقت ذاته الاستفادة من الطاقات الشبابية الواعدة في مجال الفن وتوظيفها بالصورة المثلى، ومساعدة من هم في أمسّ الحاجة للدعم المعنوي قبل المادي.

تسلط مبادرة «نسيم» الضوء بشكل أساسي على معاناة المعاق حركياً والمرأة المعنَّفة والطفل المتوحِّد والمسنّ المهمَّش اجتماعياً، عن طريق توظيف الأعمال الفنية كالأفلام القصيرة والموسيقى والرسم والكاريكاتير والصور الفوتوغرافية وفنون الخط والكتابة والشعر وما إلى ذلك.

شخصياً، حضرت مع أفراد أسرتي جانباً من فعاليات المبادرة التي تم تدشينها مؤخراً في مجمع «The Lagoon» في جزر أمواج بالمحرق، حيث شاهدنا فيلماً قصيراً بعنوان «نقطة تحوُّل»، وهو عمل فني شارك فيه نخبة من الممثلين البحرينيين، كالفنانة مريم زيمان والفنان يوسف بوهلول وغيرهما ممن أوصلوا رسالةً واضحةً للمشاهدين عن معاناة أشخاص كانوا يوماً ما أسوياء وأصحاء، إلى أن اعترضتهم حوادث خطيرة في حياتهم وسبّبت لهم إعاقة دائمة، وما هو مطلوب منا في مساعدة هؤلاء الأشخاص للتغلب على الصعوبات التي تواجههم، أو على الأقل إقناعهم بضرورة التصالح مع وضعهم وليس الركون إلى جدار اليأس.

هنالك التقيتُ برئيس جمعية ملتقى الشباب البحريني علي السعيد وعدداً من أعضاء الجمعية، منهم مجتبى التتان وحسين الإسكافي ورئيسة مبادرة «نسيم» إيناس الفردان، التي أكّدت على أن الجمعية تعي جيداً أهمية إيصال رسائل فنية تحاكي العقول وتلامس القلوب، وذلك لن يتحقق إلا بمحاكاة الفن لا غيره، فالفن لغة عالمية راقية، والناس بحكم أن أكثرهم «بصريون»، فهم يتفاعلون أكثر مع العمل الفني الإنساني ويتأثرون بما يشاهدونه ويتعاطفون مع الفئات المهمشة، وربما قد يتساءلون: يا تُرى، ما الذي يمكن فعله لمساعدة هذه الفئات لنيل حقوقهم كبشر؟

بدا واضحاً من كلام الفردان، أن الجمعية توصلت إلى قناعة راسخة بضرورة تحديث آليات العمل التطوعي الشبابي، والاهتمام بالوسائل التي تستقطب فئة الشباب كوسائل التواصل الاجتماعي، وتحديداً «الانستغرام»، إذ عرفتهم على عدد كبير من المصورين والفنانين وأصحاب المواهب من الشباب، الذين أكدوا لهم عدم جدوى المحاضرات والندوات وورش العمل في تنمية الوعي بحقوق هذه الفئات.

ليس من الإنصاف اجترار الحديث بين الفينة والأخرى عن الجهود التي بذلتها الدولة على المستوى الرعائي والخدمات التي تقدمها الدولة أو حتى مؤسسات المجتمع المدني للفئات من ذوي الإعاقة، وكأننا نريد التفضّل عليهم، وإنما المطلوب الوفاء بالالتزامات والتعهدات الدولية والوطنية التي قطعتها الدولة على نفسها بكافة هيئاتها ومؤسساتها، إلى جانب دور مؤسسات المجتمع المدني في تفعيل التشريعات والدفاع عن حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة. ففي 13 ديسمبر/ كانون الأول 2006 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وصادقت مملكة البحرين على هذه الاتفاقية الدولية في العام 2011، كما قامت بإصدار قانون ورعاية وتشغيل تأهيل المعاقين رقم 73 لسنة 2006، وأطلقت الاستراتيجية والخطة الوطنية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في العام 2011، وأعادت تشكيل اللجنة العليا لرعاية شئون المعاقين.

ما يهم الجمعية الآن، هو أن ينظر المسئولون في وزارة التنمية الاجتماعية إلى الفئات المنسية بعين الاعتبار، من خلال الدعم المادي المجزي لذوي الإعاقات وتوفير فرص عمل ملائمة لهم، فمنهم جامعيون وحملة شهادات عليا في شتى التخصصات، إلى جانب دعم المشاريع الاقتصادية لذوي الإعاقة وتقديم القروض الميسرة جداً لهم، وضرورة تمتعهم بحقوقهم الإنسانية في الرعاية الطبية اللازمة وتوفير الأدوات والأجهزة التي غالباً ما تكون باهظة الثمن ولا يستطيعون شراءها.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 4243 - السبت 19 أبريل 2014م الموافق 19 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:06 ص

      اختيار موفق ..

      من الامور الجيدة ان نجد بالمجتمع من يلقى اهتماما لهذه الموضوع المهمة والمؤثرة على شريحة لايستهان بها .. خطوات مباركة وللامام يا نسيم

اقرأ ايضاً